حذرت كل من “حركة النجباء” و “كتائب حزب الله” من أنهما سيستهدفان منشآت الطاقة في منطقة الخليج، ومناطق أخرى. ولكن، ما مدى جدية هذه التهديدات؟
منذ الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، هددت فصائل “المقاومة العراقية” مرارًا باستهداف البنية التحتية للطاقة في المنطقة إذا قامت إسرائيل باستهداف قطاع الطاقة الإيراني. ولتبرير مثل هذه الهجمات، شنّت “المقاومة” حملة تشويه ضد بعض الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. ويهدف هذا الخطاب من قبل “المقاومة” إلى تصوير هذه الدول على أنها متواطئة في دعم إسرائيل، ما يمهد الطريق أمامها لتبرير هجماتها المستقبلية المحتملة ضد مرافق الطاقة الحيوية لديهم.
حركة النجباء وكتائب صرخة القدس
في 13 تشرين الأول/أكتوبر، نشرت “كتائب صرخة القدس” – وهي جماعة تابعة لميليشيا “حركة حزب الله النجباء” وكانت تعرف سابقًا باسم “أصحاب الكهف”- شريط فيديو يهدّد بمهاجمة البنية التحتية للطاقة في عدة دول عربية. وفي إشارة إلى هذه المواقع باعتبارها “الموارد الاقتصادية العربية التي تدعم الكيان الصهيوني الخبيث”، جاء في الفيديو:” سيكون لنا نصيبنا في وقف هذا الدعم وقطع تصدير الطاقة “، (الشكل 1). كما عرض الفيديو خريطة توضح الأهداف التالية:
– ميناء جبل علي (دبي)
– ” ميناء المنامة عيسى”، في إشارة على الأرجح إلى ميناء سلمان في مملكة البحرين.
– معبر نهر الأردن
– منشأتان للغاز في المملكة العربية السعودية (المواقع غير محددة)
– منشأة أرامكو للغاز
قبل يوم واحد من نشر الفيديو، أطلق رئيس المجلس التنفيذي لحركة النجباء، ناظم السعيدي، تهديدات مماثلة على شاشات التلفزيون، محذراً من أن”المقاومة العراقية ستستهدف مراكز الطاقة إذا ما تم قصف منشآت النفط الإيرانية”، (الشكل 2).
كتائب حزب الله
كانت “كتائب حزب الله” هي أول ميليشيا عراقية تصعّد من خطاب” حرب الطاقة “، ففي 3 تشرين الأول/أكتوبر، نشر أبو علي العسكري، المسؤول الأمني لـ ” كتائب حزب الله“، رسالة قصيرة على تطبيق” تلغرام “جاء فيها:” إذا بدأت حرب الطاقة، سيخسر العالم 12 مليون برميل من النفط يومياً. وكما قالت” كتائب حزب الله “سابقًا، إما ينعم الجميع بالخيرات أو يُحرم الجميع“، (الشكل 3).
وقد أعقب هذا التهديد بيان للأمين العام للجماعة، أبو حسين الحميداوي، تضمن لغة شديدة اللهجة ضد بعض الحكومات العربية. حيث قال: ” لقد تجسدت في جبهة العدو كل أنواع الشر والهمجية والإجرام، متخطيةً كل حدود التصور البشري، وباشتراك مباشر وفعال من أمريكا الشر والدول الغربية التابعة لها، وبدعم من نظام السيسي والنظام الأردني الخبيث، والكيان السعودي بمؤسساته الوهابية، والنظام الإماراتي، وستُحفر أفعال هؤلاء في ذاكرة الأمة ما سينتج بركانا من الغيض والانتقام لا يمكنهم إيقافه” (شكل 4).
وفي وقت لاحق، أصدر العسكري بيانًا آخر كرر فيه تهديداته بشأن “حرب الطاقة” ومهاجمة الحكومات العربية، قائلاً: “من حيث المبدأ، لن نبدأ حربًا في مجال الطاقة، ولكن إذا بدأت، فإن العالم سيخسر 12 مليون برميل من النفط يومياً، وهذا ما سنتدبر أمره بعون الله. أما بخصوص ما سيفعله الإخوة اليمنيون في باب المندب، والإخوة الإيرانيون في مضيق هرمز، فالله أعلم”. وأضاف: “هذه الحرب ميّزت الخبيث من الطيب، وكشفت بوضوح من هم جنود الشيطان ومن هم جنود الرحمن. كما حددنا أنظمة الشر كما ذكرها الأمين العام في بيانه الأخير: نظام السيسي، والنظام الأردني، والكيان السعودي بمؤسساته الوهابية، والنظام الإماراتي” (شكل 5).
تحليل ختامي
سبق أن شنّت “كتائب حزب الله ” “هجمات على أهداف خليجية باستخدام جماعة “ألوية الوعد الحق” الموالية له، التي هددت بشن هجمات ضد القواعد الأمريكية في الخليج في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2023. كما نفذت هجمات ضد البنية التحتية للطاقة في الخليج انطلاقًا من العراق، حيث استهدفت، على سبيل المثال، أهدافًا سعودية في مايو/أيار وسبتمبر/أيلول 2019.
ومن المرجح أن تكون ” حركة النجباء” و”كتائب حزب الله” قد أطلقتا التهديدات الحالية نيابة عن “فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني”. وفى هذا الصدد، تستخدم إيران الميليشيات العراقية كأداة لإيصال رسالة إلى الولايات المتحدة والقوى الأخرى بأن الضربة الإسرائيلية على البنية التحتية النفطية الإيرانية يمكن أن يكون لها آثار مزعزعة للاستقرار، دون أن تضطر طهران إلى انتهاك اتفاق عدم الاعتداء الذي أبرمته مع السعودية العام الماضي بوساطة صينية. وفي الواقع، قد يؤدي إطلاق طائرات مسيّرة وصواريخ كروز من العراق إلى إلحاق أضرار جسيمة بموقع أو موقعين نفطيين عربيين، رغم أن تأثيره سيكون محدودًا مقارنة بهجوم صارم من قبل إيران، مما قد يعرض الحكومة العراقية الهشة للإحراج وللمزيد من الضغوط.