تواجه الاستجابة الإنسانية في اليمن نقصاً ملحوظاً في التمويل الدولي، ما جعل مختلف التدخلات والأنشطة الإنسانية تعاني من فجوة تمويلية أخذت تزداد اتساعاً مع مرور الوقت، وهو ما اضطر وكالات وبرامج الإغاثة، في الفترة الأخيرة، إلى وقف أو تعليق جزء مهم من مشاريعها المنقذة للحياة. وما فتئ مثل هذا التراجع في التمويل الإنساني يثير الكثير من المخاوف بين العاملين في المجال الإنساني والإغاثي، وجعل أصوات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة والهيئات الإنسانية ترتفع محذرة من نتائجه الوخيمة.
تُسلِّط هذه الورقة الضوء على أسباب تراجع التمويل الدولي للعمل الإنساني في اليمن مؤخراً، وتستعرض نتائجه وانعكاساته المختلفة، وتناقش النهج والخيارات التي يتعين على المجتمع الدولي الأخذ بها لتحسين الاستجابة الإنسانية للأزمة القائمة ومنع تفاقمها مستقبلاً.
أسباب تراجُع التمويل الدولي للعمل الإنساني في اليمن
تعد استجابة برنامج الأغذية العالمي للطوارئ في اليمن “الأكبر في العالم”، إذ يقوم بمساعدة نحو 15 مليون شخص بالمواد الغذائية، غير أن البرنامج بدأ يعاني نقصاً في التمويل، وأعلن تعليق أنشطة مشروع الوقاية من سوء التغذية في اليمن اعتباراً من أغسطس 2023، نتيجة لهذا النقص. ولم تتحصل خطته للفترة من أغسطس 2023 إلى يناير 2024 إلا على 28% فقط من إجمالي التمويل المطلوب، والمقدَّر بـ 1.05 مليار دولار.
وتراجُع التمويل مشكلة لا يختص بها برنامج الأغذية العالمي فقط بل كل الفاعلين في قطاع الإغاثة، ففي مايو الماضي أعلنت الأمم المتحدة أنها تواجه صعوبات في تمويل برامجها الإنسانية في اليمن، وأنها لم تتحصل هذا العام إلا على تعهدات بحوالي 1.2 مليار دولار فقط من حوالي 4 مليارات دولار تتطلبها خطتها الإنسانية. وفي هذا العام أيضاً لم تُموَّل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن إلا بنسبة 23.5% من حجم التمويل المطلوب. وهذا حال وكالات ومنظمات أصغر، فلأول مرة منذ 11 عاماً بدأت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعاني نقصاً في تمويل عملياتها في اليمن. فيما يقول المجلس النرويجي للاجئين إن الموارد التي يتلقاها تكاد تنضب، وإنَّه يدير عملياته في اليمن بما تبقى من الأموال التي حصل عليها في الماضي.
إن تراجع التمويلات الإنسانية ليس مشكلة جديدة تخص اللحظة، فقد بدأت في السنوات الثلاث الماضية. ففي عام 2022 -على سبيل المثال- لم تتلق الأمم المتحدة إلا حوالي ثلث التمويل المطلوب لبرامجها الإنسانية. وفي نفس الفترة انخفض تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بنسبة 58% في المتوسط. وكانت المساعدات الدولية قد تصاعدت بعد اشتعال الحرب في عام 2015 لتبلغ ذروتها عام 2018، إذ وصلت في ذلك العام إلى أكثر من 5 مليارات دولار، ثم بدأت في التراجع منذ عام 2019، وفي عام 2023 لم تتجاوز التعهدات مبلغ 1.3 مليار دولار.
ومع أن هذه المشكلة تتعلق بتراجع تعهدات المانحين عما كانت عليه، إلا أن عدم وفاء بعض هؤلاء بتعهداته يؤدي دوراً فيها، ويسهم في مفاقمة أزمة التمويل للعمليات الإنسانية.
ويمكن القول إن هناك أسباب وعوامل رئيسة عدة تقف وراء تراجع التمويل الإنساني عموماً، وفي اليمن على وجه الخصوص، أهمها الآتي:
1. اتساع رقعة الأزمات والنزاعات العالمية: ويأتي في طليعة هذه الأزمات، الحرب في أوكرانيا التي اشتعلت مطلع عام 2022، وتسببت في إضافة 11 مليون شخص إلى شريحة المستهدفين من قبل الأمم المتحدة بالمساعدة، كما أدت الحرب إلى نزوح 5 مليون أوكراني إلى البلدان المجاورة. وقد تسببت الحرب في السودان التي نشبت منتصف أبريل الماضي، في مفاقمة الأزمة الإنسانية في هذا البلد، وأضافت أعباءً جديدة على منظمات العمل الإنساني، إذ تسببت بنزوح أكثر من 3 ملايين شخص، وأضافت أكثر من 20 مليون شخص إلى قائمة من يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
كما أدت الكوارث الطبيعة والتغيرات المناخية وتداعيات جائحة كوفيد-19، والمشكلات الاقتصادية الحالية التي تعاني منها بعض الدول الغربية، إلى ظهور أزمات إنسانية في أماكن أخرى من العالم أو مفاقمتها، على نحوٍ جعل الأزمة الإنسانية في اليمن تحتل، مع مرور الوقت، مكانة أدنى في اهتمامات مجتمع المانحين الدوليين، الذين بدأ بعضهم في إعادة النظر في إدارة مخصصات المعونات الخارجية، وتكييفها مع التوجهات الراهنة. فعلى سبيل المثال، خفَّضت المملكة المتحدة ميزانية مساعداتها الخارجية لهذا العام، واستقطعت ربعها من أجل إيواء اللاجئين الوافدين إليها. وانسحب تأثير هذا التخفيض على الوضع الإنساني في اليمن بشكل مباشر، إذ يُقدِّر تقييم أجراه موظفو الخدمة المدنية في وزارة الخارجية البريطانية، أن هذا التقليص سيحرم نصف مليون امرأة وطفل من تلقي الرعاية الصحية اللازمة. كما “سيزداد عدد حالات الوفاة التي يمكن تجنبها بتوفير أساسيات الرعاية الصحية، وقد يتسبب ذلك في ضرر دائم للأنظمة الصحية هناك، إذا كان المانحون الآخرون غير قادرين على التمويل”.
2. زيادة الضغوط على مجتمع المانحين: في السنوات القليلة الأخيرة، تعرَّض المانحون الدوليون إلى مجموعة مختلفة من الضغوط الداخلية والخارجية، أنتجت حالة من الإرهاق لدى بعضهم، ما جعلهم أقل حماساً لمواصلة تدخلاتهم الإنسانية في العديد من مناطق العالم، وأكثر احباطاً بفعل النتائج المتواضعة والمحدودة التي خلفتها تلك التدخلات. وقد ساهمت عوامل وأسباب مختلفة في الوصول إلى هذه الحالة، لعل أهمها ما يسمى بـ”قيود الوصول الإنساني”، التي تشير إلى ما تعانيه بيئة العمل الإنساني من قيود للحركة، والعوائق البيروقراطية المفرطة، وتدخلات القوى الفاعلة والمسيطرة في مناطق الصراع، وتعرُّض المساعدات والممتلكات الخاصة بالعمل الإنساني للنهب والسرقة، وما يتعرض له العاملين الإنسانيين من حالات اعتداء وخطف. ومنذ عام 2020 أدى هذا النوع من القيود إلى تقليص المانحين الدوليين تمويلاتهم الإغاثية المخصصة لليمن، وهو توجه استمر في الأعوام اللاحقة.
وثمة أسباب وعوامل أخرى أسهمت، بشكل أو بآخر، في تطور حالة الإرهاق هذه لدى المانحين، أهمها ضعف الشفافية وارتفاع الميزانية التشغيلية للمنظمات العاملة في المجال الإنساني. ووفقاً لبعض التقارير الاستقصائية، فقد تجاوزت النفقات التشغيلية لبعض المشاريع التي نفذتها منظمات أمريكية وبريطانية وأخرى تابعة للأمم المتحدة في اليمن سقف الـ 30% من ميزانية المشاريع، وهي النسبة التي تشترط وزارة التخطيط اليمنية عدم تجاوزها، وفي حالات عدة وصلت النفقات التشغيلية هذه إلى نسبة 58% من ميزانية المشروع.
هناك أيضاً ما يسمى بأثر المحاكاة؛ فمثلما يُشجِّع اندفاع بعض الدول المانحة إلى المساهمة بفعالية في تمويل العمل الإنساني حول العالم، دولاً أخرى على القيام بالدور نفسه، وفق إمكاناتها ومواردها المتاحة، فإن التوجه العام نحو تقليص المساعدات الخارجية يُحفز أيضاً على القيام بالمثل، بل ويعطي الدول الأخرى مسوغاً لذلك.
ومن الصعب أيضاً تجاهُل العلاقة بين استمرار الأزمات الإنسانية والصراعات المسببة لها لسنوات طويلة وبين التراجع الملحوظ في تمويل العمل الإنساني في حالات بعينها، إذ إن ضخ المساعدات إلى وجهة واحدة يُولِّد أحياناً إحباطاً لدى بعض المانحين، لاسيما إذا فشلت الأعمال الإنسانية في صُنع فارقٍ ملموسٍ لدى المتضررين يُشجِّع الجهات المانحة على الاستمرار في ضخ التمويلات المطلوبة. ومن الجدير بالإشارة هنا أن التدخل في أكثر من أزمة إنسانية حول العالم، وفي أكثر من مكان، له مزاياه ومكاسبه بالنسبة لصانعي القرار من السياسيين والإداريين في الدول والجهات المانحة. وفي حالاتٍ معينة، تُمثِّل الهُدَن الإنسانية الطويلة الأمد، أو جمود الصراعات وانحسار الأعمال القتالية، مصدراً للراحة بالنسبة للعديد من المانحين، بفعل تراجع حدة الانتقادات والضغوط الأخلاقية والسياسية التي قد يتعرَّضون لها في حال توجهوا نحو تخفيض المساعدات الإنسانية أو تقليصها بصورة كبيرة.
يَحول نقص التمويل دون استمرار العمل الإنساني وفقاً لمبدأ الاستجابة الإنسانية المتكاملة، إذ يُضعف من قدرات الفاعلين الإنسانيين على الاستجابة، ويفرض عليهم إعادة هيكلة أنشطتهم والقيام بمفاضلات حول الخدمات والمنافع التي يتعين تخصيص التمويلات المتوفرة لها وتلك التي لن تحصل على تمويل، وهي مفاضلات صعبة، باعتبار أنها لا تتعلق بالكماليات وإنما بتأمين فرص البقاء على قيد الحياة؛ فالإغاثات الإنسانية تظل في حالات كثيرة خطاً فاصلاً بين الحياة والموت بالنسبة للكثيرين. وهذا ما حدث مع برنامج الأغذية العالمي الذي اضطر لوقف مشروع الوقاية من سوء التغذية في اليمن لتوجيه ما يتوفر من تمويلات لبرنامج علاج سوء التغذية الحاد المنقذ للحياة، وهي خطوة تؤثر في 2.4 مليون شخص يعانون من سوء التغذية في البلاد، وفقاً للقائمين على البرنامج.
بعبارة أخرى، إن تمويلات أقل تعني حصصاً غذائية وأدوية أقل، وفي عام 2022 مثلاً تقلَّصت المساعدات الغذائية المقدمة للأسر المحتاجة من سلة غذائية شهرياً لكل أسرة إلى سلة واحدة فقط كل ثلاثة أشهر. وبلغ انعدام الأمن الغذائي في اليمن مؤخراً مستويات خطرة، وارتفعت مستويات سوء التغذية الحاد. إن نقص التمويل يعني حرمان آلاف الأشخاص من المساعدات الإنسانية الحيوية، وزيادة عدد حالات الوفاة التي يمكن تجنبها من خلال توفير أساسيات الغذاء والصحة. وفي النتيجة النهائية، يدفع إلى مزيد من التدهور للوضع الإنساني، ويلخص منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة مارك لوكوك هذه النتيجة بقوله إنَّه “من غير الممكن منع حدوث مجاعة في اليمن في ظل تقليص تمويل الإغاثة”.
وبقاء هذه المشكلة لوقت طويل سيُفضي على الأرجح إلى تفاقمها، وتدهور الوضع الإنساني بصورة أكبر، وقد ينتج عن ذلك حالة عامة واسعة من الضعف والهشاشة المفرطة، تسمح بخلق بيئة مناسبة لانتعاش الجريمة واقتصاد الظل وكل الأنشطة غير القانونية، بما في ذلك تزايد نشاط الجماعات الإرهابية وازدهارها. وفي وضع فوضوي ومضطرب كهذا تزيد فرص استمرار الصراع ويكون السلام أكثر صعوبة. وحالة الضعف العام التي قد تكرسها هذه المشكلة ستسحب نفسها على مستقبل اليمن، بحيث يكون من الصعب والمكلف الخروج منها، وفي ظلها سيحتاج تعافي البلاد وقتاً أطول.
ومما يُفاقِم من خطورة العجز في تمويل المساعدات الإنسانية في اليمن، ومن نتائجه، الآتي:
الوضع الاقتصادي المتردي: يعيش اليمنيون وضعاً إنسانياً واقتصادياً صعباً، حيث ترتفع معدلات التضخم والبطالة، ويعاني الاقتصاد الوطني انكماشاً في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بلغ 50% في الفترة 2011-2022. ولا يزال الوضع مرشحاً لمزيد من التدهور، إذ يتوقع البنك الدولي -مثلاً- انكماشاً في النشاط الاقتصادي الحقيقي بمقدار 0.5 نقطة مئوية خلال عام 2023.
الظواهر المناخية المتطرفة: أصبح اليمن عرضة لتقلبات الطقس الشديدة، وتتسبب التغيرات المناخية بضغوط إضافية ومتزايدة على السكان، وتجعل الأوضاع الاقتصادية أكثر سوءاً. فبالإضافة إلى آثارها المدمرة على الممتلكات، تتسبب براجع الإنتاج الزراعي والحيواني وتقليص المساحة المزروعة. ووفقاً للتوقعات الخاصة بعام 2023، سيتأثر اليمن بتغير المناخ على نحو ملموس، وستؤدي الكوارث الطبيعية إلى تعطيل سبل العيش والخدمات.
عدم الاستقرار ومخاطر عودة الحرب: بصورة مستمرة تعمل حالة عدم الاستقرار على تأزيم الوضع الإنساني، وفي مثال مهم توقَّف منذ نهاية العام الماضي تصدير النفط نتيجة استهداف الحوثيين موانئ تصديره وتهديدهم لشركات النقل، وهو ما حرم خزينة الحكومة من إيرادات بالغة الأهمية كانت تعتمد عليها في تأمين النفقات التشغيلية لمؤسسات الدولة ودفع رواتب القطاع العام وتمويل واردات الغذاء، ومن ثمّ تقوَّضت قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية، وتسبب ذلك بتراجع إضافي في قيمة العملة المحلية، وارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية. وحتى تحقق مساعي السلام اختراقاً حقيقياً، وإلى أن يتم التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار، ستبقى معاودة الحرب احتمالاً قائماً، مع ما سيخلفه ذلك من تداعيات سالبة على الاقتصاد والأمن، وتأزيم الأوضاع الإنسانية بشكل دراماتيكي، ما يجعل نتائج تراجع التمويل الإنساني أكثر قسوة.
التطورات الخارجية: مثلما أسهمت الأزمات والحروب والكوارث حول العالم في تأجيج أزمة التمويل التي يعانيها العمل الإنساني في اليمن، فإن تلك الأزمات تعمل على تعظيم تداعياتها أيضاً. فالحرب الأوكرانية مثلاً زادت من تضخم أسعار الغذاء، وتعطيل روسيا لاتفاق تصدير الحبوب مؤخراً يهدد بارتفاع إضافي لتكلفة القمح، وبعدم انتظام إمداداته إلى اليمن (تأتي 45% من واردات الحبوب من روسيا وأوكرانيا، بما في ذلك إمدادات برنامج الأغذية العالمي). والوضع مرشح ليكون أكثر حرجاً وسوءاً في حال حدوث كوارث طبيعية أخرى حول العالم، وفي حال تفاقمت الأوضاع القائمة أو اشتعلت حروب وصراعات جديدة (في غرب أفريقيا مثلاً، حيث يزداد التوتر في النيجر)؛ إذ إن حصول ذلك يعني أزمات إنسانية ناشئة تصرف المانحين والمجتمع الدولي عن الأزمة الإنسانية المستمرة في اليمن.
خيارات المجتمع الدولي
أمام المجتمع الدولي خيارات عديدة ومتنوعة يمكنه الأخذ بها لمواجهة نقص التمويل الإنساني في اليمن، والحيلولة دون ذهاب الأمور في هذا البلد نحو كارثة إنسانية كبيرة. والمؤكد أن فرص نجاح المجتمع الدولي في مواجهة هذه المشكلة ستكون مرتفعة في حال كان تحرُّكه جماعياً ومنسقاً ومتنوعاً في مقارباته، وكلما زاد عدد الخيارات التي سيتبناها. وإجمالاً، يُمكن للمجتمع الدولي التحرك على ثلاثة مسارات متوازية:
1. تأمين تمويلات إضافية، وذلك من خلال تدابير تشمل: متابعة التعهدات القائمة؛ وتنظيم مؤتمرات للمانحين بغرض جمع تبرعات إضافية، وتعزيز الوعي العالمي بحجم الأزمة الإنسانية في اليمن والحاجة الملحة إلى تمويل إضافي؛ وتوسيع دائرة المانحين ليكون للقطاع الخاص دور ومساهمات أكبر، ووفقاً لمنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن هناك بالفعل تحرُّكات في هذا الاتجاه.
2. رفع كفاءة التدخلات الإنسانية: حتى مع افتراض بقاء الفجوة التمويلية عالية، لا يزال بالإمكان تعويض عجز التمويل وتخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن من طريق توفير النفقات عبر رفع كفاءة استخدام التمويلات المتاحة، وتسهيل الأنشطة الإنسانية، ومعالجة الإشكالات والعوائق الفنية واللوجستية والسياسية. ويندرج تحت ذلك الآتي:
- إصلاح الأنظمة وتطويرها، من خلال توسيع استخدام التكنولوجيا في الأنشطة الإنسانية.
- تعزيز المساءلة وتحسين الشفافية ومحاصرة الفساد في النشاط الإنساني، وتعزيز نظم وعمليات الرقابة على العمليات ذات الصلة.
- تعزيز التنسيق متعدد المستويات بين مختلف الفاعلين الإنسانيين، بما يضمن توزيع أكثر شمولية للمساعدات ويحول دون تكرار صرفها.
- تسريع عمليات التمويل الإنساني، من طريق تبسيط الإجراءات وتسريعها لتكون أكثر مرونة وتخففاً من القيود والعقبات البيروقراطية.
- تحسين الوصول الإنساني، بما يسهل تنقُّل المساعدات والعاملين الإنسانيين، ويضمن الوصول إلى كل المناطق.
- تعزيز التعاون بين المنظمات الإنسانية والسلطات اليمنية، وهذا التعاون ليس مهماً لتحسين الوصول الإنساني فقط، ولكن أيضاً لتوفير ظروف أكثر موائمة ستنعكس في توفير الوقت والنفقات.
- رفع كفاءة الاستجابة المحلية، من خلال بناء قدرات المنظمات المحلية الرسمية والمدنية وتعزيزها، خصوصاً عبر توفير التدريب والدعم الفني.
3. تكييف التدخلات الإنسانية بما يُراعي الوضع الراهن: بما أن الأزمة الإنسانية في اليمن ليست مؤقتة، ولا ترتبط بالحرب والصراع فقط ولها علاقة قوية بالأوضاع الاقتصادية والبيئية، فإن الفجوة التمويلية ستظل مشكلة دائمة، ولن يضمن الحصول على مزيد من الأموال الآن عدم معاودتها. ولذلك من المهم أن يُدخِل المجتمع الدولي تعديلات على طريقة تعامله مع الأزمة، بحيث يُعطي اهتماماً أكبر بالمقاربات الكلية، ويُدمِج الإغاثة العاجلة مع جهود متوسطة وطويلة الأمد لتعزيز الاقتصاد والأمن الغذائي والمرونة والصمود المجتمعي. ويمكنه ذلك من خلال تبني ودعم خطط وتدخلات تستهدف الآتي:
- ضمان الاستقرار الاقتصادي؛ فبقاء الاقتصاد الكلي لليمن في حالة من عدم الاستقرار يؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي والإنساني، ويدفع بمستويات الاحتياجات المرتفعة إلى مستوى أعلى، ويهدد بخسارة المكاسب التي حُقِّقَت في السنوات الماضية.
- تعزيز المرونة والصمود المجتمعي، خصوصاً من خلال مشروعات توليد الدخل في قطاعات الزراعة والصيد البحري والثروة الحيوانية والمشروعات الصغيرة.
- الاستثمار في القطاعات الأساسية، وتأهيل البنى التحتية والخدمات العامة التي تسهل الحياة والأنشطة الاقتصادية كالكهرباء والصحة.
- تحسين وضع المالية العامة، ودعم الحكومة وزيادة كفاءة أجهزتها، خصوصاً في تحصيل الإيرادات العامة وتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة لمكافحة الفساد. وسيشكل التوصل إلى حلول تسمح باستئناف تصدير النفط خطوة حاسمة في هذا الصدد.
- أخيراً، يبقى إيلاء اهتمام أكبر بوقف الصراع ودعم جهود السلام مدخلاً مهماً في طريق مواجهة الأزمة الإنسانية في اليمن وما تعانيه من نقص التمويل. ولا شك في أن تفادي توسُّع الصراع ونشوب مزيد من النزاعات الداخلية، يمثل أولوية لجهود كهذه.
.
رابط المصدر: