عبد الامير رويح
تصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في الفترة الاخيرة بشكل كبير، بسبب بعض القضايا والملفات المهمة، والتي ازدادت بعد ظهور وباء كورونا المستجد “كوفيد- 19” في ديسمبر من العام 2019 وما اعقبها من تطورات واتهامات متبادلة، حيث وصلت التوترات بين بكين وواشنطن وكما نقلت بعض المصادر، إلى مستويات حادة لم تبلغها منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما قبل أكثر من 4 عقود مضت وهو ما اشعل نيران الحرب الباردة بين أكبر اقتصاديين في العالم.
فالولايات المتحدة تسعى إلى الحفاظ على مكانتها في قمة النظام الدولي، باعتبارها لا تزال “القوة العظمى” الوحيدة المهيمنة على تفاعلاته، وترفض ما يطرحه البعض عن تراجع مكانتها بسبب القصور في إدارتها لأزمة كورونا، بينما تسعى الصين إلى تحويل قوتها اقتصادية إلى دور سياسي مؤثر في تفاعلات النظام الدولي، وترجمت ذلك في إحياء مشروع طريق الحرير، والسيطرة على بحر الصين الجنوبي رغم المعارضة الدولية وتعزيز تواجدها في القارة الأفريقية والآسيوية عن طريق ضخ مليارات الدولارات في العديد من المشروعات، كما تطمح إلى تعزيز مكانتها في عالم ما بعد كورونا، بدعوى نجاحها في إدارة هذه الأزمة، وتقديمها نموذجاً يحتذى به في هذا الشأن.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الامريكية، فقد وصلت هذه الحرب إلى فصل جديد وتصاعدت بشدة الأفعال وردود الفعل الانتقامية من جانب أو الآخر في مجالات الدفاع والتجارة والتكنولوجيا وحقوق الإنسان وغيرها، في ظل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقال أورفيللي شيل، مدير مركز العلاقات الأمريكية الصينية التابع لمنظمة جمعية آسيا في وقت سابق، “أعتقد أننا في منحدر خطير ومتهور، ليس دون سبب، لكن المشكلة أنه دون المهارات الدبلوماسية الملائمة لكبحه”، مضيفاً أن حدة المواجهة “تخطّت حاجز التحديات المُحددة القابلة للحل، إلى صدام الأنظمة والقيم”. وقال كريج ألين، رئيس مجلس الأعمال الأمريكي الصيني، إنه شعر بالقلق من المطاعن المتزايدة من القوتين العظميين اللتين تمثلان مُجتمِعتين 40% من الناتج الاقتصادي العالمي، مضيفاً: “إذ كنا نصيحُ على بعضنا البعض ونرفض الحديث، فسيصبح العالم حينها مكاناً غير مستقر للغاية، ولن تَقدِر الأعمال التجارية على التخطيط”.
اتهامات متبادلة
وفي هذا الشأن اتهمت الصين الولايات المتحدة بأنها “عائق خطير” أمام مكافحة ظاهرة تغير المناخ، غداة تصادم عن بعد بين رئيسي البلدين في الجمعية العامة للأمم المتحدة وسط أجواء “حرب باردة جديدة”. وظهرت الخلافات بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والصيني شي جينبينغ إلى العلن حول مواضيع عديدة أبرزها التعاون الدولي والتعامل مع وباء كوفيد-19 والاحتباس الحراري. وأعلن الرئيس الأميركي عند افتتاح الاجتماع السنوي عبر الفيديو بسبب الأزمة الصحية “على الأمم المتحدة أن تحاسب الصين على أفعالها”، متهما بكين بالسماح لفيروس كورونا المستجد الذي كرر وصفه بـ”الفيروس الصيني”، بـ”إصابة كل العالم”.
وقال في خطاب مسجل ألقاه من البيت الابيض إن “الحكومة الصينية ومنظمة الصحة العالمية التي تسيطر عليها الصين تقريبا، أعلنتا خطأ أن لا دليل على أن العدوى تنتقل بين البشر”. ووعد الرئيس الجمهوري الذي يواجه انتقادات شديدة لإدارته للأزمة الصحية تلقي بظلها على فرصه في الانتخابات الرئاسية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر، بـ”توزيع لقاح” و”وضع حد للجائحة” من أجل دخول “حقبة جديدة غير مسبوقة من الازدهار والتعاون والسلام”.
في المقابل، أعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ في خطاب مسجل أيضا أن “الصين لا تنوي الدخول في حرب باردة” وحذر بدون ذكر واشنطن من “فخ صدام حضارات” داعيا إلى عدم “تسييس” مكافحة الفيروس. ولاحقا “رفض” السفير الصيني لدى الأمم المتحدة تشانغ جون بشكل قاطع اتهامات ترامب “العارية عن الأساس”. وقال متحدثا لوسائل إعلام “في وقت تكافح الأسرة الدولية بشدة كوفيد-19، تنشر الولايات المتحدة فيروسا سياسيا هنا في الجمعية العامة”.
وأضاف “إن كان أحد يتحمل المسؤولية، فهي الولايات المتحدة لأنه أهدرت عددا طائلا من الأرواح بسلوكها غير المسؤول”، في وقت تخطت حصيلة الوباء في الولايات المتحدة الثلاثاء عتبة 200 ألف وفاة. وتواصلت المواجهة عن بعد بين القوتين الاقتصاديتين الكبريين حول موضوع المناخ. وحرص شي جينبينغ على تحديد هدف لحياد الكاربون لأول مرة لبلاده، المصدر الأول في العالم لانبعاثات غازات الدفيئة. وحمل ترامب المعروف بتشكيكه في حقيقة التغير المناخي، على “الذين يهاجمون حصيلة أميركا البيئية الاستثنائية ويغضون الطرف عن تلوث الصين المزمن”.
وجاء الرد الصيني لاذعا إذ أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية وانغ وينبين أن الولايات المتحدة هي “عائق خطير” أمام مكافحة الاحتباس الحراري. وقال المتحدث إنه بانسحابها من الاتفاقات الدولية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فإن الولايات المتحدة “أخلّت بواجبها” وهي “ترفض اتخاذ الحد الأدنى من الإجراءات لحماية الكوكب”. وأثنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في تغريدة على إعلان بكين حول البيئة لكنها حذرت بأنه “ما زال هناك عمل كثير ينبغي القيام به”.
وفي ظل التوتر المسيطر على العلاقات الدولية، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في افتتاح الجلسة من “الانقسام الكبير” بين “أكبر اقتصادين” في العالم. وقال ملقية كلمته أمام قاعة شبه فارغة في مقر المنظمة الدولية في نيويورك إن على العالم بذل كل ما بوسعه “لتجنب حرب باردة جديدة”. من جهته قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن العالم “لا يمكن أن يُختصر بالخصومة بين الصين والولايات المتحدة” مضيفا “ليس محكوم علينا جماعيا بمناورات ثنائية تجعلنا مجرد شهود على عجز جماعي”.
ونددت عدة دول بـنهج ترامب “الأحادي” في وقت بدا الرئيس الأميركي في الأيام الأخيرة أكثر عزلة من أي وقت مضى مع إعلانه إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران. وحذر ماكرون بأن فرنسا وحلفاءها الأوروبيين “لن يساوموا” على رفضهم دعم واشنطن على هذا الصعيد، فيما أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أنه لن يكون لدى الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية “سوى خيار الرضوخ” لمطالب إيران بشأن رفع العقوبات الأميركية.
وأبلغ الرئيس الصيني شي جين بينغ الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن بكين ”ليس لديها نية لخوض حرب باردة أو ساخنة مع أي دولة“ مع تصاعد التوتر بين بلاده والولايات المتحدة. وقال شي ”سنواصل تضييق الخلافات وحل النزاعات مع الآخرين من خلال الحوار والمفاوضات. لن نسعى إلى تطوير أنفسنا فقط أو الانخراط في لعبة محصلتها صفر“. وفي توبيخ لنظيره الأمريكي دونالد ترامب على ما يبدو، دعا شي إلى مواجهة عالمية للفيروس وإعطاء منظمة الصحة العالمية دورا رائدا في هذا الإطار. وقال شي ”في مواجهة الفيروس، يجب أن نعزز التضامن وأن نتجاوز ذلك (الأزمة) معا. يتعين علينا اتباع إرشادات العلم وإفساح المجال كاملا لمنظمة الصحة العالمية كي تمارس دورها القيادي.. وينبغي رفض أي محاولة لتسييس القضية“.
كما اتهمت الصين الولايات المتحدة ”باختلاق أكاذيب“ والسعي لإعادة العالم إلى ”عصر الغاب“ بعد أن وجهت واشنطن اللوم إلى بكين ووكالات تابعة للأمم المتحدة بقتل ملايين الرضع. وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان إنه يأسف للاتهامات التي أطلقتها وزيرة التعليم الأمريكية بيتسي ديفوس خلال اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في ذكرى مؤتمر المرأة التاريخي عام 1995. وقالت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان ناتاليا كانيم للصحفيين إن أي إكراه للنساء ”يتعارض مع ممارساتنا وسياستنا“.
وقالت ”نحن نولي أولوية قصوى للصحة الجنسية والإنجابية الطوعية والحقوق والإجراءات“. وأضافت ”طلبنا مراجعات، في حالة صندوق الأمم المتحدة للسكان، لممارساتنا وإجراءاتنا في دولة الصين، (لكن) الولايات المتحدة لم تقم بزيارة برامجنا خلال السنوات الأربع الماضية. وأوقفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمويل صندوق الأمم المتحدة للسكان في عام 2017 قائلة إنه ”يدعم… برنامجا للإجهاض القسري أو التعقيم غير الطوعي“. وقالت الأمم المتحدة إن هذا القول غير دقيق.
واتهمت ديفوس ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الصين بإخضاع الويجور وأقليات صينية أخرى للإجهاض والتعقيم الجبري وزرع أجهزة لتحديد النسل كرها. وقال متحدث باسم البعثة الصينية في الأمم المتحدة في نيويورك إن التصريحات ”محض اختلاق“. وقال المتحدث ”اعتاد بعض الساسة الأمريكيين على الكذب والغش…إنهم يخلقون بخبث مواجهة سياسية ويقوضون التعاون متعدد الأطراف. الولايات المتحدة التي تسير عكس تيار العصر صارت أكبر مدمر للنظام الدولي القائم وتحاول بكل الطرق إعادة العالم إلى ’عصر الغاب‘“.
هجوم على قاعدة أمريكية
على صعيد متصل نشرت القوات الجوية الصينية فيديو محاكاة لهجوم تشنه قاذفات إتش-6 ذات القدرات النووية على قاعدة أندرسون الجوية في جزيرة جوام الأمريكية بالمحيط الهادي فيما يبدو، وذلك مع استمرار تصاعد حدة التوتر الإقليمي. ويتزامن مقطع الفيديو، الذي نُشر عبر حساب القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني على موقع ويبو، مع مناورات عسكرية تجريها الصين بالقرب من تايوان، التي تطالب بأحقيتها فيها، للتعبير عن غضبها من زيارة مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية لتايبه.
وتضم جزيرة جوام منشآت عسكرية أمريكية كبرى، بما فيها القاعدة الجوية التي سيكون لها دور مهم في الرد على أي صراع تشهده منطقة آسيا والمحيط الهادي. ويظهر مقطع الفيديو، ومدته دقيقتان و15 ثانية، قاذفات إتش-6 وهي تقلع من قاعدة جوية صحراوية. وفي منتصف الطريق، يظهر طيار وهو يضغط على زر لإطلاق صاروخ نحو مدرج ساحلي للطائرات لم يتم الكشف عن اسمه. ويظهر الصاروخ وهو يضرب المدرج الذي تبدو صور التقطتها له الأقمار الصناعية مشابهة تماما لشكل قاعدة أندرسون. ولم تصدر وزارة الدفاع الصينية أو القيادة الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادي ردا على طلب تعليق على الفيديو.
وتبادلت الولايات المتحدة والصين في وقت سابق التصريحات الحادة وسط تصاعد التوتر العسكري بين أكبر اقتصادين في العالم، إذ قال وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر إن بلاده ”لن تتخلى عن شبر“ في المحيط الهادي بينما ردت الصين بالقول إن واشنطن تخاطر بأرواح الجنود. وثمة خلاف بين واشنطن وبكين حول قضايا من التكنولوجيا والتجارة وحقوق الإنسان إلى الأنشطة العسكرية الصينية في بحر الصين الجنوبي. وتتهم كل دولة الأخرى بانتهاج سلوك استفزازي.
ونفذت سفينة حربية أمريكية عملية روتينية قرب جزر باراسيل في بحر الصين الجنوبي وهو ما تنتقده الصين عادة بوصفه تهديدا لسيادتها. وقال إسبر، متحدثا في هاواي ”دعما لجدول أعمال الحزب الشيوعي الصيني، يواصل جيش التحرير الشعبي اتباع خطة تحديث صارمة للوصول إلى جيش على مستوى عالمي بحلول منتصف القرن“. ومضى يقول ”سيتضمن هذا بلا شك السلوك الاستفزازي لجيش التحرير الشعبي في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، وفي أي مكان آخر تعتبره الحكومة الصينية حاسما لمصالحها.“
لكن إسبر أضاف أيضا أن بلاده تأمل في العمل مع الصين لحملها على احترام النظام الدولي القائم على القواعد حتى مع حنث بكين مرارا بوعودها وسعيها إلى تحديث عسكري واسع النطاق. ووصف إسبر منطقة المحيطين الهندي والهادي قبيل جولة يقوم بها هناك بأنها محور تنافس على النفوذ مع الصين. وتابع قائلا ”لن نتخلى عن هذه المنطقة، عن شبر من الأرض… لبلد آخر يظن أن شكل حكومته وآراءه فيما يتعلق بحقوق الإنسان والسيادة وحرية التعبير والمعتقد والتجمع… أفضل بشكل ما مما لدى الكثير منا“.
وردت وزارة الدفاع الصينية وانتقدت ”سياسيين أمريكيين بعينهم“ تقول إنهم يضرون العلاقات العسكرية الأمريكية الصينية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة لأجل تحقيق مكاسب أنانية إلى حد السعي لاختلاق اشتباكات عسكرية. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو تشيان ”هذا النوع من التصرفات يعرض أرواح الضباط والجنود على الخطوط الأمامية من الجانبين للخطر“. وأضاف أن بلاده ليست خائفة من ”الاستفزاز والضغط“ من جانب الولايات المتحدة وستدافع بحسم عن نفسها ولن تسمح للولايات المتحدة بإثارة اضطرابات. بحسب رويترز.
وقال ”نأمل أن يتبنى الجانب الأمريكي بحق رؤية استراتيجية، وينظر إلى تطور الصين بنهج منفتح وعقلاني ويتخلى عن مستنقع القلق والتشابك“. وعبرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن قلقها من التدريبات العسكرية التي أجرتها الصين مؤخرا والتي شملت إطلاق صواريخ في بحر الصين الجنوبي. وقالت في بيان ”إجراء تدريبات عسكرية في منطقة متنازع عليها في بحر الصين الجنوبي لا يساهم في تخفيف التوتر والحفاظ على الاستقرار“.
حرب اقتصادية
في السياق ذاته ومع اقتراب انتخابات الرئاسة الأمريكية، أثار الرئيس دونالد ترامب مجددا فكرة انفصال الاقتصاد الأمريكي عن الاقتصاد الصيني، مشيرا الى أن الولايات المتحدة لن تخسر أموالا إذا توقفت أنشطة الأعمال بين أكبر اقتصادين في العالم. وأبلغ ترامب مؤتمرا صحفيا “لهذا فإنك عندما تذكر كلمة الانفصال، فإنها كلمة مثيرة للاهتمام”. وتعهد بإعادة وظائف من الصين إلى أمريكا. وقال “إننا نخسر مليارات الدولارات وإذا أوقفنا أنشطة الأعمال معهم فإننا لن نخسر مليارات الدولارات. إنه يطلق عليه الانفصال، وعليه فإن المرء سيبدأ بالتفكير فيه.”
وجعل ترامب من اتخاذ موقف متشدد تجاه الصين جزءا رئيسيا في حملته لإعادة انتخابه في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني. ويتهم منافسه الديمقراطي جو بايدن، الذي يتقدم عليه في معظم استطلاعات الرأي، بأنه يتخذ موقفا ليًنا تجاه بكين. وقال ترامب “إذا فاز بايدن فإن الصين ستفوز.. لأن الصين ستملك هذا البلد.” ومن جانبه، انتقد بايدن إتفاق المرحلة الأولى للتجارة الذي أبرمته إدارة ترامب مع الصين، قائلا انه “غير قابل للتنفيذ” و”حافل بالغموض والضعف وتعهدات أٌعيد تدويرها من الصين.”
ووعد ترامب بأن إدارته في المستقبل ستحظر العقود الاتحادية مع الشركات التي تعتمد على مصادر للتوريد في الصين وستحاسب بكين على السماح لفيروس كورونا ،الذي بدأ في الصين، بالانتشار حول العالم. وقال “سنجعل من أمريكا القوة العظمى للتصنيع في العالم وسننهي اعتمادنا على الصين إلى الأبد… سواء كان الانفصال أو فرض رسوم جمركية ضخمة مثل ما أفعله بالفعل ، فإننا سننهي اعتمادنا على الصين لأننا لا يمكننا الاعتماد على الصين.” “سنعيد الوظائف من الصين إلى الولايات المتحدة وسنفرض رسوما جمركية على الشركات التي تهرب من أمريكا لتخلق وظائف في الصين ودول أخرى.”
وقال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين في يونيو حزيران إن الانفصال بين الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الصيني سيحدث إذا لم يُسمح للشركات الأمريكية بالمنافسة على أساس نزيه ومتكافئ في اقتصاد الصين. وقال مسؤولون آخرون ومحللون إن الاقتصادين متضافرين إلى حد كبير وهو ما يجعل مثل تلك الخطوة غير عملية، لكن واشنطن ستواصل الضغط على بكين لجعل ساحة المنافسة متكافئة.
من جانب اخر نقلت صحيفة جلوبال تايمز الصينية المدعومة من الدولة عن خبراء قولهم إن بكين ربما تخفض تدريجيا حيازاتها من سندات وأوراق الخزانة الأمريكية، في ضوء تنامي التوتر مع واشنطن. وفي ظل تدهور العلاقات بين الصين والولايات المتحدة بشأن عدة قضايا من بينها فيروس كورونا والتجارة والتكنولوجيا، ينتاب القلق الأسواق المالية على نحو متزايد بشأن ما إذا كانت الصين ستبيع الديون الحكومية الأمريكية التي تحوزها كسلاح لمواجهة الضغط الأمريكي المتزايد.
ونُقل عن شي جين يانغ الأستاذ بجامعة شنغهاي للمالية والاقتصاد قوله “الصين ستقلص تدريجيا حيازاتها من الديون الأمريكية إلى نحو 800 مليار دولار في ظل الظروف الطبيعية” ولم يذكر إطارا زمنيا مفصلا لذلك. وأضاف “لكن بالطبع، ربما تبيع الصين كل سنداتها الأمريكية في حالة قصوى، مثل النزاع العسكري”. وتملك الصين، ثاني أكبر حائز غير أمريكي لأدوات الخزانة الأمريكية، 1.074 تريليون دولار من الأدوات.
وتخفض الصين حيازاتها من السندات الأمريكية على نحو مطرد منذ بداية العام الجاري، بيد أن بعض مراقبي السوق يشكون في أن الصين ربما لم تبع بالضرورة أدوات الخزانة الأمريكية إذ أنها ربما تستغل أمناء حفظ آخرين لشراء سندات الخزانة. والخفض إلى 800 مليار دولار من المستوى الحالي قد يعني تقلص حيازاتها بأكثر من 25 بالمئة. ويقول محللون إن حدوث بيع صيني على نطاق كبير، عادة ما يُشار إليه “بالخيار النووي”، قد يطلق اضطرابا في الأسواق المالية العالمية. بحسب رويترز.
وأشارت الصحيفة الحكومية إلى سبب آخر للبيع وهو خطر التعثر المحتمل في الولايات المتحدة إذ أن دين أكبر اقتصاد في العالم ارتفع بشدة إلى نحو نفس حجم الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية ويفوق بكثير خط الأمان المعترف به دوليا عند 60 بالمئة. والصين منكشفة بقوة على الدولار الأمريكي والأصول المقومة به. وتبلغ الاحتياطيات الأجنبية الرسمية للصين 3.154 تريليون دولار بنهاية يوليو تموز.
رابط المصدر: