ترتفع نسبة استخدام وسائل الإعلام الاجتماعي بشكل متسارع في السنوات الأخيرة، وأكدت معظم الدراسات وجود علاقة إيجابية مطردة بين الإنفاق على الإعلام الاجتماعي، وارتفاع نسبة الأرباح والدخل لدى الشركات الكبرى، وبينت الدراسات والاستطلاعات أن العائد من الاستثمار في حملات الإعلام الاجتماعي أعلى بكثير من حملات الصحف والتلفزيون والتسويق المباشر.
قدمت النظريات والدراسات الإعلامية الكثير من الاجتهادات حول مفهوم الإعلام الاجتماعي ودائرة التأثير، ومنها نظرية التسويق الاجتماعي التي تتناول كيفية ترويج الأفكار التي تعتنقها النخبة في المجتمع، لتصبح ذات قيمة اجتماعية معترَف بها.
وتقوم وسائل الإعلام وفق هذه النظرية، بإثارة وعي الجمهور من خلال الحملات الإعلامية التي تستهدف تكثيف المعرفة لتعديل السلوك بزيادة المعلومات المرسلة، عندها يصبح الجمهور مهتما بتكوين صورة ذهنية من خلال المعلومات والأفكار، المقدمة من الجهة القائمة بالاتصال. والنتيجة أن هذه الوسائل الافتراضية قوة حقيقية لا يمكن الاستهانة بها مستقبلا، وقد ساهمت في فتح سبل النقاش السياسي والاجتماعي وأزالت الحدود الجغرافية.
وأعظم فائدة للتسويق في وسائل الإعلام الاجتماعية هي أنه يمكن زيادة الوعي حول الشركة في فترة زمنية قصيرة، ويسمح للشركات بإنشاء قاعدة من الزبائن المخلصين، وتقديم المنتجات بطريقة شخصية وتفاعلية، وتشجيع العملاء على التفاعل مع الشركة على الشبكات الاجتماعية، وتحسين سمعتها، ويسمح للعملاء بمعرفة قيم الشركة والثقة بها، مما يساهم في تحسين نوعية المنتجات أو الخدمات وزيادة المبيعات.
والعلاقة بين وسائل الإعلام الاجتماعية، والتسويق عبر الإنترنت تنمو أقوى مع مرور الوقت، وسوف تبدأ الشركات باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية بقوة في السنوات المقبلة مثل المدونات والفيديو والإعلانات، إلا أن مواقع الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك، يوتيوب، لينكد إن، وتويتر، إذا ما استخدمت بشكل صحيح، تسمح للشركات بإشهار نفسها، وبكسب الشعبية على الإنترنت عن طريق استخدام أنواع مختلفة من تقنيات الويب المتاحة.
ومن دون شك فإن التسويق الإلكتروني قد اختصر العديد من منافذ التوزيع واختصر الإجراءات التقليدية للترويج، بحيث أصبح يتم على المواقع الإلكترونية المخصصة للشركات، وهذا التبسيط والاختصار أديا بدورهما إلى تخفيض الأسعار بسبب المنافسة بين الشركات وزيادة المبيعات اعتمادا على اقتصاديات الحجم، مما أدى إلى التأثير على المزيج التسويقي للسلعة المكون من العناصر التالية: المنتج، التوزيع، الترويج التسعيري.
إن ميزة التسويق عبر الإنترنت تتجسد في وصوله إلى الملايين من الناس في وقت واحد، ويمكن لتويتر خلق ضجة قوية في السوق، أما فيسبوك فيمكن أن يعزز مصداقية العلامة التجارية للشركات. وهذا لا يحتاج إلا إلى استخدم الذكاء، لعمل استراتيجيات لكسب ثقة الجمهور المستهدف وزيادة المبيعات.
ومن الضروري أن تبادر الحكومات باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية، ولا تنتظر حتى تجد نفسها مضطرة إلى استخدامها للتواصل مع الجماهير، لأنها أصبحت ضرورة لا غنى عنها، مع أهمية استخدام مزيج من وسائل الإعلام التقليدية وتطبيقات الاتصال الحديثة المختلفة عبر الإنترنت، ولكن بشرط أن تكون عملية الاتصال المنظمة واضحة ومعلومة لدى الجميع وعلى مدى مناسب من الوعي الثقافي والمعلوماتي بالأساليب، والوعي بالمعوقات المختلفة التي تحول دون تحقيق الاتصال الفعال، وضرورة توعية كافة المستويات التنظيمية بأهمية الاتصال ودوره في المساعدة لبلوغ الأهداف وخلق روح العمل الجماعية، مع أهمية وضع استراتيجية متكاملة رقميا لوسائل الإعلام الاجتماعي.
والأهم هو أن تقوم الحكومات العربية بتقييم مجهوداتها على الصعيد الرقمي، وفهم الأسباب الكامنة وراء التزايد السريع لتبني تطبيقات الإعلام الاجتماعي في المنطقة، والسماح للمواطنين بتقييم المحتوى المنشور أو التعليق عليه بحرية تامة، حيث يعدّ ذلك عنصرا حاسما في ثقافة الإعلام الاجتماعي، والذي من شأنه إرشاد القائمين على إدارة تلك المواقع إلى نقاط الضعف الموجودة في المحتوى.
كما قد تساهم الرؤى المختلفة للمستخدمين في طرح أفكار جديدة ومواضيع شتى وحلول مبتكرة، والعمل على مراقبة وتحليل أدوات التواصل الاجتماعي وتفعيل التواصل الاجتماعي (الأجهزة، البرامج، والتقنية).
والخلاصة هي أن استخدام أدوات الإعلام لا يفضي بالضرورة إلى نتيجة واحدة؛ فربما لا يسبب ضررا على المدى القصير، وربما يفيد على المدى البعيد، ولكن يبقى القول: إن الإعلام الجديد سيصنع فارقا كبيرا في صناعة الإعلام والتسويق في المستقبل من خلال سرعة نشر الأخبار ومصداقيتها المدعمة بالصوت والصورة، وزيادة مستوى الوعي والمعرفة.
.
رابط المصدر: