اعداد : عبد الواحد بلقصري – باحث بسلك الدكتوراه بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة ابن طفيل، القنيطرة ( المغرب).
ملخص:
تلخص لنا الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة التي تنسجم مع توصيات المؤسسات الدولية، المسار الذي قطعته الدولة بالمغرب منذ قرابة 20 سنة في مجال إرساء مشروع مجتمعي مبني على مبادئ التنمية المستدامة، ولهذا نعثر على ثلاث محطات كبرى كانت وراء بناء هذا الأفق المجتمعي، وهي أولا؛ التأهيل الاقتصادي والاجتماعي الذي ينسجم مع التركيز على الاستثمارات العمومية في المجال الاجتماعي، وثانيا؛ وضع رافعات أساسية لتسريع التنمية (2011-2000)،الذي يعزز الجانب البيئي من خلال المصادقة على ما سمي بالقوانين البيئية الكبرى (القانون المتعلق بحماية واستصلاح البيئة، القانون المتعلق بدراسات التأثير على البيئة والقانون المتعلق بمحاربة تلوث الهواء) بالإضافة إلى عمل دعم العمل البيئي، وثالثا؛ التعديل الدستوري وأجرأة التنمية المستدامة الذي تلا سياق ما بعد 2011.
وفي هذا الإطار، تظهر لنا الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة باعتبارها مسلسلا مستمرا يرتكز على رهانات واهداف كبرى، يستوجب العمل بها ودعمها والعمل على استدامتها. أما مهمة علم الاجتماع بفرعيه علم الاجتماع السياسي والبيئي، فتتجلى في متابعة ورصد صيغ تفاعل الفاعلين المحليين مع هذه السياسات في الإطار الترابي المدروس (القسم الأخير)، أما القسم موضوع هذا التقديم فسنخصصه لرصد استراتيجيات الدولة في مجال التنمية المستدامة، على ان نقف أولا عند مسألة التأطير النظري والمفاهيمي للتنمية المستدامة بما هي موضوع لتقارير الدولة من جهة، ومن جهة أخرى كونها كذلك موضوعا لعلم الاجتماع وعلم السياسة معا.
مقدمة :
وضع المغرب منذ استقلاله سياسة هامة للتخطيط كانت تروم، خلال أكثر من أربعين سنة، الى التنمية الاقتصــــــــــــادية والاجتماعية، فأمدته بالمقومات الحقيقية لرسم مستقبله، ويتعين راهنا أن يتم تدعيم كل الأوراش التي تم إطلاقها في مرحلة أولى من أجل مواجهة الحاجيات المستعجلة (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمؤسساتية) بالالتفاف حول مشــــــــروع مجتمعي أراده صاحب الجلالة محمد السادس وتتبناه كل القوى الحية للأمة.
وقد أسهمت السياسات القطاعية الإرادية المعتمدة حاليا في تنمية المغرب، بدرجات استدامة مختلفة، صيغت بتشاور مع الأطراف المعنية، وتشكل السياسات القطاعية توجهات لعمل مختلف الوزارات والقطاعات المعنية؛ إلا أنه ينقصها الانسجام والتنسيق وفق مسار منتظم يترجم انخراط المغرب في دينامية التنمية البشرية وحماية البيئة لمواجهة تحديات القرن.
وتجب الإشارة إلى أن الحكامة العمومية للتنمية المستدامة، ولاعتبارات تاريخية بالمغرب، كما هو الشأن بالنسبة للعديد من الدول، ظلت نسقها الإدارة المكلفة بالتنمية المستدامة، ويتجلى رهان الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في التدعيم المستدام للانسجام من جهة، وتوسيع الحكامة التنموية المستدامة لتشمل مجموع الفاعلين المعنيين من جهة أخرى، حتى تكون الرؤية التنموية متشبعة بخاصية الاستدامة وتتقاسمها كل الأطراف.
I- أبعاد التنمية المستدامة:
خلال التعريفات السابقة التي تناولت مفهوم التنمية المستدامة، أن التنمية المستدامة تتضمن أبعادا متعددة تتداخل فيما بينها من شأن التركيز على معالجتها لإحراز تقدم ملموس في تحقيق التنمية المستهدفة، فالتنمية المستدامة لا تركز على الجوانب البيئية بل تتعداها فهي تداخل بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، اذن يمكن الإشارة هنا إلى ثلاث أبعاد للتنمية المستدامة وهي كل من البعد الاقتصادي، والبعد الاجتماعي والبعد البيئي. *1*
شكل رقم 1: أبعاد التنمية المستدامة.
1.البعد الاقتصادي و الاجتماعي
1.1 الأبعاد الاقتصادية
حصة الاستهلاك الفردي من الموارد الطبيعية: فبالنسبة للأبعاد الإقتصادية للتنمية المستدامة نلاحظ أن سكان البلدان الصناعية يستغلون قياسا على مستوى نصيب الفرد من الموارد الطبيعية في العالم، أضعاف ما يستخدمه سكان البلدان النامية، ومن ذلك مثلا أن استهلاك الطاقة الناجمة عن النفط والغاز والفحم هو في الولايات المتحدة أعلى منه في الهند ب 33 مرة، وهو في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ال “OCDE” أعلى بعشر مرات في المتوسط منه في البلدان النامية مجتمعة.
إيقاف تبديد الموارد الطبيعية: فالتنمية المستدامة بالنسبة للبلدان الغنية تتلخص في إجراء تخفيضات متواصلة من مستويات الاستهلاك المبددة للطاقة والموارد الطبيعية وذلك عبر تحسين مستوى الكفاءة وإحداث تغيير جذري في أسلوب الحياة، ولا بد في هذه العملية من التأكد من عدم تصدير الضغوط البيئية إلى البلدان النامية، وتعني التنمية المستدامة أيضا تغيير أنماط الاستهلاك التي تهدد التنوع البيولوجي في البلدان الأخرى دون ضرورة، كاستهلاك الدول المتقدمة للمنتجات الحيوانية المهددة بالانقراض.
مسؤولية البلدان المتقدمة عن التلوث وعن معالجته: وتقع على البلدان الصناعية مسؤولية خاصة في قيادة التنمية المستدامة، لأن استهلاكها المتراكم في الماضي من الموارد الطبيعية مثل المحروقات وبالتالي إسهامها في مشكلات التلوث العالمي، الذي كان كبيرا بدرجة غير متناسبة، يضاف إلى هذا أن البلدان الغنية لديها الموارد المالية والتقنية والبشرية الكفيلة بأن تضطلع بالصدارة في استخدام تكنولوجيات أنظف وتستخدم الموارد بكثافة أقل، وفي القيام بتحويل اقتصاداتها نحو حماية النظم الطبيعية والعمل معها، وفي تهيئة أسباب ترمي إلى تحقيق نوع من المساواة والاشتراكية للوصول إلى الفرص الاقتصادية والخدمات الاجتماعية داخل مجتمعاتها، والصدارة تعني أيضا توفير الموارد التقنية والمالية لتعزيز للتنمية المستدامة في البلدان الأخرى باعتبار أن ذلك استثمار في مستقبل الكرة الأرضية.
تقليص تبعية البلدان النامية: وثمة جانب من جوانب الروابط الدولية فيما بين البلدان الغنية والفقيرة يحتاج إلى دراسة دقيقة، ذلك أنه بالقدر الذي ينخفض به استهلاك الموارد الطبيعية في البلدان الصناعية، يتباطأ نمو صادرات هذه المنتجات من البلدان النامية وتنخفض أسعار السلع الأساسية بدرجة أكبر، مما يحرم البلدان النامية من إيرادات تحتاج إليها احتياجا ماسا، ومما يساعد على تعويض هذه الخسائر، الانطلاق من نمط تنموي يقوم على الاعتماد على الذات لتنمية القدرات الذاتية وتأمين الاكتفاء الذاتي وبالتالي التوسع في التعاون الإقليمي، وفي التجارة فيما بين البلدان النامية، وتحقيق استثمارات ضخمة في رأس المال البشري، والتوسع في الأخذ بالتكنولوجيات المحسنة.*2*
التنمية المستدامة لدى البلدان الفقيرة: وتعني التنمية المستدامة في البلدان الفقيرة تكريس الموارد الطبيعية لأغراض التحسين المستمر في مستويات المعيشة، ويعتبر التحسين السريع، كقضية أخلاقية، أمر حاسم بالنسبة لأكثر من 20 في المائة من سكان العالم المعدمين في الوقت الحالي، ويحقق التخفيف من عبء الفقر المطلق نتائج عملية هامة بالنسبة للتنمية المستدامة، لأن هناك روابط وثيقة بين الفقر وتدهور البيئة والنمو السريع للسكان والتخلف الناجم عن التاريخ الاستعماري والتبعية المطلقة للقوى الرأسمالية، أما الذين لا تلبى لهم احتياجاتهم الأساسية، والذين ربما كان بقائهم على قيد الحياة أمرا مشكوكا فيه، فيصعب أن نتصور بأنهم سيهتمون بمستقبل كرتنا الأرضية، وليس هناك ما يدعوهم إلى تقدير مدى صلاحية تصرفاتهم للاستدامة، كما أنهم يجنحون إلى الاستزادة من الأطفال في محاولة لزيادة القوة العاملة للأسرة ولتوفير الأمن لشيخوختهم.
المساواة في توزيع الموارد: إن الوسيلة الناجعة للتخفيف من عبء الفقر وتحسين مستويات المعيشة أصبحت مسؤولية كل من البلدان الغنية والفقيرة، وتعتبر هذه الوسيلة، غاية في حد ذاتها، وتتمثل في جعل فرص الحصول على الموارد والمنتجات والخدمات فيما بين جميع الأفراد داخل المجتمع أقرب إلى المساواة، فالفرص غير المتساوية في الحصول على التعليم والخدمات الاجتماعية وعلى الأراضي والموارد الطبيعية الأخرى وعلى حرية الاختيار وغير ذلك من الحقوق السياسية، تشكل حاجزا هاما أمام التنمية، فهذه المساواة تساعد على تنشيط التنمية والنمو الاقتصادي الضروريين لتحسين مستويات المعيشة.
الحد من التفاوت في المداخيل: فالتنمية المستدامة تعني إذن الحد من التفاوت المتنامي في الدخل وفي فرص الحصول على الرعاية الصحية في البلدان الصناعية مثل الولايات المتحدة وإتاحة حيازات الأراضي الواسعة وغير المنتجة للفقراء الذين لا يملكون أرضا في مناطق مثل أمريكا الجنوبية أو للمهندسين الزراعيين العاطلين كما هو الشأن بالنسبة لبلادنا؛ وكذا تقديم القروض إلى القطاعات الاقتصادية غير الرسمية وإكسابها الشرعية؛ وتحسين فرص التعليم والرعاية الصحية بالنسبة للمرأة في كل مكان، وتجب الإشارة إلى أن سياسة تحسين فرص الحصول على الأراضي والتعليم وغير ذلك من الخدمات الاجتماعية لعبت دورا حاسما في تحفيز التنمية السريعة والنمو في اقتصاديات النمو الآسيوي مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية وتايوان.
تقليص الإنفاق العسكري: كما أن التنمية المستدامة يجب أن تعني في جميع البلدان تحويل الأموال من الإنفاق على الأغراض العسكرية وأمن الدولة إلى الإنفاق على احتياجات التنمية، ومن شأن إعادة تخصيص ولو جزء صغير من الموارد المكرسة الآن للأغراض العسكرية الإسراع بالتنمية بشكل ملحوظ. *3*
2.1 الأبعاد الاجتماعية:
تثبيت النمو الديموغرافي: العمل على تحقيق تقدم كبير في سبيل تثبيت نمو السكان، وهو أمر بدأ يكتسي أهمية بالغة، ليس لأن النمو المستمر للسكان لفترة طويلة وبمعدلات شبيهة بالمعدلات الحالية أصبح أمرا مستحيلا استحالة واضحة فقط، بل كذلك لأن النمو السريع يحدث ضغوطا حادة على الموارد الطبيعية وعلى قدرة الحكومات على توفير الخدمات، كما أن النمو السريع للسكان في بلد أو منطقة ما يحد من التنمية، ويقلص من قاعدة الموارد الطبيعية المتاحة لإعالة كل ساكن .
مكانة الحجم النهائي للسكان: وللحجم النهائي الذي يصل إليه السكان في الكرة الأرضية أهميته أيضا، لأن حدود قدرة الأرض على إعالة الحياة البشرية غير معروفة بدقة، وتوحي الإسقاطات الحالية، في ضوء الاتجاهات الحاضرة للخصوبة، بأن عدد سكان العالم سيستقر عند حوالي 11,6 مليار نسمة، وهو أكثر من ضعف عدد السكان الحاليين، وضغط السكان، حتى بالمستويات الحالية، هو عامل متنام من عوامل تدمير المساحات الخضراء وتدهور التربة والإفراط في استغلال الحياة البرية والموارد الطبيعية الأخرى؛ لأن نمو السكان يؤدي بهم إلى الأراضي الحدية، أو يتعين عليهم الإفراط في استخدام الموارد الطبيعية.
أهمية توزيع السكان: كما أن لتوزيع السكان أهميته: فالاتجاهات الحالية نحو توسيع المناطق الحضرية، ولاسيما تطور المدن الكبيرة لها عواقب بيئية ضخمة، فالمدن تقوم بتركيز النفايات والمواد الملوثة فتتسبب في كثير من الأحيان في أوضاع لها خطورتها على الناس وتدمر النظم الطبيعية المحيطة بها، ومن هنا، فإن التنمية المستدامة تعني النهوض بالتنمية القروية النشيطة للمساعدة على إبطاء حركة الهجرة إلى المدن، وتعني اتخاذ تدابير سياسية خاصة من قبيل اعتماد الإصلاح الزراعي واعتماد تكنولوجيات تؤدي إلى التقليص إلى الحد الأدنى من الآثار البيئية للتحضر.
الاستخدام الكامل للموارد البشرية: كما تنطوي التنمية المستدامة على استخدام الموارد البشرية استخداما كاملا، وذلك بتحسين التعليم والخدمات الصحية ومحاربة الجوع، ومن المهم بصورة خاصة أن تصل الخدمات الأساسية إلى الذين يعيشون في فقر مطلق أو في المناطق النائية؛ ومن هنا فإن التنمية المستدامة تعني إعادة توجيه الموارد أو إعادة تخصيصها لضمان الوفاء أولا بالاحتياجات البشرية الأساسية مثل تعلم القراءة والكتابة، وتوفير الرعاية الصحية الأولية، والمياه النظيفة، والتنمية المستدامة تعني –فيما وراء الاحتياجات الأساسية- تحسين الرفاه الاجتماعي، وحماية التنوع الثقافي، والاستثمار في رأس المال البشري- بتدريب المربين والعاملين في الرعاية الصحية والفنيين والعلماء وغيرهم من المتخصصين الذين تدعو إليهم الحاجة لاستمرار التنمية.
الصحة والتعليم: ثم إن التنمية البشرية تتفاعل تفاعلا قويا مع الأبعاد الأخرى للتنمية المستدامة، من ذلك مثلا أن السكان الأصحاء الذين نالوا من التغذية الجيدة ما يكفيهم للعمل، ووجود قوة العمل الحسنة التعليم، أمر يساعد على التنمية الاقتصادية، ومن شأن التعليم أن يساعد المزارعين وغيرهم من سكان البادية على حماية الغابات وموارد التربة والتنوع البيولوجي حماية أفضل.
أهمية دور المرأة: ولدور المرأة أهمية خاصة، ففي كثير من البلدان النامية يقوم النساء والأطفال بالزراعات المعيشية، والرعي وجمع الحطب ونقل الماء، وهم يستخدمون معظم طاقتهم في الطبخ، ويعتنون بالبيئة المنزلية مباشرة، والمرأة بعبارة أخرى هي المدبر الأول للموارد والبيئة في المنزل –كما أنها هي أول من يقدم الرعاية للأطفال- ومع ذلك فكثيرا ما تلقى صحتها وتعليمها الإهمال الصارخ مقارنة بصحة الرجال وتعليمهم، والمرأة الأكثر تعليما، لديها فرص أكبر في الحصول على وسائل منع الحمل، كما أن معدلات خصوبتها أقل في المتوسط، وأطفالها أكثر صحة، ومن شأن الاستثمار في صحة المرأة وتعليمها أن يعود على القابلية للاستدامة بمزايا متعددة.
الأسلوب الديمقراطي الاشتراكي في الحكم: ثم إن التنمية المستدامة على المستوى السياسي تحتاج إلى مشاركة من تمسهم القرارات، في التخطيط لهذه القرارات وتنفيذها، وذلك لسبب عملي هو أن جهود التنمية التي لا تشرك الجماعات المحلية كثيرا ما يصيبها الإخفاق، لذلك فإن اعتماد النمط الديمقراطي الاشتراكي في الحكم يشكل القاعدة الأساسية للتنمية البشرية المستدامة في المستقبل.
2.1 البعد الايكولوجي او البيئي
تهدف التّنمية المستدامة إلى حماية الموارد الطبيعّية انطلاقا من حماية التّربة وصولا الى حماية مصايد الأسماك، ويعني البعد البيئي للتّنمية المستدامة هو تحقيق الموارد الاقتصادّية للأجيال الحاضرة والقادمة مع الحفاظ على البيئة وحمايتها من الّتلّوث وتمّكين الساكنة مستوى معيشي جيد يتطور ويتحسن مع مرور الوقت، ويضمن البعد البيئي ما يلي:
إتلاف التربة، استعمال المبيدات، تدمير الغطاء النباتي والمصايد: بالنسبة للأبعاد البيئية نلاحظ أن تعرية التربة وفقدان إنتاجيتها يؤديان إلى التقليص من غلتها، ويخرجان سنويا من دائرة الإنتاج مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، كما أن الإفراط في استخدام الأسمدة ومبيدات الحشرات يؤدي إلى تلويث المياه السطحية والمياه الجوفية، أما الضغوط البشرية والحيوانية، فإنها تضر بالغطاء النباتي والغابات أو تدمرهما. وهناك مصايد كثيرة للأسماك في المياه العذبة أو المياه البحرية يجري استغلالها فعلا بمستويات غير مستدامة، أو أنها توشك أن تصبح كذلك.*4*
حماية الموارد الطبيعية: والتنمية المستدامة تحتاج إلى حماية الموارد الطبيعية اللازمة لإنتاج المواد الغذائية والوقود –ابتداء من حماية التربة إلى حماية الأراضي المخصصة للأشجار وإلى حماية مصايد الأسماك-مع التوسع في الإنتاج لتلبية احتياجات السكان الآخذين في التزايد، وهذه الأهداف يحتمل تضاربها، ومع ذلك فإن الفشل في صيانة الموارد الطبيعية التي تعتمد عليها الزراعة كفيل بحدوث نقص في الأغذية في المستقبل. وتعني التنمية المستدامة هنا استخدام الأراضي القابلة للزراعة وإمدادات المياه استخداما أكثر كفاءة، وكذلك استحداث وتبني ممارسات وتكنولوجيات زراعية محسنة تزيد الغلة. وهذا يحتاج إلى اجتناب الإسراف في استخدام الأسمدة الكيميائية والمبيدات حتى لا تؤدي إلى تدهور الأنهار والبحيرات، وتهدد الحياة البرية، وتلوث الأغذية البشرية والإمدادات المائية، وهذا يعني استخدام الري استخداما حذرا، واجتناب تمليح أراضي المحاصيل وتشبعها بالماء.
صيانة المياه: في بعض المناطق تقل إمدادات المياه، ويهدد السحب من الأنهار باستنفاد الإمدادات المتاحة، كما أن المياه الجوفية يتم ضخها بمعدلات غير مستدامة، كما أن النفايات الصناعية والزراعية والبشرية تلوث المياه السطحية والمياه الجوفية، وتهدد البحيرات والمصبات في كل بلد تقريبا. والتنمية المستدامة تعني صيانة المياه بوضع حد للاستخدامات المبددة وتحسين كفاءة شبكات المياه، وهي تعني أيضا تحسين نوعية المياه وقصر المسحوبات من المياه السطحية على معدل لا يحدث اضطرابا في النظم الإيكولوجية التي تعتمد على هذه المياه، وقصر المسحوبات من المياه الجوفية على معدل تجددها. *5*
تقليص ملاجئ الأنواع البيولوجية: تواصل مساحة الأراضي القابلة للزراعة – وهي الأراضي التي لم يتدخل بعد في الاستخدام البشري – انخفاضها، مما يقلص من الملاجئ المتاحة للأنواع الحيوانية والنباتية، باستثناء القلة التي يديرها البشر إدارة مكتفة، أو التي تستطيع العيش في البيئة المستأنسة، وتتعرض الغابات المدارية والنظم الإيكولوجية للشعب المرجانية والغابات الساحلية وغيرها من الأراضي الرطبة وسواها من الملاجئ الفريدة الأخرى لتدمير سريع، كما أن انقراض الأنواع الحيوانية والنباتية آخذا في التسارع. والتنمية المستدامة في هذا المجال تعني أن يتم صيانة ثراء الأرض في التنوع البيولوجي للأجيال المقبلة، وذلك بإبطاء عمليات الانقراض وتدمير الملاجئ والنظم الإيكولوجية بدرجة كبيرة وإن أمكن وقفها.
حماية المناخ من الاحتباس الحراري: التنمية المستدامة تعني كذلك عدم المخاطرة بإجراء تغييرات كبيرة في البيئة العالمية – بزيادة مستوى سطح البحر، أو تغيير أنماط سقوط الأمطار والغطاء النباتي، أو زيادة الأشعة فوق البنفسجية – يكون من شأنها إحداث تغيير في الفرص المتاحة للأجيال المقبلة. ويعني ذلك الحيلولة دون زعزعة استقرار المناخ، أو النظم الجغرافية الفيزيائية والبيولوجية أو تدمير طبقة الأوزون الحامية للأرض من جراء أفعال الإنسان.
II.استراتيجية الدولة في التنمية المستدامة
التزمت المملكة المغربية برفع تحديات القرن الواحد والعشرين من خلال اعتماد التنمية المستدامة، كمشروع مجتمعي وكنموذج تنموي جديد ومتجدد بفضل التوجهات المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وقد تكرس هذا الالتزام كخيار استراتيجي منذ سنة 1992 من خلال خطاب صاحب الجلالة بمناسبة انعقاد مؤتمر قمة الارض الأولى بريو البرازيلية عندما كان وليا للعهد انداك والذي رسم من خلاله رؤية للركائز الاساسية لبناء نموذج مجتمعي جديد.
- الرؤية الاستراتيجية للتنمية المستدامة:
شهدت مرحلة 2011/2000 بتسريع الإصلاحات المؤسساتية، خاصة في شقها الاجتماعي الذي طال مدونة الأسرة، كما مكن تنفيذ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من ارساء اسس هندسة اجتماعية فعلية وفق مسلسل قائم على منهجية تشاركية، وعلى المستوى الاقتصادي، منحت الاستراتيجيات القطاعية رؤية اوضح وسمحت بتوجيه دقيق وفعال للاستثمارات.
كما تعززت سياسة الانفتاح بدخول اتفاقيات التبادل الحر حيز التطبيق مع الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2004 والمنطقة العربية الكبرى سنة 2005 وتركيا سنة 2006 ودول اتفاقيات اكادير سنة 2007، وقد تعزز الجانب البيئي بالمصادقة على القوانين البيئة الكبرى مثل القانون 11/03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة، وقانون الهواء بالإضافة لبرامج دعم العمل البيئي.
شكلت سنة 2011 منعطف حاسما في بلورة مشروع المجتمع بعد ان ابانت المقاربة القطاعية عن محدوديتها خاصة في مجال ادماج الاشكاليات الافقية التي تميز مبدأ الاستدامة، وقد شكلت التواريخ التالية محطات للتقدم في مسار مؤسسة التنمية المستدامة بالمغرب:
سنة 2011 تمت المصادقة على مسلسل امرأة الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي يكرس المبادئ الكبرى للتنمية المستدامة.
مارس 2011 ألقى جلالة الملك محمد السادس خطابا دعا فيه الأمة المغربية للعمل من اجل اعداد نص دستوري جديد، وهكذا تمثل صياغة هذا النص الدستوري الجديد وفق منهجية تشاركية واسعة.
18 يونيو 2011 رسخ الدستور الجديد المملكة المغربية التنمية المستدامة ووطد اسس الحكامة.
كذلك في سنة 2011 قدمت اللجنة الاستشارية المعنية تقريرها حول الجهوية الموسعة التي تهدف إلى تحقيق التنمية المندمجة والمستدامة، على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذا الفلاحية والبيئية، من اجل تثمين الإمكانات والموارد التي تزخر بها كل جهة تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية ومن هذا المنظور، فان الجهوية الموسعة المنشودة ليست مجرد إجراء تقني او اداري بل توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة والنهوض بالتنمية المندمجة مقتطف من خطاب صاحب الجلالة محمد السادس.
مارس 2014 نشر القانون الإطار رقم 99-12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي يعطى للحكومة في اجل سنة واحدة بعد تاريخ نشره من اجل المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة.
ويشكل اعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة بالمغرب تتويجا قوي من اجل تحقيق التنمية المستدامة وترسيم هذه الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة كمعالم مشروع مشترك بين كل فاعلي الامة من اجل دعم جهود الاستدامة كل في ميدانه حول خيارات استراتيجية ومؤشرات حازت على توافقا واسعا، وترمي هذه الاستراتيجية كذلك إلى تحقيق الوضوح والانسجام بين الالتزامات الدولية لبلادنا وسياساته الوطنية والأفقية والقطاعية. *6*
وتختلف منهجيات اعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة حسب الدول. فكل دولة يجب ان تحدد بالاحتكام الى ثقافتها وتاريخها السياسي وخصوصياتها البيئية المقاربة المثلى، لإعداد وتنفيذ استراتيجيتها الوطنية للتنمية المستدامة، ويتعين بناء الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة بالمغرب على السياسات المعتمدة من طرف المملكة وتدعيم الإلتقائية والتكاملية والاندماج، بين مختلف اطارات ومسلسلات التخطيط، وتشكل السياسات القطاعية توجهات لعمل مختلف الوزارات والقطاعات المعنية الا انه ينقصها الانسجام والتنسيق وفق مسار منتظم يترجم انخراط المغرب في دينامية التنمية البشرية وحماية البيئة لمواجهة تحديات القرن ولعل الحكامة العمومية للتنمية المستدامة ولاعتبارات تاريخية بالمغرب كما هو الشأن بالنسبة للعديد من الدول ظلت تنسقها الإدارة المكلفة بالتنمية المستدامة، ويتجلى رهان الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في التدعيم المستدام لانسجام من جهة، وتوسيع الحكامة التنموية المستدامة من جهة ثانية لتشمل مجموع الفاعليين المعنين من الاطراف، وفضل عن ذلك وخلال مرحلة رسم الإطار المرجعي تمت صياغه الاهداف الخاصة التي يلزم أن تتقيد بها الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والتي يجب ان تكون استراتيجية عملية قائمة على الواقع الميداني والبرامج التي هي في طور الانجاز، واستراتيجية تمكن من تحسين الالتقاء بين مختلف المبادرات الحكومية ومبادرة المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين، استراتيجية تبحث عن ادماج عناصر الاستدامة في السياسات ولا ترتكز على رؤيه مستقبلية تختلف او تتعارض مع الخيارات الاستراتيجية التي كان العمل بها سلفا، والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة هي قبل كل شيء مسلسل مستمر سلوكياتهم.
بالنسبة للتنمية الكلاسيكية فهي تحدد اهداف خلال الفترة 2017 2030 وترسم تدابير واجراءات عمليه يلتزم بها مختلف الفاعلين وقد تم تحديد اغلب هذه التدابير او البدل في تنفيذها من طرف السلطات العمومية، ويتمثل دور استراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في السهر على متابعه تنفيذها وبالمقابل هناك بعض التدابير الجديدة التي تهدف الى الاستجابة لبعض رهانات الاستدامة التي لم تؤخذ بعين الاعتبار من قبل، وبمجرد المصادقة عليها من طرف الحكومة واعتمادها، تصبح هذه الاستراتيجية التزاما يلزم الجميع وفقه مقتضيات القانون الاطار 12 99.
ومن اجل بلوغ هدف التنمية المستدامة الخاص بتضامن الاجيال كان من اللازم تامين عدد من الشروط الاساسية لضمان المسار المستدام، وقد ابان التشخيص على ان مقومات الاستدامة حاضرة في اغلب السياسات الى ان تنفيذها يظل غير كاف، وعليه يعتبر وضع استراتيجية شاملة تحدد الإطار العام للسياسات العمومية امر ضروري وقد تم تعريف هذا الإطار من خلال الرؤية الاستراتيجية التالية:
تنفيذ الاقتصاد الاخضر الشامل بالمغرب في افق 2030، حيث المغرب يمتلك من المقومات ما يكفل له ضمان تنفيذ الرؤية الاستراتيجية، كما تؤثر على ذلك الاستراتيجية الطاقية وخبرة المغرب في ميدان تدبير المياه والسياسة الاجتماعية التي تدعمها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الا انه مطالب بتعميم مقاربة الاستدامة من خلال العمل بالتوازي على العدد من الاوراش، كما يتعين مراجعة الحكامة في مجال التنمية المستدامة في اتجاه دعم كفاءات الفاعلين وتحسين الاطار التشريعي وتقوية المراقبة والتنفيذ الفعلي للقوانين، وسيتوجب على القطاعات ان تدمج بشكل اكبر المكونات السوسيو-بيئية في خرائط الطريق الاستراتيجية التي تعتمدها حيث ان المرتكز الاقتصادي يشكل بلا منازع قاطرة الرؤية، لأنه لا يمكن تصور تنمية مستدامة بمعزل عن اقتصاد سليم بمؤشرات اداء قوية على كل القطاعات فالسياسة الارادية للدولة تدعم التنمية الاقتصادية للبلد ويمكن تجاوز معيقات التنافسية التي تم الكشف عنها في مرحله التشخيص من خلال البحث المستمر على الالتقاء بين القطاعات، وكذا من خلال ادماج اكبر للاعتبارات السوسيو-بيئية.
ويعتبر تحقيق اقتصاد بيئي امر ممكن من خلال وضع لبنات الاقتصاد الدائري او تطوير التصنيع الاخضر كما يلزم تعزيز المرتكز الاجتماعي خصوصا السياسات ذات الصلة بالصحة، التي ظلت رغم التحسن النسبي الذي رسمته مؤثرات مستوى الكهرباء دون مستوى الاهداف التي سطرت لها مما يضعف مسلسل التنمية البشرية كما انه يضمن للجميع نظام تربوي مجاني جيد يظل ايضا تحديا يتعين رفعه لتفادي تعميق الفوارق الصارخة، اما محاربه الفقر يجب تعزيز التضامن خاصة التضامن على المستوى الترابي.
- 2. تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة:
تعتبر قضية البيئة بجوانبها المتعددة ابرز القضايا التي استغرقت وقتا ولا تزال تأخذ قدرا كبيرا من الاهتمام، جعل الادارة تتحمل مسؤوليات متزايدة لتدعيم وسائل حماية البيئة والمحافظة على تنمية مواردها، ففي المغرب قد اتخذت في التطبيق العلمي صورا شتى فاولا قد صرفا جانب من هذه الجهود الى محاولة بلورة وصياغة القواعد القانونية التي تضبط العمل الاداري في المجال البيئي وصياغة العديد من التشريعات التي تكون مجموعها ما يعرف بقانون البيئة من فروع القانون، تطبيق القواعد القانونية المذكورة على المستوى العملي، فقد كان من المهم ايضا ان ينصرف قدر من هذا الاهتمام المشار اليه للبحث في ضرورة انشاء اجهزه ادارية تناط بها مهمة الاطلاع بمجمل الوظائف والاختصاصات ذات الصلة بقضايا البيئة وموضوعاتها المختلفة، ومع ذلك فان معظم مشكلات البيئة ما زالت تزداد كثافة وليس هناك ما يدعو للتفائل، ولا تزال التحديات البيئية تبعت على الرهبة، بالنسبة للنصوص القانونية تعتبر في مجموعها عبارة عن تشريعات متفرقة تهم مجالات مختلفة لا يجمع بينها منطق شمولي يحيط بالبيئة في اطارها العام وفق سياسه بيئية يستهدف دمج الاعتبارات البيئية في المخططات الاقتصادية والاجتماعية .
بالاضافة الى علبة التشتت وعدم الانسجام على المستوى المؤسساتي ولقد وعدت عدة دول بضرورة تنسيق انشطة مختلفة في الادارات تهم القضايا البيئية وكل الأنشطة التي قد تكون له انعكاسات على البيئة الطبيعية والصدمات بأشكال عويصة، في ما يتعلق بطبيعة الجهاز الحكومي ونطاق حدود اختصاصاته في مجال حمايه البيئة تعلق الامر بأحداث وزارة البيئة بالمؤسسات.
إذا كانت بعض البلدان اختارت إنشاء وزارة مختصة في البيئة فإن بلدانا اخرى فضلت توزيع المهام البيئية بين مختلف الوزارات القائمة ويمكن تصنيف المغرب بين هذه المجموعة الثانية من البلدان إذا ان تسيير البيئة لم يوكل ابدا السلطة وزارية مختصة ولكن الوزارات عديدة لها مهام أساسية اخرى وتبرهن الممارسة على عدم قدرتها على القيام بوظيفة التنسيق فالمسؤولية الإدارية في مجال البيئة تبقى مشتتة بين عدة جهات يصعب الوصل فيما بينها
وتعتبر الوسائل المؤسساتية لها دور كبير جدا وفعال، حيث ان البعض يعتبر هي الترجمة الفعلية على ارض الواقع عن طريق اخراج مجموعة من القوانين الى الوجود في هدف التسريع من وثيرة التنمية داخل البلاد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة نجد الدولة باعتبارها ضرورية لتنفيذ التنمية المستدامة بحيث يجب على الدولة ان تكون قدوه من خلال اعتمادها وتنفيذها داخل مؤسساتها بالتدابير المستدامة والاجراءات التي تحث او توصي بها الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعين ويقوم الاداء المثالي للدولة على تحقيق مجموعه من الاهداف التي تتعلق بالمشتريات العمومية المستدامة والمسؤولية البيئية للدولة ومسؤولياتها الاجتماعية والمجتمعية وعليه يرتكز المحور الاول من الاستراتيجية الوطنية للتنمية البشرية على اتخاذ اجراءات وتدابير نموذجيه داخل الوظيفة العمومية في كل ما يتعلق بشيء التنمية المستدامة بحيث الدولة قامت بأعداد الاستراتيجية عن طريق الوزارة الوصية من اجل تحقيقها في افقي 2030 ومن اجل تحقيق رؤيتها الاستراتيجية وبلوغ الآداب فيها المسطرة عن طريق الوزارة الوصية تركيز عملها على ثمانية اهداف وهي:
تعزيز حماية البيئة وتحسين إطار عيش المواطنين والمواطنات
تشجيع الانتقال نحو الاقتصاد الاخضر من خلال تطوير الأنشطة المدرة للدخل مع الاخذ بعين الاعتبار مقاربه النوع؛
ترسيخ الحكم البيئية والتنمية المستدامة؛
تقويه اجهزه الرصد والياقضة والوقاية والتوقعات المستقبلية والتخطيط في مجال البيئة والتنمية المستدامة؛
تعبئه الفاعلين الاساسيين وتعزيز مبادئ التنمية المستدامة في إطار مقاربه تشاركيه متكافئة بين المرآه والرجل؛
السهر على تنفيذ السياسة الوطنية في محاربه تغير المناخ؛
السهر على تنفيذ السياسة الوطنية في مجال المحافظة على التنوع البيولوجي وتثمينيه
تعزيز تنظيم ونجاح التدبير كتابه الدولة على المستويين الوطني والترابي في إطار مقاربه تأخذ بعين الاعتبار التكافؤ بين الرجل والمرآه؛
كذلك في إطار توجيهاتها الاستراتيجية حددت الدولة الاولويات الأساسية على المدى القصير والمتوسط فيما يلي:
على مستوى التأهيل البيئي وتحسين إطار المواطنين:
- تحسين جوده الهواء؛
- تحسين تدبير تطهير السائل؛
- تحسين تدبير النفايات الصلبة؛
على مستوى الحفاظ على الموارد الطبيعية والاوساط البيئية:
- المساهمة في الحفاظ على الساحل واستصلاح؛
- المساهمة في تسمين التنوع البيولوجي والموارد الجبلية؛
- المساهمة في مكافحه الاثار السلبية للتغير المناخ فيما يتعلق بتشجيع الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر؛
- تطوير منظومات التثمين النفايات الصلبة؛
- المساهمة في انجاز مشاريع نموذجيه مبتكره في مجال البيئة والتنمية المستدامة وتشجيع خلق فرص الشغل في المهن والوظائف الخضراء والمستدامة.*7*
اما الملزم الثاني في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة فهو التصريح الحكومي او البرنامج الحكومي من خلال برامجها الذي قدم للبرلمان في ابريل 2017 برسم الولايات التشريعية 2017/2021 بتطبيق الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة ووفقا للبرنامج الحكومي يأتي هذا التزام تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية التي تنادي بتكريس الانخراط الاداري للمغرب في الجهود العالمية الرامية لبلوغ اهداف التنمية المستدامة
حيث أكد رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني في كلمته خلال قمه رؤساء الدول والحكومات حول اهداف التنمية المستدامة مساء الاربعاء 25 شتنبر 2019 المنعقدة بمناسبه الدورة الرابعة والسبعون للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك عيد ابرز رئيس الحكومة انه بفضل الإرادة القوية على اعلى المستويات في اطار دستوري وقانون ملائم من خارطة المملكة منذ سنوات في تطبيق التزاماتها في هذا المجال في لجنه وطنيه تضم مختلف المتدخلين برئاسة رئيس الحكومة لضمان تتبع ادق وتنسيق انجع
المغرب يضيف رئيس الحكومة من تحقيق التقدم الحوض على مستوى عدد من الاهداف السبعة عشر خاصه في مجال تقايس عدد الوفيات عند الولادة مصاريف الفقر وتيسير والولوج الى الخدمات العامة الأساسية وتحسين الظروف المعيشية الساكنة وتطوير البنيات التحتية وتعزيز الحقوق والحريات تنسيق اسس الممارسة الديمقراطية السليمة واوضح رئيس الحكومة ان هذه المكاسب تحققت بفضل اصلاحات واسعه استراتيجيات وطنيه الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرنامج الطاقات المتجددة وهذا ما اكده رئيس الحكومة الى اعتماد خطه 2030 للتنمية المستدامة لسنه 2015 شكلت خطوه تاريخيه في مسيره الجهود المشتركة لمواجهه تحديات التنمية المستدامة اهداف التنمية المستدامة كافه الجهات الفاعلة على اساس التضامن الوثيق وبناء تجاه افريقيا الافق ويسهم في الحفاظ على سلامتك كوكبنا للأجيال الحاضر والمستقبل الامم المتحدة الى احداث صندوق مالي لدعم تنفيذ اهداف التنمية المستدامة في القاره الأفريقية كذلك صدق المجلس الحكومي في اطار استكمال البرامج حول التنمية المستدامة على مشروع مرسوم رقم 2 19 452 بشان تنظيم اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة تقدمت به السيدة نزهه الوافي كاتبة المكلفة بالتنمية المستدامة يوم 13 يونيو 2019 ويستجيب هذا المشروع لتطلعات الحكومة لتكون في مستوى الالتزامات التي اخذتها على عاتقها في اطار البرنامج الحكومي الذي اكد على تكريس الانخراط الاداري للمغرب في الجهود العالمية الرامية لبلوغ اهداف التنمية المستدامة وكذا مع التزامات الدولية للمغرب منذ اعتماد خطه التنمية المستدامة في دوره 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة
ويحدد مشروع هذا المرسوم على الخصوص مهام وتشكيله اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة اضافه اعضاء جدد الى اللجنة مقارنه مع اللجنة الاستراتيجية للتنمية المستدامة ويتعلق الامر بكل من الوزارة المنتدبة على رئيس الحكومة المكلفة بالشؤون العامة والحكامة للتخطيط والوكالة المغربية للطاقة المستدامة والوكالة المغربية للنجاعة الطاقية وجمعيه المغرب والاتحاد العام للمقاولات المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب
بهذا في احداث لجنه تتبع ومواكبه اهداف التنمية المستدامة الى ارساء نظام حكم خاص بتتبع ومواكبه اهداف التنمية المستدامة وتناط بها مهام التنسيق والتتبع والمواكبة بخصوص ما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة كما حدد مشروع المرسوم الاعضاء المكونين لها
انه مباشره بعد اعتماد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 25 يونيو تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله مصارعه الحكومة الى وضع إطار للحكامة مكون من لجنتين وهما اللجنة الاستراتيجية للتنمية المستدامة تحت رئاسة السيد رئيس الحكومة ولجنه القيادة تحت رئاسة السيدة كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة.
هذا وقد تم عقد ثلاثة اجتماعات باللجنة القيادة بتاريخ 22 نونبر 2017 و15 ماي و9 نونبر 2018 على التوالي كما تم عقد الاجتماع الاول للجنه الاستراتيجية بتاريخ 22 فبراير 2019 برئاسة السيد رئيس الحكومة بعد أربعة لقاءات للجنه القيادة التي تراسها كتابه الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة والتي مكنت من اعداد واعتماد خارطة الطريق متكاملة لتحقيق الاهداف ذات الاولوية.
1.2 مبادئ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة:
تقوم أية استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة لزوما على الاستجابة لعدد من المبادئ التوجيهية التي حددتها الحكومة وذلك لضمان الانسجام عند بلورتها. وعليه، فالمبادئ التي تم اعتمادها لصياغة هذه الاستراتيجية هي كالآتي :
المبدأ الأول: المطابقة مع الإطار الدولي، وقعت المملكة المغربية وصادقت على الاتفاقيات الدولية والإقليمية الكبرى في مجال البيئة والتنمية المستدامة، وتنسجم الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة مع الممارسات الدولية النموذجية، وتقتبس منها التحديات التي قررت المملكة رفعها في مجال التنمية المستدامة، ومنها مكافحة التغير المناخي، ومكافحة التصحر وحماية التنوع البيولوجي، إلخ؛
المبدأ الثاني: التطابق مع مبادئ القانون-الإطار 99-12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة تنسجم التدابير العملية التي قدمت في إطار الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة مع المبادئ الواردة في القانون-الإطار 99-12 ومنها
- مبدأ الاندماج؛
- مبدأ المجالية الترابية؛
- مبدأ التضامن؛
- مبدأ الاحتياط؛
- مبدأ الوقاية؛
- مبدأ المسؤولية؛
- مبدأ المشاركة.
المبدأ الثالث: التزام الأطراف المعنية، الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة هي قبل كل شيء مسلسل مستمر، يلزم الفاعلين بتغيير سلوكياتهم بالنسبة للتنمية بمفهومها الكلاسيكي، وعليه، فهي تحدد أهدافا خلال الفترة 2030-2017 وترسم تدابير وإجراءات عملية يلتزم بها مختلف الفاعلين، وقد تم تحديد أغلب هذه التدابير أو البدء في تنفيذها من طرف السلطات.
ويتمثل دور الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في السهر على متابعة تنفيذها، وبالمقابل، هناك بعض التدابير الجديدة التي تهدف إلى الاستجابة لبعض رهانات الاستدامة التي لم تؤخذ بعين الاعتبار من قبل، وبمجرد المصادقة عليها من طرف الحكومة واعتمادها، تصبح هذه الاستراتيجية التزاما يلزم الجميع وفق مقتضيات القانون-الإطار .99-12
المبدأ الرابع: استراتيجية عملية، تعتبر الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة عملية وذلك بارتكازها على تدابير ملموسة وميدانية وكذا باعتمادها على الاستراتيجيات والمخططات والبرامج التي هي في طور التنفيذ، ولا تتناقض هذه الاستراتيجية بأي حال من الأحوال مع الاختيارات التنموية التي تبنتها المملكة.
خلاصة:
تعتبر الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة برنامج مستمر يرتكز على رهانات تم التعاقد والاتفاق عليها وكذلك على أهداف يجب تحقيقها على أرض الواقع، فالاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة تعتبر كمقاربة جديدة وذلك بهدف فهم مفهوم التنمية لتوحيد الجهود ومساهمة كل القطاعات المعنية بالبيئة، عن طريق خلق مجالات جديدة لتبادل المعلومات والتنسيق وكذلك ضمان مشاركة كل المتدخلين، ايضا وضع خطة عمل واقعية من أجل تفعيل للبرامج والأوراش التي تم تحديدها في الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة.
وقد اعتمدت الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة، في مسلسل إعداد إستراتيجية وطنية للتنمية المستدامة الذي تم إطلاقه سنة 2013 على التشخيص الدقيق الذي تم بالتشاور مع مختلف الجهات المعنية والذي مكن من إحراز التوافق حول الرهانات والمحاور الاستراتيجية والأهداف الأساسية لتنفيذ الاستراتيجية وفق منهجية شاملة.
لائحة المراجع :
1- انظرالاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في أفق 2030، ص 10.
2- Yvette Veyret, Richard Laganier, Helga-Jane Scarwell, L’environnement: Concepts, enjeux et territoires, Armand Colin, Paris, 2017.
3- انظر كتاب أديب عبد السلام، أبعاد التنمية المستدامة، ص 4، 6، 7،8.
3- انظر أرضية المملكة المغربية، حول السياسة البيئية الوطنية وأهداف التنمية المستدامة، 2017.
5- انظر الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في أفق 2030.ص 34-35-36
6- Yvette Veyret, Richard Laganier, Helga-Jane Scarwell, L’environnement: Concepts, enjeux et territoires, Armand Colin, Paris, 2017.p67
7- انظر ليستر براون، اقتصاد البيئة، ترجمة أمين الجميل، الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، 2003 ص 101
.
رابط المصدر: