زيارة بايدن إلى إسرائيل والضفة.. ملفات مهمة ومواقف لا تتبدل

 محمد الليثي

 

في مطار بن جوريون، هبطت طائرة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأربعاء الماضي، في أولى زياراته إلى إسرائيل منذ توليه مقاليد الرئاسة كمحطة أولى في جولة استثنائية شرق أوسطية أكد خلالها دعم بلاده لتعزيز الأمن المشترك من خلال تعميق اندماج إسرائيل في المنطقة، بالإضافة إلى توسيع التعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط عبر المزيد من العلاقات، وأنهى بايدن وجهته الأولى حاصدًا عددًا من الاتفاقيات التي كانت عنوانًا لليوم الثاني من الزيارة، قبل أن يتوجه إلى الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيت لحم وبعدها إلى السعودية محطته الأخيرة.

نتائج زيارة بايدن لإسرائيل

  • إعلان القدس

أبرز ما تم إبرامه خلال زيارة بايدن إلى إسرائيل كان “إعلان القدس” الذي وقعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، وهو اتفاق مشترك يقضي بمنع إيران من حيازة السلاح النووي. ووفقًا للبيان فإن الولايات المتحدة الأمريكية أعلنت عن التزامها ببناء هيكل إقليمي لتعميق علاقات إسرائيل وشركائها ودمجها في المنطقة، وتوسيع دائرة السلام لتشمل دولًا عربية وإسلامية أخرى. ونصّ الإعلان كذلك على التزام واشنطن بأمن إسرائيل والحفاظ على التفوق العسكري النوعي الإسرائيلي، وعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي ومواجهة الأنشطة الإيرانية بالمنطقة سواء المباشرة منها أو عبر وكلائها.

C:\Users\cbcnews\Desktop\New folder (2)\Captureريريبريبربيريريبر.JPG

وأدان البيان ما وصفها بـ”الهجمات الإرهابية المؤسفة” التي استهدفت إسرائيليين في الأشهر الأخيرة، مؤكدًا دعم الرئيس بايدن لحل الدولتين. وعقب توقيع الإعلان، عقد بايدن ولابيد مؤتمرًا صحفيًا، قال فيه يائير إن إسرائيل يجب أن تكون دائما قوية وآمنة بجيش قوي، وأنها تعلمت أنه يجب في بعض الأحيان حماية الحرية عبر استخدام القوة.

  • مبادرتان في مجال الطاقة النظيفة والأمن الغذائي

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات وإسرائيل والهند، قبيل اجتماع افتراضي رباعي، الخميس، عن مبادرتين في مجال الطاقة النظيفة والأمن الغذائي، في إطار ما تعرف بمجموعة «آي تو يو تو». وأصدرت الدول الأربع بيانًا مشتركًا جاء فيه إن “هذه المجموعة الفريدة من البلدان تهدف إلى تسخير حيوية مجتمعاتنا، وروح المبادرة لمواجهة بعض أكبر التحديات التي تواجه عالمنا، مع التركيز بشكل خاص على الاستثمارات المشتركة، والمبادرات الجديدة في مجالات المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي”، مضيفًا: «نؤكد من جديد دعمنا لاتفاقات إبراهيم وغيرها من ترتيبات السلام وتعزيز العلاقات مع إسرائيل.. نرحب بالفرص الاقتصادية التي تنبع من هذه التطورات التاريخية، بما في ذلك تعزيز التعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وخاصة تعزيز الاستثمار المستدام بين شركاء آي تو يو تو».

وركز الاجتماع الرباعي كذلك على أزمة الأمن الغذائي والطاقة النظيفة، بالإضافة إلى مناقشة طرق مبتكرة لضمان إنتاج أغذية أطول أجلًا وأكثر تنوعًا، وأنظمة توصيل الأغذية التي يمكنها إدارة الصدمات الغذائية العالمية بشكل أفضل.

  • الالتزام بأمن إسرائيل

في فندق والدورف أستوريا بالقدس اجتمع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد والرئيس الأمريكي جو بايدن ظهر الخميس لمدة 50 دقيقة، أشار بايدن في نهاية اللقاء إلى أنه تحدث مع لابيد عن الصداقة الشخصية التي تطورت بينهما، وأنه في «محادثة صادقة» أجرياها، تعهد نيابة عن الإدارة الأمريكية بالالتزام بأمن إسرائيل، وفقًا لما ذكره موقع «آي 24» الإسرائيلي.

وقال بايدن في نهاية الاجتماع: «تحدثنا عن المشاكل والفرص الموجودة في الشرق الأوسط». من جانبه أوضح لابيد أن المحادثة شملت موضوع السعودية، وضرورة تشكيل تحالف من الدول المعتدلة في المنطقة لمواجهة إيران، مضيفًا: «تحدثنا عن التهديد الإيراني، نعتقد أنها ليست قضية تخص إسرائيل فحسب بل هي قضية عالمية». وقال الرئيس بايدن للابيد بهذا الصدد: “إن سعي واشنطن إلى العودة إلى الاتفاق النووي عبر المحادثات لن تستمر إلى الأبد”.

زيارة بايدن إلى الضفة الغربية

بعد إنهاء زيارته في إسرائيل، توجه الرئيس الأمريكي إلى الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبعدها خرجا في مؤتمر صحفي بمقر الرئاسة في بيت لحم.

  • كلمة أبو مازن

رحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال المؤتمر بنظيره الأمريكية قائلًا «أرحب بكم ضيفًا لتحقيق السلام في أرض السلام»، مضيفًا: «بحثنا سبل دعم العلاقات الثنائية ومراجعة ما يمكن لواشنطن أن تسهم به لخلق أجواء تحقق السلام العادل.. بعد 74 عامًا.. آما آن للاحتلال أن ينتهي؟».

وقال أبو مازن إن مفتاح السلام والأمن في منطقتنا يبدأ بالاعتراف بدولة فلسطين وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وفق القرارات الشرعية الدولية، مشددًا على ضرورة حل قضايا الوضع الدائم ومنها قضية اللاجئين والسبيل لذلك يبدأ بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 67.

C:\Users\cbcnews\Desktop\New folder (2)\0i9a2039-jpg-1657883857.jpg

وتابع أبو مازن: “احترمنا الاتفاقيات الشرعية ونبذ الارهاب ومكافحته في المنطقة والعالم.. نتطلع إلى خطوات من جانب الإدارة الأمريكية لتعزيز العلاقات الثنائية من خلال إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية ورفع منظمة التحرير عن قائمة الإرهاب.. نحن لسنا إرهابيون.. يجب إعادة فتح مكتبها في واشنطن ومستعدون للعمل في إطار الشراكة والتعاون من أجل إزالة أي عقبات لتحقيق ذلك”.

وقال أبو مازن: “نتطلع من إدارتكم العمل لوقف الفصل العنصري والأبرتهايد والأعمال الأحادية التي تقوض حل الدولتين.. نتطلع لجهودكم من أجل وقف الاستيطان ووقف عنف المستوطنين”، مشيرًا إلى ضرورة وقف القتل والاعتقالات اليومية وانتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية، مستطردًا: “يجب محاسبة قتلة شيرين أبو عاقلة”. كما اعتبر أن استمرار التصعيد يعني فقدان الأمل.

  • سلام الشجعان

وقال أبو مازن: “إذا أرادت إسرائيل أن تكون دولة طبيعية فلا يمكنها أن تستمر بالتصرف كدولة فوق القانون وهذا يستدعي أن تنهي إسرائيل احتلالها لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 67″، مضيفًا: “فقط يمكن قبول إسرائيل بسلام وحسن جوار مع دول وشعوب المنطقة استنادًا إلى المبادرة العربية للسلام»، مؤكدًا أن «فرصة حل الدولتين قد تكون متاحة اليوم فقط ولا ندري متى سيحصل في المستقبل”. وتابع: “انتهز فرصة زيارتكم لأقول: إنني أمد يدي لقادة إسرائيل لصنع سلام الشجعان”.

وقال: “نحن منذ اتفاق أوسلو نمد يدنا للسلام مع قادة إسرائيل من أجل مستقبل شعوبنا والمنطقة.. ثقتنا بكم وبإدارتكم ومستعدون للعمل معكم يدا بيد من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل القائم على الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية والاتفاقات الموقعة بيننا وبين إسرائيل”. وتابع: “هناك اتفاقيات يجب ان تحترم من أجل ضمان السلام في كل مكان. السلام يبدأ من هنا من فلسطين والقدس”.

  • كلمة بايدن

أما عن الرئيس الأمريكي، فرد قائلًا إنه ملتزم بحل الدولتين وأن هذا لم يتغير على حدود الرابع من يونيو 1967 وهي الطريقة المثلى من أجل الوصول لحل آمن وعادل، مضيفًا: “يجب أن تكون هناك دولتان لشعبين يعيشان جنبًا الى جنب بأمان وسلام.. يجب أن يعيش كل شعب بكرامة وهدف حل الدولتين بعيد المنال لأن هناك قيود على الحركة وقيود أخرى تفرض على الفلسطينيين”.

وقال الرئيس الأمريكي: “إن الشعب الفلسطيني يشعر بالحزن ونحن نشعر بما يشعر به ولكن لن نستسلم من أجل استمرار جهودنا من أجل السلام.. هناك عمل دؤوب بذل وحتى إن لم تكن الأرضية جاهزة للمفاوضات لكن لن نستسلم للم شمل الفلسطينيين والإسرائيليين”، مضيفًا أن “إسرائيل تعزز من العلاقة مع جاراتها من أجل السلام.. من الصعب تذليل العقبات لكن يجب وقف العنف.. الكثير من الفلسطينيين والإسرائيليين فقدوا حياتهم هذا العام”.

  • مقتل شيرين أبو عاقلة 

تطرق الرئيس الأمريكي إلى جريمة مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة والتي تحمل أيضًا الجنسية الأمريكية، وقال: “أبو عاقلة كانت تقوم بعمل ديمقراطي ومهم.. أتمنى أن يكون إرثها للجميع.. الولايات المتحدة سوف تركز على إجراء تحقيق مستقل من أجل كشف حقيقة مقتلها وسنعزز حرية الإعلام.. أبو عاقلة قتلت بينما كانت تقوم بدورها في إعلام مستقل”، مستطردًا: “المسلمون واليهود لديهم روابط عميقة في القدس وهي تاريخية بالنسبة لهما”.

  • الدعم الأمريكي

وحول الدعم الأمريكي للفلسطينيين قال: “في عام 2021 أكثر من نصف مليار خصصت للفلسطينيين وتعزيز أمنهم وتوفير الغذاء لسد رمقهم.. سوف نوفر 200 مليون دولار إضافية للأونروا لكي تستمر في عملها الحاسم لمساعدة الفلسطينيين الذين ينتمون للفئات المستضعفة”، وتابع: “نحن نتواصل مع إسرائيل لتعزيز النمو الاقتصادي الفلسطيني وتحسين حرية الحركة وإدخال البضائع”. وفي الختام أعرب بايدن عن أمله بأن تكون هذه الزيارة بداية أمل من أجل حوار فلسطيني- إسرائيلي، مضيفًا: “دعونا نعمل من أجل مستقبل الشباب”.

ختامًا، يمكننا القول إنه على الرغم من توقيت الزيارة المهم، إلا أن نتائج زيارة الرئيس الأمريكي سواء إلى إسرائيل أو إلى الضفة الغربية لم تأت بجديد؛ فعلى مستوى القضية الفلسطينية لم يطرح الرئيس الأمريكي مشروعًا جديدًا كما وعد أثناء حملته الانتخابية عندما قال إنه سيطرح مشروعًا بديلًا لما يُسمى بـ«صفقة القرن» التي طرحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إلا أنه على الرغم من مرور ما يقرب من عامين لم يطرح أمرًا جديدًا، واكتفى الرئيس الأمريكي بالتأكيد على دعمه لـ«حل الدولتين».

أما فيما يخص علاقتها بإسرائيل، فجاءت تصريحات الرئيس الأمريكي ووعوده تأكيدات لموقف الولايات المتحدة المعروف تجاه تل أبيب، فالولايات المتحدة ملتزمة دائمًا بأمن إسرائيل وتعزيزه، ولكن بايدن بعث رسالة إلى الإسرائيليين بشأن إيران من خلال تصريحات بايدن التي قال فيها إن “سعي واشنطن إلى العودة إلى الاتفاق النووي عبر المحادثات لن تستمر إلى الأبد”.

 

.

رابط المصدر:

https://marsad.ecss.com.eg/71393/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M