تخرج الإسرائيلية هليل رابين لتوها من بوابة السجن رقم ستة حيث أمضت منذ آب/أغسطس ما مجموعه 56 يوما لرفضها الخدمة العسكرية الإلزامية انطلاقا من تمسكها باللاعنف، لكنها تقول “أنا أسعد شخص في العالم”. بحسب فرانس برس.
واختارت رابين (19 عاما) عدم إخفاء قناعتها ب”رفض العنف”، مشددة على أنها مقتنعة بالسلمية وبأن العنف والحروب غير مبررة، مع الاستعداد لتحمّل عواقب ذلك. وبالتالي، خدمت رابين في السجن 56 يوما على فترات متباعدة، وتم استجوابها أربع مرات أثبتت خلالها أن رفضها أداء الخدمة العسكرية لم يكن مدفوعا “باعتبارات سياسية”، ولو لم تتمكن من إثبات ذلك، لكانت عادت الى السجن لمدة 80 يوما.
وتقول رابين بعد خروجها من السجن الواقع في قرية عتليت الساحلية، “اتصل بي محامي هذا الصباح وقال لي أنت حرة”.ويلعب الجيش دورا مركزيا في المجتمع الإسرائيلي يصل إلى التأثير على الوضع الاجتماعي للشباب وآفاق العمل المستقبلية.
وتقول رابين لوكالة فرانس برس فيما والدتها تحضنها بعد أن مرت عبر بوابة السجن، “الجيش هو أحد أكثر الأمور بديهية في إسرائيل. تكبر وأنت تعرف أنك ستصبح جنديا، ستصمت وتقوم بعملك”، في إسرائيل، على الإناث اللواتي يبلغن 18 عاما تأدية الخدمة العسكرية لعامين، مقابل 32 شهرا على الأقل للذكور. وتستثنى النساء وبعض الرجال في المجتمع اليهودي المتشدد وعرب إسرائيل من الخدمة العسكرية.
ويمكن أن يعفى أحدهم من الخدمة العسكرية إذا أثبت أنه يدرس بدوام كامل في مدرسة دينية يهودية، في حين يتذرع آخرون بمعاناتهم من مشاكل نفسية لتجنب القيام بالخدمة، أما رابين فاختارت عدم إخفاء السبب الذي يقف خلف رفضها تأدية الخدمة العسكرية، وتقول “لم أتمكن من اختيار الطريقة الأسهل، كان بإمكاني الكذب والقول أنني مجنونة (…) لست مجنونة، الوضع هنا (…) مجنون”.
وبحسب منظمة “يش غفول” أو (يوجد حد)، تمّ في العام 2019 سجن خمسة إسرائيليين رافضين للخدمة العسكرية بدافع “الاعتراض الضميري”، ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على سؤال فرانس برس حول قضية الشابة رابين، لكنه أشار إلى أن في إمكان رافضي الخدمة “عرض سبب رفضهم أمام لجنة” تقوم بدورها بإصدار “توصية” لمركز التجنيد، وسجن رقم ستة هو سجن عسكري لمخالفي الأنظمة والتعليمات العسكرية من جنود الجيش الإسرائيلي.
إيران
ولا تأبه هليل بتهم “الخيانة” والتهديد بالقتل التي تعرضت لها على مواقع التواصل الاجتماعي. وتقول “قررت ألا أسمح لكراهيتهم بالتأثير علي”، وتؤكد الشابة أنها ليست ساذجة، وأنها تدرك جيدا المخاطر التي يمثلها أعداء بلادها وسعيهم لتدميرها، وتشير الى أن أعضاء مجلس التحقيق العسكري ركزوا خلال استجوابها على جهود إيران، العدو اللدود لإسرائيل، امتلاك سلاح نووي، لكنها أجابت على تلك الأسئلة بسؤال “هل تعتقد أننا يجب أن ندعهم يفعلون ذلك؟”، مضيفة “لا، ولكن ماذا يمكنني أن أفعل حيال ذلك؟ ليست وظيفتي فعل شيء حيال ذلك”.
وعما إذا كانت سترفض الخدمة العسكرية في حال كانت مولودة في بلد آخر غير إسرائيل، تقول “أرفض خدمة أي جيش في العالم”، وترى رابين أن الواقع في الأراضي الفلسطينية حيث تحتل إسرائيل الضفة الغربية، يعزز قناعاتها، وتم إعفاء رابين من التجنيد، وتقول إنها تعتزم التطوع للخدمة المدنية مثل مساعدة الأطفال المحتاجين.
أصوات مختلفة
في العام 2002، أقرّت المحكمة العليا الإسرائيلية إمكانية إعفاء شخص ما من الخدمة، لكنها ميزت في الوقت ذاته بين النزعة السلمية و”الاعتراض الضميري الانتقائي” الذي يهدد “بإضعاف الروابط التي توحدنا كأمة”، وتقول إيريت رابين، والدة هليل التي خدمت هي نفسها في الجيش، بأسف “إسرائيل لا تريد سماع أصوات مختلفة”.
وتضيف الأم التي بدت فخورة بنضال ابنتها “لم ندفعها للقيام بذلك (…). قلنا لها عليك أن تقرري، لديك حق طبيعي في اختيار خطواتك”، وتخاطب الأم ابنتها قائلة “لقد خدمت بلدك بطريقة خاصة للغاية”.
رابط المصدر: