حلّل مراقبون جدوى وإمكانات خطة كييف لتصدير الغاز الأذربيجاني إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر خطوط الأنابيب المارة بأراضي أوكرانيا ليكون بديلًا عن الغاز الروسي.
جاء ذلك بسبب المخاوف من شحّ الإمدادات مع اقتراب موعد انتهاء سريان عقد مرور الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا في نهاية العام الجاري (2024)، وثمة محادثات جارية لتمديده، لكن يكتنفها الغموض.
وإذ يمثّل الغاز الروسي المنقول عبر الأنابيب 5% من إجمالي واردات الاتحاد، شكّك محللون بخطّة الغاز الأذربيجاني، لأنه لن يمثّل سوى نسبة ضئيلة.
كما ظهرت مخاوف من أن يكون تصدير الغاز الأذربيجاني إلى القارة العجوز مجرّد ستار لمرور الغاز الروسي في الخفاء، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
موقف الصفقة
ترفض أوكرانيا عقد محادثات مباشرة مع روسيا بشأن تجديد اتفاق عبور الغاز الروسي بسبب غزو أراضيها قبل عامين ونصف تقريبًا.
ولذلك فليس من المحتمل التوصل لأيّ اتفاق بين شركة الطاقة الوطنية نافتوغاز (Naftogaz) ونظيرتها الروسية “غازبروم” (Gazprom).
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة نافتوغاز أوليكسي تشيرنيشوف، إن البديل الرئيس الذي تدرسه بلاده يتضمن استيراد أذربيجان للغاز من روسيا، ثم تصدير إنتاجها إلى أوروبا عبر خط الأنابيب المارّ بأوكرانيا.
وبحسب تشيرنيشوف، أذربيجان قادرة على تصدير ملياري متر مكعب من 14 مليار متر مكعب من الغاز الواصل إلى أوروبا عبر الأنابيب.
ولم تعلن روسيا وشركة غازبروم ما إذا كانا سيقبلان بخطّة كييف بشأن الغاز الأذربيجاني، لكن رئيس أذربيجان إلهام علييف أكد أن المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا جارية.
بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن المحادثات جارية مع الجانب الأذربيجاني، مؤكدًا أن الخطة واحدة من بين خيارات عديدة.
ويقول رئيس شركة نافتوغاز، إن كييف التزمت بعد غزو روسيا لأراضي أوكرانيا في 2022 بعقد مرور الغاز الروسي المبرم مع شركة غازبروم في عام 2019، بغية دعم الاتحاد الأوروبي، بعدما قطعت موسكو الإمدادات عبر أنابيب أخرى.
ويقول الرئيس التنفيذي السابق لنظام النقل الأوكراني سيرهي ماكاغون، إن كييف حققت أرباحًا بقيمة نحو مليار دولار نظير رسوم عبور الغاز الروسي عبر أراضيها، لكن معظم تلك الأموال أُنفِق على صيانة البنى الأساسية لعبور الغاز.
وفي المقابل، أضاف عبور الغاز الروسي عبر أراضي أوكرانيا أضاف لخزائن موسكو قرابة 5 مليارات دولار سنويًا، في تعارض صارخ مع مناشدات أوكرانيا لحلفائها الأوروبيين بفرض عقوبات على الغاز الروسي.
شبح روسيا حاضر
حذّر محلل شؤون الغاز الأوكراني ورئيس مركز غلوبال ستاديز (Global Studies) مايخايلو غونشار من أن صفقة تصدير الغاز الأذربيجاني بديلًا عن الروسي ستتحول إلى خطة لتصدير الغاز الروسي في صورة الغاز الأذربيجاني.
وأضاف أن كييف ترغب في قبول مرور الغاز الروسي عبر خطوط أنابيبها “ضمنيًا” تحت ستار الغاز الأذربيجاني، لأنها تعتقد أن وجود الغاز الروسي سيكون أحد أشكال الضمانات من هجمات موسكو.
لكنه يرى أن تلك “حجة ضعيفة”، لأن روسيا تضرب بالفعل مواقع الغاز الأوكرانية.
بدوره، يقول خبير الطاقة في شركة الاستثارات “دراغون كابيتال” دينيس ساكفا، إنه إذا قبلت روسيا بالصفقة، فلن تفعل ذلك من أجل رسوم العبور فقط، لأن رسوم الغاز الأذربيجاني لن تجلب سوى القليل.
الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا
ترتبط أذربيجان باتفاقية مع الاتحاد الأوروبي لتصدير الغاز بحلول عام 2027.
ودون إبرام اتفاقيات أخرى طويلة الأجل، ستكون باكو في موقف صعب لتوفير التمويلات اللازمة لتكثيف عمليات التنقيب في بحر قزوين لاستخراج الغاز قبل تصديره، وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
ولا يتوقع الرئيس التنفيذي لشركة نافتوغاز أوليكسي تشيرنيشوف إبرام اتفاق استبدال الغاز الروسي بالأذربيجاني قبل حلول نهاية العام الجاري (2024).
غير أنه أكد أن استمرار تدفّق الغاز عبر خطوط الأنابيب الأوكرانية إلى أوروبا سيكون حاسمًا لخطط أوكرانيا التي مزّقتها الحرب بتصدير الغاز مستقبلًا.
بدوره، قال دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي، إن حلول شتاء قارس البرودة أو ارتفاع الطلب على الغاز المسال في آسيا قد يؤديان إلى وضع حرج خلال الشتاء المقبل.
كما يقول الرئيس التنفيذي السابق لنظام النقل الأوكراني سيرهي ماكاغون، إن استمرار استيراد الغاز الروسي سرًا ربما يكون مدفوعًا بضغوط من سياسيين موالين لموسكو في دول الاتحاد الأوروبي المجاورة لها، بالإضافة إلى مصالح التجّار.
وأضاف أن روسيا مهتمة كثيرًا بالحفاظ على موطئ قدم لها في سوق الغاز الأوروبية عبر سلوفاكيا والمجر لدعم القوى السياسية هناك.
المصدر : https://attaqa.net/2024/07/28/%d8%b4%d8%a8%d8%ad-%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7-%d9%8a%d8%b7%d8%a7%d8%b1%d8%af-%d8%aa%d8%b5%d8%af%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%b2-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b0%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%ac%d8%a7/