محمد عبد الجبار الشبوط
عاشوراء، الذي يغطي الفترة الزمنية من اول محرم الى ٢٠ صفر، اصبح ظاهرة دينية – اجتماعية (وربما امكن القول انها عراقية ايضا)، تنطبق عليها كل معايير الظاهرة الاجتماعية، حسب تعريف عالم الاجتماع دوركايم لها.
والمعروف ان هذه الظاهرة تبلغ ذروتها في زيارة الاربعين التي تحل في ٢٠ صفر من كل عام. ومن ابرز مظاهرها ذهاب الملايين من الناس المؤمنين الى مرقد الامام الحسين (عليه السلام) مشيا على الاقدام، قادمين من اغلب مدن العراق، كما ان هناك أفرادا من خارج العراق يقومون بالشيء نفسه.
وبما أن الشهور العربية غير متناظرة مع فصول السنة الاربعة، فإن القطعة الزمنية السنوية لعاشوراء، تقع في فصول مختلفة حسب السنين. وسوف تحل علينا المناسبة في العام ٢٠٢٤ في الفترة من ٧ تموز الى ٢٤ اب وهي ذات الفترة التي تصل درجات حرارة الصيف ذروتها في العراق.
وسوف تواجه الزائرين مشيا الى مرقد الامام الحسين مشكلة التعرض للشمس واخطار الاصابة بضربة الشمس والجفاف. وسيكونون امام خيارين: اما الامتناع عن المشاركة في الزيارة مشيا، او القيام بها مهما يكن الثمن. وقد دلت خبرة هذه السنة ان زوار الحسين لا يبالون بالمخاطر، فقد تحدوا وباء كورونا وتجاهلوا مختلف التحذيرات وشاركوا باعداد غفيرة، لم تقل عن الاعوام السابقة. وهذا يسمح لنا بان نتوقع ان يشارك الناس في الزيارة صيفا كما شاركوا فيها شتاءً.
ومن هنا تأتي ضرورة التفكير بصيف عام ٢٠٢٤، وكيف نحمي الزوار من شمس تموز واب الحارقة.
وحين كنت رئسا لشبكة الاعلام العراقي طرحتُ في عام ٢٠١٤مشروع تشجير طريق الحسين، وقد فعل ذلك قبلي اشخاص اخرون، حيث كان تفكيري منصرفا الى ما سوف يحصل في عام ٢٠٢٤. وفي حينها نجحت الفكرة وتحمس لها الكثير من المواطنين، فضلا عن عدد من المسؤولين اصحاب العلاقة المباشرة. كما بذل موظفو الشبكة مشكورين جهودا كبيرة من اجل انجاح الفكرة.
وكانت الفكرة تستهدف الفات نظر المعنيين بهذا الامر من اجل اطلاق حملة اوسع لجعل طريق الزائرين مناسبا للمشاة. واعني بالمعنيين: الجهات ذات العلاقة في الدولة، كوزارة الزراعة ووزارة الري، والعتبة العباسية والمرجعية ، والمواكب الحسينية. وتتضمن الفكرة تشجير الطريق بصورة كاملة ومتناسقة بأشجار باسقة تظلل الطريق، واقامة مسطحات مائية، واخرى خضراء، واستراحات مهيأة لمقاومة الحر، وغير ذلك. ولم استطع مواصلة الفكرة في السنوات اللاحقة بسبب خروجي من الشبكة. لكن الفكرة لم تمت تماما، حيث واصلت جهات اخرى تشجير مقاطع مختلفة من الطريق. ومع اقترابنا من عام ٢٠٢٤ فان ضرورة تفادي حر صيف ذلك العام، تقتضي التفكير جديا والعمل سريعا من اجل تأهيل الطريق لجعله بيئة مناسبة “للمشاية”. اربع سنوات قد تكون كافية لتحويل طريق الحسين الى حزام اخضر يحمي الزائرين من صيف العراق اللاهب.
ومن الخطوات العملية التي يمكن التفكير بها لإنجاح المشروع ما يلي:
اولا، تقوم مجموعة من المختصين، كالمهندسين الزراعيين، بوضع مخطط المشروع على امتداد الطريق.
ثانيا، يتطوع فريق من المؤمنين بالتصدي لإدارة المشروع.
ثالثا، تدخل العتبة الحسينية والعباسية كطرف اساسي في التخطيط للمشروع وتنفيذه.
رابعا، تسهم وزارتا الزراعة والري ومحافظة كربلاء والمحافظات المحيطة بها في المشروع.
خامسا، اطلاق حملة اعلامية لحث المؤمنين على المساهمة في المشروع.
سادسا، توضع خطة لتنفيذ المشروع خلال السنوات الاربع من الان الى عام ٢٠٢٤، ما يمكن معه تقسيم الخطة مبدئيا الى اربع مراحل تنتهي مع موسم عام ٢٠٢٤.
سابعا، تتقاسم البلديات التي يمر بها المشروع مسؤولية ادامة المشروع في مناطقها.
رابط المصدر: