دلال العكيلي
رودولف ويليام لويس جولياني المعروف بـرودي جولياني ولد 28 أيار 1944 سياسي أمريكي من أصل إيطالي، والحاكم السابق لمدينة نيويورك، وأحد أبرز المرشحين للرئاسة الأمريكية لانتخابات عام 2008 عن الحزب الجمهوري، حصل جولياني على شهادة في القانون وعمل في هيئة الإدعاء العام الفيدرالية، ثم صار حاكماً لولاية نيويورك عن الحزب الجمهوري بين عامي 1994 م و2001 م، وكان حاكماً للمدينة وقت وقوع أحداث 11 سبتمبر 2001.
يعرف جيولياني بالمواقف الليبرالية اجتماعياً، مثل إقراره بحق المرأة بالإجهاض ودعمه لقوانين التحكم بامتلاك الأسلحة النارية، كما يعرف باعتناقه فكر المحافظين الجدد واليمينيين الصهاينة في السياسة الخارجية، وما زال يفتخر بطرده للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من قاعة للمسرح في نيويورك، وقد تصدّر استطلاعات الرأي بين الجمهوريين على مستوى الولايات المتحدة، إلا أنه متأخر عن بعض المرشحين الآخرين في كثير من الولايات مثل آياوا ونيو هامبشير وساوث كارولينا.
من هو جولياني
جولياني يقود الفريق القانوني للرئيس ترامب لابطال نتائج الانتخابات الامريكية بحجة وقوع عمليات تزوير، وكرر جولياني في مؤتمر صحفي عقد في العاصمة الأمريكية واشنطن مؤخرا بعد رفض عدة قضايا رفعها فريقه في عدد من الولايات، الادعاء أن الآلاف من بطاقات الاقتراع الإضافية قد وصلت في وقت مبكر جدا من الصباح إلى مركز لفرز الأصوات في ديترويت.
وقد وجدت وحدة تدقيق الحقائق في بي بي سي أن ملاحظات جولياني تستند إلى ادعاء إحدى العاملات في الانتخابات والتي زعمت أنها شاهدت شاحنتين كان من المفترض أن تجلبا الطعام، لكنها تقول إنها “لم تر قط أي طعام يخرج منهما، ومن قبيل الصدفة تم الإعلان في الأخبار عن أن ميتشيغان وجدت أكثر من 100 ألف بطاقة اقتراع بعد ساعتين من مغادرة آخر شاحنة”، وقد تم رفض هذا الادعاء، ومزاعم أخرى، في حكم صدر في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري حيث قرر القاضي أنها غير ذات مصداقية.
كما كرر الفريق القانوني للرئيس ترامب الذي يرأسه جولياني ادعاء الرئيس بأنه كانت هناك مشكلة في نظام التصويت المستخدم في بعض الولايات التي شهدت منافسة حامية مما أدى إلى تحويل ملايين الأصوات منه إلى منافسه بايدن، وتقول وحدة تدقيق الحقائق في بي بي سي إنه لا يوجد دليل على ذلك، ولم يتم تقديم أي شيء من قبل الفريق القانوني للرئيسيثبت ذلك، كما قال الرئيس ترامب وفريقه القانوني إن “أنظمة التصويت التي تنتجها شركة دومينيون مملوكة لليسار الراديكالي” ولها علاقات مع بيل وهيلاري كلينتون وسياسيين ديمقراطيين آخرين، وقد نفت شركة دومينيون فوتينغ سيستمز ذلك قائلة إنها شركة أمريكية غير حزبية وليس لها علاقات مع كلينتون أو مع رئيسة مجلس النواب الديمقراطية البارزة نانسي بيلوسي.
وزير خارجية الظل
يرتبط بروز اسم جولياني بهجمات سبتمبر/أيلول عام 2001 عندما تعرض برجا مركز التجارة العالمي في نيويورك لهجوم بطائرتين مدنيتين مختطفتين، فقد كان جولياني عمدة نيويورك في ذلك الوقت، وقد حظي على الفور بالإشادة للعزم الذي أبداه كرد فعل على المأساة، وقد وصفه المعجبون حينئذ بأنه “عمدة أمريكا” مما دفعه لمحاولة الفوز بدعم الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2008 ولكن فاز السيناتور الراحل جون ماكين بدعم الحزب الجمهوري حينئذ.
وكان من أبرز مسؤولي وزارة العدل في ظل إدارة الرئيس الراحل رونالد ريغان في الثمانينيات قبل عودته لنيويورك مدعيا عاما، واستهدف جولياني كبار زعماء المافيا بمن فيهم رؤوس عائلات نيويورك الخمس حيث أعلن أنه سيسعى لمحوها، كما استهدف أيضا المضاربين الفاسدين في بورصة وول ستريت مثل إيفان بوسكي ومايكل ميلكين.
وكانت أول مرة ينافس فيها على منصب عمدة نيويورك عام 1989 عن الحزب الجمهوري وخسر السباق بفارق ضئيل في هذه المدينة الديموقراطية أساسا، وفي محاولته الثانية عام 1993 فاز بالمنصب وهزم المرشح الديموقراطي المخضرم ديفيد دينكينز، وقد نجح في السيطرة على معدلات الجريمة في نيويورك التي عمل على فرض القانون فيها من خلال سياسة “صفر تسامح تجاه تطبيق القانون”.
وقد شهدت تلك الفترة عشرات الآلاف من الدعاوى القضائية ضد ضباط الشرطة في نيويورك تتهمهم بممارسة انتهاكات، غير أن معدلات الجريمة انخفضت، وهو الأمر الذي أرجعه منتقدوه إلى عوامل اجتماعية عديدة منها تحسن الوضع الاقتصادي، وفي عام 1997 انتخب لفترة ثانية، غير أن القانون منعه من خوض الانتخابات لمنصب للمرة ثالثة، وفي عام 2000 فكر في خوض انتخابات عضوية مجلس الشيوخ ضد هيلاري كلينتون لكنه انسحب لاحقا حيث واجهته ظروف الطلاق والإصابة بسرطان البروستاتا.
جولياني وإيران والعالم العربي
وكان جولياني هو أول من صرح علنا بأن الرئيس الأمريكي سوف يقوم بتمزيق الاتفاق النووي مع إيران وهو ما تم في شهر مايو/آيار عام 2018 ورافق ذلك إعلان عودة العقوبات المالية والاقتصادية على إيران، وفي ما يتعلق بالعام العربي وتحديدا منطقة الخليج، أشار جولياني إلى أن شركته جولياني للأمن والسلامة وقعت عقدا مع وزارة الداخلية في البحرين للمساعدة في تدريب قوات الشرطة، وقال في تصريحات صحفية: “إنهم تعاقدوا مع شركتي لتقديم استشارات أمنية لهم، مع التركيز بشكل خاص على الأشياء التي يبدو أنها ارتكبت من قبل الإرهابيين، وعلى وجه التحديد الأعمال الإرهابية التي ارتكبت في معظمها من قبل إيران أو وكلاء إيران”.
هجمات سبتمبر
بعد مغادرته منصبه في أواخر عام 2001 خاض غمار عمل استشاري ناجح بينما كانت له تطلعات سياسية، وفي عام 2007 عرض نفسه كمرشح رئاسي باعتباره زعيما محافظا صارما حريصا على تطبيق القانون ولكنه ليبرالي في بعض القضايا الاجتماعية، غير أن تركيزه على الفوز بدعم الحزب الجمهوري في الولايات الكبيرة على حساب ولايات أصغر مثل أيوا ونيوهامبشاير انتهى بنتيجة كارثية بالنسبة له فخرج من السباق بعد حلوله ثالثاً في فلوريدا فتحول إلى دعم السيناتور جون ماكين، وكانت هناك شكوك في دعم المحافظين اجتماعيا لجولياني المؤيد لحق الإجهاض والسيطرة على السلاح فضلا عن أن علاقته بزوجته الثالثة كانت قد بدأت في وقت كان مايزال فيه متزوجا بزوجته الثانية، وهي كلها أمور تثير حفيظة المحافظين في الحزب الجمهوري، بحسب بي بي سي.
قشة الغريق التي يتعلق بها ترامب
عندما بدأت نتيجة الانتخابات في الظهور وبدأت الأمور تخرج السيطرة وأصبح حلم الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مهددًا كان صهره جاريد كوشنر يبحث عن بطل ما لينقذ الرئيس بطل يكرر ما فعله جيمس بيكر عندما أنقذ جورج بوش الأب ومنحه الرئاسة بعد صراع قضائي مع آل جور حول فلوريدا ليظهر للجميع اسم رودي جولياني، هكذا وصفت صحيفة “نيويورك تايمز” المشهد بالبيت الأبيض، أو ما يمكن أن نسميه رحلة إدارة ترامب للتعلق بقشة “جولياني” للنجاة من الهزيمة.
وبمجرد أن وصل جولياني إلى مدينة فيلادلفيا ولاية بنسلفانيا والتي يراها البعض بأنها الحاسمة لسباق انتخابات 2020، أطلق تصريحاته النارية التي تشابهت مع ما قاله دونالد ترامب، وكان جولياني واضحا وحادا بقوله “لانتخابات تتعرض للتزوير ولن نسمح بذلك الجمهوريون لن يسمحوا بذلك”، وبعد ذلك بساعات كان ترامب يفقد تقدمه بالولاية، بحسب موقع بوابة أخبار اليوم الإلكترونية.
المافيا سبب شهرته
من المفارقة أن الرجل الذي يمثل الآن الركن الأساسي للموقف المتطرف لبعض الجمهوريين الرافض، كان ديمقراطياً في الأصل، واجه مشكلة في الحصول على وظيفة في بداية حياته، وأدين بجناية الاعتداء والسرقة، وقضى فترة السجن في Sing Sing، بمجرد إطلاق سراحه عمل لصالح صهره ليو دافانزو، الذي عمل لصالح عصابات الجريمة المنظمة كمُرابٍ وفي مجال القمار في مطعم في بروكلين بنيويورك، درس جولياني فترة في مدرسة دينية كاثوليكية، وكان يستعد ليكون قسيساً، ثم درس الحقوق وحصل على الدكتوراه، وبعد التخرج من كلية الحقوق عمل جولياني كاتباً للقاضي لويد فرانسيس ماكماهون قاضي مقاطعة الولايات المتحدة للمنطقة الجنوبية من نيويورك.
بدأ جولياني حياته السياسية كديمقراطي، تطوع لحملة روبرت إف كينيدي الرئاسية عام 1968 اكتسب شهرة من دوره في محاكمة لجنة المافيا، التي استمرت من 25 فبراير/شباط 1985 حتى 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1986، حيث كان جولياني المدعي العام للولايات المتحدة، ووجه لائحة اتهام ضد 11 شخصية من شخصيات الجريمة المنظمة، بما في ذلك رؤساء ما يسمى “العائلات الخمس” في نيويورك، بتهم تشمل الابتزاز والقتل مقابل أجر.
وصفت مجلة تايم هذه القضية بأنها “قضية القضايا” وأنها قد تكون “أهم هجوم على البنية التحتية للجريمة المنظمة منذ اجتياح القيادة العليا لمافيا شيكاغو في عام 1943″، وحُكم على ثلاثة من رؤساء العائلات الخمس بالسجن 100 سنوات في السجن في 13 يناير/كانون الثاني 1987.
مواقف مثيرة للجدل
فيما يتعلق بالعام العربي وتحديداً منطقة الخليج، فقد سبق أن كشف جولياني أن شركته جولياني للأمن والسلامة وقعت عقداً مع وزارة الداخلية في البحرين للمساعدة في تدريب قوات الشرطة، وقال في تصريحات صحفية: “إنهم تعاقدوا مع شركتي لتقديم استشارات أمنية لهم، مع التركيز بشكل خاص على الأشياء التي يبدو أنها ارتكبت من قبل الإرهابيين، وعلى وجه التحديد الأعمال الإرهابية التي ارتكبت.
وقال جولياني إنه التقى بمسؤولين أوكرانيين في مدريد وباريس ووارسو في إطار مساعيه لفتح تحقيق في أمر جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي السابق وأحد المنافسين السياسيين الرئيسيين لترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وأثيرت تساؤلات حول مَن قام بتمويل رحلات جولياني بينما كان يسعى لنشر مزاعم لم يتم التحقق منها بأن بايدن حاول إقالة كبير المدعين الأوكرانيين آنذاك، فيكتور شوكين، لمنعه من التحقيق في أمر شركة الطاقة التي كان ابنه هانتر يعمل فيها مديراً.
في أواخر عام 2019، ورد أن جولياني كان قيد التحقيق الفيدرالي لانتهاكه قوانين الضغط، وربما عدة تهم أخرى، قبل أسبوعين من توليه حملة ترامب القانونية المشككة في الانتخابات، كان جولياني يدافع عن نفسه بغضب بعد أن نشر مقطعاً من فيلم مثير للجدل يظهر فيه مستلقياً على السرير في غرفة الفندق، حيث ذهب لتناول مشروب مع امرأة شابة كانت تتظاهر بأنها صحفية من تلفزيون كازاخستاني، ونفى جولياني ارتكاب أي مخالفات ووصف اللقطات بأنها “تلفيق كامل”.
واشتهر جولياني بتصريحاته المثيرة للجدل التي تدعي وجود تزوير في الانتخابات الأمريكية دون تقديم إثبات، ففي مؤتمر صحفي، ألقى خطاباً ادعى فيه -مرة أخرى دون تقديم دليل- أن شخصاً واحداً كان يمكن أن يصوّت 100 ألف مرة، ورغم هذا الجدل والتقلبات الغريبة في مسيرته، فإنه يصر على أنه سيبقى في ذاكرة الأمريكيين باعتزاز في النهاية وقال خلال قضية أوكرانيا: “سأكون البطل هؤلاء البلداء عندما ينتهي هذا سيعلمون أني سأكون البطل”، بحسب عربي بوست.
جولياني يؤكد حدوث عمليات تزوير في الانتخابات
خسر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وحلفاؤه 3 دعاوى قضائية، في إطار مساعيهم لمنع الرئيس المنتخب جو بايدن من تولي المنصب، فيما أكد محامي الرئيس الأميركي، رودي جولياني، حدوث عمليات تزوير في ولايات عدة، وساق مستشارو ترامب القانونيون بقيادة محاميه الشخصي، رودي جولياني، مزاعم لا تستند إلى أدلة عن تزوير الانتخابات وحددوا ما قالوا إنه طريق للنصر خلال مؤتمر صحفي عاصف في واشنطن، وأكد جولياني، أن الديمقراطيين اعتمدوا على خطة ممنهجة لتزوير نتائج الانتخابات في المدن الكبرى.
وقال جولياني: “كانت هناك خطة ممنهجة للقيام بخروقات وتزويرات خلال الانتخابات الرئاسية خاصة في المدن الكبرى التي يديرها الديمقراطيون والمعروفة تاريخيا بقضايا فساد مثل فيلادلفيا التي عرفت بالتزوير خلال الـ60 عاما الماضية”، وأضاف “هذا ينطبق كذلك على مدينة ديترويت. وهي مدن يسيطر عليها الديمقراطيون مما يسمح لهم بالقيام بما يشاؤون حتى التلاعب بالقانون”، وأبلغت 3 مصادر مطلعة رويترز بأن سياسة ترامب للاحتفاظ بالسلطة تركز صورة متزايدة على إقناع المشرعين الجمهوريين بالتدخل نيابة عنه في الولايات الحاسمة التي فاز بها بايدن.
وفي جورجيا، رفض قاض عينه ترامب طلبا من المحامي المحافظ لينوود لوقف التصديق على فوز بايدن في الولاية، وزعمت الدعوى أن مسؤولي الانتخابات في جورجيا غيروا بشكل غير صحيح طريقة التعامل مع بطاقات اقتراع الغائبين، وهم الناخبون الذين لم يحضروا إلى مراكز الاقتراع وصوتوا بطرق أخرى منها عبر البريد أو الإنترنت أو عن طريق وكلاء، وقال قاضي المحكمة الجزئية، ستيفن غريمبيرغ، في أتلانتا خلال جلسة للمحكمة: “إيقاف التصديق في اللحظة الأخيرة حرفيا من شأنه أن يولد الارتباك ويؤدي إلى الحرمان من الحقوق الذي لا أجد له أساسا في الواقع والقانون”.
وفي بنسلفانيا، رفض قاض دعوى منفصلة رفعتها حملة ترامب لإبطال نحو 2200 صوت في مقاطعة باكس، قرب فيلادلفيا، بسبب مخالفات مزعومة، وقال القاضي إنه “لا يوجد دليل على أي احتيال أو سوء سلوك أو مخالفة فيما يتعلق ببطاقات الاقتراع المطعون عليها”، وفي أريزونا، رفض قاض دعوى قضائية ساندها الجمهوريون استهدفت منع مسؤولي ولاية أريزونا من التصديق على فوز بايدن بالولاية، وقال قاضي الولاية في فينكس، جون هانا، إنه رفض طلبا قدمه الحزب الجمهوري في أريزونا لإصدار أمر قضائي بمنع مجلس المشرفين في مقاطعة ماريكوبا من التصديق على نتائج المقاطعة، حيث يعيش أغلب سكان أريزونا.
وأفاد مركز إديسون للأبحاث بأن بايدن هزم ترامب بأكثر من 10 آلاف صوت في أريزونا، وهي إحدى الولايات التي اقتنصها للفوز بالسباق نحو البيت الأبيض بعد حصوله على 306 أصوات في المجمع الانتخابي مقابل 232 للرئيس، وكان الجمهوريون طلبوا من هانا أن يأمر بمراجعة جديدة لبطاقات الاقتراع، إذ قالوا إنها تمت بطريقة خالفت قانون الولاية، ولم يوضح القاضي لماذا رفض الطلب، لكنه قال إنه سيصدر قريبا قرارا أكثر تفصيلا، وقال القاضي إنه سيكون من “غير المجدي” السماح للحزب برفع دعوى جديدة، فيما يشير إلى شكوك عميقة إزاء القضية، بحسب سكاي نيوز عربية.
رابط المصدر: