مقدمة
تعد مدةُ عامٍ طويلة في السياسة الأميركية، على الأقل من الناحية الانتخابية التقليدية. ومع ذلك، فإن كثيرًا من المحللين السياسيين ومنظمي الاستطلاعات وأصحاب الرأي يبذلون قصارى جهدهم لتقويم فرص الرئيس دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية التاسعة والخمسين القادمة المقرر إجراؤها في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020. ومن الواضح أن الاستقطاب الذي يميز السياسة الأميركية الداخلية الحالية، وما يُعزى إلى الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، ترامب، من سلوك مثير للجدل وتصرفات علنية فظة، يطرحان توقعاتٍ ويثيران المخاوف لدى المؤيدين والمنتقدين على حد سواء بشأن آفاقه المستقبلية في الحصول على فترة ولاية ثانية ليشغل أعلى منصب في العالم.
وفي الواقع، تبدو فرص إعادة انتخاب ترامب محدودة جدًا، إذا أخذنا في الاعتبار أن شعبيته تراوح مكانها بحدود 40 في المئة قبل عام من الانتخابات، وأن آراء الأميركيين منقسمة بشأن اتهامه بواقع 49 في المئة مع و43.5 في المئة ضد. ولكن، كما تشير صحيفة نيويورك تايمز، “على الرغم من انخفاض شعبيته على المستوى الوطني وشبح الاتهام، لا يزال الرئيس ترامب يتمتع بقدرة تنافسية عالية في الولايات الحاسمة التي من المرجح أن تقرر إعادة انتخابه”[1]. وهناك في هذه المرحلة عدة عوامل مهمة يبدو أنها تعمل لمصلحة فوز ترامب في عام 2020 أهمها:
أولًا: تصويت الأميركيين لجيوبهم
يؤدي الاقتصاد الأميركي تقليديًا دورًا حاسمًا في الانتخابات الوطنية؛ ولا يُتوقع أن تكون الانتخابات الرئاسية لعام 2020 استثناءً من هذه القاعدة. ووفقًا لنتائج استطلاع شركة “بانكريت” للخدمات المالية التي صدرت في نهاية تموز/ يوليو 2019، فإن “الرفاهية المالية للأمة هي القضية الأولى التي ستوجّه الكيفية التي سيصوت بها الناس في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وفق آراء ثلث المستطلَعين تقريبًا”[2]. وفي حين أن قضايا أخرى، وفقًا للاستطلاع نفسه، منها الهجرة (19 في المئة) والرعاية الصحية (18 في المئة) والأمن القومي (18 في المئة)، من المحتمل أن تساهم في الحملة الانتخابية المقبلة، يبقى الاعتقاد الأكثر شيوعًا حول السياسة الانتخابية في الولايات المتحدة أن الناخبين الأميركيين يميلون إلى التصويت في المقام الأول على أساس جيوبهم.
ترى غالبية الأميركيين اليوم أن الاقتصاد قد لا يكون في حالة مُثلى، لكنه جيد نسبيًا وشهد تحسّنًا في ظل إدارة ترامب. ووفقًا لمعهد غالوب، فإن 56 في المئة من الأميركيين يصنفون وضعهم المالي الشخصي على أنه “ممتاز” أو “جيد”، في حين يقول 66 في المئة أن لديهم ما يكفي من المال للعيش على نحو مريح[3]. وسجّل مؤشر غالوب للثقة الاقتصادية في تموز/ يوليو 2019 ارتفاعًا قدره سبع نقاط ليصل إلى +29، وهي أعلى نقطة مسجلة منذ شباط/ فبراير من هذا العام[4]. ويبدو واضحًا أن الأميركيين أكثر تفاؤلًا بشأن الاتجاه العام للاقتصاد الأميركي، حيث “رأت أغلبية نسبتها 54 في المئة في تموز/ يوليو، مقابل 49 في المئة في حزيران/ يونيو، أن الاقتصاد يتحسن”[5]. فإذا ثبتت هذه الآراء، فإن هذا التصور العام مرشّح للتأثير في أنماط التصويت في عام 2020.
ومع ذلك يدرك أنصار الرئيس ترامب تمام الإدراك، على الرغم من هذه الأرقام المواتية، أنه عاجز عن تجاوز نسبة التأييد البالغة 40 في المئة التي تراوح مكانها منذ انتخابه. ولذلك يجدون أنفسهم مضطرين إلى الترويج لسجل الرئيس في الاقتصاد باعتباره “أعظم إنجازاته”. فعلى سبيل المثال، كتب رئيس مجلس النواب السابق، نيوت غينغريتش، أن “الاقتصاد الذي يزداد نموًا وقوة يحظى بانطباع إيجابي لدى كل الأميركيين باستثناء اليسار المتطرف المعادي لترامب”[6]. لعلّ غينغريتش وزملاءه الجمهوريين حريصون على تسليط الضوء تحديدًا على الزيادة الأخيرة في وظائف قطاع التصنيع وانخفاض معدلات البطالة، خاصة بين الأميركيين من أصل أفريقي واللاتينيين والآسيويين، واعتبارها أنها ستكون العوامل المغيِّرة لقواعد اللعبة في الانتخابات المقبلة[7].
وفي حين يميل ترامب ومؤيدوه العنيدون على نحو سافر إلى المبالغة في إنجازاته الاقتصادية، يسارع منتقدوه إلى تذكيرنا بأن “56 في المئة من الأميركيين يعتبرون أن وضعهم المالي الشخصي ’ممتاز‘ أو ’جيد‘ في حين يقول 44 في المئة إن وضعهم ’فقط مقبول‘ أو ’سيء‘. وفي حين يقول 66 في المئة إن لديهم ما يكفي من المال للعيش على نحوم مريح، يقول 33 في المئة إنهم ليسوا كذلك”[8]. وعلى الرغم من ذلك، يواظب بعض المتنبئين الاقتصاديين على القول إن من المرجح أن يفوز ترامب في عام 2020 على الرغم من كافة تحديات السياسة الداخلية والخارجية التي يواجهها، بما في ذلك التحقيقات المتصاعدة بشأن الاتهام الموجه إليه التي يقودها حاليًا الديمقراطيون في مجلس النواب. فعلى سبيل المثال، تتوقع تحليلات وكالة موديز “أن يفوز الرئيس بسهولة في العام المقبل إذا لم يتعثر الاقتصاد على نحو سيء”[9]. ويصر مارك زاندي كبير الاقتصاديين في وكالة موديز على أنه “إذا بقي الاقتصاد بعد سنة من الآن على حاله كما هو اليوم، أو قريبًا من ذلك، فإن تأثير شغل الوظيفة سيكون قويًا، وستكون احتمالات انتخاب ترامب جيدة جدًا، خاصةً إذا تقاعس الديمقراطيون ولم يصوتوا بكثافة”[10].
ثانيًا: ميل الأميركيين إلى انتخاب شاغل المنصب
ليس جديدًا الدور الذي يضطلع به شغْل المنصب في السياسة الانتخابية الأميركية، لكن تأثيره ازداد بوضوح في العقود الخمسة الماضية، ولا سيما في مجال سياسة الكونغرس، فوفقًا لمركز السياسات المستجيبة “هناك بضعة أشياء في الحياة يمكن التنبؤ بها أكثر مما يمكن التنبؤ بفرص فوز عضو حالي في مجلس النواب الأميركي بإعادة انتخابه”[11]. وفي الكونغرس، تبلغ حاليًا معدلات إعادة انتخاب شاغلي المنصب 91 في المئة في مجلس النواب و84 في المئة في مجلس الشيوخ. وسواء تعلّق الأمر بانتخابات الكونغرس أو الانتخابات الرئاسية، يُعد شغل المنصب مصدر قوة لا يمكن إنكاره وتجاهله في الحملات السياسية، ويتصاعد تأثيره مع تراجع الانتماء الحزبي.
يسرد ألان ليكتمان، الباحث في تاريخ الرئاسة في الجامعة الأميركية في العاصمة واشنطن، عددًا من المزايا التي يتمتع بها شاغلو المناصب في حملاتهم للفوز: “الاسم المعروف، والحضور على المستوى الوطني، وقواعد لجمع التبرعات وإدارة الحملة، والسيطرة على أدوات الحكومة، والخبرة بحملة ناجحة، وسابقةُ النجاح، وميل الناخبين إلى الاستمرارية ونفورهم من المخاطرة”[12].
ومن المؤكد أن دونالد ترامب، في جهوده للاحتفاظ بالرئاسة في عام 2020، سوف يستغل مزايا شغل المنصب مقارنة بمنافسيه، إضافة إلى استخدام مهاراته التي لا مثيل لها في التواصل مع جمهوره الانتخابي. وعلى الرغم من عدم اليقين الذي يطبع السياسة الانتخابية الأميركية، بل أي سياسة في أي مكان، فإن “الشيء الوحيد الذي نعرفه حق المعرفة”، وفقًا لماثيو إغليسياس أن “الفريق المضيف يفوز عادةً باللعبة، وعادةً ما تتم إعادة انتخاب السياسي الحالي”[13].
الكلمة المؤثرة هنا هي “عادةً”، لأن هناك بعض الرؤساء الأميركيين الذين حاولوا الفوز بإعادة الانتخاب لكنهم فشلوا في ذلك، من بينهم جيرالد فورد (1976) وجيمي كارتر (1980) وجورج بوش الأب (1992). ومن ناحية أخرى، فاز 21 من الرؤساء بإعادة انتخابهم، بمن فيهم رؤساء في الفترة القريبة الماضية مثل رونالد ريغان (1985-1989)، وبيل كلينتون (1997-2001)، وجورج دبليو بوش (2005-2009)، وباراك أوباما (2013-2017). وفي حين يصرّ أنصار ترامب على أنه ماضٍ على خطى الرؤساء الواحد والعشرين الذين أعيد انتخابهم، يتهمهم منتقدوه، من ناحية أخرى، بأنهم يقللون من تقدير الأثر السلبي لمعدلات تأييده غير الجيدة، وإرث الانقسام الذي خلّفه، وأسلوب أدائه القيادي المختل والإدارة غير المستقرة، وهي عوامل من المحتمل أن تقلل من فرص إعادة انتخابه.
ثالثًا: ولاء جمهور ترامب
ليس دونالد ترامب بذلك السياسي الأميركي التقليدي بأي تعريفٍ كان. وكذلك ناخبوه الذين ما زالوا لغزًا سياسيًا من بعض النواحي. فعلى الرغم من أنه لا يملك مؤهلات الجمهوريين التقليدية في الإمساك بزمام الحزب الجمهوري وإعادة تشكيله على صورته خلال بضع سنوات، يبدو جليًا أن جهاز الحزب يهيمن عليه بشدة أسلوبُه في إدارة المواجهة العلنية وشبح الخوف من غضبه الشخصي؛ ما يجعل الأغلبية الساحقة من الجمهوريين يترددون في تحديه، هذا إن لم يحجموا عن ذلك، سواء فيما يتعلق بمسائل الحكم أو السياسة أو الانضباط الحزبي، الأمر الذي من شأنه أن يضرّ بمستقبل الحزب في فترة ما بعد ترامب. وقد أدرك المرشح ترامب ذلك جيدًا منذ بدء حملته الرئاسية في عام 2016، وتفاخر به في بيانه الشهير المفرط بالثقة بالنفس: “يمكنني الوقوف في وسط الجادة الخامسة وإرداء شخصٍ ما بالرصاص ولن أخسر الناخبين”[14].
وفي الواقع، كان محيرًا جدًا أن أفضل المحللين لم يفسر على نحو موثوق الولاء العنيد للقاعدة السياسية لترامب بمرور الوقت. وقد كتب أندرو مالكولم في مجلة ميامي هيرالد: “يبقى أحد أكثر الأسئلة إثارةً للحيرة والفضول بشأن ظاهرة ترامب الرئاسية هو كيف يحتفظ بهذه القاعدة السياسية الموالية بعناد على الرغم مما تعتبره غالبية الأميركيين دليلًا دامغًا على تناقضاته وعدم كفاءته”[15]. وما يُطمئن ترامب أن الدعم السياسي الدائم لمؤيديه المخلصين مستمر بلا هوادة، حيث يصر 62 في المئة منهم، وفقًا لاستطلاع أجرته جامعة مونماوث في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، على ألا شيء يفعله هو يغير رأيهم فيه[16].
لكن على الرغم من ولائهم الثابت، ليس لدى مؤيدي ترامب في اليمين الأصوات الكافية لانتخابه في عام 2020. تُظهر استطلاعات رأي أخيرة بشأن الانتماء الحزبي في الولايات المتحدة أن أولئك الذين حددوا أنهم جمهوريون يمثلون 28 في المئة من السكان، وديمقراطيون 31 في المئة، ومستقلون 39 في المئة. ويتضح من ذلك أن كلًا من الجمهوريين والديمقراطيين في حاجة إلى جذب أكبر عدد ممكن من الناخبين المستقلين لمصلحتهم للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة[17]. وكان مستطلع الرأي الجمهوري إِدْ غويس قد توقع في عام 2018 أن “التركيز سيتحول إلى الناخبين المستقلين قبل عام 2020” مع ازدياد الاستقطاب في البلاد[18]. ويتفق معظم خبراء الانتخابات اليوم مع توقع غويس بأن حملة ترامب سوف تحافظ على أو حتى تزيد الدعم الذي حصلت عليه من الناخبين المستقلين في عام 2016.
وباعتبار عدم تأكد هوية المرشح الرئاسي عن الحزب الديمقراطي، تعدّ اتجاهات الاقتراع الحالية غير مطمئنة إلى حد كبير لمعسكر ترامب الذي خسر التصويت الشعبي لمصلحة هيلاري كلينتون (46.1 في المئة لترامب مقابل 48.2 في المئة لكلينتون) في عام 2016. أولًا، أظهر استطلاع NPR-PBS NewsHour-Marist أن ثلاثة أرباع فقط من مؤيدي ترامب في عام 2016 يعتزمون التصويت لمصلحته مرة أخرى في عام 2020[19]. وفيما يتعلق بعموم المواطنين، قال 30 في المئة فقط من المستطلَعين إنهم يعتزمون بالتأكيد التصويت له، في حين قال 57 في المئة إنهم بالتأكيد لن يصوتوا له. ثانيًا، يبدو أن المستقلين، الذين صوّت 46 في المئة منهم لمصلحة ترامب في عام 2016، يبتعدون عنه هذه المرة. ووفقًا للاستطلاع نفسه، فإن 62 في المئة من المستقلين يقرّون بالفعل بعدم رغبتهم في التصويت له. وعلى الرغم من أن هذا مهم بدرجة تكفي لإحباط فوز ترامب في عام 2020، فإن تأثيره قد يقتصر على التصويت الشعبي أكثر من المجمّع الانتخابي[20].
في الواقع، واستنادًا إلى أنماط التصويت التي لوحظت في عام 2016، قد تظهر نتائج مماثلة في عام 2020. ومن المحتمل أن يخسر ترامب مرة أخرى في الأصوات العامة ويفوز في المجمّع الانتخابي. وفي الحقيقة، كما أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن هناك “علامات على أن أفضلية الرئيس في المجمّع الانتخابي قد استمرت أو حتى ازدادت منذ عام 2016”[21].
رابعًا: غياب منافسين جديين لترامب
عمليًا، يمضي دونالد ترامب بلا تحدٍّ على الجانب الجمهوري. فليس من المتوقع في هذا الوقت، كونه الرئيس الحالي، أن يواجه تحديًا سياسيًا جديًّا داخل الحزب الجمهوري خلال المرحلة التمهيدية للانتخابات. ظهر منافسون جمهوريون محتملون في عام 2019، منهم الحاكم السابق لولاية ماساتشوستس، ويليام ف. ويلد، والحاكم السابق لولاية ساوث كارولينا، مارك سانفورد، وعضو الكونغرس السابق عن حزب الشاي، جو والش. ويُعدّ المنافسون الثلاثة شخصيات سياسية معترف بها إلى حد ما، لكنهم يفتقرون إلى الدعم القوي داخل الأوساط الجمهورية أو اليمينية الذي يمكنهم من تشكيل تهديد وجودي لحملة ترامب. وفي الحقيقة، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، رفضت المؤسسة الجمهورية بسخرية هؤلاء المنافسين الثلاثة متسائلة هل هم “الفرسان الثلاثة” أم “المغفّلون الثلاثة”[22]. وعلاوة على ذلك، فقد انسحب سانفورد من السباق بعد شهرين من حملته الانتخابية مُقرًا بأنه “يتعين على المرء أن يكون واقعيًا”[23].
أما على الجانب الديمقراطي، فهناك كثير من المرشحين الذين يسعون إلى الترشح عن حزبهم لتحدّي ترامب في عام 2020. بدأت الحملات السياسية في عام 2018 بطرح 26 مرشحًا أسماءهم في سباق الرئاسة نيابة عن الحزب الديمقراطي. وحتى كتابة هذه السطور، ما زال هناك 18 مرشحًا في السباق، مع إمكانية انضمام مرشَّحَين إضافيَّين إلى المعركة الانتخابية في هذه المرحلة المتأخرة. وفي الأساس، يهيمن على هذه القائمة المتسابقون الأربعة الأوائل الذين حصلوا على أعلى معدلات التصويت داخل المجموعة: جو بايدن (25 في المئة) وإليزابيث وارين (19 في المئة) وبيرني ساندرز (17 في المئة) وبِيت بُتَجيج (8 في المئة)[24]. والقادمان الجديدان المحتملان هما عمدة مدينة نيويورك السابق، مايكل بلومبرغ، وحاكم ولاية ماساتشوستس السابق، ديفال باتريك، اللذان يشككان فيما يبدو في إمكان انتخاب زملائهم الديمقراطيين وقدرتهم على إزاحة الرئيس ترامب عن منصبه في عام 2020[25]. ولا يقتصر التعبير عن المخاوف على منافسين محتملين مثل بلومبرغ وباتريك، فوفقًا لآني لينسكي ومات فيزر من واشنطن بوست، يشير قادة وناشطون في الحزب إلى ضعف موقف جميع المتنافسين البارزين، ومنهم نائب الرئيس السابق جو بايدن الذي اضطر إلى الدفاع عن أخلاقيات عائلته، ولم يكن موفّقًا في المناقشات، ودقّ جرس الإنذار بسبب قلّة التبرعات له[26]. ويسود القلق من أن المرشحين الآخرين رفيعي المستوى، السيناتورين بيرني ساندرز (مستقل، ولاية فيرمونت) وإليزابيث وارين (ديمقراطية، ولاية ماساتشوستس)، ليبراليان جدًا بحيث لا يمكنهما الفوز في الانتخابات العامة[27].
ومن المسلّم به، في هذه المرحلة المبكرة من العملية الانتخابية، أن معظم المرشحين الديمقراطيين الرئيسين يصنفون في موقع جيد مقارنة بترامب. ففي المتوسط ، ووفقًا لموقع Real Clear Politics، يتقدم جو بايدن على ترامب بمقدار 10.2 نقاط (52.1 في المئة لبايدن، 41.9 في المئة لترامب)، وإليزابيث وارين بمقدار 7.3 نقاط (50.4 في المئة لوارين، 43.1 في المئة لترامب)، وبيرني ساندرز بمقدار 7.9 نقاط (51 في المئة لساندرز، 43.1 في المئة لترامب)، وبِيت بُتَجيج 4.5 نقاط (46.8 في المئة لبُتَجيج، 42.3 في المئة لترامب). لكن من الواضح أن هذه النتائج سابقة لأوانها وقد تشهد تطورات كبيرة على مدار الاثني عشر شهرًا القادمة[28].
مختصر القول، لا تترك هذه التوقعات المبكرة انطباعات سلبية على المحللين الجمهوريين الذين يراهنون على أداء ترامب في الماضي ومهارته في التواصل مع الناخبين الأميركيين والتماهي مع تطلعاتهم كما فعل في عام 2016. ويشعرون بالثقة تمامًا، كما عبّر عنها لورين ثومبسون، بأن العوامل المتمثلة بشغل الوظيفة، والاقتصاد القوي، وسياسة ترامب الخارجية الناجحة، وغياب المغامرات العسكرية الخارجية، والأجندة اليسارية غير المتماسكة التي يتبناها المرشحون الديمقراطيون، والألفة العامة بأسلوب وسياسات ترامب، من المرجَّح أن “تمنح ترامب أفضلية كبيرة على أي مرشح ديمقراطي في عام 2020”[29].
وفي الجهة المقابلة، يراهن الديمقراطيون على الطبيعة الهشة للاقتصاد في عهد ترامب الذي قد يتراجع تراجعًا كبيرًا في عام 2020، من وجهة نظرهم، مما قد يكلّف ترامب منصبه كما حصل مع جيمي كارتر وجورج بوش الأب في عامي 1980 و1992، على التوالي. وبالمثل، انتقد المرشحون الديمقراطيون، وسينتقدون، سياسة ترامب الخارجية غير المستقرة، بما في ذلك انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني، واتفاق باريس للمناخ، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، والخلافات التجارية مع الحلفاء والأعداء على حد سواء[30]. وعلاوة على ذلك، فمن خلال تسليط الضوء على جلسات الاستماع الحالية في مجلس النواب الأميركي بشأن اتهام ترامب، يراهن الديمقراطيون على تعميق إعراض الناخبين الأميركيين عن الإدارة السيئة اللامبالية التي يتعامل بها ترامب مع سلطته الرئاسية، بما يؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة باحتمالات فوزه في انتخابات 2020. ويقابل هذا الهدف الديمقراطي حصول ترامب على أعلى مستويات التأييد لسياساته مقارنة بتأييده كشخص[31]. ويتضح هذا التباين من خلال معدلات تأييده في أوساط الجمهوريين والمستقلين والبيض ورواد الكنيسة وغيرهم.
[1] Nate Cohn, “One Year from Election, Trump Trails Biden but Leads Warren in Battlegrounds,” New York Times, 4/11/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://nyti.ms/36gRVxp
[2] Adrian D. Garcia, “Most Important Issue for Voters in 2020 is the Economy, Bankrate Survey Reveals,” Bankrate, 30/7/2019, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2YBuLzd
[3] Frank Newport, “Presidential Candidates and Public Opinion About the Economy,” Gallup, 24/7/2019, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2Ly5ssw
[4] Justin Mccarthy, “U.S. Economic Confidence Improved in July,” Gallup, 22/7/2019, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2P5CAu2
[5] Ibid.
[6] Newt Gingrich, “If Dems Keep Doing these Five Things, Trump will have a Landslide Victory in 2020,” Fox News, 12/7/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://fxn.ws/2P0B4sS
[7] Karl W. Smith, “Trump’s Economy Is Working for Minorities,” Bloomberg, 6/11/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://bloom.bg/36lVhiz
[8] Frank Newport, “Presidential Candidates and Public Opinion About the Economy,” Gallup, 24/7/2019, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2Ly5ssw
[9] Tory Newmyer, “The Finance 202: Economists Project Trump will Win Easily in 2020 – and by a Bigger Margin,” TheWashington Post, 17/10/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://wapo.st/2s7DGfK
[10] Ibid.
[11] “Reelection Rates Over the Years,” Center for Responsive Politics, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/36jKdCy
[12] Linton Weeks, “Why It’s Good to Be the Incumbent,” National Public Radio, 11/6/2012, accessed on 9/12/2019, at: https://n.pr/355c1L1
[13] Matthew Yglesias, “The Incredibly Boring Reason Trump is on Track to Win in 2020,” Vox, 9/10/2017, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2LzFzZe
[14] Jeremy Diamond, “Trump: I could ‘Shoot Somebody and I wouldn’t Lose Voters’,” CNN, 24/1/2016, accessed on 9/12/2019, at: https://cnn.it/2s9hfGS
[15] Andrew Malcolm, “Inside the Mystery of Donald Trump’s Stubbornly Loyal Political Base,” Miami Herald, 6/11/2018, accessed on 9/12/2019, at: https://hrld.us/2YvDz9E
[16] Fadel Allassan, “Poll: 62% of Trump Supporters Say Nothing he could do would Change Opinion,” Axios, 5/11/2019, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2secQ5p
[17] “Party Affiliation,” Gallup, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2LCpySv
[18] Julia Manchester, “GOP Pollster Says Focus will Shift to Independent Voters Ahead of 2020,” The Hill TV, 31/12/2018, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2RAosue
[19] Philip Bump, “Only Three-quarters of Trump Supporters Definitely Plan to Vote for Him in 2020,” Washington Post, 17/1/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://wapo.st/38mDiug
[20] Ibid.
[21] Nate Cohn, “One Year from Election, Trump Trails Biden but Leads Warren in Battlegrounds,” TheNew York Times, 4/11/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://nyti.ms/36gRVxp
[22] Annie Karni & Jonathan Martin, “‘3 Musketeers’ or ‘3 Stooges’? Republicans Running Against Trump May Fall in Between,” TheNew York Times, 19/9/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://nyti.ms/2P3Y1M4
[23] Annie Karni, “Mark Sanford Drops Trump Primary Challenge: ‘You’ve Got to Be a Realist’,” TheNew York Times, 12/11/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://nyti.ms/354dtgp
[24] Jasmine C. Lee et al., “Which Democrats Are Leading the 2020 Presidential Race?” TheNew York Times, 6/12/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://nyti.ms/2P4fOmg
[25] Alexander Burns & Jonathan Martin, “Why Bloomberg and Deval Patrick Changed Their Minds About 2020,” TheNew York Times, 12/11/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://nyti.ms/36djLKQ
[26] Annie Linskey & Matt Viser, “Anxiety Rises among Democrats Worried about Party’s Prospects in 2020,” TheWashington Post, 24/10/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://wapo.st/2P4SVPB
[27] Ibid.
[28] “General Election: Trump vs. Biden,” Real Clear Politics, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2RvBysN
[29] Loren Thompson, “Why President Trump will likely be Reelected, And What it Means for Global Security,” Forbes, 26/2/2019, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/2YxThRD
[30] Dina Smeltz, “Who Says Foreign Policy Doesn’t Win Elections?” Foreign Affairs, 26/6/2019, accessed on 9/12/2019, at: https://fam.ag/2Yx1C8n
[31] Justin Mccarthy, “Trump Job Approval Higher Than Approval of Him as a Person,” Gallup, 3/10/2019, accessed on 9/12/2019, at: http://bit.ly/36iiJNK
رابط المصدر: