مر علينا يوم أمس ذكرى وفاة السيد الخوئي (يوم 8/صفر) ، والسيد الخوئي علم من أعلام المذهب ومرجع من أبرز مراجع الدين في العصر الحديث حتى يسميه البعض فقيه الفقهاء أو أستاذ الفقهاء ، فأغلب المراجع الحاليين (ومنهم ما يعرف بالمراجع الأربعة السيستاني والفياض والحكيم والنجفي) درسوا عند السيد الخوئي وتتلمذوا على يديه .
ولكن مما يلاحظ عدم الاهتمام بإحياء ذكرى هذا المرجع بالمستوى الذي يلائم موقعه في الحوزة العلمية مصنع المراجع والمجتهدين والمبلغين ، وهذا قد يرجع الى سببين أساسيين وهما :-
1) أن الأمة مقصرة بحق قادتها ومراجعها وعلمائها ، بحيث لم يمر سوى 23 سنة على وفاة مرجع من أبرز مراجع الشيعة وأشهرهم ومع هذا لم يكترث ولم يهتم أحد لإحياء ذكرى وفاته كرد لجميله على الأمة ، وهذا التقصير يشمل الأفراد والمؤسسات ومنها المؤسسة الدينية الحوزوية والأحزاب الإسلامية التي تدّعي أنها تجله وتقدسه .
2) أن السيد الخوئي نفسه لم يكن مرجعاً دينياً ميدانياً بحيث يخاطب الشارع وينزل له ويربي المجتمع وفق تعاليم المذهب الشريف ، ولم يصدر الفتاوى العامة التي تتعلق بحياة المواطن بحيث يشعر الإنسان المؤمن أن قائده يريد منه الأمر الفلاني ولا يريد منه غيره ، فإذا فقده أحيا ذكراه وذكرى مواقفه معه .
وربما هناك أسباب لعدم تصدي السيد الخوئي لمشاكل المجتمع ، منها أسباب ذاتية تتعلق به شخصياً مثل عدم إيمانه بالولاية العامة وأنه يرى ولايته خاصة ، لذلك لم يرَ أن من واجبه إعطاء الفتاوى العامة لأفراد المجتمع ، ومنها أسباب موضوعية تتعلق بحكم نظام صدام الطاغوتي الذي لم يسمح للحوزة أن تأخذ دورها الحقيقي .
وبغض النظر عن الأسباب ومدى مقبوليتها فإن الواقع يثبت عدم مخاطبة السيد الخوئي للمجتمع ولمشاكله ، وبالتالي فإن عدم إحياء ذكرى وفاة السيد الخوئي جاء كنتيجة طبيعية للسلوك الذي اعتمده السيد في التعامل مع المجتمع ، ولكن هذا على مستوى الأفراد يمكن قبوله أما على مستوى المؤسسات مثل الحوزة وغيرها ممن يدّعي أنه سائر على نهجه وأنه فقيه الفقهاء وأستاذ مراجعه ، ألم يكن من المناسب ومن باب رد الجميل أن تحيا ذكراه بطريقة تلائم مقامه ؟!
وهل سيلقى مراجع اليوم جحود المؤسسة الدينية في المستقبل ؟! أم أن مراجع اليوم لهم ميزات تفوق ميزات السيد الخوئي فيحتفل بهم أفضل احتفال ؟!!!