من مكة إلى القدس مرورا بإيران، ألغيت صلاة الجمعة أو لم تستقطب أعدادا كبيرة من المصلين في الشرق الأوسط نظرا للمخاوف ازاء انتشار فيروس كورونا المستجد، وفي السعودية، خلافاً لأيام الجمعة التي تشهد اكتظاظاً في المسجد الحرام، شارك بضعة آلاف في الصلاة في أقدس المواقع الإسلامية، دون أن يتمكنوا من دخول صحن الكعبة عملاً بإجراءات اتبعت لاحتواء الفيروس، فقد قررت السلطات إغلاق صحن الكعبة طوال فترة تعليق العمرة للمعتمرين من داخل المملكة وخارجها. بحسب فرانس برس.
وتوجه إمام المسجد عبد الله الجهني بالدعاء خلال خطبته قائلا “اللهم انا نعوذ بك من البلاء والوباء”، وقال الجهني من فوق منبره الذي وضع بعيدا عن الكعبة للمرة الاولى منذ عقود إنّ “الإجراءات التي اتخذتها حكومة المملكة بتعليق العمرة والزيارة للحد من انتشار هذا الوباء القاتل متوافقة مع نصوص الشريعة… حفظ الارواح من مسؤولية الحاكم الكبرى”.
وقال مهندس مصري فضّل عدم ذكر اسمه “انتابني شعور غريب وصعب وأنا متوجه للمسجد. شعور أنني محروم من الكعبة”. وتابع الشاب البالغ 38 عاما ويعيش في مكة منذ ست سنوات ويزور الكعبة لاداء العمرة كل أسبوعين “أن ترى الكعبة خالية تماما أمر مخيف من حيث المبدأ”.
وفي المسجد الأقصى في القدس، حضر الآلاف لأداء الصلاة للمرة الأولى منذ فرض تدابير لمواجهة فيروس كورونا في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، فيما غطى معظمهم وجوههم بالكمامات، وخلافاً للمسجد الذي كان مزدحماً، كانت ساحته شبه خالية، كما شاهد فريق لفرانس برس في المكان.
وقال عمار جويلس (35 عاما ) بياع حلوى الهريسة عند سوق العطارين لفرانس برس “هذه الجمعة عدد المصلين اقل من الأسابيع السابقة. ذهبت للصلاة اليوم فهي فرض علينا… لكن نحاول ان نكون حذرين من كورونا”.
وقال مدير عام أوقاف القدس والمسجد الأقصى عزام الخطيب لفرانس برس “صلى حوالي عشرين ألفاً اليوم رغم المطر وإصابات كورونا، وهو عدد ممتاز”، وتفرض السلطات الإسرائيلية قيوداً على الدخول إلى الموقع، مع منعها التجمعات التي تضم أكثر من 5 آلاف شخص، في محاولة لاحتواء تفشي الفيروس الذي تأكدت إصابة 17 شخصاً به في إسرائيل، وفي الضفة الغربية المحتلة، حيث تأكدت سبع إصابات، فرضت السلطات الفلسطينية حال طوارئ لمدة 30 يوماً، مع إغلاق المدارس والمؤسّسات التعليميّة، ومنع دخول السياح لمدة أسبوعين.
إلغاء صلاة الجمعة في إيران والعراق
ألغيت في إيران صلاة الجمعة في كافة عواصم المحافظات في البلاد، بينها طهران، لا سيما وأن إيران من أكثر الدول تضرراً من الفيروس مع تسجيل آلاف الإصابات و124 حالة وفاة بحسب آخر حصيلة لوزارة الصحة.
وفي المدن الأخرى، عهد بقرار إلغاء الصلاة أو إبقاءها للسلطات المحلية، وفي العراق المجاور، ألغت السلطات الدينية في مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة صلاة الجمعة التي تقام عادة في مسجد مقام الإمام الحسين. وهذه المرة الأولى منذ 17 عاماً التي لا تقيم فيها المرجعية الدينية العليا في العراق صلاة الجمعة.
أما في النجف، فقد فتح مقام الإمام علي أمام الزوار، بعد ضغوط شديدة من رجل الدين مقتدى الصدر، الذي تجمع آلاف من مناصريه لصلاة الجمعة في مسجد الكوفة، وفق مراسلي فرانس برس.
وفي مناطق أخرى في البلاد، ألغت عدة محافظات صلاة الجمعة خشية انتشار العدوى. ويخشى العراق بشكل خاص انتشار الوباء في أماكن الاضرحة والمقامات الشيعية التي يقصدها ملايين الزوار خصوصا من إيران.
بيت لحم
منعت السلطات الإسرائيلية الحافلات السياحية والسيارات الخاصة من دخول بيت لحم، المدينة السياحية الرئيسية في الأراضي الفلسطينية الجمعة، وأغلقت كنيسة المهد في بيت لحم لمدة 14 يوما بعد ظهر الخميس. والكنيسة مقصد مهم للمسيحيين من جميع أنحاء العالم، لزيارة المغارة التي تقول الأناجيل إن المسيح ولد فيها، وفرضت السلطات الإسرائيلية قيوداً على زيارة حائط المبكى في القدس الذي يزوره اليهود السبت، في إطار منعها للتجمعات التي يفوق عدد المشاركين بها الـ5 آلاف شخص.
السيستاني يلغي صلاة الجمعة للمرة الأولى منذ 17 عاماً
لم تقم المرجعية الدينية العليا في العراق صلاة الجمعة اليوم للمرة الأولى منذ سقوط نظام الدكتاتور السابق صدام حسين في العام 2003، خشية انتشار فيروس كورونا المستجد، بحسب السلطات الشيعية. بحسب فرانس برس.
وخوفاً من تفشّي مرض كوفيد-19 في العراق، حيث أسفر عن وفاة ثلاثة أشخاص وإصابة 38 آخرين، أعلنت السلطات الدينية في مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة عن إغلاق مسجد مقام الإمام الحسين الذي تقام فيه عادة صلاة الجمعة.
لكن رغم ذلك، بقي الصحن الذي يصل مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس، مفتوحاً أمام الزوار الذين جاؤوا بأعداد كبيرة الجمعة، بحسب مراسلين من وكالة فرانس برس، وسبق لسلطات المحافظة أن منعت بدءاً من الجمعة، دخول الأشخاص من غير القاطنين في كربلاء إلى المحافظة.
وأشار مسؤول في العتبة الحسينية لفرانس برس إن “وقف أداء صلاة الجمعة اليوم، يحدث لأول مرة منذ العام 2003″، وهو ما أكدته أيضاً مصادر مقربة من آية الله السيد علي السيستاني، وسبق للسيستاني، الذي لا يظهر إلى العلن، أن خصص جزءاً من خطب الجمعة السابقة للوضع الصحي في العراق، حيث يعيش نحو 40 مليون نسمة وسط نقص مزمن في الطبابة والأدوية والمستشفيات.
أما في النجف، فقد فتح مقام الإمام علي أمام الزوار، بعد ضغوط شديدة من رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، الذي تجمع آلاف من مناصريه لإقامة صلاة الجمعة في مسجد الكوفة، وفق مراسلي فرانس برس، غير أن الصدر لم يحضر الصلاة، واكتفى بإرسال ممثل عنه، وفي سامراء، حيث مرقد الإمامين العسكريين شمال بغداد، فقد ألغت السلطات الدينية زيارة ثانية كانت مقررة الأسبوع الحالي، في قرار كانت قد اتخذته في شباط/فبراير الماضي، يخشى العراق بشكل خاص انتشار الوباء في أماكن الاضرحة والمقامات الشيعية التي يقصدها ملايين الزوار خصوصا من إيران، كما تم ايضا منع الرحلات إلى إيران التي تعد بين أكثر البلدان تضرراً بالوباء، وأعلنت طهران الجمعة تسجيل 4747 حالة إصابة بالفيروس و124 وفاة.
حشد أصغر من المعتاد أدى صلاة الجمعة في المسجد الحرام
أدى عدد أقل بكثير من المعتاد من المصلين صلاة الجمعة في المسجد الحرام حيث تضمنت خطبة الجمعة الدعاء لاول مرة لإبعاد شر وباء كورونا، فيما صحن الكعبة وحوالى نصف المسجد خاويين عملاً بإجراءات اتبعت لاحتواء الفيروس.
وخلافاً لأيام الجمعة التي تشهد اكتظاظ المسجد بمئات الآلاف من المصلين، حضر الآلاف فقط لأداء الصلاة في أقدس المواقع الإسلامية، حيث توجه إمام المسجد عبد الله الجهني بالدعاء: “اللهم انا نعوذ بك من البلاء والوباء”. بحسب فرانس برس.
وقررت السلطات إغلاق صحن الكعبة طوال فترة تعليق العمرة للمعتمرين من داخل المملكة وخارجها، وبدا صحن الكعبة خاوياً وساحات المسجد غير ممتلئة بالمصلين خلافا للمشهد المعتاد كل جمعة، حسب مصور وكالة فرانس برس في المكان، وكما ظهر في صور البث التلفزيوني.
وتابع الإمام سائلا الرحمة “ارفع عن خلقك ما نزل بهم”، في إشارة إلى وباء كورونا الذي يطال أكثر من 80 دولةً، مع عدد وفيات تقارب 3400 وإجمالي إصابات يفوق 98 ألفاً حتى صباح الجمعة، وقررت السلطات السعودية الخميس إغلاق صحن الكعبة ومسعى الصفا والمروى في مكة والمسجد النبوي لتطهيرهما وتعقيمهما طوال فترة تعليق العمرة خشية وصول فيروس كورونا المستجد إلى أقدس المواقع لدى المسلمين.
وتشمل الإجراءات “إغلاق الحرمين الشريفين بعد انتهاء صلاة العشاء بساعة وإعادة فتحهما قبل صلاة الفجر بساعة”، وهي خطوة لم يسبق لها مثيل ولجأت إليها المملكة إثر تعليق أداء مناسك العمرة أمام جميع المسلمين مؤقتا.
وقال الجهني من فوق منبره الذي وضع بعيدا عن الكعبة لأول مرة منذ عقود طويلة إنّ “الإجراءات التي اتخذتها حكومة المملكة بتعليق العمرة والزيارة للحد من انتشار هذا الوباء القاتل متوافقة مع نصوص الشريعة. … حفظ الارواح من مسؤولية الحاكم الكبرى”، وأكّد موظف في هيئة شؤون الحرمين ردا على سؤال لوكالة فرانس برس أنّ “أعداد المصلين بالطبع قليلة، وهو أمر نادر. … 45% من مساحة المسجد مغلقة”، وتابع أن “الصلاة تمت داخل الحرم وفي الأدوار العليا باستثناء المطاف والمسعى”.
وأوضح أن إغلاق المطاف والمسعى “للدلالة للناس أنّ المسجد متاح لاداء الصلاة فقط وليس للعمرة” التي يمكن تأديتها في أي وقت على مدار العام، وتواصل السلطات السعودية المختصة القيام بـ”عملية تعقيم دورية لكافة بقاع الحرم ومرفقاته”، حسب المصدر نفسه.
وأدّى 18,3 مليون شخص مناسك العمرة في العام 2018، بحسب الأرقام الرسمية في المملكة. ويثير التعليق الحالي تساؤلات حول موسم الحج في تموز/يوليو، كما استقطب موسم الحج حوالى 2,5 مليون شخص في 2019 فيما كانت السلطات المختصة قد توقعت قبل انتشار الفيروس أن يصل عدد الحجاج إلى2,7 مليون في عام 2020.
محروم من الكعبة
وتحدث إمام الحرم عن وباء حدث في بلاد الشام في عهد صحابة الرسول محمد قبل قرون، وكيف تجنب قادة المسلمين الذهاب للمكان بسبب انتشار الطاعون به، وبقيت المحال والمطاعم حول المسجد مفتوحة الجمعة لكن الإقبال لم يكن كالمعتاد في يوم يصعب عادة العثور فيه على طاولة في مطعم قريب من المسجد.
وقال مهندس مصري فضّل عدم ذكر اسمه “انتابني شعور غريب وصعب وأنا متوجه للمسجد. شعور أنني محروم من الكعبة”، وتابع الشاب البالغ 38 عاما ويعيش في مكة منذ ست سنوات ويزور الكعبة لاداء العمرة كل أسبوعين “أن ترى الكعبة خالية تماما أمر مخيف من حيث المبدأ”، وأظهر البث الحي لقناة “السعودية قرآن” الساحة الخارجية للحرم شبه خاوية من المصلين، فيما لم توجه كاميرات هذه القناة بتاتا إلى صحن الكعبة على غير العادة، وقال مسؤول كبير في وزارة الحج والعمرة الخميس لفرانس برس إنّه “لا يزال هناك 260 ألف معتمر وافد في مكة والمدينة”، وأشار إلى أنّ السلطات الصحية تجري فحصين طبيين على المعتمرين عند تنقلهم بين المدينتين. ولم تعلن السلطات السعودية إصابة أي معتمر بالفيروس حتى الآن.
رابط المصدر: