بهاء النجار
تعرّضنا لدورين يمكن أن يقوم بها الباحثون والمختصون ومراكز البحوث ليكونوا من الممهدين لدولة العدل الإلهي ، الدور الثالث الذي يمكن للباحثين والمختصين أن يقوموا به هو وضع النقاط على الحروف وإكمال الصور غير الواضحة ، فالعموميات يسهل تلقيها وفهمها من قبل عامة الناس ، ولكن التفاصيل وحقيقة الأمور لا تتضح للجميع وإنما للمختصين فقط .
فهناك الكثير من الأمور الدينية وغير الدينية ( السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها ) بعنوانها العام معروفة لدى الغالبية ولكن حقائقها غائبة عنهم ، فمثلاً عنوان (الأعور الدجال) معروف لدى العالم والجاهل ، ولكن حقيقته لم تكن معروفة لولا بيان ذلك من قبل العلماء العارفين والمختصين ، إذ بيّنوا أن هذا العنوان مُستَبعَد أن يكون وصفاً لشخص لاستحالة ذلك ، لذا وضعوا أطروحات يمكن أن تكون مصداقاً للمواصفات التي ذكرتها الروايات الشريفة ، منها أن تكون حركة او منظمة او أيديولوجية وهكذا ، وهذا التوضيح جعل الناس ممن سمعوا بهذا الطرح أكثر وعياً للقضية المهدوية .
أو موضوع الانتظار الذي أسيء فهمه ، فبيّن المختصون من علماء الدين معنى الانتظار المطلوب وهو أن يكون انتظاراً إيجابياً من خلال العمل والجد والاجتهاد والتمهيد للدولة المهدوية العادلة ، وأن لا يكون انتظاراً سلبياً من خلال الكسل والدعة بل وحتى بإشاعة الفساد لتحقق أسباب الظهور ! وهذا الفهم يقلب الغاية من الظهور المهدوي رأساً على عقب .
هذا على المستوى الديني ، أما على المستوى السياسي مثلاً فتوضيح معنى الديمقراطية وخفاياها مهمة أساسية للمختصين ، فالديمقراطية بالعنوان العام مفهوم جيد ، ولكن هذا لا يعني أن يسود رأي الغالبية حتى لو كانت خاطئة وغير منصفة وغير عادلة ، كما أن عليهم توضيح الأيادي الخفية التي تتلاعب وتصنع الرأي العام باتجاه معين كي يكون مصدر السلطات التي يسيطرون عليها تحت غطاء الديمقراطية وحرية التعبير والإعلام ، وهكذا باقي الأمور .
وعلى المستوى الاقتصادي ، فمن الضروري إبراز آراء الباحثين والمختصين في هذا المجال ليُبيّنوا محاسن وعيوب الأنظمة الاقتصادية التي تحكم العالم من زاوية تجردية ، وأكثر الزوايا تجرداً هي الزاوية الدينية لأنها تنظر الى الجميع بمنظار واحد ، وإعطاء النظرية البديلة لاقتصاد السوق او النظرية الاشتراكية او أي نظرية أخرى وبيان ما تتميز به النظرية الإسلامية (المهدوية) عن غيرها من النظريات .
وهكذا على المستوى الاجتماعي الذي بدا القصور – بل والتقصير للأسف – من المختصين في علم الاجتماع من المؤمنين المهدويين رغم أن الرؤية الاجتماعية الإسلامية هي الأرقى على مستوى باقي الأيديولوجيات ، بل لا توجد نظرية اجتماعية بنّاءة وإصلاحية بقدر ما تقدمه الرؤية الإسلامية .
وهكذا على المستوى الثقافي والفكري والفني والعسكري والعلمي وغيرها ، فللباحثين المهدويين المختصين دور الريادة في بيان الرؤية المهدوية في مجال تخصصهم وتثقيف عامة الناس بهذه الرؤية كي تتولد منظومة فكرية متكاملة يسهل استقبال منقذ البشرية عليه السلام فضلاً عن التمهيد له .
.
رابط المصدر: