د. علي مهدي
أُثيرت قُبيل بدأ المفاوضات الثنائية بين الحكومة العراقية وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية حول اتفاق الإطار الاستراتيجي المشترك في العاشر من حزيران، الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، حول طبيعة هذه المفاوضات والنتائج التي ستتمخض عنها، وكان أكثرها التباسا، التركيز حول تشكيلة الوفد المفاوض العراقي ومستوى ادائه، ومطالب البعض بإعادة النظر بتركيبته وأهمية تمثيله لبعض المؤسسات والقطاعات، مما خلق حالة من الإرباك والتشويش لدى قطاعات واسعة من المتابعين والمهتمين بالشأن السياسي.
ومن أجل توضيح عقد المعاهدات بشكل منهجي وعلمي، تم إعداد هذه المادة التي تعني بماهية المعاهدات ومراحل عقدها والاتجاهات الرئيسية للسلطات المختصة بعقدها والتصديق عليها، وكذلك التعرف على القانون المقارن، والتركيز على عقد المعاهدات في العراق.
ماهية المعاهدة
المعاهدة: تعني كل اتفاق دولي يعقد بين دولتين أو أكثر كتابة وتخضع للقانون الدولي سواء تم على وثيقة واحدة أو أكثر وأياً كانت التسمية التي تطلق عليه(1)، أما قانون عقد المعاهدة العراقي رقم 35 لسنة 2015، فقد عرف المعاهدة بأنها توافق إرادات مثبتة بصورة تحريرية أيا كانت تسميتها بين جمهورية العراق أو حكومتها وبين دولة أو دول أخرى أو حكوماتها أو منظمة دولية أو أي شخص من أشخاص القانون الدولي تعترف به جمهورية العراق لغرض إحداث أثار قانونية تخضع لأحكام القانون الدولي بصرف النظر عن تسمية الوثيقة أو عدد الوثائق التي يدون فيها أحكام التوافق كالمعاهدة أو الاتفاق او الاتقافية او البروتوكول أو الميثاق أو العهد أو المحضر المشترك أو المذكرات أو الرسائل أو الكتب المتبادلة أو غير ذلك من التسميات ويشار إليها في هذا القانون في المعاهدة.
وتتكون المعاهدة الدولية من أربع عناصر أساسية، وهي:
1. أنها عبارة عن اتفاق بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام.
2. أن هذا الاتفاق لابد أن يكون مكتوبا.
3. أن يتم إبرامه وفقاً لأحكام القانون الدولي.
4. أن يكون الهدف من إبرامه أحداث أو ترتيب أثار قانونية.
اعتبر فقهاء القانون الدولي أساس صحة المعاهدة هو رضا جميع الأطراف وتعبيرهم صراحة بالقبول أو الموافقة أو التوقيع، وعدم جواز إتمام أية معاهدة إلا بقبول وإيجاب أطرافها دون إكراه طرف لطرف آخر، كما يجب أن تكون المعاهدة صحيحة وواقعة على أشياء مشروعة، وإلا ستكون باطلة ولا يجب الوفاء بها، وهذا الإيجاب والقبول يتطلب أن يصدر من دول تمتلك أهلية التصرف فيما تبرمه من معاهدات ومصالح دولية(2).
مراحل عقد المعاهدات وإجراءاتها
تمر المعاهدة بعدة مراحل وهي المفاوضات ثم تحرير النص وبعدها التصديق ومن ثم التسجيل والنشر، وهذه بعض المعلومات لكل منها:
1) المفاوضة: عبارة عن تبادل وجهات النظر بين ممثلي دولتين أو أكثر بقصد التوصل إلى عقد اتفاق دولي بينهما(3)، وقد تكون هذه المفاوضات من خلال مقابلات شخصية أو اجتماعات رسمية، وقد يقوم بالتفاوض رؤساء الدول بشكل مباشر، ولكن في الغالب يقوم بذلك وزير الخارجية أو ممثليهم لدى الدول أو المنظمات الدولية.
2) تحرير المعاهدة وتوقيعها: عند نجاح المفاوضات يتم تحرير نص مكتوب للمعاهدة يكون موضوعاً للتوقيع عليه، يجري تحرير المعاهدة بلغة الأطراف المشتركة في المفاوضات، وللاعتبارات الوطنية يتم كتابة المعاهدة بلغة كل طرف، وبعد الانتهاء من تحرير المعاهدة، يوقع عليها ممثلو الدول المتفاوضة لكي يُحملوا ما تم الاتفاق عليه فيما بينهم، وقد يتم التوقيع بأسماء المفاوضين كاملة أو بالأحرف الأولى للأسماء، وذلك في حالة كونهم غير مزودين بتفويض لازم للتوقيع أو في حالة الرغبة في الرجوع إلى حكوماتهم للتشاور قبل التوقيع النهائي(4).
3) التصديق: لا يكفي لالتزام دولة بمعاهدة بمجرد توقيع ممثليها عليها، بل يجب أن يقترن بذلك أو يليه، ما يفيد قبول الدولة نهائياً الارتباط بالمعاهدة، وغالباً ما يتم ذلك عن طريق التصديق وهو الطريق المألوف للتعبير من قبول الدولة بالالتزام بالمعاهدة، وأن التصديق هو ليس مجرد إجراء شكلي ولكن عمل بالغ الأهمية، ويقصد به إقرار الأجهزة الداخلية في الدولة للمعاهدة، على نحو يلزم الدولة بها على الصعيد الدولي(5).
ومن الجدير بالذكر أن الكثير من دول العالم، تجعل من التصديق من صلاحيات السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهذا الأسلوب يعني اختصاص التصديق على المعاهدات يكون لرئيس الدولة شرط حصوله أولاً على موافقة البرلمان.
4) تسجيل المعاهدة الدولية: أن تسجيل المعاهدة الدولية نظام يهدف إلى تحقيق العلانية في مجال العلاقات الدولية، ومقتضاه إيداع الدول الأطراف في المعاهدات صوراً منها لدى جهاز دولي خاص بقصد تمكينه من تدوينها في سجل خاص، ثم القيام بنشرها بصورة دورية، وقد نصت المادة 102 من ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 وجوب تسجيل الاتفاقيات التي تعقدها أعضاء الأمم المتحدة في أمانة الهيئة العامة للأمم المتحدة، وفي حالة عدم التسجيل لا يمكن التمسك بتلك المعاهدة، وذلك الاتفاق أمام أي فرع من فروع الأمم المتحدة.
السلطات المختصة بعقد المعاهدات
يوجد ثلاث اتجاهات بخصوص منح الصلاحيات للسلطات في إبرام المعاهدات والمصادقة عليها:
الاتجاه الأول: وهو الذي يعطي الصلاحيات الكاملة للسلطة التنفيذية، وقد كان سائدا في ظل حُكم الملكيات المطلق، حيث من اختصاص السلطة التنفيذية و المتجسدة برئيس الدولة، وكذلك في النظم الديكتاتورية، حيث يتفرد رئيس الدولة في هذه الأنظمة بالتصديق على المعاهدات(6).
إن من مبررات هذا الاتجاه هو أن عقد المعاهدات يتطلب إجراءات معقدة تتسم بالسرعة، وهذا ما لم تستطيع أن تؤديه البرلمانات، وهذا الاتجاه لا يمثل اتجاهاً دستورياً يمكن الركون إليه أو اعتماده، حيث أن انفراد السلطة التنفيذية بالشؤون الخارجية دون مشاركة البرلمان قد يؤدي إلى احتمال خضوع هذه السلطة لميول واتجاهات لا تخدم مصلحة الدولة، ومن نماذج هذا الاتجاه، فرنسا في ظل دستور سنة 1852 وكذلك اليابان في دستور سنة 1889.
الاتجاه الثاني: وهو الاتجاه الذي خص السلطة التشريعية بالمصادقة على المعاهدات باعتبارها تمثل الشعب، وينحصر دور الحكومة عند التفاوض والتوقيع دون المصادقة، الدستور السوفييتي لسنة 1977، والدستور الصيني لسنة 1982، حيث نص وفق (المادة 67، الفقرة 14) أن البت في التصديق على المعاهدات والاتفاقات الهامة المعقودة مع دول أجنبية وفي إلغائها من اختصاص اللجنة الدائمة لمؤتمر الشعب الوطني. ومنطلق هذا الاتجاه أن الديمقراطية تقتضي مشاركة ممثلي الشعب في إبرام المعاهدات.
الاتجاه الثالث: ويأخذ هذا الاتجاه بتقاسم كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية اختصاص الموافقة والتصديق، وهذا الأسلوب تأخذ به أغلب دساتير دول العالم في الوقت الحاضر(7)، ومنها الدستور العراقي النافذ، ويرى أصحاب هذا الاتجاه بمنح اختصاص التصديق على المعاهدات لرئيس الدولة باعتباره رئيس السلطة التنفيذية، شريطة حصول موافقة البرلمان، وقد اعتمد هذا الأسلوب الدستور الفرنسي لسنة 1875 والدساتير الفرنسية اللاحقة، التي منحت السلطة التنفيذية من عرض المعاهدة أو الاتفاقيات الدولية على السلطة التشريعية لغرض الموافقة عليها.
إن إجراء المفاوضات والتوقيع على الاتفاقيات تدخل ضمن اختصاص السلطة التنفيذية، ومع ذلك يتطلب موافقة الجمعية الوطنية حتى تكون ملزمة، إلا أنه توجد بعض الاتفاقيات الدولية ذات الطابع التقني أو الإداري أو التنفيذي لا تحتاج إلى موافقة البرلمان، وبنفس هذا المضمون، تلزم بعض الدساتير رئيس السلطة التنفيذية أن يعرض مصادقة المعاهدة على السلطة التشريعية عندما تختص بالأمور التالية:
1. معاهدات الصلح.
2. معاهدات التحالف.
3. معاهدات التجارة.
4. معاهدات الملاحة.
5. المعاهدات التي يترتب عليها تعديل في أراضي الدولة، أو التي تتعلق بحقوق سيادتها.
6. المعاهدات التي ترهق ميزانية الدولة وتحمل الخزانة العامة للدولة نفقات لم ترد في الميزانية.
في القانون المقارن (ألمانيا الاتحادية)
نظم القانون الأساسي الألماني لسنة 1949،عقد المعاهدات والمصادقة عليها بمنح السلطة التشريعية وبالأخص مجلس النواب الاتحادي (البوندستاغ) سلطات واسعة بإدارة علاقات ألمانيا الاتحادية مع الدول الأجنبية(8)، فقد نص على مجموعة مواد خاصة بتنظيم العلاقات مع الدولة الأجنبية والمنظمات الدولية، فالاتحاد هو الذي يدير العلاقات مع الخارج مع مراعاة مصالح الولايات المنضوية في داخله، حيث تشترك الولايات مع الإتحاد في مناقشة نصوص المعاهدة التي يعقدها الاتحاد متى كانت هذه المعاهدة ماسة بسكانها، إذا أوجب الدستور استشارة الولاية قبل عقد هذه المعاهدة، وفعلياً أبدت الولايات رأيها في العديد من المعاهدات، وعلى سبيل المثال، شارك (شمال الراين – ويستفاليا) في مناقشة نصوص معاهدة مجموعة الفحم والصلب الأوروبية المعقودة عام 1952، إذ كانت هذه المعاهدة ماسة بها مباشرة، واستطاعت هذه الولاية إلزام الاتحاد بتعديل بعض نصوصها، حيث وجدتها غير منسجمة ومصالحها(9).
وقد نظم القانون الأساسي الجهات المختصة لإدارة ملف العلاقات مع الدول الأخرى؛ فقد منح رئيس الاتحاد وفق المادة (59) بحق تمثيل الاتحاد في أمور القانون الدولي وعقد المعاهدات مع الدول الأجنبية باسم الاتحاد، وفي العادة أن رئيس الاتحاد يخول وزير الخارجية أو وزير دولة أو السفير الألماني لغرض القيام بذلك نيابة عنه، ويصادق عليها بعد ذلك،
إن الجهة المختصة بعقد المعاهدات هو رئيس الاتحاد، لكن السياسة الخارجية ذاتها من اختصاص الحكومة الاتحادية، إلا أن الواقع العملي يشير إلى أن الرئيس لا يمارس هذا الاختصاص إلا نظرياً، إذ اختص وزير الخارجية من الناحية الفعلية بصلاحية عقد وإبرام المعاهدات، وهو الذي سيكون مسؤولاً عن تلك المعاهدة عند مساءلته في مجلس النواب الاتحادي (البوندستاغ).
ألزم القانون الأساسي مجلس النواب الاتحادي (البوندستاغ) بتشكيل لجنة لتتابع الشؤون الخارجية للاتحاد (10)، وأن المعاهدات التي يعقدها الرئيس الاتحادي وبتوقيع مجاور من قبل وزير الخارجية، لابد أن تحظى بمصادقة مجلس النواب الاتحادي، فقد أُعطي للبرلمان الاتحادي دوراً مهماً في التصديق على المعاهدات التي تبرمها الحكومة، وقد يتم ذلك من قبل المجلسين معاً وبموافقة الأغلبية المطلقة، وقد يتم ذلك من قبل مجلس النواب (البوندستاغ) فقط(11).
تنظيم عقد المعاهدات في العراق
تناولت التشريعات العراقية بشأن عقد المعاهدات، السلطات المعنية بإبرام المعاهدات والتوقيع والموافقة والمصادقة، وتحديد الجهة صاحبة الاختصاص بتشخيص الوفد المفاوض والجهات المخولة بالتوقيع، وكذلك تحديد الموضوعات ذات الطابع المصيري للدولة التي تحتاج إلى أغلبية خاصة من اجل الاتفاق على عقد المعاهدات والاتفاقيات الدولية والموافقة عليها.
فقد منحت هذه التشريعات، حق التفاوض والاتفاق إلى مجلس الوزراء لعقد المعاهدات، إما المصادقة فهي اختصاص مشترك بين رئيس الدولة ومجلس النواب.
∙ عقد المعاهدات
حدد الدستور العراقي صلاحيات مجلس الوزراء في المادة (80): بتخطيط وتنفيذ السياسة العامة للدولة، والخطط العامة، وكذلك التفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتوقيع عليها. وقد نص النظام الداخلي لمجلس الوزراء رقم 2 لسنة 2019، في المادة(2) التي حددت مهام المجلس بالآتي: رسم السياسة الخارجية والاقتصادية والتجارية والمالية والتوقيع عليها، والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتوقيع عليها أو من يخوله، وكذلك الموافقة على قبول المنح والمساعدات والهبات والتبرعات المقدمة من الحكومات الأجنبية إلى الحكومة العراقية والجهات الرسمية وبالعكس على وفق القانون.
ومن هذين النصين ان المعني برسم السياسة الخارجية للدولة وعقد المعاهدات والاتفاقيات الدولية هو مجلس الوزراء.
وعن الإجراءات الخاصة بعقد المعاهدات فإن مجلس الوزراء هو المعني بإبداء الرأي حول أي مفاوضات بعد الدراسة من قبل وزارة الخارجية وتدقيق مجلس شورى الدولة وفق النص الأتي: تعرض الجهات المختصة مشروع المعاهدة الثنائية قبل التفاوض في شان عقده بفترة مناسبة على الجهات ذات العلاقة بالمعاهدة و على وزارة الخارجية لدراسته وإبداء الرأي فيه و تعرضه مع أراء الجهات ذات العلاقة على مجلس شورى الدولة لإبداء المشورة القانونية في شأنه ثم يعرض على مجلس الوزراء للوقوف على رأيه، (قانون عقد المعاهدات، المادة 4، اولا). وقد خول القانون وزارة الخارجية وفق المادة (25) بأن: تتولى وزارة الخارجية بناء على موافقة مجلس الوزراء إعداد وثائق التفويض بالتفاوض والتفويض بالتوقيع ووثائق التصديق أو الموافقة ووثائق التفويض بتبادل وثائق التصديق ومحاضر تبادل وثائق التصديق والمذكرات المؤيدة للتصديق او الموافقة ووثائق الانضمام للأغراض المحددة في هذا القانون.
ومن الجدير بالذكر أن النظام الداخلي لمجلس الوزراء قد حدد لبعض الموضوعات أغلبية خاصة وهي الموافقة بنسبة ثلاث أخماس عند اتخاذ قراراته، فيما يخص بعض الموضوعات ذات الأهمية القصوى، وهذا ما أشارت إليه(المادة 7، ثالثا،):
1- بأن تتخذ القرارات بأغلبية ثلاث أخماس عدد أصوات الحاضرين بمن فيهم الرئيس في الموضوعات الآتية:
أ- ذات الطابع الاستراتيجي.
ب- المتعلقة بالسيادة الوطنية بما فيها وجود قوات أجنبية في العراق وكيفية تنظيم عملها.
ج- ما يتعلق بالحدود الدولية لجمهورية العراق والعلاقات الدولية الإستراتيجية.
ومن هذا النص: إن الموافقة على أي اتفاقية تتضمن بنودها هذه الموضوعات تحتاج إلى نسبة غير أغلبية الحاضرين المعتاد اتخاذها في قرارات مجلس الوزراء، وقد تم تحديدها بأغلبية ثلاث أخماس، وهذا يعكس أهمية الاتفاق العام عند اتخاذ القرارات ذات البعد المصيري للدولة.
إن تسمية الوفد المفاوض هو من اختصاص مجلس الوزراء، وان رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية يشاركان في الوفد المفاوض دون الحاجة إلى إبراز وثائق التفويض، بحكم منصبيهما، إما الأشخاص الآخرين الذين يشاركون في إي وفد بشأن عقد معاهدة، لابد من إبراز وثيقة التفويض التي تصدر بتوقيع رئيس مجلس الوزراء، ووزير الخارجية. (قانون عقد المعاهدات، المادة،1 -4)
ومن هذه النصوص إن المعني بالمفاوضات وإعداد نص المعاهدة والتوقيع عليها، وتحديد الوفد المفاوض، من صلاحيات مجلس الوزراء، من خلال رئيس مجلس الوزراء او وزير الخارجية أو إي موظفين في الدولة، يتم تعيينهم من قبل مجلس الوزراء بموجب وثيقة بتمثيل جمهورية العراق في التفاوض والتي تصدر بتوقيع من رئيس مجلس الوزراء و وزير الخارجية (قانون المعاهدات رقم 35 لسنة 2020، المادة الأولى، سادساً)، إي أن حق التفاوض هو اختصاص حصري لمجلس الوزراء دون غيره من الجهات الأخرى، وان الحديث عن المطالبة بمشاركة آخرين ضمن الوفد المفاوض، الذي دار في وسائل الإعلام قُبيل بدأ الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة، بأهمية تمثيل لمجلس النواب أو من حكومة الإقليم او المحافظات غير المنتظمة في إقليم، وكذلك لبعض المؤسسات او الشرائح الاجتماعية، ان هذه المطالبات ليس لها سند دستوري، أو قانوني او نظامي، وهي بشكل أو بآخر إضعاف لمكانة الوفد المفاوض العراقي أمام وفد الطرف الأخر المفاوض.
المصادقة على الاتفاقية
اولا: موافقة مجلس النواب
بعد الاتفاق على عقد المعاهدة والتوقيع عليها من قبل السلطة التنفيذية، لابد من تنفيذ إجراءات المصادقة عليها حتى تأخذ حيز التنفيذ. ورسم ذلك الدستور عندما نص إلى صلاحيات رئيس الجمهورية: المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بعد موافقة مجلس النواب، وتُعد مصادقاً عليها بعد مضي خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمها(المادة 73، ثانيا).
وهذا ما أشار إليه قانون عقد المعاهدات (المادة،27، خامساً): بعد التوقيع على المعاهدة تقوم الجهة المعنية بإرسالها مع وثيقة التخويل بالتفاوض والتوقيع إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لاستحصال موافقته عليها وإرسالها إلى مجلس النواب لتنظيم عملية المصادقة عليها.
وقد اشترط قانون عقد المعاهدات لغرض موافقة مجلس النواب الأغلبية المطلقة لعدد اعضائه، باستثناء المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي لها مساس بمصير الدولة حيث لأجل الحصول على الموافقة عليها لابد من توفر أغلبية الثلثين من عدد أعضاء مجلس النواب، وقد حدد القانون الموضوعات التي تخضع إلى هذه الأغلبية بالاتي:
أولاً: معاهدات الحدود والمعاهدات التي تمس السيادة الإقليمية لجمهورية العراق.
ثانياً: معاهدات الصلح والسلام.
ثالثاً: معاهدات التحالف السياسية والأمنية والعسكرية.
رابعاً: معاهدات تأسيس المنظمات الإقليمية أو الانضمام إليها (12).
ثانيا: مصادقة رئيس الجمهورية.
ومن أجل المصادقة على عقد المعاهدة نصت (المادة، 27،سادسا):
تقوم رئاسة الجمهورية بالمصادقة على المعاهدة بعد موافقة مجلس النواب عليها.
بعد موافقة مجلس النواب على عقد المعاهدة حسب الأغلبية المطلوبة، يصادق عليها رئيس الجمهورية، وتعتبر مصادق عليها بعد مضي خمسة عشر يوما من تاريخ استلامها.
وبهذا تكون مصادقة رئيس الجمهورية ذات طابع شكلي، فالأصل بالمصادقة هو مجلس النواب صاحب السلطة الحقيقة بتمرير عقد المعاهدة.
إن التشريعات العراقية، منحت الوزارة الصلاحيات الكاملة في إبرام عقد المعاهدات والتوقيع عليها، من حيث تحديد الوفد والتفاوض وإعداد النص والتوقيع عليه، مع تحديد نسب معينة عند اتخاذ القرار لبعض الموضوعات المصيرية، ولهذا لا يوجد اي سند تشريعي لبعض الأصوات المطالبة بإعادة النظر بطبيعة الوفد المفاوض، اما بالنسبة للمصادقة فقد اعتمدت هذه التشريعات على موافقة مجلس النواب والمصادقة الشكلية لرئيس الجمهورية، مع تحديد نسب خاصة لتمرير بعض المعاهدات ذات الطابع المصيري للدولة العراقية، وهو الاتجاه الذي اعتمدته اغلب الدول الديمقراطية ذات النظام البرلماني.
……………………………….
(1) معاهدة فيينا لسنة 1969، المادة الثانية، الفقرة الأولى البند (أ).
(2) د.علي صادق أبو هيف، القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 428.
(3) د. علي خليل إسماعيل ألحديثي، القانون الدولي العالم، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 2010، القاهرة، ص34.
(4) المادة 12 الفقرة 1، 2 من اتفاقية فيينا لسنة 1969.
(5) المادة 14 من قانون اتفاقية فيينا لسنة 1969.
(6) شارل روسو، القانون الدولي العالم، ترجمة شكر الله خليفة وعبد الحسن سعد، الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت، 1982، ص48.
(7) شارل روسو، القانون الدولي العام، المرجع السابق. ص48.
(8) المادة 31 من القانون الأساسي الألماني لسنة 1949.
(9) Robert.R.Bowie and Carle.Friedrich – Studies in Federalism-Published by Liter-Brawn and Company- Boston, Mass-1954. p. 385
(10]) المادة 45 من القانون الأساسي الألماني لسنة 1949
(11) المربليشكة: حكومة ألمانيا المعاصرة، ترجمة محمد حقي، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، 1973، ص 100.
(12) المادة 17 من قانون المعاهدات رقم 35 لسنة 2015.
رابط المصدر: