جاسم محمد
الجدل مازال قائما حول طبيعة العلاقة مابين طالبان و«ولاية خراسان ـ داعش» شرق أفغانستان، آي هل ستكون هناك عمليات لولاية خراسان ضد طالبان في أعقاب سيطرة الحركة على أفغانستان؟، بدون شك تبقى المنافسة قائمة واحتمال تنفيذ ولاية خراسان عمليات إرهابية، لكن يبقى احتمال إيجاد تفاهمات أو مهادنة قائمة في أعقاب سيطرة طالبان على أفغانستان.
قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان اليوم 20 أغسطس 2021، : «تركز بشدة» على احتمال شن جماعة مثل ولاية خراسان، التابعة لتنظيم داعش هجوما إرهابيا في أفغانستان. وتناصب الجماعة العداء لطالبان التي استولت على السلطة في أفغانستان منتصف شهر أغسطس 2021. وأضاف سوليفان إن إخراج الأميركيين من أفغانستان “عملية محفوفة بالمخاطر” بالنظر إلى الأسئلة المتعلقة بما إذا كانت طالبان ستواصل السماح بالمرور الآمن إلى المطار وحالات طارئة أخرى مثل هجوم محتمل من جماعة متشددة مثل ولاية خراسان.
هاجمت ولاية خراسان التابعة لتنظيم داعش، حركة طالبان في أفغانستان، ووصفتها بأنها “مرتدة”، معتبرة أن محادثات السلام في العاصمة القطرية الدوحة حولتها من “مقاتلين” إلى “مفاوضين”، وأن ذلك يمثل “هزيمة”. واتهم تنظيم داعش في مجلته “النبأ” في العدد الصادر يوم 19 أغسطس 2021، حركة طالبان بأنها كانت تقيم الشريعة “ناقصة” قبل الغزو الأمريكي. واعتبر أن ما حصل من انتصار لطالبان، إنما هو باتفاق مع أمريكا، وأن واشنطن منحت البلاد للحركة، محذرا من “نموذج طالبان الجديد”.
ولاية خراسان
تأسست من قبل مجموعة من المسلحين والمنشقين عن حركة طالبان باكستان (يُعرفون أيضاً باسم طالبان البنجاب) وطالبان أفغانستان في عام 2015. وتشمل “ولاية خراسان” حسب ادبياتهم كل من أفغانستان وأجزاء من باكستان وإيران وأزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، لكن التنظيم لا يزال يُعرف باسم “داعش” في أفغانستان. انضم إلى هذا التنظيم الكثير من السلفيين المختلفين مع قادة طالبان، ويهدف التنظيم إلى محاربة جميع الحركات المسلحة في “ولاية خراسان” مثل طالبان والقاعدة، إلى جانب حكومات المنطقة. وتشمل “ولاية خراسان” كل من أفغانستان وأجزاء من باكستان وإيران وأزبكستان وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان، لكن التنظيم لا يزال يُعرف باسم “داعش” في أفغانستان.
اعتقلت قوات الأمن الأفغانية، مطلع شهر ابريل 2020 زعيم فرع تنظيم داعش بولاية خراسان في أفغانستان، إسلام فاروق المعروف أيضا باسم عبد الله أوراكزاي أثناء “عملية معقدة”، وكثف الفرع الأفغاني لتنظيم داعش اعتداءاته في العاصمة الأفغانية، وغالبا ما يستهدف الأقليات الدينية. ويواجه الفرع منذ بضعة أشهر عمليات تشنها القوات الأميركية من جهة، وحركة طالبان من جهة أخرى.
يعتبر فرع ولاية “خراسان” بانه واحدًا من أقوى فروع تنظيم “داعش”، لما يتمتع به من قدرة على الانتشار والتمدد، خاصة في المناطق القبلية الباكستانية وولاية “ننجرهار”، وبعض مناطق ولاية “كونر”؛ حيث يحكم سيطرته على عدد من المناطق، ويفرض فيها قوانينه الصارمة ويتميز تنظيم “ولاية خراسان” باحترافية مقاتليه، وامتلاكهم خبرة عسكرية وتنظيمية عالية، نظرًا إلى أن معظمهم كانوا أعضاء سابقين في حركة “طالبان”، قبل أن ينشقوا عنها ويباعوا “داعش”.
وكان هناك تزايدًا ملحوظًا في انتقال المقاتلين الذين ينتمون لتنظيم “داعش” إلى أفغانستان من أجل الانضمام لما يسمى بـ”ولاية خراسان”، وذلك بالتزامن مع الهزائم القوية التي تعرض لها التنظيم في كل من العراق وسوريا عام 2017 . وقد وصل عناصر داعش إلى أفغانستان بعد أن شاركوا في المواجهات المسلحة التي انخرط فيها التنظيم داخل كل من سوريا والعراق، حيث أقام التنظيم معسكرًا خاصًا لهم جنوب غربى ولاية جوزجان، وذلك لمواصلة تدريباتهم وإكسابهم خبرة المشاركة في العمليات التي يقوم التنظيم بتنفيذها في أفغانستان.
طالبان
نشأت طالبان في أوائل التسعينيات، وبرز نجمها في عام 1994، في شمالي باكستان، عقب انسحاب قوات الاتحاد السوفيتي السابق من أفغانستان. بدأت الحركة في الظهور لأول مرة في المعاهد الدينية التي تتبنى نهجاً دينياً محافظاً في باكستان، والتي تُمول في الغالب من مصادر خارجية غير مصرح بها. وصلت طالبان إلى السلطة في أفغانستان في منتصف التسعينيات وحتى عام 2001 . وتولى زعامتها الملا عمر، وخلّفه الملا منصور، الذي قتل في غارة أمريكية عام 2016 ليحل محله نائبه المولوي هبة الله أخوند زاده، المعروف بتشدده أيضاً. وتعتمد طالبان في تبرير ممارساتهما العنيفة، على مرجعيات ومؤلّفات رجال دين متشددين أمثال ابن تيمية، عن طريق الأخذ بالقصص والأحاديث التي تُنسب إلى بداية التاريخ الإسلامي.
يعتبر تنظيم داعش، تنظيم توسعي وعابر للحدود بينما طالبان حركة إقليمية ليس لها أي نشاطات خارج منطقة تواجد البشتون الذين يشكلون غالبية أعضاء الحركة. وتركز الحركة على مناطق وجغرافيا معينة، مثل باكستان وأفغانستان، فهي ذات توجه قبلي منذ نشأتها. لكن داعش يرى أن ألدّ خصومه هم أعداء الداخل قبل الخارج. وصنفت الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى، تنظيم الدولة ضمن قائمة الإرهاب، في حين لم تُصنف طالبان كحركة إرهابية. ولا تزال “ولاية خراسان” تتوعد منافستها طالبان، وغيرها من الجماعات المسلحة في المنطقة بفعل المزيد.
النتائج
هناك خلاف “عقائدي” واضح مابين حركة طالبان و “ولاية خراسان” ، تنتمي طالبان الى “الديوبندية” وهي أسم بلدة في شبه القارة الهندية، وعقائديا، هي ايضا تشترك مع “السلفية الجهادية” من خلال “مراجعات محمد بن تيمية”.
سوف تشهد أفغانستان ـ ولاية خراسان، إستقطاب أكثر الى الجماعات المتطرفة، خاصة الالتحاق بولاية خراسان منالعراق و سوريا وأفريقيا وأوروبا، وهذا يعني ان ولاية خراسان ممكن لن تشهد تنامي واسع خلال هذه المرحلة.
التنافس يبقى قائم بين طالبان و ولاية خراسان، خاصة ان الإخيرة تضم اعداد كبيرة من المنشقين من حركة طالبان. المخاوف من تنفيذ عناصر ولاية خراسان عمليات إرهابية في أفغانستان، هي تبقى واردة لكنها ضعيفة، رغم التحذيرات او المخاوف الاميركية ربما تستهدف الممرات المؤدية الى مطار كابول، خلال توجه اعداد كبيرة من الافغان الى المطار ، او استهداف مطار كابول الذي مازال تحت سيطرة القوات الاميركية.
التنافس والمواجهات مابين خراسان وطالبان تبقى واردة جدا، لكن ايضا هناك احتما كبير من إيجاد تفاهمات مابين خراسان وطالبان، ممكن ان تتضمن تنفيذ ولاية خراسان عمليات إرهابية خارج أفغانستان واعتبار أفغانستان ملاذ آمن لها، ومن المرجح ان تقبل خراسان بشروط طالبان، كون الان الوضع اختلف، بعد سيطرة طالبان على كابول منتصف الشهر الجاري أغسطس 2021 .
الولايات المتحدة، سبق ان نجحت بتصفية قيادات خراسان كثيرا، وهذا يعني ان ولاية خراسان ممكن ان تكون مخترقة كثيرا من الداخل من قبل اجهزة الاستخبارات ابرزها الاستخبارات المركزية الاميركية، ومايزيد في ذلك ان خراسان تنظيم غير متجانس .
الولايات المتحدة ممكن ان تستمر في ضرب ولاية خراسان ، في الغالب من خلال قواعدها العسكرية في المنطقة : آسيا الوسطى او باكستان وقواعدها في الشرق الاوسط الى جانب إستخدام الطائرات المسيرة وهذا مابات متوقعا.
.
رابط المصدر: