كان صباحًا مؤلمًا في السابع من ديسمبر 1941 عندما استفاق سكان مدينة وميناء بيرل هاربور في جزر هاواي على هجوم جوي كثيف ومباغت للطيران الياباني ضد الميناء وبما فيه من أسطول بحري أمريكي ضخم كان يعاد تمركزه قادمًا من كاليفورنيا غرب الولايات المتحدة إلى هاواي في المحيط الهادئ، وهي ما عرفها اليابانيون بالعملية (z).
كان العقاب الياباني نيابة عن باقي قوات المحور الرئيسين ألمانيا وإيطاليا ضد الولايات المتحدة الأمريكية ـالتي لم تكن طرفًا في الحرب مع الحلفاء الرئيسين بريطانيا وفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية 1939ـ 1945- ولكن العقاب كان لأسباب أخرى أهمها أن الولايات المتحدة تمد الحلفاء في أوروبا بمواد أولية تدخل في التصنيع العسكري، وتقاطع اليابان اقتصاديًا لاحتلالها أجزاء من الأراضي الصينية.
كانت ألمانيا قد بدأت الحرب في الثاني من سبتمبر 1939 باجتياح بولندا ثم غرب أوروبا بما فيه جزء من فرنسا ذاتها ـإحدى قيادات الحلفاءـ تحت حكومة (فيشي) الموالية للنازية الألمانية، لتهدد بريطانيا عبر بحر المانش بعد معركة (دَنْكَرْك)، قبل التحول شرقًا داخل الأراضي الأوكرانية والسوفيتية وحتى حصار مدينة (ستالنجراد)على مقربة من موسكو. بينما كان روميل يحقق انتصارات في شمال أفريقيا في ليبيا وفي طريقه لعبور الحدود المصرية حيث المعركة الفاصلة المرتقبة مع القوات البريطانية في العلمين، حين طلبت بريطانيا لاحقًا دعم مصر لها مقابل الاستقلال إذا انتصرت، حيث انتصرت بريطانيا ولكنها حنثت بوعدها.
كان ذلك هو الوضع الحرج للحلفاء في ميادين القتال في أوروبا وشمال أفريقيا، وكانت اليابان تسيطر في شرق آسيا محتلة لمنشوريا الصينية وشبه جزيرة كوريا الموحدة قبل تقسيمها إلى كوريتين شمالًا وجنوبًا، وأغرقت أكبر السفن البريطانية في جنوب شرق آسيا، وتكفلت بتدمير بيرل هاربور فكيف تم ذلك؟.
علمت استخبارات دول المحور خاصة اليابان بانتقال الأسطول الأمريكي السابع للمحيط الهادئ، من سان دييجو كاليفورنيا إلى بيرل هاربور بهاواي، وكان الاستنتاج أنه قطع ثلث المسافة إلى اليابان. فكان القرار الياباني بمهاجمته قبل أن يستقر، بالإضافة إلى معاقبة الولايات المتحدة كما سبق. فأبحرت مقدمة الأسطول الياباني سرا وفي صمت لا سلكي، بينما ظل باقي الأسطول فاتحًا أجهزة اللا سلكي من مكانه الثابت المعروف للاستخبارات الأمريكية.
وحين وصل اُسطول المهمة السري إلى مسافة 200 ميل بحري من بيرل هاربور وفي الصباح التالي 7 ديسمبر 1941 انطلقت الغواصات الانتحارية الصغيرة تحت سطح الماء والطائرات قرب سطحه لتفادي الرادارات؛ لتهاجم الأسطول الأمريكي بكثافة في موجتين. وكانت المفاجأة كبيرة للجانب الأمريكي للموجة الأولى ورد فعل مبعثر للموجة الثانية. واستخدم اليابانيون أسلوب (كاميكازي) الانتحاري بطائراتهم المصابة داخل الهدف. وكانت الخسائر مفجعة وبلغت 2471 قتيلًا و19 سفينة و5 غواصات، وتدمير 188 طائرة وإعطاب 155 أخرى، في حين كانت الخسائر اليابانية 5 غواصات صغيرة و29 طائرة و64 قتيلًا وأسيرًا واحدا فقط.
أسفر ذلك عن جرح غائر في الكرامة الأمريكية الشعبية والعسكرية، وصوت الكونجرس بالإجماع لدخول الحرب العالمية. وتولت القيادة العسكرية الأمريكية قيادة الحلفاء بواسطة الجنرال ايزنهاور لهزيمة المحور ومعاقبة اليابان، وتم البدء بأوروبا بالإسقاط المظلي والإنزال البحري الكبيرين على الساحل الفرنسي في نورماندي (كفيلم أطول يوم في التاريخ) حيث سقطت إيطاليا واستسلمت في 3 سبتمبر 1943، وتلتها ألمانيا زعيمة المحور واستسلمت في 8 مايو 1945 ووقعتا وثيقتي الاستسلام دون قيد أو شرط، وقُدم معظم قادتهم لمحاكمات مجرمي الحرب حيث اُعدم أغلبهم. وتفرغت القوات الأمريكية بمعاونة بريطانية ضد القوات اليابانية التي تقاتل بشراسة في شرق آسيا؛ لمنع الحلفاء من الوصول إلى اليابان. ولكن القوات الأمريكية استولت علي(إيوجيما وأوكيناوا) بعد قتال ضارٍ.
كانت الولايات المتحدة قد أجرت تجربتها النووية الأولى بنجاح في نيومكسيكو، ليأمر الرئيس ترومان بضرب اليابان بذلك السلاح الجديد الخطير تباعًا إلى أن تُدَمّر أو تستسلم، وهو ما تم بعد قنبلتي هيروشيما وناجازاكي باسمين رمزيين (الطفل الصغير والطفل السمين) في 6 و9 أغسطس 1945على الترتيب. لتستسلم اليابان وتوقع وثيقة الاستسلام دون قيد أو شرط على ظهر المدمرة الأمريكية (يو إس ميسوري) في 2 سبتمبر 1945. لتنتهي الحرب العالمية رسميًا ويسدل الستار على أكبر مأساة إنسانية في القرن العشرين.
وكان ذلك سبب إقامة الأمم المتحدة ومجلس الأمن كآلية دولية للتدخل لإيقاف الحروب، والبحث عن حلول سياسية؛ لأن استمرار الحروب العالمية دون ضوابط كان يمكن أن يؤدي إلى فناء أو تضرر البشرية.
.
رابط المصدر:
