صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات العدد التاسع والعشرون (صيف 2019) من دورية “عمران” للعلوم الاجتماعية. وقد ضمّ هذا العدد نخبة من البحوث المختلفة التي عالجت إشكاليات نظرية في مناهج العلوم الاجتماعية والإنسانية، أبرزها دراسة تقارن بين مناهج التجريب بين علمَي النفس والأعصاب، إضافة إلى دراسات أخرى بحثت قضايا المنهج في علوم الجغرافيا والأنثروبولوجيا والسلوك الاجتماعي والمجتمع الافتراضي. كما اشتمل على مناقشة موسّعة لكتاب عالم الاجتماع التونسي، عبد الوهاب بوحديبة، “الإسلام: انفتاح وتجاوز”، وثلاث مراجعات كتب أخرى عالجت مواضيع عسكرة المجتمع في مصر، والشبكات الاجتماعية والهيمنة. وقد عرضت “عمران” في هذا العدد لوحات الفنان التشكيلي العراقي رياض هاشم.
مساهمات علميّة مختلفة في المنهج
تصدّر هذا العدد في باب “الدراسات” دراسة لبنعيسى زغبوش، أستاذ علم النفس المعرفي في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس في المغرب، بعنوان “التجريب بين علم النفس وعلوم الأعصاب: اشتراك في البراديغم، واختلاف في التقنيات، وتشابه في النتائج”، ناقش فيها إشكالية المنهج التجريبي بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية التي تهتمّ بدراسة الإنسان، مستنتجًا أن الاشتغال بالنموذج نفسه يفضي إلى نتائج متشابهة، وإن اختلفت التخصصات العلمية والتقنيات التجريبية. وقد درس علي جعفري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاضي عياض في المغرب، في دراسته “الميكرو-ماكرو: في إلزامية تبيان آليات الانتقال”، أهمية بناء جسور العبور بين المستويات المختلفة في التحليل الاجتماعي، من خلال توضيح آلية الانتقال من مستوى إلى آخر.
ومزج الباحث في إبستيمولوجيا العلوم الاجتماعية وسوسيولوجيا الدين، حسن احجيج، في دراسته “التفسير القصدي للسلوك الاجتماعي وشروط صدقيته”، بين الفلسفة وعلم الاجتماع، ليدرس وجاهة التفسير القصدي للأفعال الاجتماعية، منطلقًا من مقاربة تستند إلى مكتسبات الفلسفة التحليلية ونظرية الممارسة في العلوم الاجتماعية. أما محجوبة قاوقو، الأستاذة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالرباط، فقد عالجت في دراستها “المجتمع الافتراضي وإشكالية تجديد منهج البحث السوسيولوجي: نحو بناء نموذج لدراسة التفاعلات الإلكترونية بواسطة الحاسوب”، إشكالية تجديد مناهج البحث السوسيولوجي في ظل التحولات التي فرضها بروز المجتمع الافتراضي.
دراسة جماعية عن علم الجغرافيا ومجموعة من المراجعات
وقد ضمّ هذا العدد دراسة جماعية، عنوانها “تموضع العلوم الجغرافية بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والإنسانية: أيّ منهاج لأيّ موضوع؟”، أنجزها الحسن المحداد، ورقية أيت واعزيز، ومحمد جداوي، ولكبير أحجو، ومبارك بوزليم، من جامعة ابن زهر المغربية. تتساءل هذه الدراسة عن المنحى الذي يسلكه الجغرافيون لتجاوز الارتباك المنهجي الذي يعيشه علم الجغرافيا كباقي العلوم الاجتماعية والإنسانية المجاورة، مركزةً على إسهام علوم الجغرافيا في تحقيق نوع من التماهي مع مناهج العلوم التجريبية، وعلى العقبات المنهجية التي تعترضها عند دراستها الظواهر الإنسانية.
وفي باب “مناقشات” نقرأ مناقشة أستاذ التعليم العالي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بالجامعة التونسية، عبد اللطيف هرماسي، لكتاب “الإسلام: انفتاح وتجاوز”، لعالم الاجتماع التونسي عبد الوهاب بوحديبة، متناولًا حالة الازدواجية التي عاشها المسلمون بين الوفاء لما أكدته الرسالة من حق الاختلاف وفضيلة التسامح، وفي المقابل، لحظات رسم الخطوط الحمراء والتشدد والعنف.
أما باب “مراجعات الكتب”، فتضمن مراجعة كتاب “عسكرة الأمة: الجيش والأعمال التجارية والثورة في مصر” لزينب أبو المجد، من إعداد عبد الفتاح ماضي، ومراجعة كتاب “شبكات الغضب والأمل: الحركات الاجتماعية في عصر الإنترنت” لمانويل كاستلز، من إعداد إيهاب محارمة، ومراجعة كتاب “عن حق الإنسان في الهيمنة” لنيكولا بيروجيني ونيف غوردون، من إعداد شيماء شهاب.
رابط المصدر: