فيروس كورونا: كيف أثر الوباء على تغير المناخ؟

مروة الاسدي

 

اصبحت معضلة تلوث البيئة وحمايتها والحفاظ عليها من أكثر الأمور التي تشغل الإنسان اليوم، وان مشكلة تلوث الهواء مشكلة كبيرة وواسعة، وتعد من اخطر مشاكل العصر، حيث تعاني منها اغلب دول العالم، فيؤثر الهواء الملوث على جميع الكائنات الحية، بسبب وجود الغازات السامة في الهواء فتؤدي إلى أمراض في الجهاز التنفسي لدى الإنسان كالربو وبالتالي تؤدي إلى سرطان الرئتين، وكذلك يسبب التلوث أمراض العين، ويؤثر أيضاً في الحيوان مما يؤدي إلى نقص في النمو وإلى موتها، إضافة إلى إن التلوث يؤثر على النباتات بشكل ملحوظ حيث يتلف النباتات ويؤثر في نموها ويغير من لونها.

ويقسم الباحثون مصادر تلوث الهواء إلى المصادر طبيعية: وهي المصادر التي لا دخل للإنسان بها وهي (الغازات المتصاعدة من التربة والبراكين وحرائق الغابات والغبار الناتج من العواصف والرياح) وهذه المصادر عادة تكون محدودة وأضرارها ليست جسيمة، والمصادر الغير طبيعية: وهي التي يحدثها أو يتسبب في حدوثها الإنسان وهي أخطر من السابقة وتثير القلق والاهتمام حيث أن مكوناتها أصبحت متعددة ومتنوعة وأحدثت خللاً في تركيبة الهواء الطبيعي وكذلك في التوازن البيئي وأهم تلك المصادر: استخدام الوقود لإنتاج الطاقة، النشاط الصناعي، وسائل النقل البري والبحري والجوي، النشاط الإشعاعي، النشاط السكاني ويتعلق بمخلفات المنازل من المواد الغازية والصلبة والسائلة، النشاط الزراعي والمبالغة في استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية المصدر.

فالتلوث أو التلوث البيئيّ من اخطر المشكلات التي تواجه الإنسان في العصر الحديث وتهدد حياته بالخطر وإلحاق الضرر بكوكب الأرض وكلُّ من عليه؛ فالتلوث يُعرَّف بأنّه دخول مواد غريبة سواءً كانت حيويةً أم كيميائيّة أم غيرها إلى النظام البيئيّ بحيث تتسبب في إلحاق الضرر بالإنسان أو بالكائنات الحية الأخرى التي تتشارك معه هذا الكوكب أو إحداث خلل في التوازن البيئيّ في عنصرٍ واحدٍ أو أكثر من عناصرها كالماء والهواء والتراب والغذاء بحيث تفقد هذه العناصر القدرة على أداء وظيفتها الطبيعيّة وبالتالي يختلّ النظام الكونيّ.

وقد شهد العالم في السنوات القليلة الماضية تطوراً كبيراً على صعيد التكنولوجيا مما جعل حياة الإنسان أكثر راحة ورفاهية ولكن للأسف يبدو أن هذا الكوكب الذي يحتضن البشر منذ ملايين السنين ليس على وفاق تام مع التقدم التكنولوجي.

فمنذ الثورة الصناعية التي شهدها العالم منذ ما يقارب مائتي عام بدأ العالم يصاب بظاهرة التلوث، والتي أدت إلى كارثة الاحتباس الحراري، وهو ما تسبب في تغير جغرافية الأرض واختفاء الكثير من معالمها الطبيعية مثل الغابات والمناطق الجليدية التي كانت تغطي قطبي الأرض الجنوبي والشمالي، كما أدت تلك الظاهرة المزعجة إلى انقراض الكثير من الكائنات الحية التي لم تعد موجودة إلا في الكتب فقط، واضطرت، هذه الأضرار التي سببها التطور التكنولوجي الكبير والثورة الصناعية الهائلة، العديد من الدول الصناعية الكبرى إلى اتخاذ عدة إجراءات من أجل الحد من التلوث.

ولقد أثبتت الدراسات العلمية المحكمة أن معدل درجة حرارة الأرض خلال القرن العشرين قد أصبح أكثر سخونة من أي قرن مضى، على الرغم أن معظم علماء المناخ يتفقون على وجود ظاهرة التغير المناخي الحالي إلا أنه يظهر لغط وجدل حيال سؤال جوهري: من الذي يقف خلف هذا التغير المناخي الحالي؟

وعلى الرغم من كل ذلك يعزف بعض الناس عن قراءة الأخبار حول ظاهرة الاحتباس الحراري أو تغير المناخ، مبرراً ذلك بأن الأمر لا يعنيه وغير مهتم به، لكن هذه التغيرات التي يشهدها الطقس من حولنا ستؤثر قطعاً على الحياة بأكملها، سواء علينا نحن البشر أو حتى النباتات والحيوانات.

تخلصوا من التكنولوجيا الحديثة

خلصت دراسة حديثة أعدها علماء في الجمعية العلمية في بريطانيا إلى أن متابعة أي عرض برنامج تلفزيوني بصورة عادية الوضوح قد يوفر قليلا من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، ويتسبب عرض لقطة فيديو بصورة فائقة الجودة على شاشة هاتف بإطلاق ثمانية أضعاف كمية الغازات التي تطلق في حالة استخدام الصورة العادية.

وحث معدو الدراسة منصات العرض والمشرعين على وضع قيود على درجة وضوح الصورة المعروضة وجعل “درجة الوضوح العادي” هي المتاحة بالأساس، ويقدر التقرير أن التكنولوجيا الرقمية تتسبب بنسبة 1.4 -5.9 من الغازات المنبعثة في الجو.

وهناك وسيلة أخرى لتوفير انبعاث الغازات وهي تعطيل بث الصورة في حال كان المستخدم يريد الاستماع فقط، بحسب الدراسة، ويقول فريق العمل الذي أعد الداسة إن “خطوات بسيطة كهذه كفيلة بتوفير 5 في المئة من الغازات المنبعثة بسبب البث، وهي الكمية التي يمكن توفيرها عن طريق استخدام الطاقة الخصراء لتشغيل خوادم موقع يوتيوب.

وتحث الدراسة أيضا على استخدام أجهزة الهاتف لفترة أطول قبل استبدالها، لأن انبعاث الغازات الناجم عن تصنيع أجهزة هاتف جديدة كبير، ويشكك البعض في الأرقام التي وردت في الدراسة، وتفيد الدراسة بأنه إذا استبدلنا الهواتف كل سنتين فإن التصنيع يتسبب في انبعاث نصف الغازات التي يتسبب بها استخدام الهاتف طول فترة استخدامه، وفي حال احتفظ المستخدمون بهواتفهم لأربع سنوات فإن هذا يعني نصف كمية الانبعاث، وهكذا.

ولنفس السبب يقول معدو الدراسة إن شراء هواتف مستعملة أو الاشتراك في استخدام الأجهزة يقلل أيضا من كمية انبعاث الغازات، ويمكن لنقل عمليات أنظمة الكومبيوتر في المنزل أو المكاتب إلى “السحب الالكترونية” أن يساعد، لأن تلك السحب تتيح استخدام نماذج أكثر فعالية من الخوادم الحاسوبية، لذلك فلا تستخدم الطاقة في حالة وجود الخوادم في حالة خمول، ويجب أن تساهم الشركات التقنية في هذا، بإتاحتها معلومات شفافة عن استهلاك الطاقة وعن منتجاتها الرقمية وخدماتها، كما يوصي التقرير.

وقال بروفيسور أندي هوبر كبير معدي الدراسة “هناك أكثر من طريقة للوصول إلى المحصلة الصفرية لانبعاث الكربون، وأمام شركات التكنولوجيا دور هام لتلعبه. يجب أن ننتبه إلى أن الطلب على الخدمات الرقمية لا يتسبب بانبعاث غازات أكثر من تلك التي نوفرها في عملية الانتقال هذه”.

وقالت إحدى المشاركات في الدراسة وهي بروفيسورة كورين لو كير من جامعة إيست أنغليا لبي بي سي نيوز “الحقيقة أن التكنولولجيا الرقمية تشكل جزءا يسيرا من الانبعاث مقارنة بما يتسبب به الطيران ولو مرة واحدة في السنة مثلا، لكن أي كمية من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون نوفرها مهمة”.

وأضافت “ويضاف إلى ذلك أننا نحاول أن نشجع الناس على استغلال القوة الرقمية للمساعدة في مكافحة التغير المناخي. طريقة تدفئة بيوتنا مثلا غير مفهومة. نحن نقوم بتدفئة المنزل بأكمله لاستخدام جزء منه. بإمكاننا حل هذا الإشكال باستخدام تكنولوجيا رقمية. علينا أن نتأكد أن الثورة الرقمية تدعم الثورة المناخية، وقد فشلنا في ذلك حتى الآن”.

2020 الأشد حرارة في التاريخ

قالت وكالة كوبرنيكوس للتغير المناخي التابعة للاتحاد الأوروبي، إن العام الماضي يقف على قدم المساواة مع 2016 باعتبارهما الأكثر دفئا في التاريخ، مع غروب شمس العقد الأشد سخونة في العالم وتفاقم تبعات التغير المناخي. بحسب رويترز.

وبشتاء وخريف دافئين بشكل استثنائي في أوروبا، كان 2020 أشد الأعوام سخونة على الإطلاق في القارة، فيما اعترى هجير الحرارة العالية منطقة القطب الشمالي، وظلت الزيادات في تركيز ثاني أكسيد الكربون بالغلاف الجوي السبب الرئيسي في سخونة الأرض.

وقال العلماء إن أحدث البيانات تبرز الحاجة لقيام الدول والشركات بخفض الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري على وجه السرعة بحيث تتحقق أهداف اتفاقية باريس لعام 2015 لتجنب تغير كارثي في المناخ.

وقال ماتياس بيتشكي، مدير الإدارة المختصة بالفضاء في المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، “تثبت لنا الأحداث المناخية غير العادية في 2020 وبيانات خدمة كوبرنيكوس للتغير المناخي أننا لم يعد لدينا متسع من الوقت”. وتشتمل برامج الفضاء التابعة للاتحاد الأوروبي على أقمار كوبرنيكوس لمراقبة الكوكب.

وقالت الوكالة إن درجات الحرارة على مستوى العالم في عام 2020 كانت أعلى بمقدار 1.25 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت) مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية. وإن السنوات الست الماضية كانت هي الأشد سخونة على الإطلاق.

وتهدف اتفاقية باريس إلى وضع حد للارتفاع في درجات الحرارة دون درجتين مئويتين “بشكل واضح” والاقتراب قدر الإمكان من 1.5 درجة مئوية لتجنب الآثار المدمرة لتغير المناخ، وقالت فريا فامبورج كبيرة علماء كوبرنيكوس لرويترز “الحل هنا هو… تقليل كمية الانبعاثات”، وسُجلت في العام الماضي أعلى درجة حرارة يتم قياسها بشكل موثوق، عندما رفعت موجة حر في كاليفورنيا في أغسطس آب درجة الحرارة في وادي الموت بصحراء موهافي إلى 54.4 درجة مئوية (129.92 درجة فهرنهايت).

وقالت وكالة كوبرنيكوس إن القطب الشمالي وشمال سيبيريا استمرا في الاحترار بسرعة أكبر من الكوكب ككل في عام 2020، مع وصول متوسط درجات الحرارة في أجزاء من هذه المناطق لأكثر من 6 درجات مئوية فوق المستوى المستخدم كخط أساس للقياس وهو متوسط حرارة 30 عاما، واستمر غطاء الجليد البحري (SE:4030) في القطب الشمالي في التآكل، وسجل يوليو تموز وأكتوبر تشرين الأول أرقاما قياسية لأدنى رقعة من الجليد البحري.

وقال علماء لم يشاركوا في الدراسة إنها تتفق مع الأدلة المتزايدة على أن تغير المناخ يسهم في زيادة حدة الأعاصير والحرائق والفيضانات وغيرها من الكوارث، وقال آدم سميث، عالم المناخ في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة، إن التكلفة في الأرواح والأضرار المادية تتزايد بسرعة.

قال سميث، الذي يتتبع كوارث المناخ التي تسبب أضرارا تزيد قيمتها على مليار دولار “أصبحنا بحاجة إلى قاموس آخر لمساعدتنا في توصيف استمرار ظهور هذه الظواهر المتطرفة وزيادتها عاما بعد آخر”.

العالم لا يزال متجها نحو احترار مناخي

حذرت الأمم المتحدة من أن تراجع انبعاثات غازات الدفيئة جراء جائحة كوفيد-19 لن يكون له أثر “ذي اهمية”، فيما العالم لا يزال متجهاً نحو ارتفاع درجات الحرارة بأكثر من 3 درجات مئوية بعيدا عن أهداف اتفاق باريس للمناخ.

ودق برنامج الأمم المتحدة للبيئة ناقوس الخطر قبل ثلاثة أيام من “قمة الطموح المناخي” السبت بمناسبة مرور خمس سنوات على إبرام اتفاق باريس والتي تهدف إلى اعطاء دفع جديد للالتزامات الدولية لحصر الاحترار المناخي دون الدرجتين المئويتين وإن أمكن ضمن 1,5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. بحسب رويترز.

ونبه البرنامج في تقريره السنوي الذي يقارن بين الانبعاثات الفعلية لغازات الدفيئة وتلك المطابقة لأهداف اتفاق باريس، إلى أن انتعاش الاقتصاد في مرحلة ما بعد كوفيد-19 يجب أن يراعي البيئة ليتجنب العالم الأسوأ.

وقالت الأمم المتحدة إنه للمحافظة على الأمل باحترار مناخي لا يتجاوز درجة مئوية ونصف الدرجة، ينبغي خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 7,6% سنويا بين العامين 2020 و2030، وزادت هذه الانبعاثات بمعدل وسطي نسبته 1,5% سنويا خلال العقد الأخير وصولا إلى مستوى قياسي العام 2019 (59,1 مليار طن أي بزيادة 2,6% عن 2018)، لكن، ستنخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 7% في العام 2020 مع إغلاق جزء من الاقتصاد العالمي في مواجهة الأزمة الصحية.

لكن هذا لن يكون له، وفقًا للتقرير “سوى تأثير ضئيل” على المدى الطويل على تغير المناخ لأنه مرتبط بظروف خاصة، مع تجنب 0,01 درجة مئوية من الاحترار بحلول 2050، وبحلول نهاية القرن، يُقدّر مسار الاحترار ب3,2 درجات مئوية حتى لو تم الإيفاء بالالتزامات الحالية في إطار اتفاق باريس، وهو أمر ليس مؤكدا في كثير من الحالات.

ومع تسجيل أكثر من درجة مئوية إضافية مقارنة بحقبة ما قبل الثورة الصناعية، باتت تبعات الاحترار المناخي ملموسة. فكانت السنوات الخمس التي تلت توقيع اتفاق باريس أكثر السنوات دفئا في العالم فيما “الحرائق والعواصف والجفاف تعيث فسادا وذوبان الجليد يتم بوتيرة غير مسبوقة”، على ما أوضحت مديرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة إينغر اندرسن.

ووراء هذه الصورة القاتمة، أشارت الأمم المتحدة إلى نبأ سار يتمثل في أن الجائحة يمكن أن تشكل عبرة لكي يعتمد العالم خطط إنعاش تراعي البيئة مع دعم كثيف ومباشر للبنى والتكنولوجيات التي لا تعتمد على الكربون وخفض الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية ووقف المصانع الحرارية التي تعمل بالفحم الحجري وتطوير “حلول تعتمد على الطبيعة” منها إعادة التشجير على نطاق واسع، وسيسمح ذلك “بخفض بنسبة قد تصل إلى 25 % في الانبعاثات المتوقعة بحلول 2030 على أساس السياسات السابقة لكوفيد-19”.

الجائحة لن تحل الأزمة

وقال تالاس إن “جائحة كوفيد-19 لن تحل مشكلة التغير المناخي. مع ذلك، هي تشكل رافعة لإطلاق تحرك مناخي أقوى وأكثر طموحا بهدف تقليص صافي الانبعاثات إلى العدم من خلال إجراء تحويل كامل لصناعاتنا وأنظمتنا للطاقة والنقل”.

وتحبس الغازات المسببة لمفعول الدفيئة الحرارة في الغلاف الجوي ما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الأوضاع المناخية القصوى وذوبان الجليد وارتفاع مستوى مياه البحار وازدياد حموضة المحيطات، كذلك فإن الأنواع الثلاثة الرئيسية من غازات الدفيئة المعمّرة، أي ثاني أكسيد الكربون، ويمكن لثاني أكسيد الكربون الناجم خصوصا عن استخدام الوقود الأحفوري وإنتاج الإسمنت وإزالة الأحراج، البقاء قرونا عدة في الغلاف الجوي ولفترات أطول في المحيطات، وزادت نسبة تركيزه في الغلاف الجوي بسرعة أكبر بين 2018 و2019 مقارنة مع الزيادة بين 2017 و2018، أو مع معدل السنوات العشر الأخيرة.

وأشار تالاس إلى أن “المرة الأخيرة التي شهدت فيها الأرض مستوى تركيز مشابها في ثاني أكسيد الكربون، كانت قبل ثلاثة ملايين سنة إلى خمسة ملايين: وكانت الحرارة عندها أعلى بدرجيتين مئويتين إلى ثلاث درجات مقارنة مع الوضع الراهن كما أن مستوى البحار كان أعلى بعشرة أمتار إلى عشرين مترا مقارنة مع المستوى الحالي، لكن عدد سكان العالم لم يكن يبلغ 7,7 مليارات نسمة”، أما الميثان الذي تشكّل الأنشطة البشرية (بينها تربية المواشي وزراعة الأرزّ واستغلال مصادر الطاقة الأحفورية ومكبات النفايات) 60 % من انبعاثاتها، فقد شهد مستوى تركيزه تباطؤا طفيفا بين 2018 و2019 مقارنة مع الزيادة المسجلة بين 2017 و2018، لكن بسرعة أكبر مقارنة مع معدل السنوات العشر الأخيرة. بحسب فرانس برس.

وفي النهاية، فإن مستوى ازدياد تركيز أكسيد النيتروز، وهو من غازات الدفيئة وأيضا منتج كيميائي يشكل خطرا على طبقة الأوزون، بقي عمليّاً مساويا للمعدل المسجل للسنوات العشر الأخيرة. وتعود 40 % من انبعاثات هذا النوع من غازات الدفيئة إلى الأنشطة البشرية (أسمدة وآليات تحويل صناعي…)، فيما الباقي يتأتى من مصادر طبيعية.

التغير المناخي يشكل تهديدا متزايدا لأفريقيا

ذكرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن الفيضانات والجفاف والطقس الحار وغزو الجراد الصحراوي وآثار التغير المناخي جميعها عوامل تؤثر على أفريقيا بشدة وأن الأسوأ لم يأت بعد فيما يتعلق بإمدادات الغذاء والاقتصاد والصحة في القارة.

وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة إن درجات الحرارة ترتفع في القارة التي يقطنها 1.2 مليار نسمة بمعدل مشابه للمناطق الأخرى، إلا أن أفريقيا معرضة بشكل استثنائي لأشد التأثيرات المترتبة على ذلك.

وتخفض درجات الحرارة المرتفعة من إنتاجية المحاصيل، وتمثل الزراعة العمود الفقري لاقتصاد أفريقيا، وقالت المنظمة في تقرير “محاصيل الحبوب الرئيسية التي تُزرع في أنحاء أفريقيا ستتأثر سلبا بحلول منتصف هذا القرن”.

وتوقعت المنظمة انخفاض إنتاجية المحاصيل 13 بالمئة في غرب أفريقيا ووسطها و11 بالمئة في شمالها وثمانية بالمئة في شرق القارة وجنوبها، وتابعت المنظمة أن الدول الأفريقية بشكل عام تعاني من انخفاض الدخول وضعف التجهيزات، الأمر الذي يعوقها عن مواجهة ذلك وغيره من تبعات التغير المناخي.

ثقب الأوزون يصل إلى ذروته

أفادت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية اليوم بأن ثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي بلغ ذروته خلال العام الحالي، ليصبح واحدا من أكبر الثقوب في السنوات الأخيرة، وفي شهر آب/أغسطس من كل عام، في بداية ربيع القارّة القطبية الجنوبية، يبدأ ثقب الأوزون في النمو ويصل إلى ذروته في شهر تشرين الأول/أكتوبر تقريبا.

وأصدرت خدمة كوبرنيكوس لمراقبة الغلاف الجوي التابعة للاتحاد الأوروبي صباح اليوم بيانا صحفيا – وهو حدث سنوي- قالت فيه إن ثقب الأوزون فوق القطب الجنوبي هو واحد من أكبر وأعمق الثقوب في السنوات الأخيرة.

تم رصد نضوب الأوزون فوق القارّة القطبية الجنوبية لأول مرة عام 1985، وعلى مدى السنوات الـ 35 الماضية، تم إدخال تدابير مختلفة لتقليل حجم الثقب مثل “بروتوكول مونتريال بشأن المواد المستنفدة لطبقة الأوزون”، وهي معاهدة دولية مصممة لحماية طبقة الأوزون عن طريق التخلص التدريجي من إنتاج العديد من المواد المسؤولة عن استنفاد طبقة الأوزون.

ونتيجة لذلك، تتعافى طبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية بشكل تدريجي، بفضل فرض القيود على مادة الهالوكربون المدمرة للأوزون عبر بروتوكول مونتريال، إذ تشير التوقعات المناخية إلى أن طبقة الأوزون ستعود إلى مستويات 1980 خلال عام 2060.

وأوضحت المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، كلير نوليس، في مؤتمر صحفي من جنيف أن بروتوكول مونتريال تخلّص بشكل فعّال من المواد الآكلة للأوزون، وهو أحد أكثر المعاهدات البيئية نجاحا على الإطلاق. “ومع ذلك لا يمكننا التقاعس”.

طبقة الأوزون هي درع هش من الغاز يحمي الأرض من الجزء الضار من أشعة الشمس، مما يساعد على الحفاظ على الحياة على كوكب الأرض. وتحمي طبقة الستراتوسفير الأرض من معظم أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة، ويشير الخبراء إلى أن استنفاد الأوزون يعتمد على درجات حرارة شديدة البرودة. لذلك كلما كانت درجة الحرارة أكثر برودة في الستراتوسفير فوق القارة القطبية الجنوبية، زاد ثقب الأوزون، ويتوقع العلماء أن يصبح ثقب الأوزون في الربيع أصغر ويتعافى كحدث موسمي.

خطر “زوال” الجليد

عادت أكبر مهمة علمية تنفذ في القطب الشمالي إلى مدينة بريميرهافن شمال غرب ألمانيا الإثنين، بعدما رصدت حجم التغيرات المناخية في المنطقة والخطر الجاثم على الكتلة الجليدية المهددة بـ”الزوال” خلال مواسم الصيف.

وبعد 389 يوما في البحر، عادت كاسحة الجليد “بولارشتيرن” التابعة لمعهد ألفريد – فيغينر الألماني إلى ميناء بريميرهافن، مع أسطول من السفن وجمهور احتشد منذ الصباح الباكر على الأرصفة.

وفي هذا الشأن، صرح رئيس البعثة ماركوس ريكس خلال مؤتمر صحفي “لقد وسعنا حدود ما يمكننا فعله على صعيد البحوث في المنطقة القطبية الشمالية (…) المهمة تشكل محطة تاريخية في البحوث في القطب الشمالي”.

لكن المسؤول عن هذه المهمة الدولية المسماة “موزاييك” وجه أيضا نداء للعمل على إنقاذ الكتلة الجليدية “الآخذة في الزوال” صيفا، وأكد عالم الفيزياء والمناخ “هذا العالم مهدد”، محذرا من أنه في حال “استمر التغير المناخي على الوتيرة الحالية، فإننا سنرى المنطقة القطبية الشمالية خالية من الجليد صيفا بعد عقود قليلة”.

كما شدد ماركوس ريكس على ضرورة “بذل قصارى جهدنا للحفاظ (…) على الكتلة الجليدية في المنطقة القطبية الشمالية للأجيال المقبلة كما علينا محاولة استغلال الفرصة الضئيلة المتوفرة أمامنا لفعل ذلك”، واصفا المنطقة بأنها “مذهلة واستثنائية بجمالها”، وقد رصد أعضاء البعثة برمتها هذا الانحسار الكبير في الكتلة الجليدية خلال سحبهم عينات أو إجراء عمليات قياس، كما قال ريكس “رأينا مساحات كبيرة من المياه السائلة تصل إلى القطب تقريبا محاطة بجليد تنتشر فيه الثقوب نتيجة الذوبان الكثيف”، مؤكدا أن “الكتلة الجليدية في المنطقة القطبية الشمالية تذوب بسرعة هائلة”.

ويدعم هذا الاستنتاج ببيانات أقمار اصطناعية في الولايات المتحدة كشفت أن الكتلة الجليدية انحسرت بعد ذوبانها في ثاني أصغر مساحة تسجّل على الإطلاق بعد تلك التي سجلت في 2012، وخلال الشتاء الذي واجهت فيه المهمة ظلاما دامسا طوال أشهر واستقبلت زيارات من حوالي ستين دبا قطبيا، سجل الباحثون درجات حرارة أعلى بكثير من تلك المسجلة قبل عقود قليلة، وفي المجموع، شارك في هذه المهمة مئات الخبراء والعلماء من 20 بلدا أقاموا على متن السفينة التي سارت مع التيار المحيطي الممتد من الشرق إلى الغرب في المحيط المتجمد الشمالي.

احتجاجات عالمية على تغير المناخ

نظم شباب من أنحاء العالم، اتحدوا تحت لواء الناشطة السويدية جريتا تونبري، مسيرات يوم الجمعة للمطالبة بتحرك عاجل لوقف التغير المناخ، في أول فعالية شبابية عالمية خلال جائحة كورونا.

وفي ظل حالة الفوضى التي تجتاح العالم بسبب الطقس بالغ السوء، من حرائق غابات مستعرة في الغرب الأمريكي إلى موجات حارة غير مألوفة بالمنطقة القطبية في سيبيريا إلى فيضانات قياسية في الصين، قال منظمو المسيرات إن الاحتجاجات ستكون تذكِرة للسياسيين بأن أزمة المناخ لا تزال قائمة على الرغم من تركيز العالم على جائحة كوفيد-19.

ومن المقرر تنظيم احتجاجات في أكثر من 3100 موقع، وستنطلق أولا من أستراليا واليابان وفيجي. وسيقام الجانب الأكبر من الحدث عبر الإنترنت نظرا لأن القيود المفروضة لمكافحة الجائحة تحد من حجم المشاركين.

وفي ستوكهولم تجمع عدد من أعضاء حركة فرايدايز فور فيوتشر (أيام جمعة من أجل المستقبل) من بينهم تونبري أمام البرلمان، وكتبت تونبري على تويتر يوم الخميس إن المضربين ”سيعودون في الأسبوع المقبل وفي الشهر المقبل وفي العام المقبل.. مهما استغرق الأمر“، وقالت الناشطة ميتزي جونيل تان البالغة من العمر 22 عاما والعضو بحركة فرايدايز فور فيوتشر بالفلبين إن حكومتها تفشل في حماية الشعب من أزمة المناخ ومن أزمة كوفيد-19، قالت إن الحكومة ”ما زالت تعطي الأولوية للأغنياء على الفقراء، ما زالت تأبى الاستماع لصوت العلم“، وفي أستراليا شارك آلاف الطلاب في نحو 500 تجمع صغير واحتجاجات على الإنترنت للمطالبة بالاستثمار في الطاقة المتجددة ومعارضة تمويل مشروعات الغاز.

وطلب المنظمون من الناس نشر صور على مواقع التواصل الاجتماعي والمشاركة في اتصال عالمي لمدة 24 ساعة عبر برنامج زووم لاتصالات الفيديو على الإنترنت، في حين سيلتزم المشاركون في مسيرات في الشوارع بالقواعد المحلية بشأن عدد المشاركين والتباعد الاجتماعي، تأتي هذه الاحتجاجات بعد عام من إضرابين عالميين كبيرين شهدا نزول ما يربو على ستة ملايين نسمة إلى الشوارع فيما وصفه المنظمون بأنها أكبر تعبئة في التاريخ من أجل المناخ، وستركز احتجاجات يوم الجمعة على التضامن مع ”الشعوب والمناطق الأكثر تضررا“ وهي المجتمعات التي لا تساهم بقدر يذكر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لكنها على الخطوط الأمامية لتهديدات المناخ المدمرة مثل الفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحر واجتياح الجراد.

 

رابط المصدر:

https://annabaa.org/arabic/environment/25811

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M