- ستكون المرحلة القادمة مرحلة العودة إلى ازدواجية القرار الإيراني في السياسة الخارجية؛ حيث تتبنّى حكومة الرئيس مسعود بزكشيان توجهات متباينة عن الدولة العميقة في الملفات الرئيسة.
- في ظل ازدواجية القرار ستحاول الدولة العميقة سلب حكومة بزكشيان صلاحيّاتها في بعض ملفات السياسة الخارجية، مثل: الملف النووي، والملف الإقليمي، على أن تضع هذه الصلاحيات في يد مؤسسات سياديّة أقرب للدولة العميقة.
- سيسعى بزشكيان إلى تطبيق وعده التي قطعه أثناء حملته الانتخابية، ببدء مسار العودة إلى الاتفاق النووي. وتؤكّد اختيارات الرئيس المنتخب للدبلوماسيين الملتفين من حوله هذا التوجُّه.
- ستكون الحكومة الإيرانية الجديدة مضطرة إلى انتهاج سياسة الانفتاح المباشر على الجيران، والانخراط في عملية حوار معهم، لضمان إدارة المتطلبات الإقليمية، وإبقاء الملف الإقليمي خارج أية مفاوضات محتملة مع الغرب.
سيكون لفوز مسعود بزشكيان في انتخابات الرئاسة الإيرانية تداعياتٌ على السياسة الخارجية. مع ذلك، ينبغي عدم المبالغة في التوقُّعات، فالنظام السياسي الإيراني تحكمه إرادة “الدولة العميقة”، وليس لدى بزشكيان أوراق قوة كثيرة في مواجهة هذه الإرادة.
أبرز ملفات السياسة الخارجية الإيرانية في عهد بزشكيان
يحملُ الفريق الدبلوماسي الذي رافق بزشكيان، خلال حملته الانتخابية وبعدها، أجندة مختلفة تماماً عن الفريق الدبلوماسي القائم، ذي الميول المحافظة. ويحتلّ ملف السياسة الخارجية موقعاً مركزيّاً ضمن أجندة حكومة بزشكيان؛ فالرجل أكّد مراراً خلال حملته الانتخابية، أنّ طريق تحسين حياة المواطن الإيراني، يمرّ عبر الانفتاح على العالم، وإنهاء العقوبات. وكل ذلك ينبئ عن تغيير محتمل في سياسة البلاد الخارجية.
ويواجه بزشكيان ملفات معقّدة عديدة، تُشكّل أبرز ملفات السياسة الخارجية الإيرانية في الوقت الراهن، وسيتعيّن على فريقه الدبلوماسي التعامل معها، أهمّها الآتي:
1. تشكيل الفريق الدبلوماسي: سيكون المهمة الأولى للرئيس المنتخب، وقد شهدت حملة بزشكيان انخراط الفريق الدبلوماسي لحكومة الرئيس الأسبق حسن روحاني، حيثُ رافق بزشكيان في العديد من جلساته كلٌّ من: وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف، ومساعده عباس عراقجي (مسؤول ملف المفاوضات النووية في عهد ظريف)، ومجيد تخت روانجي (المفوض الإيراني لدى الأمم المتحدة في عهد روحاني)، ومهدي سنائي (السفير الإيراني السابق لدى روسيا(. ومن المرجح أن تذهب حقيبة وزارة الخارجية إلى عباس عراقجي أو إلى وجه يشبهه، ليبدأ الفريق الجديد مساراً مختلفاً عن المسار الذي سلكه المحافظون، بقيادة أمير عبداللهيان، وعلي باقري. ولن يكون اختيار فريق السياسة الخارجية سهلاً، خصوصاً في ضوء تلويح البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون، بأنه سيمتنع عن منح الثقة للوجوه المعروفة بانفتاحها على الغرب. وتحاول مؤسسات الدولة العميقة التأثير على اختيار الفريق الدبلوماسي، والحدّ من حضور “فريق ظريف” فيه، وإن لم تنجح في ذلك، ستعمل على إفراغ الخارجية من صلاحياتها، عبر نقل بعض الملفات منها، إلى مؤسسات سياديّة بديلة، مثل “المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني”. ويمكن عَدّ الجهود التي بُذِلَت لإقصاء ظريف من دائرة المقربين من الرئيس الجديد، بعد أن عيّنه بزشكيان رئيساً لمجلس الإشراف على اختيار الوزراء، ثم مساعداً له للشؤون الاستراتيجية، إحدى طلائع هذه المواجهة، حيث يجري التصدي لعودة ما يسمّى في الأوساط المحافظة الإيرانية بـ “التيار الغربي”، أو “عصابة نيويورك” إلى وزارة الخارجية.
2. تحديد مصير المفاوضات النووية: يُمثّل الملف النووي أهمّ الملفات المطروحة على طاولة الحكومة، وأكثرها تأثيراً على مسار العلاقات الإيرانية-الغربية. وسيسعى بزشكيان إلى تطبيق وعده التي قطعه أثناء حملته الانتخابية، ببدء مسار العودة إلى الاتفاق النووي. وتؤكّد اختيارات الرئيس للدبلوماسيين الملتفين من حوله هذا التوجُّه. وتخشى طهران كثيراً من اقتراب موعد أكتوبر 2025 (حيث نهاية الاتفاق النووي وفق بنوده) الذي يعني احتمال لجوء الكتلة الغربية إلى تفعيل “آلية الزناد”، وعودة العقوبات الدولية. لكن تطبيق وعد بزشكيان لن يكون سهلاً؛ إذ تُشير المستجدات النووية الإيرانية إلى واقع مختلف تماماً عمّا كان عليه الحال إبّان توقيع الاتفاق النووي لعام 2015؛ إذ وصل تخصيب اليورانيوم نسبة 60%، وتم إنتاج معدن اليورانيوم، وجرى تخزين يورانيوم مخصب بنحو 27 ضعف ما يسمح به الاتفاق النووي، ولذلك يتحدث الجميع عن ضرورة بلورة اتفاق جديد.
وثمة عقبات داخلية تحول دون العودة إلى الاتفاق النووي، أو بلورة اتفاق بديل على رأسها “قانون الإجراءات النووية”، وأعاد القائد الأعلى، علي خامنئي أكثر من مرة، مؤخراً، التأكيد على ضرورة اتباع هذا القانون بحذافيره. وبات الحديث عن العودة إلى الاتفاق النووي صعباً في الغرب أيضاً، بعد ثلاثة أعوام من التصعيد بين طهران والعواصم الغربية. وبات الغرب يطالب باتفاق يتضمن ملفات خلافية أخرى، ولا يقتصر على الملف النووي. لكن ثمّة مهارب من هذا الطريق المسدود، تتمثل في “استراتيجية الأقل مقابل الأقل”، والتي تتضمن خفض المجموعة الغربية لخطواتها التصعيدية، ثم التساهل في تطبيق العقوبات، أو تجميد بعضها، وذلك لدعم التيار الإصلاحي الإيراني. ولطالما شكّلت هذه الخطوات ملامح السلوك التقليدي لصناع القرار الأوروبيين في أوقات سيطرة الإصلاحيين في إيران. ويمكن اعتبار التفاؤل الحذر الذي تبديه بعض الجهات الغربية، ومشاركة نائب منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إنريكي موراي في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، والانقسام داخل الخط الأوروبي حول وضع الحرس الثوري ضمن قائمة الإرهاب الأوروبية، من طلائع الانفتاح الغربي المحتمل على الحكومة الإيرانية الجديدة.
3. تحديد مصير “استراتيجية التوجه نحو الشرق”: سيكون الملف الآخر المطروح على طاولة الحكومة الإيرانية الجديدة، وهو ملف تدعمه الدولة العميقة من منطلق قناعات استراتيجية، وعلاقات باتت استراتيجية هي الأخرى. وشهدت الأعوام الثلاثة الماضية في عهد حكومة رئيسي تسارُعاً ملحوظاً في عمليّة الاندماج الإيراني بالكتلة الشرقية، ودعماً إيرانيّاً لموسكو في حربها على أوكرانيا، وتدفقاً للنفط الإيراني إلى المصافي التابعة لوزارة الدفاع الصينية، وعشرات من الخطوات الصغيرة، والكبيرة، وعلى رأسها انخراط إيران في “منظمة بريكس” و”منظمة شنغهاي” و”الاتحاد الأورو آسيوي”، وتفعيل الممرّ الشمالي-الجنوبي. وستضع الفترة المقبلة كل ذلك على المحك؛ إذ تُفضِّل الوجوه الملتفّة حول بزشكيان التوجه غرباً، على خيار التوجه نحو الشرق. وأكّد بزشكيان على ضرورة تنويع سلة الشركاء، وعدم وضع الرهان كله في سلة المعسكر الشرقي. لكن قرار تجميد التوجه شرقاً لن يكون سلساً؛ إذ بات النفوذ الصيني والروسي قوياً في إيران، ومن المفترض أن تشهد الفترة المقبلة تعارُضاً بين رغبة الحكومة في التوجه غرباً أو على الأقل “تنويع الشركاء”، ورغبة الدولة العميقة في التوجه شرقاً، وبخاصة رغبة “الحرس الثوري” في مواصلة التوجه نحو روسيا. وسيكون من تداعيات هذا التعارض، إعادة النظر في مشروعات، مثل: الممر الشمالي-الجنوبي، أو الاندماج في “الاتحاد الأورو آسيوي”، وربما التشكيك في جدوى الانضمام إلى “بريكس” و”شنغهاي” من دون ربطه بانفتاح على المجتمع الدولي. وقد يُعاد النظر في بيع النفط إلى الصين بأسعار منخفضة، خصوصاً إذا اتخذ الغرب إجراءاتٍ تُسهِّل صادرات النفط الإيراني إلى زبائن آخرين.
4. العلاقات مع دول الجوار : رفعت حكومة رئيسي السابقة شعار “سياسة التجاور” بديلاً عن سياسة الانفتاح على المجتمع الدولي. وتبدو مواصلة هذه السياسة من أولويات الحكومة الجديدة؛ إذ أكّد بزشكيان على متابعة “سياسة التجاور”، وتوجّه بزشكيان نحو الجوار العربي بأول رسالة له إلى العالم. ويبدو الطريق سالكاً أمام زيادة التعاون الإيراني-العربي، في ضوء ترحيب أبداه القادة في دول الخليج بالرئيس الإيراني الجديد. لكن ثمة عقبات مفصلية تحول دون تمرير سهل لمصالحة إيرانية-خليجية؛ فالوجوه المرشحة لتولّي دفة الدبلوماسية الإيرانية، تنادي بحل القضايا الإقليمية، لا من طريق التحاور مع الشركاء الإقليميين، وإنما عبر التفاوض مع القوى الغربية. ويتناقض ذلك مع سياسة التجاور التي رفعها الرئيس الراحل رئيسي؛ ما قد يعني العودة إلى سياسات تجاهل المنطقة، والرغبة في التعامل المباشر مع الغرب حول القضايا الإقليمية.
يبدو الطريق سالكاً أمام زيادة التعاون الإيراني-العربي، في ضوء ترحيب أبداه القادة في دول الخليج بالرئيس الإيراني الجديد
غير أن مجمل المتغيرات الدولية والإقليمية، لا تسمح لحكومة بزشكيان باستئناف هذا النهج الذي اتبعته حكومة حسن روحاني من قبلُ. وستكون الحكومة الجديدة مضطرة إلى انتهاج سياسة الانفتاح المباشر على الجيران، والانخراط في عملية حوار، وتعامل معهم، لضمان إدارة المتطلبات الإقليمية، وإبقاء الملف الإقليمي خارج أية مفاوضات محتملة مع الغرب، وضمان الحصول على مكتسبات مالية لتحسين الوضع الاقتصادي الإيراني. وربما تحقق هذه السياسة التي ستنتهجها الحكومة غالباً، نجاحاً جزئيّاً في فضّ بعض الخلافات مع دول الجوار. وعلى الرغم من أن ملف العلاقات مع الجوار العربي، والخليجي على وجه التحديد، يظل الملف الأهم ضمن الأجندة الإقليمية، فإنه لن يكون الملف الأوحد في سياق “سياسة التجاور”؛ إذ سيكون ملف التطورات في القوقاز، وكيفية التعامل مع العقدة الطالبانية الساخنة على الحدود الشرقية، ضمن قائمة القضايا الساخنة. وسيكون ملف القوقاز، بما فيه الموقف من الخلاف الآذري-الأرميني، وكيفية التعامل مع عقدة ممر زنغزور، على ارتباط مباشر بملفّ العلاقات بين طهران وموسكو.
5. التطبيع العربي – الإسرائيلي: يُشكّل هذا الملف عقدة أخرى في علاقات إيران مع الجيران العرب، ويعدُّ هاجساً رئيساً في منهج التعامل الإيراني مع الشركاء العرب؛ إذ يحاول صانع القرار الإيراني الحؤول دون توسُّع مسارات التطبيع العربي مع إسرائيل، ويبذل جهداً لإقناع المملكة العربية السعودية بعدم الانضمام إلى هذا المسار الذي يعتبره جزءاً من خطة أوسع يراد منها محاصرة الدور الإقليمي لإيران. وفي سياق الهواجس والتوجهات الإقليمية ذاتها فإن تعامل الحكومة الجديدة مع محور المقاومة، والميليشيات المنتشرة في أكثر من دولة، سيشهد تطوراً ملحوظاً؛ فهو ملف أولته حكومة رئيسي السابقة اهتماماً بالغاً بحيث أطلق البعض على أمير عبداللهيان، وصف “وزير خارجية محور المقاومة“. بينما يرجح أن يحافظ وزير الخارجية الجديد على مسافة أبعد من الميليشيات، وأن تكف الحكومة الجديدة عن الدعم المفتوح للميليشيات، ومنحها الأولوية في القرار الإقليمي، وأن تتوجه نحو تعزيز التعامل مع مؤسسات الدولة.
وأثار هذا الاحتمال قلق زعماء الميليشيات الموالية لإيران، ودفع بعضهم خلال الانتخابات الرئاسية إلى التدخل من أجل توحيد صفوف المحافظين، لضمان فوز حكومة موالية لدعم محور المقاومة. ولا يعني التوجه الجديد المفترض لحكومة بزشكيان قطع التعاون مع هذه التنظيمات، كما لا ينبغي النظر بجدّية إلى تأكيد بزشكيان على استمرار أولوية دعم المقاومة، وقوله إنها على رأس أجندته، فهو أشبه بالمجاملة للقائد الأعلى، ويأتي من منطلق كون دعم الميليشيات، يحظى بحماية الدولة العميقة، وباعتباره مبدأ من مبادئ الثورة، وعنصراً أصيلاً من عناصر نظرية الرّدع الإيرانية. والتقدير الأرجح هو أننا بإزاء العودة إلى زمن الازدواجية، وتوزيع المهام التقليدي؛ حيث سيكون دعم الميليشيات مهمة المؤسسات الثورية، بينما تنشغل الأجهزة الدبلوماسية للحكومة بالتعامل مع مؤسسات الدولة في المنطقة.
6. ممرّات التجارة الإقليميّة والدوليّة: سيكون هذا الملف مطروحاً على طاولة الحكومة الجديدة، بحكم تعاظم هاجسه خلال الأعوام الأخيرة؛ إذ شكل غياب إيران عم مسارات الممرات الإقليمية هاجساً اقتصاديّاً رئيساً، وورد باعتباره محوراً أساسيّاً ضمن الرسالتين اللتين وجههما الرئيس الجديد إلى المجتمع الدولي. ومن المرجح أن يكون موضوع الممرّات أحد أولويّات الحكومة، وسيترك أثراً في سلوكها في السياستين الخارجية والداخلية. وشهد العامان الفائتان تركيزاً رسميّاً على تفعيل الممرّ الشمالي الجنوبي الذي عَدَّتهُ حكومة رئيسي آلية الانصهار الاستراتيجي مع روسيا. فيما ستشهد أعوام حكومة بزشكيان على الأرجح خفضاً لمحاولات تفعيل الممرّ، مقابل الترويج لجاهزية إيران لأداء دور أكبر في إطار ممرّ الحزام والطريق الصيني، والانفتاح على مشاريع الممرّات الإقليمية التي تمرّ من أراضي إيران. ولا يزال النظام الإيراني ينظر إلى الممرات الإقليمية والدولية باعتبارها مشاريع ذات تداعيات وأبعاد أمنية أولاً، ولذلك سيبقى يتعامل معها من منطلقات أمنية، خاصّة تلك الممرات التي تحاول الدمج الاقتصادي بين قوى يعتبرها النظام الإيراني منافسة، أو معادية لمشروعه الإقليمي.
الاستنتاجات
لا تمتلك الحكومة في النظام السياسي الإيراني الصلاحيات التي تخولها التأثير الجوهري على صوغ السياسات الخارجية. ومع ذلك، من المؤكد أننا سنشهد سياسات مختلفة من جانب حكومة بزشكيان حيال معظم الملفّات الرئيسة المطروحة على الطاولة. وسيكون العزوف الحكومي عن رغبة الانصهار مع الكتلة الشرقية، والتلكُّؤ في التفعيل الشامل لسياسة التوجه شرقاً، أحد أبرز ملامح السلوك الخارجي للحكومة المقبلة. وستسعى الحكومة الجديدة إلى فتح الأبواب المغلقة حاليّاً على الغرب، بغض الطرف عن مدى نجاعتها، أو إخفاقها في ذلك.
وستكون المرحلة القادمة مرحلة العودة إلى ازدواجية القرار الإيراني في السياسة الخارجية؛ حيث تتبنّى الحكومة توجهات متباينة عن الدولة العميقة في الملفات الرئيسة. وكانت حكومة إبراهيم رئيسي المقربة من أروقة الدولة العميقة قد أنهت هذه الازدواجية إلى حدٍّ كبير. وفي ظل ازدواجية القرار ستحاول الدولة العميقة سلب الحكومة صلاحيّاتها في بعض ملفات السياسة الخارجية، مثل: الملف النووي، والملف الإقليمي، على أن تضع هذه الصلاحيات في يد مؤسسات سياديّة أقرب للدولة العميقة. وستواجه السياسة الخارجية للحكومة آليات ضغط تمارسها الدولة العميقة عبر استخدام أدوات تقليدية مثل: القوة الصاروخية والميليشيات والحملات الإعلامية في الداخل. وستؤدي العودة إلى زمن ازدواجية القرار إلى إبقاء التوافقات التي تبرمها جميع الأطراف مع الحكومة الإيرانية هشّة؛ إذ إنها لا تضمن التزام الدولة العميقة بها.
وفي ظل عودة الإصلاحيين إلى سدة الدبلوماسية، وفي مقابل عدم اعتراض الدولة العميقة في إيران على بدء مفاوضات إيرانية-غربية، ستُظهِر القوى الغربية حرصاً على دعم موقع المعتدلين في وجه المتشددين. وسيبقى هذا الانفتاح في إطار استراتيجية “الأقل مقابل الأقل” العملياتية، وبما يعني عدم تفعيل “آلية الزناد”، والكف عن محاولات وضع الحرس الثوري ضمن قائمة الإرهاب الأوروبية، والتساهل في تطبيق العقوبات، لتمكين الحكومة الجديدة من الحصول على أموال لتحريك الاقتصاد.
وفي شكل عامّ، سيحرص الغرب على التوصُّل إلى تسويات جزئية مؤقتة مع طهران على أقل تقدير. غير أن السلوك الغربي حيال إيران، وكذلك السلوك الإيراني تجاه الغرب، سيبقى متأرجحاً بانتظار نتيجة الانتخابات الأمريكية. ومن المفترض أن يعمل الفريق الدبلوماسي الإيراني الجديد على فتح أبواب خلفيّة للتواصل مع فريق ترمب، للتوصل إلى توافقات أوليّة معه، تُعتَمدُ في حال عودته إلى الحكم.
المصدر : https://epc.ae/ar/details/brief/alrayiys-al-irani-aljadid-wamilaffat-alsiyasa-alkharijia