- فريد بلحاج
- رباح أرزقي
إحتجاجات الشوارع تجتاح بلدان العالم النامية، ولاسيما منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا—الجزائر ومصر والأردن والكويت ولبنان والعراق. و
. إذ أن . وهذه المشاعر الكامنة بعدم الثقة في الحكومات تذكيها وسائل التواصل الاجتماعي التي يمكنها الاستجابة بسرعة ردا على الخطوات غير السديدة التي تتخذها في أحوال كثيرة حكومات تتعامل بسرية. علاوةً على ذلك، فإنتتعاظم هذه التوترات والتجاذبات الداخلية في المنطقة مع اشتداد حالة عدم اليقين التي تكتنف أوضاع الاقتصاد العالمي. وفي الواقع، استمر تدهور آفاق النمو في المستقبل مع تراجع الاستثمارات في البلدان النامية. ومن بين العوامل التي تُنذِر بتراجع آفاق النمو الاقتصادي: التوترات التجارية وخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. وهناك مصدر قلق آخر هو تزايد مستويات الديون الحكومية التي تجعل من الصعب على البلدان النامية، ومنها بلدان المنطقة، التعامل مع التطورات الاقتصادية المناوئة، وتمويل الاستثمارات اللازمة لتعزيز النمو.
إن
ونظرا لمحدودية الأموال العامة المتاحة، والحاجة إلى تعظيم الاستفادة من الموارد الإنمائية الشحيحة، يستخدم البنك الدولي وغيره من الشركاء الدوليين منصات قُطْرية جديدة لمساندة البلدان النامية على تطبيق الإصلاحات الأساسية اللازمة لاجتذاب الاستثمارات الخاصة. . ولاجتذاب هذه الأموال من الاقتصادات المتقدمة،وقد أصدر البنك الدولي في الآونة الأخيرة تقريره المعنون “ممارسة أنشطة الأعمال 2020”. وكشف هذا التقرير تحقيق العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحسُّنا كبيرا في تصنيفاتها، ومنها السعودية، والأردن، والبحرين، والكويت. لكنه أظهر أيضا أن ثمة مجالا واسعا في المنطقة لمواصلة تبسيط القواعد أو تسريعها من أجل تيسير ممارسة الأعمال وتمكين ريادة الأعمال من الازدهار. وإلى جانب إزالة حواجز مُعيَّنة لتيسير بيئة ممارسة الأعمال، يجب على كثير من بلدان المنطقة تطبيق إصلاحات أعمق وأكثر جرأة لتشجيع المنافسة النزيهة.
غير أن الإصلاح لا يمكن فرضه من الخارج. ويجب على بلدان المنطقة أن تُحقِّق توافقا داخليا في الآراء على أن
الذين تتزايد في الغالب مستويات تعليمهم. وينبغي تفكيك هذه الاحتكارات لإفساح المجال والنطاق الواسع لازدهار رواد الأعمال الصادقين والمبدعين. وفي أغلب الأحيان توجد لدى البلدان من الناحية النظرية قوانين تنظم المنافسة، لكن المشروعات المملوكة للدولة، والجهات الفاعلة الأخرى ذات الامتيازات تستغل الاستثناءات، وتواصل أنشطتها التجارية الخاسرة. وبوجه عام، لا يجري تطبيق قوانين المنافسة في الكثير من البلدان النامية على نحو منهجي، وذلك في الغالب بسبب عدم استقلالية القضاء، وضعف استقلالية أجهزة تنظيم المنافسة وقدرتها على فرض جزاءات. وفي نهاية المطاف،وقد تساعد زيادة انفتاح الأسواق على إطلاق العنان لكامل قدرات الأفراد في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ويتطلب تحقيق ذلك وجود حكومات مفتوحة. لكن الجهات الرقابية -حينما توجد- لا يمكنها أداء دورها بفاعلية والمساعدة على استعادة الثقة في النظام إلا إذا وُجِد ما يكفي من الشفافية وبيانات كافية تتيح تقييم السياسات العامة. إن غياب الشفافية يخلق صعوبات في إقراض مشروعات البنية التحتية – حيث لا يتم في أحوال كثيرة الإفصاح بالكامل عن الضمانات والامتيازات والشروط والبنود الخفية في العقود. و
الذين يزداد استياؤهم وشعورهم بخيبة الأمل. وينبغي لحكومات البلدان المدينة والدائنة في أنحاء العالم أن تتصرف على نحو أكثر رشدا وإدراكا للعواقب وأن تلتزم بشروط شفافة في قروض مشروعات البنية التحتية. ومن الضروري أن يكون المواطنون على دراية تامة بالالتزامات الطارئة التي تقدمها الحكومات باسمهم.وبالنظر الى تضخم دور الدولة في الكثير من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن تعزيز القطاع الخاص من خلال أسواق مفتوحة يتطلب أن تضفي الحكومات مزيدا من الشفافية على المشتريات والتعاقدات الحكومية، وأن تعمل لجعل الائتمان متاحا على نطاق واسع. وستزيد زيادة شفافية المشتريات الحكومية من صعوبة حصول الشركات التي تحظى بامتيازات على تعاقدات مربحة من الحكومة، وهو ما يساعد على النهوض بقطاع خاص حقيقي. وتؤدي الامتيازات التي تتمتع بها المشروعات المملوكة للدولة في الحصول على الائتمان، لاسيما من البنوك العامة، إلى مزاحمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تجد صعوبة في الحصول على قروض، ليس هذا فحسب، لكنها تلقى أيضا صعوبة في منافسة الشركات المملوكة للدولة التي يتيح لها ما تتمتع به من سهولة الحصول على الائتمان أن تعمل على نحو لا يتسم بالكفاءة أو حتى بخسارة. وذلك أمر لا يمكن استمراره.
إن الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يرفضون الوضع القائم ويطالبون أن تعمل الحكومات لتحقيق تغير إيجابي. ويجب على تلك الحكومات أن تغتنم الفرصة التي تتيحها أسعار الفائدة المنخفضة للاستفادة من أسواق رأس المال العالمية من أجل التشجيع على بناء أسواق أكثر انفتاحا تقوم على المنافسة النزيهة وحكومات شفافة.
رابط المصدر: