روسيا والصين والتحديات البيئية أبرز الملفات على أجندة قمة مجموعة السبع

أحمد السيد

 

يقف العالم اليوم عند نقطة تحول تاريخية، فبعد أن واجه جائحة فيروس كورونا المُستجد يشهد الآن الحرب الروسية الأوكرانية التي هزت أركان النظام الدولي، وانعكست تداعياتها الكارثية على العديد من القطاعات خاصة الاقتصادية وأزمات أخرى كالغذاء والطاقة، وبات العالم يُعاني من ويلاتها أكثر من أي وقت مضى، بل أيضًا بات التخوف باحتمالية استخدام أحد الأطراف للأسلحة النووية قريبًا جدًا. وفي خِضم هذه التحديات، يجتمع قادة مجموعة السبع (G7)، في مدينة “هيروشيما” اليابانية خلال الفترة من 19 إلى 21 مايو الجاري، بحثًا عن التوصل إلى حلول لتلك المُشكلات.

ومجموعة السبع هي منتدى دولي يعقد سنويًا لزعماء الدول الأعضاء في مجموعة السبع وهي: فرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وألمانيا، واليابان، وإيطاليا، وكندا. حيث يتبادل القادة وجهات النظر حول التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي، ومناقشة القضايا المُلحة في الاقتصاد، والقضايا الإقليمية والعالمية المُختلفة.

وفي هذا السياق، أعلنت اليابان أن الأجندة الرئيسة للقمة هذا العام ستتطرق إلى القضايا التالية: “العدوان الروسي على أوكرانيا”، و”التعامل مع الشركاء الدوليين – خاصة الصين”، و”نزع السلاح النووي وعدم الانتشار”، و”القضايا الاقتصادية والأمن”، و”قضايا المناخ والطاقة والبيئة”، و”قضايا الغذاء والصحة والتنمية”.

وتسعى اليابان باستضافتها للقمة هذا العام إلى إظهار عزم الدول السبع على رفضها لما يصفونه بالعدوان الروسي على أوكرانيا، فضلًا عن إعلان رفضها لأي تهديدات باستخدام السلام النووي -وربما هذا ما يُفسر اختيار مدينة “هيروشيما” بالتحديد لاستضافة هذه القمة– فهي المدينة التي دمرتها الأسلحة النووية خلال الحرب العالمية الثانية- الأمر الذي يؤكد على ضرورة السعي إلى التأكيد على أهمية السلام العالمي والمُستدام.

الاجتماعات التحضيرية 

جرت العادة أنه قبل أي اجتماع قمة لمجموعة السبع، يتم عقد اجتماعات تحضيرية مُسبقة، تكون بمثابة “ضبط الساعات” وبلورة القضايا التي ستكون على جدول أعمال القادة. وفي هذا العام، اجتمع وزراء خارجية دول مجموعة السبع على مدار ثلاثة أيام من 16 وحتى 18 أبريل 2023، في مدينة “كارويزاوا” (Karuizawa) الواقعة في مقاطعة “ناغانو”((Nagano اليابانية.

وأكد وزراء خارجية مجموعة السبع على أهمية الوحدة والعمل الجماعي في مواجهة التحديات التي تواجه النظام الدولي، بما في ذلك الحرب الروسية الأوكرانية، وقضايا أخرى مثل: تغير المناخ، والتلوث، وفقدان التنوع البيولوجي، والصحة، وأمن الغذاء والطاقة، ودعم وتعزيز النظام الدولي الحر القائم على سيادة القانون، واحترام ميثاق الأمم المتحدة. والدفاع عن حقوق الإنسان، وتلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفًا. مع تضافر الجهود الدولية لمواجهة هذه التحديات العالمية الملحة والعمل بشكل مُشترك لبناء مستقبل أفضل وأكثر ازدهارًا وأمانًا. جدير بالذكر أن العديد من هذه القضايا ستكون موضع نقاس أثناء جلسات قادة الدول السبع في هيروشيما هذا العام.

التوقعات من قمة مجموعة السبع

يترقب العالم ما يُمكن أن تُسفر عنه مناقشات قمة مجموعة السبع. ووفقًا لأجندة القضايا المُدرجة على جدول أعمال القمة، يُمكننا توقع ما يُمكن أن تؤول إليه المُناقشات. 

أولاً: الحرب الروسية الأوكرانية: يُتوقع أن تحتل الحرب الروسية الأوكرانية الأهمية الكبرى على جدول أعمال القادة، والمتوقع أن يؤكدوا إدانتهم لتلك الحرب، ومطالبة روسيا بسحب جميع القوات من أوكرانيا. مع تجديد دعمهم لدعم أوكرانيا، وتوفير الدعم الأمني والاقتصادي والمؤسسي لمساعدتها في الدفاع عن نفسها، ويُتوقع أن يؤكدوا على الاستمرار في مساعدة أوكرانيا على إصلاح واستعادة الطاقة الحيوية والبنية التحتية البيئية، وإعادة التأكيد على دعمهم لأمن الطاقة، وتأكيد التزامهم بتكثيف العقوبات ضد روسيا.

ثانيًا: التعامل مع الشركاء الدوليين خاصة الصين: يتوقع أن تُظهر القمة اتحاد القادة وراء نهج مُشترك للتعامل مع الصين على أساس القيم المُشتركة، حتى مع الاعتراف بأن كل دولة ستدير علاقاتها مع بكين وفقًا لمحدداتها. ويتوقع أن يؤكدوا على أهمية التعامل بشفافية مع الصين، والتعبير عن مخاوفهم لها بشكل مباشر، والعمل معها بشأن التحديات العالمية، وكذلك المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك قضايا: تغير المناخ، والتنوع البيولوجي، والصحة. إلخ.

ويتوقع أن يطالبوا الصين بضرورة التمسك بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والامتناع عن التهديد أو الإكراه أو التخويف أو استخدام القوة. ويتوقع أن يعربوا  عن قلقهم البالغ إزاء الوضع في جنوب وشرق بحر الصين. مع معارضة أي محاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن بالقوة أو بالإكراه. ويُتوقع أن يؤكد القادة على أهمية السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان كعامل لا غنى عنه في الأمن والازدهار في المجتمع الدولي، والدعوة إلى الحل السلمي لهذه القضية. ويتوقع التوصل إلى اتفاق على مستوى مجموعة السبع بشأن الحد من تصدير تكنولوجيا أشباه الموصلات إلى الصين.

ثالثًا: دعم الدول النامية: يتوقع أن يُركز القادة على دعم الدول النامية التي تضررت من الصدمات الأخيرة بما في ذلك الديون وتغير المناخ وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ويتوقع أن يتوصل القادة لاعتماد تدابير بنًّاءة لسلاسل الإمداد.

رابعًا: دعم التحول للطاقة النظيفة: يُتوقع أن يلتف القادة حول الحاجة إلى اتخاذ إجراءات جديدة لتسريع وتيرة الانتقال إلى الطاقة النظيفة، وتأكيد عزمهم على تقليل استهلاك الطاقة، وتعزيز كفاءتها، وتطوير ونشر الطاقة النظيفة والاّمنة والمستدامة. مع تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتعزيز الحوكمة العالمية للطاقة وضمان سيولة أسواق الطاقة من خلال طرق مثل زيادة استخدام الطاقة النظيفة؛ وذلك من أجل منع أي بلد من الاستفادة من صادرات الطاقة كأداة للإكراه الجيوسياسي.

خامسًا: مواجهة التحديات العالمية: يُتوقع أن يؤكد القادة على تعزيز النظام الدولي القائم على سيادة القانون، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، وسيادة جميع الدول وسلامتها الإقليمية، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.  والتأكيد على أهمية التعددية والتعاون الدولي في تعزيز السلام والاستقرار والازدهار، والمسؤوليات المشتركة للاقتصادات الكبرى في العالم لسد فجوة تمويل أهداف التنمية المستدامة، والحاجة إلى اتخاذ إجراءات متسارعة لتحقيقها بحلول عام 2030. مع التزامهم بتعزيز جهود بناء السلام لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة التعقيد، وبناء مجتمعات قادرة على الصمود، وحماية حقوق الإنسان، ودعم الحكم الرشيد. فضلًا عن الإعراب عن قلقهم إزاء التهديدات المتزايدة للفضاء السيبراني، مع تأكيد التزامهم بمواجهة التحديات وتعزيز سيادة القانون في الفضاء السيبراني. وبينما ستركز مجموعة السبع على الحرب الروسية الأوكرانية وكيفية إيجاد إطار للتعامل مع الصين؛ فإن القمة هي فرصة لمعالجة مجموعة كاملة من الأزمات الاقتصادية والسياسية التي لها آثار على السلم والأمن الدوليين، خاصة الحديث عن مُشكلات دول الجنوب العالمي، وهذا ما يُفسر زيارة رئيس الوزراء الياباني لعدد من الدول الأفريقية مطلع الشهر الجاري ومنها مصر وغانا وكينيا وموزمبيق.والتي حرص خلالها على تأكيد روابط اليابان مع الجنوب العالمي، خصوصًا في مجالات مثل الغذاء والطاقة. وفي الأخير، سيسعى قادة الدول السبع إلى إظهار جبهة مُوحدة بمواجهة روسيا والصين، وكذلك التوافق حول بعض المسائل الاستراتيجية الأخرى والتي كان هناك اختلاف بين الدول على اتخاذ مواقف مُتشابهة بشأنها.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/77341/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M