يتخذ صراع الذكاء الاصطناعي بين عمالقة التكنولوجيا أشكالًا متعددة. يتجلى الصراع أحيانًا في صورة ماراثون تطوير برامج الدردشة الآلية المدعومة بقوة الذكاء الاصطناعي، أو في صورة محاولات استقطاب المواهب العاملة في هذا المجال، كما حدث من قبل في حالة الملياردير الأميركي إيلون ماسك حين كان على رأس شركة أوبن إيه آي (OpenAI) مطور تشات جي بي تي (ChatGPT) جنبًا إلى جنب مع الرئيس التنفيذي الحالي للشركة، سام ألتمان، حين نجحا الاثنان في استقطاب إيليا سوتسكيفر أحد علماء غوغل ليصبح مؤسسًا مشاركًا وكبير العلماء في شركة OpenAI، وليترك خلفه مشروع غوغل براين.
استراتيجية ناجحة
والآن تواصل OpenAI برئاسة سام ألتمان محاولات إغراء علماء من غوغل للانضمام إلى الشركة التي طورت برنامج تشات جي بي تي أشهر برنامج ذكاء اصطناعي، فهل تفلح في محاولاتها؟
صحيفة ذي إنفورميشن (The Information)، ذكرت أن OpenAI تحاول جذب أفضل الباحثين في غوغل من خلال حزمة رواتب تبلغ قيمتها نحو 10 ملايين دولار، بالإضافة إلى إتاحة أفضل الموارد التقنية أمامهم بما في ذلك شرائح تسريع الذكاء الاصطناعي لإجراء الاختبارات.
ويبدو أن هذه الاستراتيجية تحقق نجاحًا، حيث تمكنت الشركة من جذب خمسة باحثين سابقين في غوغل، للانضمام إلى فريق عمل تشات جي بي تي، وفقًا لما أعلنته الشركة في مدونتها من قبل. وبحسب بيانات من شركة ليدغينيس آند بينستريبس (LeadGenius Punks & Pinstripes) فإن الشركة تضم حاليًا 93 موظفًا سابقًا في غوغل وميتا الشركة الأم لفيسبوك.
وفي التفاصيل، ذكر موقع بيزنس إنسايدر، أن OpenAI قامت بتعيين ما لا يقل عن 93 شخصًا، من بينهم: 59 موظفًا سابقًا في غوغل، وحوالي 34 موظفًا سابقًا في ميتا، اعتبارًا من فبراير 2023.
رواتب ضخمة للمواهب الجديدة في الذكاء الاصطناعي
ترى شركة OpenAI، أن استراتيجيتها في جذب المواهب من غوغل، سوف تؤتي ثمارها. تضع الشركة رواتب ضخمة للقادمين من عملاق البحث. أظهرت وثيقة أن مهندس الأبحاث في الشركة يحصل على راتب سنوي يتراوح ما بين 245 إلى 450 ألف دولار، بالإضافة إلى تعويضات تشمل نسبة من الأسهم، ومزايا أخرى متعددة.
وقال جان لايك، رئيس قسم المحاذاة الفائقة بالشركة، وهو فريق يركز على جعل أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها متوافقة مع المصالح البشرية، إن الفريق يقوم بتعيين مهندسي أبحاث وعلماء ومديرين. وأضاف لايك، في مقابلة، أن الشركة تبحث عن مرشحين مؤهلين لديهم شغف لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر أمانًا، ويتمتعون بقدرة كبيرة على التفكير بشكل نقدي.
منذ إطلاق برنامج تشات جي بي تي، في نوفمبر 2022، من أوبن إيه OpenAI وبدأت المنافسة بين عمالقة التكنولوجيا على كعكعة الذكاء الاصطناعي الذي أصبح في يد الجمهور. ردت غوغل على إطلاق تشات جي بي تي ببرنامجها الشهير BARD الذي يبدو أنه أخفق ولم يستطع الصمود في منافسة تشات جي بي تي.
في الوقت نفسه تعاونت OpenAI مع مايكروسوفت لإطلاق برنامج ذكاء اصطناعي مرتبط بمحرك بحث بينغ أطلقت عليه بينغ تشات. سعت مايكروسوفت من وراء هذه البرنامج إلى مواجهة غوغل وسحب البساط من تحت أقدام غوغل التي تستحوذ على أكبر حصة في سوق البحث.
وأطلق مطور تشات جي بي تي بالتعاون مع مايكروسوفت برنامج دال – إيه 3 (DALLE-3)، وهو البرنامج الذي لديه القدرة على توليد الصور بناء على مطالبات نصية من المستخدمين، وهي صور ليس لها مثيل، وتتمتع بحقوق الملكية الأصلية. في المقابل لم تقف غوغل مكتوفة الأيدي، بل أطلقت أيضًا أداة إيماجين (Imagen) التي تتيح للمستخدمين تحويل النص إلى صورة ضمن تجربة البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي (SGE)، وتتمتع بنفس مميزات برنامج دال – إيه 3 (DALLE-3)، ما جعل الصراع بين الشركات على الذكاء الاصطناعي يحتدم.
المصدر : https://annabaa.org/arabic/informatics/37008