رائد الهاشمي
الفاو تلك المدينة التي تقع على الخليج العربي والتي عرفت أهميتها الاقتصادية والجغرافية للعراق منذ غابر الأزمان حيث أطلق عليها الملك الآشوري سنحاريب قبل أربعة آلاف وخمسمائة وعشرون عاماً لقب ريبو سالمو ومعناها باب السلامة وكذلك أطلق عليها الوالي العثماني في العراق مدحت باشا لقب مفتاح العراق وذلك لأهميتها الجغرافية وموقعها المميز.
هذه الأهمية الجغرافية مع الأسف لم تدركها ولم تستغلها الحكومات العراقية التي تعاقبت على حكم العراق والآن ونحن نمر بظروف اقتصادية مريرة نتيجة التحديات الكبيرة التي تواجه بلدنا يجب أن نتوقف كثيراً ونستغل فرصة ذهبية سنحت لبلدنا وهي طريق الحرير الدولي هذا المشروع العملاق الذي تبنته الصين التي تعد أضخم اقتصاد في العالم والتي اختارت العراق ومدينة الفاو لتكون أحد المفاتيح الرئيسية في هذا الطريق الذي تروم به ربط الشرق بالغرب عبر العراق بما يسمى بالقناة الجافة والتي تتألف من ربط سككي بين العراق وتركيا وسوريا والتي ستنقل بموجبها البضائع الآسيوية الى جميع دول أوروبا بأقل التكاليف وبأرخص الأثمان قياساً بنقلها عبر قناة السويس وطريق رأس الرجاء الصالح, وهذه الفرصة سنحت للعراق واذا ما استمر بالمماطلة والتأخير في تنفيذ مشروع ميناء الفاو الكبير الذي وضع الحجر الأساسي له في 5 نيسان 2010 ولايزال بعد مرور عشرة سنوات في مراحله الأولية فأن الفرصة ستضيع منا ولن تنتظر الصين لفترة طويلة وانها ستجد البدائل حتماً.
حال الموانئ
لو أخذت الحكومة بالحسبان حال الموانئ العراقية العديدة لوجدت أنها لا تفي بالغرض المطلوب في تلبية احتياجات العراق في عملية التبادل التجاري بسبب ما تعرضت له من دمار هائل واهمال نتيجة الحروب المتعاقبة التي مرّ بها البلد وكذلك بسبب عرقلة الملاحة البحرية بسبب الإرساب النهري وكثرة الغوارق إضافة لعدم وجود أية مشاريع تنموية لتطوير هذه الموانئ والنهوض بها وكذلك ظهور تحد خطير جداً يهدد أمن العراق الاقتصادي وهو قيام الكويت بانشاء ميناء مبارك في القناة المشتركة بينها وبين العراق والذي لو تم اكماله سيعمل على خنق العراق بحرياً ويكبده خسائر مالية فادحة.
الحقيقة التي يجب أن تدركها حكومتنا جيداً أن ميناء الفاو الكبير هو طوق النجاة للعراق والذي يجب أن تعمل بكل جهودها وامكانياتها لإكمال هذا المشروع وأن تستثمر الموقع الجغرافي الاستراتيجي للعراق والعمل على جعله جسراً أرضياً يربط الشرق بالغرب تجارياً ويصبح محط أنظار العالم وسيغير خارطة العالم التجارية وسيحقق للعراق فوائد رائعة لايمكن احصاؤها علماً أن هذا المشروع لو اكتمل سيكون أكبر ميناء في الخليج العربي وعاشر أكبر ميناء في العالم ويضم أكبر كاسر أمواج في العالم وستكون طاقته الإنتاجية الابتدائية من 20 الى 45 مليون طن سنوياً وتصل بعدها الى 99 مليون طن سنوياً ولو تطرقنا للفوائد التي سيجنيها العراق من انشاء هذا الميناء فهي كثيرة جداً ولا يمكن حصرها في هذه الأسطر القليلة ومن أهما ما يلي:
1. توفير أكثر من 70 ألف فرصة عمل لشبابنا تعمل على تقليل معدلات البطالة.
2. تحقيق إيرادات هائلة من رسوم الترانزيت.
3. تحقيق إيرادات هائلة من أموال النقل البحري والسككي.
4. تمكين العراق من تقليل الاعتماد على النفط كمورد رئيسي في رفد موازنة الدولة.
5. تمكين العراق من خلال العائدات الكبيرة المتحققة من المشروع من انشاء محطات كهربائية عملاقة.
6. تمكين العراق من خلال العائدات الكبيرة المتحققة من المشروع من انشاء معامل البتروكيمياويات.
7. سيمكن العراق من انشاء مطار جوي كبير يكون رديفاً لميناء الفاو الكبير.
8. سيعمل على تنشيط كافة مفاصل الاقتصاد العراقي الذي يعاني من الركود والمشاكل الاقتصادية.
9. انعاش محافظة البصرة اقتصادياً بشكل كبير وجعلها عاصمة العراق الاقتصادية.
10. انعاش القطاع الصناعي والزراعي في العراق.
11. انعاش القطاع الخاص العراقي وزيادة تشغيل الأيدي العاملة في هذا القطاع.
12. النهوض باقتصاد العراق وانعاشه بالكامل واطفاء ديونه وتقليل المعاناة الكبيرة للمواطن العراقي الذي يمر بأسوء حالاته المعيشية والاقتصادية.
طرح تساؤلات
هنا يجب أن نطرح بعض التساؤلات على طاولة الحكومة والبرلمان أولها لماذا هذا التهاون والإهمال في اكمال المشروع ولماذا التغاضي عن أهمية هذا المشروع الذي سيغير مصير العراق وينهي كل مشاكله، واذا كان العذر هو الوضع المالي الحرج الذي يمر به اقتصادنا وأن كلفة المشروع والبالغة خمسة ونصف مليار دولار لا يمكن تأمينها في ظل الوضع الاقتصادي الحالي فجوابنا بأن هذا العذر غير مقبول لأن كثير من الشركات الاستثمارية مستعدة لتمويل وإنجاز هذا المشروع دون أن يدفع العراق دولاراً واحداً على أن تستحصل أموالها لاحقاً من الأرباح المتحققة للمشروع.
ما أريد قوله لحكومتنا وبرلماننا بأن القضية تحتاج الى قرار شجاع ووطنية عالية وموقف حازم بتوحيد الرؤى للجميع وترك كل الخلافات السياسية والمصالح الشخصية والحزبية والنظر لمصلحة البلد ومصلحة المواطن العراقي الذي خسر كل شيء بسبب سوء إدارة الحكومات التي تعاقبت على البلد وبسبب الصراعات الحزبية والكتلوية والطائفية التي أوصلته الى هذا الوضع الحرج, فمن أجل عيون العراق ومن أجل عيون الشعب العراقي أناشدكم العمل على اكمال تنفيذ المشروع وإخراج اقتصاد العراق من الهاوية التي يقف على حافتها ومن مصير مجهول لا أحد يمكنه التكهن بنتائجه الكارثية امسكوا طوق النجاة الذي ساقته الأقدار لنا ولا تضيعوا الفرصة التي لو ضاعت من أيدينا فلن تتكرر مرة أخرى.
رابط المصدر: