نجح فريق من العلماء الكنديين في عزل سلسلة من فيروس كورونا وزرع عيّنات منها داخل المختبر، بهدف المساعدة على دراسة العامل المسبّب للجائحة العالمية القاتلة.
وفي “معهد سانيبروك للأبحاث” وجامعتي “ماكماستر” و”تورونتو” في كندا، عزل باحثون الفيروس من عيّنتين ثم زرعوه في منشأة معزولة بإحكام. ولا يعنيِ ذلك عزل أشخاص مصابين بالفيروس، بل نجاح العلماء في الحصول على عيّنة نقيّة من الفيروس عزلوها خارج جسم الإنسان لدراستها.
وأوضح الفريق إنّ العيّنات التي زُرعت في المختبر ستساعد العلماء في كندا والعالم على تطوير اختبارات أفضل لتشخيص المرض، فضلاً عن تطوير علاجات ولقاحات لمحاربة فيروس كورونا.
وليست هذه المرّة الأولى التي يُعزل فيها الفيروس. وأول من نجح في عزله هم العلماء الصينيون. وكذلك نجحت في الأمر نفسه فرق بحثية في أستراليا وإيطاليا.
وفي المقابل، ونظراً لمواصلة الفيروس عملية تحوّله وتطوّره [= تغيير تركيبته الجينية]، صار لدينا الآن سلسلات عدّة من فيروس كورونا تُعرف جميعها باسم “سارس-كوف-٢”، مع ملاحظة أنّ “كوفيد١٩” هو مُسمّى شائع عن المرض السريري الذي تسببه تلك السلالات الفيروسية.
وفي كل مرّة يلتقط فيها شخص ما الفيروس ثم يتكاثر داخل جهازه التنفّسي، يحدث تبدّل في تركيبة الفيروس، بل تحدث فيه قرابة ست طفرات جينية. وأثناء تفشّي الوباء الحالي، أدّت الطفرات إلى ظهور سلالتين أساسيتين من الفيروس. ويبدو أن أكثرهما ارتباطاً بالوباء الذي انتشر بداية في مقاطعة “ووهان”، هي الأكثر انتشاراً، بل يقال إنها الأخبث. وفي المقابل، تتميّز السلالة الثانية بأنها أقل انتشاراً حتى الآن، وتظهر الدراسات أنّ وقعها أخف على جسم المُضيف. ومن ناحية اخرى، تتيح كل عملية عزل للفيروس للعلماء رؤية مدى سرعة تحوّل فيروس “سارس-كوف-٢” واكتشاف التبعات المترتبة على هذه الطفرات بالنسبة للإنسان.
في ذلك الصدد، أوضحت الدكتورة سميرة مباركة المتخصصة في علم الجراثيم والأمراض المعدية في “سانيبروك”، أن العلماء حاضراً “بحاجة إلى أدوات أساسية من أجل تطوير حلول لهذه الجائحة… وفيما تعتبر الاستجابة الآنيّة في غاية الأهمية، تأتي الحلول الطويلة الأمد من الأبحاث الضرورية حول هذا الفيروس المستجدّ”.
وفي سياق مُشابِه، تحدث زميلها الدكتور روب كوزاك المتخصص في علم الجراثيم السريري في “سانيبروك”، مشيراً إلى إن “الباحثين في هذه المؤسسات ذات المستويات العالمية، تضافروا مع بعضهم بعضاً بطريقة مباشرة ونجحوا في عزل الفيروس خلال أسابيع قليلة… وهذا دليل على الأشياء المذهلة التي قد تحدث حين نتعاون”.
وكذلك أشار الدكتور أرينجاي بانيرجي من “جامعة ماكماستر” إلى أنّ البحث الذي أجراه الفريق سيساعد العلماء حول العالم في دراستهم للفيروس. وأضاف “بعد أن نجحنا في عزل فيروس “سارس-كوف-٢”، بات بإمكاننا مشاركة معلوماتنا مع الباحثين الآخرين ومواصلة هذا العمل الجماعي. وكلما زاد عدد الفيروسات التي تتوفّر لنا بهذه الطريقة، تتقدم معرفتنا وتعاوننا ومشاركتنا”.
رابط المصدر: