بهاء النجار
مما لا شك فيه أن العقبة الاقتصادية تقلل من اهتمام المؤمنين بمسألة الدولة المهدوية العادلة كما ينبغي فضلاً عن التمهيد لها ، لأن انشغالهم بالجانب المعيشي يمنعهم من الحصول على اهتمام كافٍ ، او يمنع الممهدين من طرح مشاريع التمهيد على ذوي الدخل المحدود ، وهذا لا يعني طبعاً بالضرورة أن الازدهار المعيشي سيجعل الممهدين أفواجاً ، بل بالعكس قد يشغلهم بصورة أكبر بالدنيا واللهو كما نراه عند الكثير من الناس ، لذا لا بد من من التقدم بالاتجاهين ، الاستقرار المعيشي ورفع مستوى الثقافة المهدوية .
والاستقرار المعيشي يتم بأفضل صورة عندما تتبناه الدولة ، وإلا فالمشاريع الفردية لا يمكن أن تثمر بشكل يناسب الواقع ، لذا الذهاب بالاتجاه السياسي للوصول الى هذا الاستقرار يمكن أن يكون أحد خيارات الممهدين لمن كان يرى في نفسه القدرة على ذلك ، وفي الوقت نفسه فإن الخيار السياسي ليس سهلاً وليس مثمراً بسبب الضغوط والمغريات ورجاحة كفة الفاسدين على كفة الصالحين إذ يتطلب وصول مجموعة كبيرة وصالحة كي تحقق شيئاً من الاستقرار المعيشي للفرد المؤمن .
وبما أن الخيار السياسي غير متاح للجميع وليس مثمراً بسبب الظروف الموضوعية فيمكن أن يكون البديلُ الخيارَ الإعلامي للضغط على السياسيين لتحقيق الاستقرار المعيشي المرجو من ناحية ، وتثقيف وتوعية الناس بكيفية الوصول الى هذا الاستقرار من ناحية أخرى ، وهذا التثقيف يتطلب نخباً ومثقفين قادرين على طرح آليات تساعد المجتمع في تحقيق الاستقرار المعيشي ، ويمكن للميسورين أن يضعوا مشاريع تجارية بسيطة توفر فرص عمل للمحتاجين ليكونوا من الممهدين لدولة العدل الإلهي .
ومن لم يكن سياسياً او إعلامياً او مثقفاً او ميسور الحال يمكنه أن يكون سبباً لإيصال فرص العمل الى مستحقيها وحلقة وصل بين رب العمل والباحث عنه ، أو أن يكون سلساً سهلاً في التعاملات التجارية مع المؤمنين من ذوي المهن التجارية البسيطة كباعة البسطات وما شابه ، والمهم أن تكون نية التمهيد حاضرة .
وبشكل عام فإن تهيئة الظروف المناسبة للاستقرار المعيشي أمرٌ حسنٌ ومستحسنٌ ، ولكي يكون من سبل التمهيد ينبغي أن يُركَّز على من يُتوقع منه أن يكون ممهداً للدولة المهدوية المنتظَرة أو أن يكون على الأقل عنصراً فاعلاً فيها ، وإلا فتوفير تلك الظروف لمن يُخشى أن يكون معرقلاً لهذه الدولة الإلهية قد يكون مخالفاً لمبادئ التمهيد وعصا في عجلته وحجر عثرة في طريقه .
رابط المصدر: