مروة الاسدي
مازال المصدر الرئيسي للعدوى بفيروس كورونا المستجد هو انتقاله من فرد لآخر. لكن ماذا عن انتقال العدوى من الإنسان للحيوان؟ وفي المقابل هل هناك دلائل على نشر الحيوانات للعدوى بين الناس؟ وما هو دور الحيوانات البرية التي تباع بشكل غير شرعي في سوق مدينة ووهان الصينية في انتقال الفيروس من الحيوان إلى الإنسان؟ وهل اتخذت الصين جميع الإجراءات لمحاسبة كل الذين يتاجرون بالحيوانات البرية مثل الثعابين والخفافيش والبنغول التي يُحتمل أنها مصدر انتقال عدوى فيروس كورونا إلى الإنسان؟
هذه التساؤلات وغيرها تحاول اكتشف نشأ جائحة كورونا وكيفية المعالجة عند معرفة من المتسبب الرئيسي، وفي واقع الأمر فإن فيروس كورونا المستجد (SARS-CoV-2) الذي ظهر في مدينة ووهان الصينية في نوفمبر الماضي ليس بـ”الجديد”.
فقد تطور الفيروس على مدى فترات طويلة، ربما ملايين السنين، ليظهر على أشكال وأنواع أخرى في الوقت الحالي، كما ظهر في الخفافيش والحيوانات البرية الأخرى، التي تعتبر من الأطباق الشهية في الصين.
نحن في الغالب بأمان من معظم تلك الأشياء، لأن تلك الأشياء كلها تحتاج إلى عوامل مسببة للأمراض وأنواع مضيفة أخرى التي تقف بين الإصابة بالأمراض أو العدوى من تلك الأمراض”، ويلفت تفشي وباء كوفيد 19 النظر إلى التأثيرات المدمرة التي يمكن أن تحدثها الفيروسات، ليس فقط على البشر، ولكن أيضًا على الحيوانات والمحاصيل.
فللمرة الأولى، تم تأكيد الإصابة بفيروس كورونا بأحد النمور في حديقة برونكس في نيويورك، ويعتقد أن العدوى بالفيروس انتقلت له عن طريق أحد العاملين المصابين في الحديقة. كما تم الإبلاغ عن ستة نمور وأسود أخرى تظهر عليها أعراض المرض.
وبحسب الخبراء في علم الحفظ الحيوي فإن فيروس كورونا المستجد يمكن أن يهدد الحيوانات أيضًا مثل الغوريلا البرية والشمبانزي وإنسان الغاب، ويحتاج انتقال الفيروس من الحيوان إلى البشر إلى حيوانات وسيطة غير مألوفة يمكنها أن تكسر عددا من حواجز المرض بين الحيوانات والإنسان.
وبحسب موقع المنتدى الاقتصادي العالمي، يعتقد أن فيروسات كورونا، بما في ذلك فيروس كورونا المستجد انتقل إلى البشر عبر حيوان آكل النمل الحرشفي رغم أن ذلك الكائن الحي بدا متعافيا وغير مصاب بالمرض.
وعلميا، توجد العديد من الفيروسات الأخرى بشكل طبيعي في الثدييات البرية والطيور في جميع أنحاء العالم، ولكن كيف انتقل الفيروس إلى البشر؟ بحسب العلماء يؤدي النشاط البشري إلى ظهور فيروسات جديدة مسببة للأمراض.
فالتغير الإيكولوجي في النظام البيئي يؤدي إلى تطور أنواع جديدة من الفيروسات من التغير المناخي وقطع الأشجار وقتل الحيوانات البرية، وانتقالها من خلال التغير البيئي إلى البشر، وقد أثر انتشار الأوبئة الفيروسية في العصور الماضية على تطور الحياة كلها على وجه الأرض، وفي حقيقة الأمر، تدخل الفيروسات في تركيبة جسم الإنسان؛ إذ يتكون حوالي 8 بالمئة من الجينوم البشري من أجزاء من الفيروسات التي تسمى بالفيروسات الراجعة أو الفيروسات القهقرية. وهذه “الأحافير” الجينية هي ما تبقى من الأوبئة الفيروسية التي نجا منها أسلافنا.
ويوصي خبراء البيئة بمعالجة التهديدات المتعددة والمتفاعلة في كثير من الأحيان للأنظمة البيئية والحياة البرية لمنع ظهور الأمراض الحيوانية المنشأ وانتقالها إلى البشر، بما في ذلك فقدان الموائل واندثارها، والاتجار غير المشروع، والتلوث، وبالتالي التأثير على المناخ وتغيره، ولا يمكن للعلماء توقع انتشار الفيروسات وانتقالها إلى البشر، لذا فإن تطوير اللقاحات بشكل استباقي ليس خيارًا متاحًا. وذلك وفقا لموقع المنتدى الاقتصادي العالمي، ويجري الحديث الآن حول اكتشاف “لقاح شامل للإنفلونزا” من شأنه أن يوفر مناعة ضد جميع طفرات فيروس الإنفلونزا. لكن هذا لم يكن ممكناً حتى الآن، لذا ويجب على البشر الحفاظ على النظم البيئية، من بينها الحياة البرية، ليس فقط لقيمتها الجوهرية، ولكن كمصدر محتمل للفيروسات المسببة للأمراض والأوبئة.
اكتشاف أنواع خفافيش جديدة
تم اكتشاف 4 أنواع جديدة من الخفافيش ذات الأنف الورقي الأفريقي، وهي مرتبطة بخفافيش حدوة الحصان التي باتت تُعرف باسم مضيف فيروس كورونا المستجد، وأُعلن عن الأنواع الجديدة من الخفافيش في دراسة نُشرت الأربعاء في عدد خاص يركز على الجائحة بمجلة “ZooKeys”، ويعد تحديد الأنواع الفردية من الخفافيش وفهم المزيد عنها بمثابة أمر بالغ الأهمية لتوفير أسس للمعلومات المتعلقة بانتشار أمراض مثل “كوفيد-19”.
وقال الباحثون إن معرفة المزيد عن الخفافيش، سواء الفوائد التي تقدمها أو كيفية حمل الأمراض ونقلها إلى البشر، أمر أساسي لحماية كل من الخفافيش والبشر، ورغم أن هناك الكثير من الإهتمام بالخفافيش كحامل للأمراض في الوقت الحالي، إلا أنها تقوم أيضاً بتلقيح المحاصيل، وتفريق البذور، وتناول الحشرات مثل البعوض، ومع ذلك، تبقى الخفافيش غامضة إلى حد كبير بالنسبة لنا، ويقدر الباحثون أنه تم تحديد 25% فقط من جميع أنواع الخفافيش خلال الـ 15 عاماً الماضية، ومن الصعب تحديد مكانها ودراستها، لذلك نفتقر إلى معلومات حول مكان إقامتها، وكيف تطورت، ودورها الفعلي في العالم المحيط بها.
وقال مؤلف الدراسة الرئيسي، بروس باترسون، في رسالة عبر بريد إلكتروني إن “الخفافيش صغيرة في الحجم، ونشطة ليلاً، وتستخدم صوتاً ورائحة عالية التردد لتحديد أنواعها من الخفافيش الأخرى”، وأوضح باترسون أنه “نظراً لكوننا كبار في الحجم ونتمتع بالنشاط في النهار ونعتمد على الرؤية وأصوات التردد المنخفض، فلا يمكننا قراءة إشاراتها بدقة”.
وقد بدأ التنوع الحقيقي للخفافيش بالفعل خلال الـ 25 عاماً الماضية بفضل تسلسل الحمض النووي وتكنولوجيا تسجيل الموجات فوق الصوتية التي تساعدنا على التعرف على الإشارات التي تستخدمها الخفافيش.
وإلى حدٍ كبير، تم اكتشاف أنواع الخفافيش الجديدة على أساس عينات المتحف التي تم جمعها في أفريقيا على مدى العقود القليلة الماضية، وتعيش الخفافيش ذات الأنف في آسيا، وأفريقيا، وأستراليا ونيوزيلندا، ولكن لم تتم دراسة الأنواع في أفريقيا بالقدر ذاته لأن المناطق التي تعيش فيها لا يمكن الوصول إليها.
وتستمد هذه الفئة اسمها من اللوحات الجلدية الفريدة على أنوفها التي تعمل مثل الرادار لمساعدتها على التقاط الحشرات وتوجيه إشاراتها نحو الكائنات الأخرى، واستخدم الباحثون الحمض النووي لدراسة عينات المتحف من الخفافيش ذات الأنف الورقي، وأدركوا أنه على الرغم من أن بعضها بدا مشابهاً للأنواع المعروفة، إلا أنها كانت مختلفة وراثياً.
وبالنسبة لباترسون، فإن الأمر الأكثر إثارة للدهشة في هذه الدراسة يتمثل في الفشل في العثور على الكثير من الدعم الجيني للأنواع المعترف بها منذ فترة طويلة، وإيجاد اختلافات طفيفة في ما كان يعتبر نوعاً واحدًا.
إغلاق أسواق بيع الحيوانات البرية للأبد
قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن الولايات المتحدة طالبت الصين بإغلاق أسواق الحيوانات البرية للأبد، مشيرا إلى وجود صلة بين تلك الأسواق وانتشار الأمراض الحيوانية المنشأ، ويُعتقد أن فيروس كورونا المستجد نشأ في سوق بمدينة ووهان في وسط الصين أواخر العام الماضي. وانتشر الفيروس في أنحاء العالم وأودى بحياة أكثر من 180 ألف شخص وأصاب ما يربو على 2.6 مليون حسب إحصاءات رويترز.
وقال بومبيو في بيان في وقت متأخر يوم الأربعاء ”نظرا للصلة القوية بين الحيوانات البرية المباعة بشكل غير قانوني في أسواق الحيوانات وبين الأمراض الحيوانية المنشأ، طالبت الولايات المتحدة جمهورية الصين الشعبية بإغلاق أسواق بيع الحيوانات البرية وكل الأسواق التي تبيع الحيوانات بشكل غير قانوني وللأبد“.
فيروس كورونا على الأرجح حيواني الأصل
قالت منظمة الصحة العالمية إن جميع الأدلة المتوفرة تشير إلى أن فيروس كورونا المستجد نشأ في خفافيش في الصين في أواخر العام الماضي ولم يتم تخليقه أو إنشاؤه في معمل، وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إن إدارته تحاول تحديد ما إذا كان الفيروس خرج من معمل في مدينة ووهان بوسط الصين.
وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية فضيلة الشايب في إفادة صحفية في جنيف ”جميع الأدلة المتوفرة تشير إلى أن للفيروس أصلا حيوانيا وأنه ليس فيروس تم تخليقه أو إنشاؤه في معمل أو مكان آخر“، وأضافت ”من المرجح أن الفيروس من أصل حيواني“، ومضت المتحدثة تقول إن من غير الواضح كيف انتقل الفيروس عبر السلالات إلى البشر لكن ”من المؤكد“ أنه كان هناك مستضيف حيواني وسيط انتقل منه.
وقد تصبح أمراض مثل وباء كوفيد-19 الذي يتفشى في العالم أكثر شيوعا مع تسبب النشاط البشري في تدمير موائل طبيعية ما يدفع بحيوانات برية حاملة للأمراض على الاقتراب أكثر من الانسان، وفق ما أظهرت دراسة كبيرة.
والصيد غير القانوني والزراعة الآلية وأنماط الحياة الحضرية المتزايدة أدت جميعها إلى فقدان التنوع البيولوجي بشكل كبير في العقود الأخيرة، وزوال تجمعات حيوانات برية وازدياد أعداد مواشي المزرعة.
وقرابة 70 بالمئة من مسببات أمراض البشر حيوانية المصدر، أي أنها في مرحلة ما تنتقل من الحيوان إلى الإنسان كما هي الحال مع كوفيد-19، ودرس الباحثون ومقرهم في الولايات المتحدة، أكثر من 140 فيروسا يعرف أنها انتقلت من الحيوان إلى الإنسان، وقارنتها مع لائحة الفصائل المهددة الصادرة عن الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة.
ووجد الباحثون أن حيوانات المزارع والثدييات والخفافيش والجرذان تحمل أكبر عدد من الفيروسات الحيوانية المصدر – قرابة 75 بالمئة، لكنهم توصلوا أيضا إلى أن خطر الانتقال من الحيوان إلى الإنسان يصبح في أعلى نسبة عندما تكون فصائل ما مهددة بالاستهلاك المفرط وخسارة موائلها الطبيعية.
وقالت كريستين جونسون، من كلية الطب البيطري في جامعة كاليفورنيا، رئيسة فريق الأبحاث، “توضح بياناتنا أن استغلال الحياة البرية وتدمير الموائل الطبيعية بشكل خاص تكمن وراء حالات انتشار أمراض ما يعرضنا لخطر أوبئة معدية تنجم عنها”، العام الماضي حذرت لجنة حول التنوع البيئي تابعة للأمم المتحدة من أن ما يصل إلى مليون من الأصناف تواجه خطر الانقراض نتيجة للأنشطة البشرية، وأظهرت التقديرات أن 75 بالمئة من الأراضي و50 بالمئة من المحيطات تدهورت بشكل كبير بسبب الإنسان.
وتتسبب إزالة الغابات خصوصا بضغط كبير على الحيوانات الثديية البرية التي تكافح للتكيف مع تضاؤل موائلها، وفيما نتعدى أكثر على مواطنها تُضطر الحيوانات البرية على التواصل أكثر مع البشر ما يضاعف خطر كوفيد-19 آخر.
وقالت جونسون لوكالة فرانس برس “نقوم بتغيير الطبيعة من خلال إزالة الغابات وتحويل الأراضي لزراعة محاصيل أو تربية ماشية، أو بناء تجمعات سكنية”، وأضافت “هذا أيضا يزيد من وتيرة وقوة التواصل بين البشر والحيوانات البرية ما يوفر ظروفا مناسبة جدا لانتشار فيروسات”.
أسئلة عن التحقيق في المصدر الحيواني لهذا الوباء
أسئلة طرحناها على الأخصائي في الأمراض المعدية وأستاذ الطب في جامعة “السوربون” في باريس ديدييه سيكار، وهو الرئيس السابق للمجلس الاستشاري الفرنسي للأخلاقيات، فرانس24: هل بات من الضروري التحقيق في المصدر الحيواني لفيروس كوفيد-19 من أجل دارسة طريقة انتشار العدوى؟
ديدييه سيكار: نعم، من الضروري القيام بهذا التحقيق الطبي لأن قضية انتقال العدوى من الحيوان إلى الإنسان تشكل رابطا أساسيا في مثل هذه الأزمات الصحية، ما هو مؤكد أن مصدر وباء كوفيد-19 هو سوق ووهان للحيوانات البرية، مثل الثعابين والفئران والخفافيش وحيوان البنغول. كل هذه الحيوانات كانت مكدسة وسط البول والفضلات، دون أدنى شروط للنظافة. وكانت تباع بشكل غير شرعي إذ أن تسويقها ممنوع.
الأماكن التي كانت تكدس فيها هذه الحيوانات ضيقة جدا وقابلة لتفشي أي فيروس. أما طرق انتقال العدوى منها إلى الإنسان، فهي عديدة ومتنوعة. فهناك مثلا من صافح بائعي هذه الحيوانات أو أخذ الحيوانات بين يديه ثم لمس وجهه أو فمه. وفي بعض الحالات، لوحظ أطفال يلمسونها من باب الفضول. فهذه من الأسباب البارزة التي جعلت العدوى تنتقل من الحيوان إلى الإنسان ثم تنتشر في المجتمع.
هل هذا يعني أن الحيوانات تُعدي الناس لكنها لا تصاب بالمرض أصلا؟، نعم بإمكان الحيوانات أن تصاب بالعديد من الفيروسات من دون أن تتضرر هي صحيا. الخفافيش مثلا يمكن أن تصاب بأكثر من ثلاثين فيروسا ورغم ذلك فبإمكانها العيش بدون أية مشكلة. نفس الشيء بالنسبة للبنغول. وتسلك عملية انتقال العدوى من الخفافيش إلى حيوان البنغول والتي تتم عبر أشجار الفواكه مسارا معقدا.
وباستطاعة البنغول أن يصاب بالفيروس عبر تناول النمل المصاب أصلا أو تناول فواكه تأثرت بالعدوى من خلال بول الخفافيش المصابة بالفيروس. يمكن أيضا للثعابين أن تساهم في نشر الفيروسات كونها هي الأخرى تأكل الخفافيش الميتة.
ويبدو أنه من الضروري مراقبة هاته الحيوانات بانتظام لمعرفة ما إذا كانت تحمل فيروسات أم لا. أكثر من ذلك، يجب الابتعاد عنها وتغيير طريقة التعامل معها، الصين منعت في شهر فبراير/شباط تسويق الحيوانات البرية. لكن يبدو أن هذا الحظر لا يحظى باحترام الجميع…
للأسف لا. الصينيون يحبون تناول الحيوان البرية لأنهم يعتقدون بأنها ستساعدهم على مكافحة الشيخوخة وتقوية قدراتهم الجنسية. لكن الحكومة تشعر بقلق كبير إزاء هذه الأسواق غير الشرعية كما أنها لا تريد أن تمارس ضغوطا كبيرة على الأشخاص الذين يعتقدون بأن تناول الحيوانات البرية تعود لهم بفوائد صحية.
هل هناك ضغوط دولية على الصين لكي تجرم بيع الحيوانات البرية المسببة لتفشي الفيروسات؟
نعم هناك ضغوطات لكن الصين تدافع عن نفسها بقوة لأنها ترفض الاتهام بأنها هي التي تقف وراء انتشار فيروس كورنا. ومن جهة أخرى، قامت السلطات الصينية بإغلاق سوق ووهان لمحو وإتلاف كل الأدلة التي ربما تثبت بأن فيروس كورونا انطلق من هذه المدينة.
حتى وزير الخارجية الصيني اتهم أمريكا بتصدير فيروس كورونا إلى بلاده. لكن أعتقد أن المجتمع الدولي لم يصدق هذا الكلام. أما فيما يتعلق بمنع بيع بعض الحيوانات البرية، أشك كثيرا في نية وإرادة الصين في القيام بذلك نظرا للمعتقدات الدينية والتقاليد الثقافة الراسخة لدى السكان.
لقد طالبتم بإنشاء محكمة دولية متخصصة في القضايا الصحية. فما هي أهداف وطريقة عمل هذه المحكمة؟، يجب إنشاء منظمة دولية مختلفة عن منظمة الصحة العالمية، أقصد إنشاء مؤسسة مستقلة لا تخضع لأي ضغوطات. (فعلى سبيل المثال، مارست الصين ضغوطات على منظمة الصحة العالمية منذ البداية لكي لا تتحدث كثيرا عن فيروس كورونا كونها من أبرز الممولين لها)، لذا يجب إنشاء محكمة دولية أو ما يشابه ذلك تكون قادرة على فرض عقوبات سياسية ومالية صارمة وبشكل فوري ضد أي بلد يسمح بتهريب وتجارة الحيوانات البرية في الأسواق، هذه المحكمة الصحية ستكون مسيرة من قبل متخصصين في مجال الأبحاث العلمية. ويكون دورهم جمع البيانات الصحية من جهة، والقيام بتحقيقات طبية على المستوى الدولي على طريقة محكمة العدل الدولية من جهة أخرى.
إصابة قطتين في نيويورك
أصبحت قطتان في نيويورك هما أول حيوانين أليفين في الولايات المتحدة تثبت الاختبارات إصابتهما بفيروس كورونا المستجد، لكن لا توجد أدلة على إمكانية انتقال الفيروس من الحيوانات الأليفة للبشر بحسب السلطات الصحية الأمريكية.
وقالت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إن القطتين، وهما من منطقتين مختلفتين في ولاية نيويورك، أصيبتا باعتلال معتدل في الجهاز التنفسي ومن المتوقع شفاؤهما تماما، ويعتقد أنهما أصيبتا بالفيروس من أحد من الأسرتين اللتين تعيشان معهما أو من الجيران، وقال الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد القومي للحساسية والأمراض المعدية، في الإفادة الصحفية اليومية بخصوص فيروس كورونا ”الحيوانات الأليفة والحيوانات عموما يمكن أن تصاب بالعدوى… لا توجد أدلة على انتقال الفيروس من الحيوانات الأليفة للبشر“، ولم يصب إلا عدد قليل من الحيوانات الأليفة بالعدوى على مستوى العالم. ووفقا للرابطة الأمريكية للطب البيطري فقد ثبتت إصابة قطة في هونج كونج دون أن تظهر عليها الأعراض، بينما شفيت قطة في بلجيكا بعد تسعة أيام من إصابتها بالمرض.
وأفادت جمعية الحفاظ على الحياة البرية، وهي منظمة غير حكومية تدير حديقة حيوانات برونكس في نيويورك، أن الاختبارات أثبتت إصابة خمسة نمور وثلاث لبؤات في الحديقة بمرض كوفيد-19، من بينها نمر لم يصب بالسعال قط، وأضافت أنه لم تبد أي حيوانات أخرى في الحديقة أي علامات على الاعتلال.
الأسود والنمور والقطط المنزلية
أوضح بيان صحفي، أن 7 نمور وأسود في حديقة حيوان برونكس في نيويورك أصيبوا بسعال جاف وأعراض أخرى لفيروس كورونا المستجد، وتأكد إصابة نمر من بينهم بالفيروس، بعد تعرضهم لحارس حديقة “مصاب بكورونا دون أن تظهر عليه أعراض”.
يأتي ذلك بعد تقرير عن امرأة بلجيكية مصابة بـ Covid-19، نقلت المرض لقطتها في أوائل مارس. ولكن على الرغم من أن القطة تعاني من مشاكل في الجهاز التنفسي ومستويات عالية من الفيروس في القيء والبراز، فإن الباحثين ليسوا متأكدين حتى الآن مما إذا كانت القطة مريضة بسبب Covid-19 أو مرض آخر.
فماذا تعني هذه الحالات للقطط والقائمين على رعايتهم؟ يبدو أنه بينما يمكن للبشر نقل الفيروس إلى القطط، يتفق الخبراء على أن الإصابة بالفيروس من القط غير مرجح للغاية، وقالت الطبيبة البيطرية الدكتورة سارة كادي، زميلة البحوث السريرية في جامعة كامبريدج، إن “خلاصة القول هي أنه لا يوجد دليل على أن أي قط، كبير أو صغير، يمكن أن ينقل الفيروس إلى البشر”، ولكن حتى نعرف المزيد عن فيروس كورونا، يقترح الخبراء أيضا على أي شخص تم تشخيصه بـ Covid-19 أن يتجنب الاتصال بالقطط، لتجنب الفرصة النادرة للغاية في نقل الفيروس لحيوانك الأليف.
أعلنت حديقة حيوان برونكس أنه تم تخدير نادية، نمر ملايو تبلغ من العمر 4 سنوات، وإجراء اختبار عليها لـ Covid-19 ووُجد أن النتيجة إيجابية. أختها أزول، نمر آمور و3 أسود أفريقية فقدوا شهيتهم وأصابهم سعال جاف، لكنهم بحالة “مشرقة ومتنبهة وتفاعلية مع حراسهم”، بحسب بيان، يقول الخبراء إنه ليس من المستغرب أن القطط البرية يمكن أن تصاب بـ Covid-19، وتسمى أيضًا SARS-CoV-2.
لكن، بحسب كادي، من المثير للدهشة أن نمر حديقة برونكس أصبح مصابا بـ”ما يجب أن يكون جرعة منخفضة إلى حد ما من الفيروس – حيث يمكننا أن نفترض أن النمر لم يكن لديه اتصال وثيق مستمر مع حارس حديقة الحيوان الذي لم تظهر عليه أعراض”.
وجدت دراسة غير منشورة في الصين، كُشف عنها الأسبوع الماضي، أن القطط المنزلية يمكن أن تصاب بـ SARS-CoV-2 إذا تم تعريضها لجرعات كبيرة من الفيروس عبر أنفها في بيئة تجريبية.
يقول الخبراء إن حقيقة أن قطط المنزل نادراً ما تلتقط الفيروس ليس مفاجئًا أيضًا، وقال جيل غويليمين أستاذ علم الأعصاب في جامعة ماكواري، الذي درس أيضا الفيروسات التاجية، إن القطط المحلية كانت عرضة للإصابة بالسارس بين 2002 و 2004.
وأضاف جويليمين: “لكن لم يكن هناك ما يشير خلال وباء السارس إلى أن SARS-CoV انتشر في القطط المنزلية أو تم نقله من القطط إلى البشر”، كما أنك لا يجب أن تقلق أن تكون قطتك (أو قطة جارك) قادرة على إصابتك أو قطط أخرى بفيروس كورونا، كما يقول الخبراء.
شينزين أول مدينة صينية تحظر أكل القطط والكلاب
أصبحت شينزين أول مدينة صينية تحظر بيع واستهلاك لحوم الكلاب والقطط، يأتي ذلك بعد أن ارتبط تفشي فيروس كورونا بلحوم الحيوانات البرية، مما دفع السلطات الصينية إلى حظر تجارة واستهلاك تلك الحيوانات، وذهبت شينزين خطوة أبعد، حيث وسعت الحظر ليشمل الكلاب والقطط، وسيدخل القانون الجديد حيز التنفيذ في الأول من مايو/أيار.
وقالت جمعية الرفق بالحيوان الدولية إن 30 مليون كلباً يقتلون سنوياً في جميع أنحاء آسيا من أجل اللحوم، ورغم ذلك، فإن أكل لحوم الكلاب ليس شائعاً في الصين، فغالبية الشعب الصيني لم يقدموا على ذلك أبداً، ويقولون أنهم لا يريدون ذلك.
وقالت حكومة مدينة شينزين “الكلاب والقطط كحيوانات أليفة أقامت علاقة أوثق مع البشر من جميع الحيوانات الأخرى، وحظر استهلاك الكلاب والقطط والحيوانات الأليفة الأخرى ممارسة شائعة في الدول المتقدمة وفي هونغ كونغ وتايوان”، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
وأضافت “هذا الحظر يستجيب أيضاً لمطلب وروح الحضارة الإنسانية”، وأشادت جمعية الرفق بالحيوان الدولية بهذه الخطوة، وقال الدكتور بيتر لي المختص بالسياسة الصينية للجمعية “يمكن أن تكون هذه لحظة فاصلة في الجهود المبذولة لإنهاء هذه التجارة الوحشية التي تقتل ما يقدر بنحو 10 ملايين كلب و4 ملايين من القطط في الصين كل عام”، لكن في الوقت نفسه الذي صدر فيه هذا القرار، وافقت الصين على استخدام مرارة الدببة لعلاج مرضى فيروس كورونا، ومرارة الدببة – وهي سائل هضمي يخرج من الدببة – تستخدم منذ فترة طويلة في الطب الصيني التقليدي، ويجري استخدام العنصر النشط، حمض أورسوديوكسيكوليك، لإذابة حصوات المرارة وعلاج أمراض الكبد، إلا أنه لا يوجد دليل على أنها فعالة ضد فيروس كورونا، فيما العملية مؤلمة ومفجعة للحيوانات.
وقال بريان دالي، المتحدث باسم مؤسسة حيوانات آسيا، لوكالة فرانس برس “لا ينبغي الاعتماد على منتجات الحيوانات البرية مثل مرارة الدببة كحل لمكافحة فيروس قاتل يبدو أنه نشأ من تلك الحيوانات”، في فبراير/شباط، منعت السلطات الصينية تجارة واستهلاك الحيوانات البرية، وجاءت هذه الخطوة بعد أن تبين أن سوقاً في ووهان لبيع الحيوانات البرية ولحومها، يمكن أن يكون نقطة البداية لتفشي فيروس كورونا الجديد، مما يوفر وسائل انتقال الفيروس من الحيوانات إلى البشر، ودفعت هذه الأخبار الحكومة الصينية إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد التجارة والأسواق التي باعت مثل هذه المنتجات.
آكل النمل الحرشفي يحمل فيروسات لها علاقة بالوباء
كشفت دراسة عملية عن أن حيوان آكل النمل الحرشفي (البنغول/ أم قرفة) الذي تم تهريبه للصين يحتوي على فيروسات لها علاقة وثيقة بذلك الذي يجتاح العالم، ويجب أن يحظر بصرامة بيع هذه الحيوانات في أسواق الحياة البرية، لتقليل مخاطر أي حوادث تفشي في المستقبل، بحسب فريق دولي.
ويعتبر آكل النمل الحرشفي أكثر الحيوانات الثديية التي تباع بشكل غير شرعي، حيث يستخدم في كل من الطعام والطب التقليدي على السواء، كما أن الفحوصات كشفت عن احتواء الخفافيش على سلالات من فيروس كورونا كثر شبها بتلك الموجدة في البشر.
وفي ورقة بحثية جديدة نشرت في صحيفة نيتشر، يقول الباحثون إن البيانات الجينية لهذه الحيوانات تتطلب ” التعامل معها بحذر شديد، كما يجب حظر بيعها في أسواق الحياة البرية”، كما يجب فرض المزيد من المراقبة على آكل النمل الحرشفي في الحياة البرية في الصين وجنوب شرق آسيا لفهم دورها في ظهور فيروس كورونا ومخاطر الانتقال المستقلبي إلى الإنسان، بحسب الورقة البحثية.
ويقال إن أكبر تجارة غير مشروعة في الحيوانات الثديية هي في آكل النمل الحرشفي المهدد بالانقراض. فهذا الحيوان مطلوب للغاية في آسيا لاستخدامه في أغراض الطب التقليدي الصيني في ما يعتبر البعض لحمه لذيذا.
رابط المصدر: