مصطفى ملا هذال
سخونة احداثه وسرعة وتيرتها جعل من اغلب العراقيين يقولون انه عام مميز ويختلف عن أعوامنا المنصرمة، فهل يا ترى فعلا مميز؟ ام انه مجرد تصور لا يزال غير مدعوم ببراهين وحقائق تؤكد ذلك.
مطلع هذا العام جرت احداث دولية لم يكن احد يتوقعها، في مستهلها القصف الامريكي الذي أودى بحياة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني ومعه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي ابو مهدي المهندس، في طريق خروجهم من مطار بغداد الدولي، ذلك بعد لقاء استمر لساعات مع السيد حسن نصر الله في لبنان، توالت الاحداث على المستوى المحلي والدولي معا حتى ظهور فيروس كورونا الذي ضرب العالم بأسره.
الملايين وقعت في مصيدة هذا الوباء الذي نتج عنه مئات القتلى، وكأنه أعاد الى أذهاننا احداث الحرب العالمية الأولى التي شغلت جميع دول العالم وأحدثت تغيرا جديدا في القوانين والأعراف الدولية، اذ خلقت صداقات جديدة وألغت اخرى كانت قائمة بين الدول.
وكذا الحال مع انتشار فيروس كورونا الذي غير مسار المنظومة الاجتماعية وبدل الكثير من طبائع البشر، اذ فرض هيبته وأصبح يسير في الطرقات وحده دون منافس او معترض، فحول الطرقات المزدحمة الى فارغة، وأغلقت أبواب المحال وهكذا هو الحال في اغلب دول العالم التي وقفت عاجزة عن التصدي له بشتى الأساليب ومختلف الطرق.
من أكثر الأشياء التي حصلت على نصيبا كبيرا من التغيير في زمن الجائحة هي اهتمام الأفراد بالصحة العامة والالتزام بتوصيات الجهات الصحية وخلية الأزمة المركزية وفي المدن بصورة عامة، ونتيجة لذلك زاد استخدام المعقمات وارتداء الكفوف والكمامات.
ويحرص البعض على الامتناع عن المصافحة خشية انتقال العدوى من احد الاشخاص، لو امعنا النظر الى ما وصلت اليه احوال الناس من اهتمام كبير بمسألة استخدام المنظفات والنظافة العامة لكان احوال الكثير من المواطنين افضل مما هي عليه في الوقت الراهن، ومن المؤكد قطع الطريق امام بعض الأوبئة من الانتشار بصورة كبيرة بين صفوف الأفراد.
سابقا عندما كنا نتجول في الأسواق والمولات التجارية نرى بعض اصحاب المحال وخصوصا المطاعم غير مهتمة بجانب النظافة مثلما يحدث حاليا، ما ادى الى حصول تغير بزاوية النظر لهذا الجانب من قبل الأفراد بصورة عامة.
ان الاهتمام بالصحة الفردية لا نقول يمنع من وفاة الفرد، لكن من الممكن ان يكون سببا في العيش بحياة صحية قائمة على قواعد صحية سليمة لا يمكن للأمراض ان تخترقها وتجعل من جسم الإنسان فريسة سهلة المنال ولم يتمكن من التخلص منها الا بعد رحلة طويلة مع العلاجات المكلفة من الناحية المادية او قد يكون ثمن التذكرة هنا حياة الفرد ذاتها.
إذن نحن اليوم نعيش حالة من الازدهار في طرق النظافة والاهتمام بالجوانب الصحية؛ ذلك لان أغلى ما يملكه الإنسان هو صحته وعافيته، ففي حال فقد احدى هاتين النعمتين يعيش حالة من التدهور.
هذا التراجع في صحة الفرد له انعكاسات سلبية على الفرد ومن جوانب متعددة، فقد يؤدي الى التخلي عن بعض صداقاته بحكم العزلة التي فرضها عليه المرض، وبذلك من المتوقع ان تسوء حالته النفسية ويصبح شخصية حادة المزاج، تلازمه العصبية في اغلب الأوقات.
دائما ما تنبهنا الأزمات الى بعض الأشياء المهمة في حياتنا اليومية، فهي اعادت ترتيب الأشياء بما يصب في مصلحة الفرد بالدرجة الاساسية، وهذا لم يحصل لولا ظهور هذا النوع من الفيروس الذي يتطلب مستوى عالي من الحيطة والحذر لنكون بعيدين عن دائرة الخطر الذي يحيط بنا من جميع الاتجاهات.
الأفضل والأهم من ذلك هو ما خلقه الفيروس من اجواء صحية في البيوت والشوارع وكذلك الأماكن العامة، وبالتأكيد فان هذا سيلقي بضلاله على الصحة المجتمعية، وتنمية الوعي لمحاربة الموجات الوبائية في حال قدومها مجددا.
كما وضاعف لدى البعض الآخر الاهتمام بمراجعة الأطباء والالتزام بالتوجيهات الصحية، وهذا نتج بالتأكيد من تشبع الأفراد بالكمية الهائلة من التوصيات المؤكدة على الاعتناء بالجانب الصحي كونه من عوامل ديمومة الحياة دون انتظار لرحمة المسكنات ورأفة المعالجين.
ننتظر في قادم الأيام في حال تم التعايش مع الفيروس حاله حال بقية الأمراض، ونعرف هل سيؤثر ذلك على نظام الوقاية المتبع من قبل الأفراد، ام ستستمر الحياة بهذه الشاكلة بعد ان لمس الجميع مدى فاعلية النظم الجديدة في خلق بيئة نظيفة خالية من الشوائب.