اعداد الباحث : صدام ابراهيم خضير
صنع وتنفيذ السياسات العامة في العراق
المقدمة:
– اهميـــة البحـــث :
– إشكاليـــــة البحـــث:
– فرضيـــة البحــــث:
– منهجية الدراســة :
– هيكليــــة البحث :
المبحث الاول: عملية صنع السياسات العامة
– المطلب الاول: مفهوم السياسية العامة
– المطلب الثاني: مراحل صنع السياسة العامة
– المطلب الثالث: تنفيذ السياسة العامة
– المطلب الرابع: تحليل وتقويم السياسة العامة
اولا: تحليل السياسة لعامة
ثانيا: تقويم السياسة العامة
المبحث الثاني: القوى والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية المؤثرة في صنع السياسة العامة
– المطلب الاول: القوى والمؤسسات الرسمية المؤثرة في صنع السياسة العامة
اولا: الدستور.
ثانياً: السلطة التشريعية.
ثالثا: السلطة التنفيذية.
رابعا: السلطة القضائية
خامسا: الجهاز الاداري.
– المطلب الثاني: القوى والمؤسسات غير الرسمية المؤثرة في صنع السياسة العامة
اولا: الاحزاب السياسية
ثانيا: جماعات الضغط
ثالثا: الراي العام
رابعا: البنى الاقتصادية
خامسا: البنى الاجتماعية
المبحث الثالث: معوقات ومقومات السياسات العامة الرشيدة في العراق
– المطلب الاول: معوقات السياسات العامة في العراق
– المطلب الثاني: مقومات صنع السياسات العامة الرشيدة في العراق
الخاتمـــة:
صنع وتنفيذ السياسات العامة في العراق
– المقدمــــة:
يعـد مفهوم السياسة العامـة من المفاهيم الحديثـة نسبيـا , والتي من خلالها يحلل الواقع السياسي للأنظمة السياسية في الوقت الحاضر , من خلال معرفـة كيف تصنع السياسة العامة , وكيف تنفـذ وما هي نتائجها وآثارهـا المتوقعة على الافراد والجماعات في اي مجتمع , فالسياسة العامة تعني تلك الأهداف والخطط والبرامج التي تضعها سلطـة عامة لإيجاد الحلول العملية لمشاكل وقضايا عامـة , من خلال مؤسسات رسمية وغير رسميـة ولفتـــرة زمنية معينـة , وترسم تلك السياسة وفق دستور الدولة والأيديولوجية السائدة فيها , والموارد المتاحـة لها, وتحاول السياسة العامـة أن تحقق أهـداف بعيـدة المـدى ( استراتيجية) , وأهـداف قصيرة المدى ( تعبويـة ) , وأهداف آنيـة ويوميـة ( وظيفيـة ) , لتحقيق مصلحة عامـة , وتحدد ملامـح تلك السياسة العامـة مـن خلال القرارات والقوانين التـي تشرع من خلال سلطاتها التشريعية ( البرلمان ) , وتنفـذ من قبل كوادرها الاداريـة , ومن هنا جاءت مقولـة
(( أن السياسة تحت رحمـة الاداريين )) , فالحكومـة هي المخطط والمنظم والمنسق والمشرع والمنفـذ للسياسات العامـة في أي مجتمع لإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجـه داخليا وخارجيـا. ولكي يتم الوصول الى هذا الهدف لابد من الاجابة عن التساؤلات التالية:-
1. كيف تتم صياغة السياسات العامة ؟
2. من يتولى مهمة صياغة السياسات العامة ؟
3. ماهي المشاكل التي ترافق صياغة السياسات العامة ؟
4. ماهي مستويات ومراحل السياسات العامة ؟
– اهمية البحـــث:
ان اهمية وهدف هذا البحث هو الاجابة عن التساؤلات أعلاه من خلال عدة فقرات تضمنت الاولى مناقشة مستفيضة لمشاكل السياسات العامة، بينما شملت الثانية تحديد وبحث الجهات التي تتشارك في صنع السياسات العامة، أما الفقرة الثالثة فقد كرست للحديث عن عمليات رسم السياسات العامة في حين اختصت الفقرة الرابعة بالبحث والدراسة في مستويات ومراحل السياسات العامة. وصولاً لتحقيق أهداف البحث المذكورة.
– إشكاليـــــة البحـــث :
تتميز السياسة العامة او الحكومية لحل المشاكل المجتمع في المقام الاول , وتتميز بالصعوبة والتعقيد وتختلف طبيعة واجراءات صنع السياسة العامة من دولة الى اخرى تبعاً للنظام السياسي ودور الاجهزة الحكومية والغير الحكومية في كل منها .
وبمعنى اقرب للوضوح يمكن القول ان السياسة العامة هي انتاج تفاعلي ديناميكي معقد تتم في اطار نظام فكري , وبيئي سياسي محدد تشترك فيه عناصر معينة رسمية وغير رسمية يحددها النظام السياسي واهم هذه العناصر هي ( دستور الحكم في الدولة, الايديولوجية او الفلسفة السياسية للسلطة الحاكمة , السلطة التشريعية , السلطة القضائية , الاحزاب السياسية , جماعات النفع العام والخاص , الصحافة والرأي العام و الامكانيات والموارد المتاحة , وطبيعة الظروف للبلد ).
ومما تقدم يتبين بأن عملية صنع السياسة العامة ليست عملية سهلة بل هي عملية غاية في الصعوبة والتعقيد لأنها تشمل العديد من المحددات والمؤثرات والمتغيرات وعوامل الضغط التي تؤدي الى تداخلها وتفاعلها المستمران الى تولد سلسلة من ردود الفعل.
– فرضيـــة البحــــث:
لا تتميز عملية رسم السياسات العامة بالبساطة ووضوح المعالم وإنما هي عملية غامضة، غاية في التعقيد والتشابك، تشارك في صياغتها أطراف وجهات متعددة داخلية وخارجية لكل منها قيم ومبادئ ومصالح لا تنسجم مع الآخر كلاً أو جزءً، وتتخذ – تبعاً لذلك – قرارات سلطوية ملزمة للجميع بعد اتخاذها صفة السياسة العامة، بالإضافة صعوبة التوفيق بين أهداف ومصالح الجماعات أو الفئات المتباينة المؤثرة والمتأثرة بالسياسات العامة.
– منهجية الدراســة : تم الاعتماد على المنهج التحليل النظمي باعتبار ان طبيعة النظام السياسي لكل دولة هو الذي يحدد كيفية رسم السياسة العامة في البلدان كافة ويحدد دور الافراد والجماعات الرسمية وغير الرسمية.
– هيكلية الدراسة : يتم تقسيم الدراسة موضوع البحث اعلاه الى عدة مباحث ويتفرع عنها
مطالب نظراً لأهميتها وتوسعها.
المبحث الاول
عملية صنع السياسات العامة
تصنع مشروعات السياسات العامة في مختلف الاقطار والنظم السياسية بعد ان تناقش من قبل الجهات الرسمية وغير الرسمية ثم تقر من قبل السلطة التشريعية , وبعدها تنفذ من قبل الاجهزة التنفيذية, بعد ان مرت بمراحل وخطوات متعددة , فعملية صنع السياسات العامة هي عملية ديناميكية معقدة تشارك فيها اطراف مجتمعية ورسمية مستفيدة منها او متأثرة بها, و سنتناول في هذا المبحث عملية صنع السياسة العامة من خلال اربعة مطالب وكالاتي:-
المطلب الاول
مفهوم السياسة العامة
ان مجموعة اليات عمل مؤسسية تستخدم كل المتغيرات والظروف الاقتصادية الاجتماعية ، حيث يتم صبها بصيغة قرار بإطار قانوني صادر من سلطة شرعية ليتم تفعيلها رسمياً بإجراءات تنفيذية – ادارية تلامس ارض الواقع وتسد الاحتياجات العامة ، هذا هو مفهوم السياسات العامة ، على الرغم من ان الكثير من المفكرين والكتاب عرفوا السياسات العامة أثنان من علماء السياسة :
1. الأول هو ديفيد أيستون ويعرف السياسة بأنها ((التخصص السلطوي للقيـم)) .
2. أمـا الثاني فهو هارولد لاسويل إذ عرف السياسة (( من يحصل على ماذا ؟ ومتـى؟ وكيف؟))
ويتضح مـن هذيـن التعريفيـن أنـه يجب أن تكـون هنـاك سلطـة (( مسؤولين حكوميون )) بمقدورها تقريـر تلـك التفضيلات ( القيم) التـي سيتم اختيارهـا دون غيرها.
3. وعرف الاستاذ الدكتور عامر حسن فياض السياسة بأنها (( نشاط وتأمل في مصدر السلطة وشرعيتها وطبيعة العلاقة بين مؤسساتها …)).
أما مفهوم السياسة العامـة كتعريف واسع فأنها (( العـلاقـة بين الوحـدة الحكوميـة وبيئتها )) وهي (( تقريـر أو أختبار حكومي للفعل أو عدم الفعل )), وهي أيضا
(( مجموعـة من قرارات يتخذها فاعلون معروفون بهــدف تحقيق غـرض عـام )),
وبالتالي فأنـه ينظر للسياسة العامـة , كنتيجة متحصلـة في حياة أي مجتمع من منطلق تفاعلها الصحيح مع البيئة الشاملـة , التي تشكل فيها المؤسسات والمرتكزات والسلوكيات والعلاقات , أصولا للظاهرة السياسية التي يتعامل معها النظام السياسي , فالسياسة العامـة لدى استون (( توزيع القيـم (الحاجات المادية والمعنوية ) في المجتمع بطريقة سلطوية آمرة من خلال القرارات والأنشطة الإلزامية الموزعـة لتلك القيم , في إطار عمليـة تفاعليـه بين المدخلات, والمخرجـات, والتغـذيـة العكسيـة .
المطلب الثاني
مراحل صنع السياسات العامة
تتميز السياسة العامة التي يقرها وينفذها النظام السياسي بالتنوع والشمول والتغلغل الذي يمس كافة جوانب الحياة في المجتمع.
وصنع السياسة العامة لحل مشاكل المجتمع , هي عملية سياسية في المقام الاول , وتتميز بالصعوبة والتعقيد وتختلف طبيعة واجراءات السياسة العامة من دولة الى دولة اخرى تبعاً للنظام السياسي ودور الاجهزة الحكومية وغير الحكومية في كل منها.
ويعرف درور عملية صنع السياسة العامة على انها( عملية معقدة تتسم بتنوع مكوناتها التي يكون لكل منها إسهامه المختلف , فهي تقرر الخطوط الاساسية للفعل وتتسم بتوجهها نحو المستقبل وسعيها لتحقيق الصالح العام وذلك بأفضل الوسائل الممكنة).
وتنطوي السياسة العامة على عدة خصائص وتمر بمراحل متعددة تختلف في طبيعتها وحدتها وتعقيدها من دولة الى اخرى وفقاً لعوامل كثيرة اهمها النظام السياسي ونظام الحكم لأنه يحدد صلاحيات المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في الدولة في الدولة,
ويمكن استخلاص اطار عام من المراحل التي تعد منهاجا لرسم السياسة العامة
و مراحل صنع السياسة العامة هي:
1- تحديد المشكلة العامة : والمقصود الاعتراف بوجود مشكلة تواجه المجتمع , وتكون هناك
قناعة لدى الحكومة للتدخل لاجل حلها.
2- اثارة اهتمام الحكومة بالمشكلة العامة وادراجها في جدول الاعمال اعمالها واعتراف الحكومة
بها والالتزام بالعمل على علاجها.
3- رسم مقترحات سياسة عامة لمواجهة المشكلة وحلها وهذا يتطلب موازنة موضوعية
واختيار ذلك البديل المناسب من بين البدائل المطروحة ,وبما يحقق الصالح العام قدر
الامكان.
4- اقرار البديل المختار للسياسة العامة, والذي استقر عليه رأي الحكومة في شكل قانون رسمي
له صفة التشريع وقوة الالزام.
5- تمويل الحكومة الاعتمادات اللازمة لوضع السياسة العامة موضع التنفيذ, وعملية التمويل
تأتي بعد اقرار السياسة العامة.
– اما من ناحية خصائص عملية صنع السياسة العامة:
ان أي حكومة لها مجموعة من القواعد النافذة لاتخاذ القرارات, ولديها دستور نافذ, وحتى
الحكومات العسكرية والديكتاتورية لها ترتيبات نافذه الاقتراح المراسيم ودرستها وتبنيها , واتخاذ القرار
, اما خصائص السياسة العامة فهي:-
1. تحقيق المصلحة الوطنية؛ إذ تسعى السياسةُ العامة إلى ضمانِ تحقيق مصالح المواطنين بما يتناسبُ مع حاجاتهم، ويحافظُ على حقوقهم، لذلك لا تقتصرُ السياسةُ العامة على فئةٍ معينةٍ من الأفراد، بل تشملُ كافة فئات المجتمع.
2. تعتمدُ السياسةُ العامة على مجموعةٍ من الإجراءات المدروسة، والتي تساهمُ في تنفيذِ كافةِ الأهداف الخاصة بها.
3. تستخدمُ السياسةُ العامة مجموعةً من الموارد البشريّة، والطبيعيّة، والصناعيّة، والتي تساعدُ على ضمانِ الوصولِ إلى النتائج المطلوبة بنجاح.
4. تهتمُ السياسةُ العامة في الجمعِ بين كافة المؤسسات الحكوميّة، وتكليفُ كلٍ منها بمجموعةٍ من المهام والوظائف، التي تساعدُ على تطبيق السياسة العامة بنجاح.
5. كلٌ هدفٍ من أهداف السياسة العامة يعتمدُ على مجموعةٍ من المعايير، والتي تقدمُ الأدوات المناسبة لتحقيق الأهداف بطريقةٍ صحيحة.
6. ملزمة للجميع بصرف النظر عن مشاركتهم فيها أم لا.
7. عملية معقدة للغاية وهادفة ومقصودة.
8. تنتج مخرجات ذات طبيعة عملية ولها آثار مستقبلية فهي تهتم بوضع توجهات لفترات مقبلة.
9. تتضمن أفضل استخدام أو توظيف ممكن للإمكانيات المتاحة أو الموارد المتاحة.
المطلب الثالث
تنفيـذ السياســة العامــة
يقصد بتنفيذ السياسة العامة هو اتخاذ كل ما يلزم القيام به من اعمال بقصد تحقيق الاهداف أي هو ترجمة السياسة العامة بما تنطوي عليه اهداف وقواعد ومبادى الى خطط وبرامج عمل محدد ينتظر ان ترتب على تطبيقها لتحقيق الاهداف, فتنفيذ السياسية العامة تتمثل بمجموعة من الاجراءات التنفيذية الهادفة لإخراج السياسة العامة الى حيز الواقع العملي , من خلال استخدام المصادر والموارد البشرية والمالية والتكنلوجية لتحقيق مقاصد السياسة العامة.
وان تنفيذ السياسة العامة هي عملية ذات صفة مرنه باستمرار ولها القدرة على جعل السياسة العامة حقيقة فعلية, نحو تحقيق الاهداف المرجوة منها.
وتعد عملية تنفيذ السياسة العامة هي المرحلة الثانية من مراحل بناء السياسة العامة وتتضح اهمية هذه المرحلة من التعرف على جوهرها, فبتشريع القوانين واصدار السياسات العامة ووضع الخطط لا يسهم في تحقيق ما تهدف اليه لا من خلال التنفيذ والا فأنها تبقى حبراً على ورق, فالتنفيذ هو حلقة الوصل التي يمكن عن طريقها الوصول الى الاهداف العامة.
ويمكن وصف القرار بأنه مخرجاً من مرحلة التشريع , ومدخلاً وبداية لمرحلة التنفيذ أي اقرار السياسة العامة هو عمل سياسي بالدرجة الاولى يتم في نطاق السلطة التشريعية حتى لو ساهمت في صنعه وصياغته السلطة التنفيذية بدور كبير او صغير وبمجر صدور القرار من السلطة التشريعية , ينتقل الى السلطة التنفيذية وتكون هي المسؤولة عن اتخاذ الإجراءات للازمة لتحقيق اهداف وتوجهات صانع القرار .
– وتضم عملية تنفيذ السياسة العامة مراحل اساسية وهي:
1. مرحلة التقديم: ويقصد بها تفسير القوانين ذات الصفة العمومية وبتفصيلات وتوضيحات اللبس الذي يكتنفها اثناء الصياغة.
2. مرحلة النمو والتعديل : و يبدأ فيها تنفيذ السياسة العامة بعد وضع التصميم المناسب لها ومراقبة سير خطة العمل وبحث مشكلاتها واجراء المراجعة للازمة لها.
3. مرحلة النضوج: وهي المرحلة النهائية التي تتنوع فيها عمليات البناء للسياسة العامة بالاستقرار لكي تصبح ممارسة منضبطة تكشف من خلالها هوية الاداء العام للسياسة العامة.
ومن هنا فان عملية تنفيذ السياسية العامة تنطوي على الخطوات التالية:-
1. تكليف احد الاجهزة الادارية (او اكثر) التابعة الى السلطة التنفيذية بمهمة التنفيذ وقيام هذا الجهاز بوظائفه لضمان انجاز والاهداف.
2. وضع الخطط التنفيذية : يحتل وضع الخطط مكانه متقدمة في العملية الادارية واهم عناصره والاساس الذي ترتكز عليه العناصر الاخرى.
3. البناء التنظيمي : لضمان تنفيذ البرامج والمشروعات والفعاليات التي تتضمنها الخطط التنفيذية الرامية لتحقيق اهداف السياسة العامة.
4. ميزانية التنفيذ: يعد التمويل المالي ضرورة لازمة لضمان تنفيذ السياسة العامة والنجاح لخططها واجراءاتها, أي توفير الموارد المالية الازمة عند اتخاذ لقرار او ند التخطيط للسياسة العامة.
5. توظيف الموارد البشرية : ويقصد بالتوظيف هو شغل الوظائف التي يتكون منها الهيكل التنظيمي او الوظيفي بأشخاص تتلائم خلفياتهم وخبراته العلمية ومهاراتهم الانتاجية مع حسن القيام بهذه الوظائف.
وهنالك مخطط لـ (دافيد استون) يوضح عملية تنفيذ السياسة العامة والمرحل التي تمر بها
وكما مبينة في المخطط الاتي:- مدخلات (مطالب الجماهير) —- الصندوق لاسود (يتم فيه تحويل المطالب الى سياسة عامة ينتج عنها قرارات)—– المخرجات (راي عام)
—— التغذية العكسية …. تعود الى البداية المدخلات فتكون نتائج السياسية العامة اما ايجابية او سلبية ..
المطلـب الرابـع
تحليل وتقويم السياسية العامة
اولاً: تحليل السياسة العامة:
يحتل موضوع تحليل السياسة العامة أهمية واسعة النطاق في حقل السياسة, وبالتالي أعتبر التحليل عملية ملازمة لعملية صنع السياسة العامة لانه يعتمد على اتباع اسلوب علمي وموضوعي منظم يعتمد على اسلوب المنطق والحجة والقرينة لاختيار سياسة عامة يتوقع ان تحقق اقصى درجة من النجاح في حل المشكلة وتغير للاحتياجات او تحقيق الاهداف العامة.
وإنَ تحليل السياسة العامة تمثل عملية منهاجيه للوصول إلى أنجح الحلول المتاحة للمشكلات والقضايا التي تواجه المجتمعات والحكومات والدول, كما تمثل جهدا متواصلا منذ القدم في تفضيل الخيارات و إقرار القرارات والتعبير عن التجارب والممارسات.
وان الاهتمام بتحليل السياسات العامة لغرض رفع كفاءة البرامج الحكومية, وتزايد المشكلات الاجتماعية والبشرية.
وتمكن القول أن تحليل السياسة العامة أصبح أمرا في غاية التعقيد بسبب (تعقد المشكلات والقضايا الداخلية , وكذلك تعدد الفاعلين والشبكات الرسمية وغير الرسمية بالإضافة إلى طغيان البعد الدولي على البعد الداخلي). وجعل تحليل السياسة العامة كعملية معرفية تهدف إلى الاستكشاف والإبداع و الابتكار للإحاطة بالمشكلات ودعم اتخاذ القرارات بالاستناد إلى المناهج التي ترتبط بجمع وتفسير المعلومات , ويمكن أن نضع تعريفا لتحليل السياسة العامة.
حيث يعرفها( م. بنتيل ) على أنها) منهج يساعد متخذ القرار لاختيار البديل الأفضل لحل مشكلة عامة ’ وذات أهمية مستعينا في ذلك باستعمال الطرق العلمية الرشيدة).
ويعرفها (توماس داي) على انها (معرفة ماذا تفعل الحكومة و الماذا تفعل ذلك؟ , وماهي الفروق والتغيرات التي تحدثها).
ويكمن تصنيف تحليل السياسة العامة الى ثلاثة انواع:-
1. تحليل سابق على اتخاذ القرار للسياسة العامة: وهو يهتم بجمع المعلومات وتحليلها واستخلاص مقترحات تقدم لصانع القرار السياسي لاعتمادها واقرارها والامر بتنفيذها.
2. ان التحليل يتم من خلال عملية التنفيذ , او بعد التطبيق الفعلي لخطط وبرامج العمل , ومن اهداف هذا النوع الحكم على مدى النجاح وتحقيق الاهداف والتعرف على صعوبات او معوقات التنفيذ للعمل على ازالتها.
3. التحليل الشامل , وان تقوم على فرض ان السياسية العامة تتطلب استمرارية المقارنة بين النتائج والاهداف باستخدام المعلومات لاقتراح سياسيات واجراءات بديلة احتمالات نجاحها اكبر.
ثانياً: تقويم السياسة العامة:
ان السياسية العامة لا يمكن تحقيقها بمتطلباتها بشكل تام او فعلي على مستوى الصنع او على مستوى التنفيذ , حينما لا تتصاحب وتتواكب معها عملية التقويم التي تدعو الى معرفة علمية وحقيقية وموضوعية بالانعكاسات السلبية او الايجابية المترتبة عن السياسية العامة وعن تنفيذها واثر المخرجات ومدى فعاليتها او كفاءتها في تحقيق الاهداف التي تقصدها.
فعملية السياسة العامة يقصد بها اتباع اساليب بحث موضوعية علية دقيقة في دراسة النتائج واثار السياسات والبرامج التي تنفذها الحكومة والحكم على مدى نجاحها في تحقيق الاهداف المنشودة.
وان تقويم السياسة العامة هي عبارة عن عملية تحليل عدد من السياسات او البرامج او المهام من وجهة نظر البحث عن مزاياها وعيوبها المقارنة, ووضع هذه التحليلات في اطار منطقي.
وعملية تقويم برامج السياسة العامة تقوم على ثلاثة محاور:-
1. تحديد فاعلية برنامج ما , قائم ومستمر ثم التحقق من المدى الذي ينجز به هذا البرنامج الاهداف المطلوبة.
2. الاعتماد على مبادئ البحث العلمي ونماذجه في سبيل تميز الاثار المباشرة للبرامج عن الاثار الغير مباشرة.
3. تسعى عملية التقويم الى تحسين اداء البرامج عن طريق تعديل بعض عناصرها وتطوير ادائها.
وتأتي عملية التقويم بعد عملية التحليل وتوصف بأنها اتباع اجراءات الحكمة عما كانت السياسة العامة جديرة بالتنفيذ او الاستمرار, ويمكن رصد عملية التقويم داخل حركة السياسة العامة عير ثلاثة مراحل:-
1. تقويم عملية صنع السياسية العامة.
2. تقويم عملية تنفيذ السياسة العامة.
3. تقويم اثار السياسة العامة.
المبحث الثاني
القوى والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية المؤثرة في صنع السياسة العامة
ان القوى والمؤسسات التي تتولى عملية صنع السياسيات العامة هي متعددة ومختلفة بعضها عن البعض الاخر , وهم الأفراد أو الجماعات والجهات (الرسمية وغير الرسمية) الذين يشاركون في رسم السياسات العامة بصورة مباشرة أو غير مباشرة وعليه فإنه يمكن تقسيم الأطراف التي تشارك في صنع السياسات العامة على نوعين رئيسين هما:
المطلب الاول
القوى والمؤسسات الرسمية المؤثرة في صنع السياسة العامة
وهم الأفراد الذين يخولون الصلاحيات التي تسمح لهم بالمشاركة في صنع السياسات العامة، مثل (وأعضاء السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية، والإداريين الآخرين من العاملين في الأجهزة الحكومية )، الذين يساهمون في اتخاذ القرارات وتنفيذ السياسات العامة بطرائق ودرجات متفاوتة) وجميع هذه الصلاحيات يتم تحديدها في الدستور والذي يعتبر الوثيقة الرسمية الضامنة للفصل بين السلطات.
وهؤلاء الافراد يتمتعون بصلاحيات قانونية و دستورية تسمح لهم بالمشاركة في رسم السياسات العامة وقد يخضع بعضهم او معظمهم الى الاحزاب او الجماعات لضاغطة وهنا يجب التميز بين متخذو السياسات الاساسيون والثانويون , فالأساسيون يتمتعون بسلطات دستورية مباشرة للتصرف مثل البرلمانيين فهم ينتظرون تفويضاً من أي جهة رسمية لتشريع لائحة ما.
تتمثل اقوى والعناصر الرسمية المؤثرة في صنع السياسة العامة كالاتي:-
اولا: الدستــور:
يعرف الدستور بانه ( مجموعة قواعد متفق عليها تصف تنظيم حكومة بلد ما), او
بانه ( مجموعة من القواعد المكتوبة وغير المكتوبة تحدد مصادر واهداف وصلاحيات
وحدود السلطة السياسة).
وتعد هذه القواعد والتدابير الاساسية التي تحكم طريقة اتخاذ القرار وتصنع ادوار صنع
السياسة وتقسيماتها اقليما ووظيفياً وما شابه ذلك. كما ان للدستور اهمية كبيرة فهو يحدد
مجموعة من المسائل الرئيسية , مثل العلاقة بين السلطات وحقوق المواطنين وواجباتهم,
وضوابط تعديل الدستور واجراءاته , كما للدستور دور كبير في مراقبة اعمال الحكومة
والية صنع السياسة العامة .
(ان الدستور الامريكي يعطي الحق للمحكمة العليا السلطة النهائية في تقرير ما يمكن
للحكومة ان تفعله او لا تفعله)
وتتوضح علاقة الدستور بالسياسة العامة من خلال دراسة العلاقة بين السلطات أي
القائمة بين الاجهزة الحكومية وبقية السلطات التي لها حق اصدار القرار في الدولة.
أي ان الدستور هو الذي يحدد طبيعة العلاقة بين السلطات الثلاثة ( التشريعية والتنفيذية
و القضائية) واستقلالية كل منها وحدود صلاحياتها او اختصاصها.
وان الدستور العراقي لعام 2005 اشار في المادتين (78 و 80) بان السلطة التنفيذية هي
من تقوم بعملية التخطيط والتنفيذ للسياسات العامة و اما السلطة التشريعية فلها حق اقرار
اللوائح القانونية والمصادقة على القرارات ومراقبة اداء عمل الحكومة .
ثانياً: السلطة التشريعية :
ويقصد بالسلطة التشريعية الجهة التي تمتلك حق اصدار القواعد العامة الملزمة للأفراد وتشمل القواعد الدستورية العامة والقوانين .
وان معظم السياسات العامة والقوانين المهمة التي تحتاج النظر فيها والموافقة عليها رسمياً او شكلياً تتم من قبل لأعضاء المشرعون الذين تتشكل من خلالهم المجالس التشريعية او البرلمانية الذين يتشاورن حول السياسات العامة المعبرة عن القضايا المعروضة عليهم . لذلك تعد السلطة التشريعية من اهم المنظمات الرسمية الحكومية ويختلف دور المشرعين حسب طبيعة النظام السياسي القائم في الدولة في حال كونه ديمقراطياً او غير ديمقراطي.
وتقوم السلطة التشريعية بوظائف عديدة اهمها مايلي:-
1. الوظيفية التشريعية: أي سن القوانين التي تحتاج اليها الدولة اذ تقوم باقتراح قانون ما او قد تقوم السلطة التنفيذية باقتراح مشروع قانون ثم يقدم هذا الاقتراح الى السلطة التشريعية لمناقشة والموافقة عليه او رفضه.
2. الوظيفة المالية : ويقصد بها القيام بمراقبة اموال الدولة , فتوافق على الضرائب وتشرف على جبايتها و الاشراف على الانفاق وطرقة صرفها.
3. الوظيفة السياسية : وتعد هذه الوظيفة من اهم وظائف السلطة التشريعية وتقضي القيام بمراقبة السلطة التنفيذية عن طريق وتنفيذ القوانين الصادرة عنها.
ومن هنا يتبين ان اهمية دور السلطة التشريعية وضع التشريعات والقوانين والخطط في رسم سياسة معينة او لمواجهة مشكلة معينة , فالسلطة التشريعية تقوم بدور مركزي في تشريع القوانين وصنع السياسيات العامة موضع التنفيذ.
ثانياً: السلطة التنفيذية :
تعد السلطة التنفيذية الاداة المهمة في اقتراح السياسات العامة , وتخاذ قرارات لها قوة القانون , بالإضافة الى كونها اداة لإدارة العمل اليومي ومتابعة التنفيذ من خلال المؤسسات المرتبطة بها والتي تتمثل بالوزارات الحكومية وما تتبعها من مؤسسات القطاع العام وهيئات وادارات محلية على مستوى الاقاليم والمحافظات فهذه الاجهزة بحكم مسؤوليتها مسؤولة عن تنفيذ السياسات العامة لكونها على اتصال دائم بالجمهور الجهة (المستفيدة) كما انها تبدي رأيها بشأن المشروعات المقدمة من قبل السلطة التشريعية او الاحزاب او الجماعات الغير رسمية لكونها هي المسؤولة عن التنفيذ في حال الاقرار لأي مشروع او سياسة عامة. وهي تختلف حسب طبيعة النظام السياسي. ويقول (جميس اندرسون)(اننا نعيش مرحلة يطلق عليها مرحلة الهيمنة التنفيذية….. وتكون فعالية الحكومة التنفيذية معتمد كلياً على القيادة التنفيذية في رسم السياسات العامة).
رابعاً: السلطة القضائية:
تكون السلطة القضائية ن الاجهزة والمؤسسات القضائية والقانونية المعنية بوضع السياسات العامة القضائية , ولها دور كبير ومميز في صنع السياسات العامة من خلال تفسير ما هو مطلوب من هذه السياسات العامة الجديدة وما مطلوب من قبل الناس وتلعب هذه السلطة دوراً مهما في دور التشريعات السياسية من خلال مايلي:
1. تقرر اذا كانت هذه السياسة العامة تتماشى مع الدستور او لا.
2. القيام بالتوضيح والتفسير السليم والقانوني للمقصود السياسات العامة.
3. التأكد على تطبيق الاوامر والقرارات الشرعية.
ويتباين دور الجهاز القضائي في العملية السياسية في مراقبة وتقيم وتنفيذ السياسات العامة من نظام سياسي الى اخر وبحسب اهمية واولوية هذا الجهاز ودرجة استقلاليته. وكذلك حسب صلاحيته ونطاق عمله.
خامساً: الاجهزة الادارية :
ويقصد به المنظمات الادارية والمؤسسات العامة والادارات الحكومية والبيروقراطية التي تضم عداداُ من الموظفين الحكوميين الذين يمتلكون المهارات والخبرات بتأدية مهام الخدمات المدنية والمصلحة العامة في المجتمع, وتساهم في رسم السياسات العامة للدولة عبر وضع وتشكيل السياسات من خلال تنفيذها. فالبيروقراطيون الذين يديرون اجهزة ومؤسسات الدولة لهم دور في تفعيل المقترحات اوفي وقفها او افشالها. وغالبا ما تعمل الاجهزة الادارية على تحقيق الانسجام والتوازن بين السياسات العامة للدولة.
المطلب الثاني
القوى والمؤسسات غير الرسمية المؤثرة في صنع السياسة العامة
إن عملية رسم السياسات العامة لا تنحصر فقط في مشاركة الجهات والقـوى الرسمية، بل هناك جهات أخرى تصنف على أنها غير حكومية (غير رسمية) تمارس السلطة عبر السيطرة على بعض المقومات الاساسية في الدولة والمجتمع , ويكون لها تأثير على صانعي السياسات العامة ومنفذيها، ومن هذه الجهات، على سبيل المثال، لا الحصر: ( الجماعات الضغط , الأحزاب السياسية، المواطنون (الرأي العام) , مؤسسات المجتمع المدني , ومركز الدراسات والبحوث والجامعات , واصحاب الشركات الكبرى ). ومن اهم هذه القوى هي:-
اولاً: الاحزاب السياسية:
وهي احدى القوة المهمة والمؤثرة في صنع السياسة العامة فهي من اهم (متغيرات النظام السياسي كونها تؤدي له مجموعة من الوظائف الأساسية , فهي تؤثر على قنوات المشاركة والتعبير عن الراي وهي تجمع المصالح وتعبئتها وهي ايضاً اداة للتنشئة والتجنيد السياسيين وتساهم في اسباغ الشرعية لنظام الحكم ).
وتلعب الاحزاب السياسية دوراً مهماً في النظم السياسية المختلفة لنظراً لما تتمتع به من قدرة على التنظيم وتجنيد الجماهير وتزاد اهمية الاحزاب في النظم الديمقراطية لكونها اداة وسطية بين الجماهير والسلطة السياسية , ويتباين دور الاحزاب السياسية ودرجة تأثيرها في السياسية العامة تبعاً لنوعية الانظمة السياسية التي تعكس للبنة الشكلية للنظام الحزبي في المجتمع .
ففي النظم السياسية الديمقراطية تتنافس عدة احزاب على حشد دعم مجموعات المصالح والناخبين, ويحدث تجمع المصالح في ظل الانظمة من قبل الاحزاب السياسية (على مستوى واحد او عدة مستويات : داخل الحزب ذاتة حين يختار الحزب مرشحيه, ويتبنى مقترحات سياسية من خلال المنافسة الانتخابية حيث يعطي الناخبين مقادير مختلفة لكل حزب ومن خلال المساومة وبناء التكتلات داخل الهيئات التشريعية والتنفيذية). وتؤثر الاحزاب على السياسة العامة من خلال (تعبة المصالح , الاتصال ونقل المصالح , ترتيب وتصفية المصالح , متابعة تنفيذ المطالب , مراقبة التنفيذ ).
وبصورة عامة فان الاحزاب السياسية تقوم بمهمتين اساسيتين تؤثر من خلالها في عملية صنع السياسيات العامة وهما:-
1. التعبير عن اهتمام الناس ومطالبهم والعمل على تحقيقها من قبل الحكومة بفعل الضغط الذي تمارسه الاحزاب على صناع الساسة العامة الرسميين.
2. نقل رغبات وسياسيات الحكومة الى الناس والعمل على تعبئة الجهود والمواقف المتباينة ازائها اما دعماً او تأييداً واما مواجهة ورفضاً.
ثانياً: جماعــات الضغـــط :
وهي تنظيمات وتجمعات غير حكومية مع انها مجازة رسمياً من السلطات المختصة وتعمل علناً ويكون لها غطاء قانوني والجماعات الضاغطة قد تكون مهنية التوجه او ذات طابع انساني او سياسي داخلي تسعى الى التأثير على اعضاء السلطة التشريعية, والتأثر على تنفيذ تلك السياسات العامة والرقابة عليها ولها , وان مشاركة الجماعات الضاغطة في رسم السياسة العامة لا يعني الاخذ برأيها او الانصياع لمطالبها بل هي تمارس الضغط على السلطة العامة للحصول على نتيجة , فهي تعمل على التأثير على الرأي العام وممارسة الضغط على صانعي القرارات السياسية للتأثير فيهم لتحقيق المصالح.
في الواقع إن عملية صنع السياسة العامة هي مركزية ولا مركزية بنفس الوقت ذلك لأن الأطراف المشاركة في صنعها تشمل كافة مستويات الهيكل التنظيمي للدولة , ابتداء برئيس الدولة وانتهاءً بالمواطن العادي و هذه المشاركة تكون بشكل مباشر أو غير مباشرة كما ذكرنا سابقا.
اولاً: فهي مركزية: عندما يقوم كل من رئيس الجمهورية أو السلطة التنفيذية بوضعها.
ثانياً: وتكون لا مركزية : عندما يقوم المجلس التشريعي(مجلس الشعب) باعتباره يمثل كافة
الفئات او الاتحادات او الأحزاب في صنع السياسة العامة.
وبشكل عام يمكن توضيح دور جماعات الضغط في التأثير في عملية صنع السياسات العامة من خلال مايلي:-
1. تمتلك جماعات الضغط خبرات ازاء الموضوعات وتعمل على تحويل المطالب الى قضايا هامة تستحق اهتمام صانعي السياسية العامة.
2. تزويد صانعي السياسيات العامة بالمعلومات الفنية والمهنية ويقدمون وجهة نظرهم قبولا او رفضاً.
3. تمتلك جماعات الضغط الاموال الازمة والمصادر الهامة للتأثير في السياسية العامة.
ثالثا: الرأي العام:
ويقصد بالرأي العام (اتجاه اغلبية من الناس في مجتمع من المجتمعات اتجاها موحداً إزاء القضايا والمشاكل التي تعرض لهم).
ويعرف الراي العام بأنه (الرأي السائد بين مجموعة من البشر اتجاه قضية معينة في وقت معين وليس من الضروري ان يكون هذا الراي هو راي الاغلبية, فقد يكون في البداية راي فرد او عدد قليل من الافراد وبالتفاعل بين الافراد يتطور هذا الراي ليكون راياً عاماً)
وانطلاقاً من هذه الفكرة فان العلاقة بين الراي العام والسياسة العامة هي ان ما يفكر فيه الجمهور هو ما تفعله الحكومة, ولم يعد أي نظام سياسي يمكنه ان يتجاهل وجود الرأي العام, وله تأثير ديناميكي في السياسية العامة والعكس صحيح.
ويظهر تأثير الراي العام في السياسة العامة بطريقتين هما:-
1. ما يمكن ان يضعه العام من حدود على القرارات الحكومية وعلى صنع السياسة العامة.
2. يتخذ الرأي العام عادة موقف او قرار من المتوقع ان يواجه بمعارضة شديدة.
رابعا: البنى الاقتصادية:-
تعد البنى الاقتصادية من العوامل المهمة التي تؤثر على السياسية العامة , وذلك من خلال
مايلي:-
1. تركيب الهيكل الاقتصادي او القطاعات الاقتصادية التي تحدد نوعية ومجالات عمل الحكومة تبعاً للتوزيع الجغرافي للهيكل الاقتصادي ودرجة تعقيد او بساطة هذا الهيكل ونظام التبادل المتبع في البلد.
2. مستوى التقدم والنمو الاقتصادي في المجتمع فكلما كان المجتمع متقدماً كلما اقتصر دور الحكومة على التنسيق والرقابة.
3. توزيع الثروات داخل البلد فاذا كان المجتمع يعاني من الفقر والتخلف وعدم العدالة في توزيع الثروات وجدت مشاكل تتطلب تدخلاً حكومياً يتخذ اشكال متعددة منها فرض الرسوم والجباية من ذوي الدخول العالية والقيام ببرنامج الرعاية وتقديم الخدمات لذوي الدخول المحدودة او الفقراء.
خامسا: البنى الاجتماعية:
ان النظام السياسي للدولة هو وليد المجتمع وذلك من حيث كون هذا النظام ينبغي له ان يكون معبراً عن قيم وثقافة اعضائه واتجاهاتهم ومجسدا للدوافع الاجتماعية والقوى المؤثرة فيه بالشكل الذي يجعل من دراسة المجتمع رافداً سياسيا لعلم لسياسة العامة ومنهجه التحليلي للواقع الاجتماعي.
ويمكن تقسيم مجموعة من العوامل الاجتماعية التي تؤثر في السياسة العامة الى اربعة
عناصر رئيسية وهي:-
1. السكان : ويعتبر عنصر اساسي في تموين الدولة فهم يعمرون اقليما ويحمون
ويحرسون حدوده وهم مصادر قوة الدولة.
2. العلاقات والروابط الاجتماعية: تلعب نوعية العلاقات الاجتماعية والروابط والقيم ودرجة
التجانس الثقافي والطبقي دورا مهما في ومؤثر في السياسة العامة.
3. العادات والتقاليد والقيم التي تواجه سلوك المواطنين.
4. مستوى التعليم والثقافة والتقدم الحضاري والتكنولوجي الذي يتمتعون به.
المبحــث الثالــث
معوقات ومقومات السياسات العامة الرشيدة في العراق
سبق وان اشرنا بان السياسة العامة تعني الأهداف والخطط والبرامج التي تضعها سلطـة عامة لإيجاد الحلول العملية لمشاكل وقضايا عامـة , من خلال مؤسسات رسمية وغير رسميـة ولفتـــرة زمنية معينـة , وترسم تلك السياسة وفق دستور الدولة والأيديولوجية السائدة فيها , والموارد المتاحـة لها, فالحكومـة هي المخطط والمنظم والمنسق والمشرع والمنفـذ للسياسات العامـة في أي مجتمع لإيجاد الحلول للمشاكل التي تواجـه داخليا وخارجيـا وفي هذا المبحث سوف نتطرق الى المعوقات والمشاكل التي تواجه السياسة العامة في المطلب الاول , وفي المطلب الثاني سوف نحدد المقومات والحلول لتلك المعوقات وبناء سياسة عامة رشيدة وكمايلي:.
المطلــب الاول
معوقات السياسات العامة في العراق:
تعاني السياسة العامـة العراقيـة بعد العام ( 2003) العديد من المشاكل والمعوقات
التي كانت تتسم بالضبابيـة وعدم الوضوح في التخطيط والتنفيـذ والتقويم لإسباب كثيـرة
لعل ابرزها :-
1. الدستور العراقي الدائم لعام ( 2005) , إذ يعاني من ضبابيـة أغلب مواده الدستوريـة سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي .
2. عدم وضوح الايدلوجية السائدة دستوريا , هل الدولـة تسير في ايديولوجية اشتراكية ام رأسمالية , وهل نحن بصدد بناء دولة مدنية حديثة علمانية أم اسلامية .
3. تداخـل الصلاحيات بين المركز واقليم كردستان , والمركز والمحافظات غير المنتظمة بإقليم , وأثر في عرقلـة وضعف تخطيط وتنفيذ السياسات العامة .
4. تميزت السياسة العامـة العراقية بعد العام ( 2003) بعدم الرشد والعقلانيـة في اتخاذ القرارات المهمة لحل المشاكل السياسية والاقتصاديـة والاجتماعيـة لأسباب أهمها:-
أ- طبيعة النظام البرلماني المطبق في العراق , إذ يعاني من التناقض بين النظريـة والتطبيق , وخاصة سماته الدخيلـة لما يعرف بالديمقراطية التوافقية ( المحاصصة ) , والتي عرقلـة اقرار الكثير من القوانين المهمة , والتي تعتبر الأداة الجوهرية في تنفيذ أي سياسة عامـة .
ب- عدم نضج الثقافـة السياسية لأغلب النخب السياسية الحاكمة , كونها ثقافـة سياسية تغلب عليها الهوية الفرعية بعيدا عن الهوية الوطنية الشاملة .
ت- عدم كفاءة صانع القرار في العراق, وخصوصاً فئـة المستشارين القريبين من صانع القرار , إذ تتميز بافتقارها للمعلومات الدقيقة والعلمية وتخلف النظام المعلوماتي -اتصالي في ايصال المعلومات الصحيحة والمؤكدة لصانع القرار , وهو شرط أساس في نجاح أي سياسة عامة لأي دولـة .
ث- الافتقار إلى التنسيق العالي المستوى بين صانع القرار العراقي وبين بيوت الخبرة ومراكز الابحاث الاكاديمية والمتخصصة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية , باعتبارها المتخصصة في رفد صانع القرار بالمعلومات المهمة عن أي مشكلة عامة داخلية أو خارجية وتزويده بالبدائل الناجحة لحلها.
ج- سيادة السمة الارتجالية في تخطيط وتنفيـذ وتقويم السياسة العامة العراقية , ومما جعلها نموذجا للخيار الواحـد , وعدم القدرة في المناورة في ايجاد البدائل الاخرى لحل أي مشكلة عامـة تواجـه المجتمع العراقي .
واستنادا لما تقدم نعتقـد أن السياسات العامـة العراقية في الأغلب الاعم لم تحقق اهـدافها في ايجاد الحلول السليمة للمشاكل التي واجهتها الحكومات العراقية , سوى كانت امنيـة أو سياسية أو اقتصادية واجتماعية للإسباب آنفـة الذكر .
المطلب الثاني
مقومات صنع السياسة العامـة الرشيدة في العراق
1- تعديل الدستور , وخاصة في تحديد واضح لفلسفـة الدولـة السياسية والاقتصاديـة والاجتماعيـة , بمواد دستورية واضحة بعيدة عن الغموض , كونها القواعد الآمرة العليا في أي نظام سياسي , والتي يعتمـد عليها في سن القوانين من قبل مؤسسات الدولة الدستورية والتي تنظم عمل الحكومة ومؤسساتها , إذ لا يمكن تشريع أي قانون من دون غطاء دستوري , اعتمادا على مبدأ علوية وسمو القواعد الدستورية على ما سواها من القوانين الاخرى .
2- الغاء التشوهات التي طرأت على النظام البرلماني العراقي , لاسيما ما يسمى بنظام المحاصصة والديمقراطية التوافقية , والتي كانت السبب الرئيس في عرقلـة اقرار القوانين المهمـة في حل اغلب مشاكل البلاد المجتمعيـة العامـة .
3- السعي الى ترشيح واختيار نخب سياسية وطنية تحمل ثقافـة سياسية شاملـة بعيدا عن الثقافات الهامشية والفئويـة التي كانت عقبـة كبرى في تشريع القوانين وتنفيـذها بصورة صحيحة.
4- تشريع القوانين المهمة والضرورية لبناء دولـة مدنيـة حديثـة , كقانون الخدمة الاتحادي (قانون التعيين المركزي) , وقانون الخدمة المدنية , وقانون النفط والغاز, وغيرها من القوانين المهمـة الأخرى المعطلة والمنصوص عليها دستوريا , إذ أن هناك أكثر مـن ( 250) قانون لم يشرع لحد الان .
5- ضرورة إيجاد مصادر معلومات وفق نظام اتصالـ – معلوماتي عال المستوى حديث , وتقديم الاستثارة من بيوت الخبرة ومراكز الابحاث لصانع القرار التي تقدم الخيارات المتعددة لحل أي مشكلة تواجـه النظام السياسي , وعدم الاكتفاء بالبديل الواحد والارتجالي غير المدروس , فضلا عن كون مراكز الابحاث المتخصصة تعـد الأكثر كفاءة بتزويـد صانع القرار بالمعلومات والحلول العلمية الناجحة التي تحقق أكثر المكاسب بأقل الخسائر , وهذا من صفات القرار السياسي الرشيد . ويعـد الأنموذج الامريكي في صنع القرار السياسي الأفضل عالميا كونها القوة الاكبر سياسيا واقتصاديا وعسكريا , إذ تتميز سياسة الولايات المتحدة الامريكية باعتمادها على أكثر ( 3500) مركز ابحاث وبيت خبرة , تزود صانع القرار بالمعلومات والخيارات المتعددة لحل أغلب المشاكل الداخلية والخارجية , إذ يلحظ أن اغلب السياسات الخارجيـة الامريكية متأثرة بشكل كبير بنظريات لعلماء السياسة الامريكان , كنظرية الفوضى الخلاقـة والشرق الاوسط الجديد وسياسة تجزئة التجزئة .
وعليه أن وجود سياسة عامة عراقيـة رشيدة وقادرة على إيجاد الحلول السليمة للمشاكل التي تواجـه الحكومـة والمجتمع العراقي يعتمـد على الأخذ بالمقترحات المذكور والاستفادة من تجارب الحكومات والشعوب في اتخاذ السياسات العامة الرشيدة والتي تحقق أهداف المجتمع في الرقي والتقدم والرفاه.
الخاتمــــة:
نستخلص من خلال البحث الى التأكيد على اهمية دور القيادات السياسية في رسم السياسات العامة باعتبارها نشاط حكومي تشترك فيه الجماعات و الافراد الرسمية وغير الرسمية وينطوي على درجة كبيرة من التعقيد والغموض كلما اتسع نطاق العمل الحكومي في خدمة المجتمع حيث كلما ازادت نشاطاتها تعقدت اجراءات واساليب عملها , تتطلب الحاجة الى استخدام مناهج واساليب علمية في صنع السياسات العامة بهدف احداث تغير وتطوير في اسلوب العمل الحكومي وهنا يأتي دور القائد السياسي في رسم السياسات العامة لمواجهة المشاكل التي تواجه المجتمع وتتطلب التدخل لحلها او لتحقيق اهداف وغايات محدده , من اجل تحقيق الرفاهية المجتمعية . والتي هي تختلف من مجتمع لأخر حسب وعيه الثقافي , ودرجة نموه الاقتصادي. وان تحقيق الرفاهية تعتبر مدخلات لعملية صناعة ورسم السياسات العامة , في حين ان مخرجاتها هذه العملية تكون هي قرارات السياسة العامة التي تجري داخل اطار السلطة التشريعية.
.
رابط المصدر: