بهاء النجار
إذا عرّفنا السياسة على أنها فن إدارة الدولة فهذا يعني أن الدولة المهدوية العالمية ستتطلب سياسة أيضاً ، وبالتالي فمن الضروري أن تكون لدى المهدويين ثقافة سياسية ولو إجمالاً ليتعرفوا على فن إدارة هذه الدولة العادلة ، وهذه الثقافة لا تتولد بين ليلة وضحاها ، وإن تولّدت لدى شخص فلن تتولد لدى الملايين ، وإن تولّدت لدى الملايين فسوف لن تستمر لسنوات وعقود – إن لم نقل لقرون – لحين الظهور المبارك .
والسياسة المهدوية وإن كانت تختلف عن السياسة المعروفة حالياً إلا أنها تبقى سياسة تشترك مع السياسة الحالية في مشتركات كثيرة ، باعتبار السياسة علم من العلوم الإنسانية الذي له أسس واحدة والاختلاف يكون في الآليات والوسائل ، وعليه تكون مهمة الراغبين بالتمهيد لهذه الدولة العالمية العادلة أن يرفع مستوى الثقافة السياسية لدى المهدويين كأحد سبل التمهيد لها ، وإلا فالمهدوي الذي يفتقر لهذه الثقافة سيجد صعوبات كثيرة في فِهم السياسة المهدوية عند الظهور الموعود ، وقد لا يكون فعّالاً في دعم جهود هذه الدولة ، بل وقد يتحول الى معارض إن رأى هذه السياسة مغايرة لقناعاته المبنية على أسس خاطئة ، وبذلك سيُحرَم كثير من المهدويين من الثواب العظيم لنصرة دولة مهدييهم بسبب ضعف الثقافة السياسية المهدوية ، أو قد يتورطون بمعاداتها ، وهناك شواهد تأريخية مماثلة كثيرة .
لذا يمكن زيادة الوعي السياسي المهدوي من خلال تثقيف المجتمع بضروريات العمل السياسي بصورة عامة ، وكذلك استخلاص المفاهيم السياسية من تأريخ سياسة المعصومين عليهم السلام المختلفة بحسب الظرف المحيط بالمعصوم ، لأن السياسة المهدوية لها نفس الأسس التي بُنيت عليها هذه المفاهيم ، أو على الأقل أن تكليفنا هو معرفة هذه المفاهيم حتى وإن اختلفت عن السياسة المهدوية في الأساس أو المصداق ، وليس من تكليفنا معرفة الغيب وماهية هذه السياسة المعصومة الموعودة .
وكخطوات بدائية لا بد للمهدوي أن يبتدئ بها هو الاستماع الى الأخبار والإطلاع على ما وراء كل خبر ، ويحاول أن يتحرى من صحة كل خبر ، وأن يطّلع على التحليلات الخبرية لا ليعتمدها ويصدّقها وإنما ليتعلم منها مبادئ التحليل ليطبقها بنفسه على الأحداث ، وأن يقرأ مقالات سياسية – بحسب المتيسّر – تتناول أبجديات العلوم السياسية ، وهنا يأتي دور الممهد بالتثقيف لهذه الخطوات ليتولد شيئاً فشيئاً جيلٌ حاملٌ لثقافة سياسية يمكن أن تنفعه وتنفع الأجيال التي تليه حتى ظهور المهدي عليه السلام .
رابط المصدر: