آنا روثيري هي أول امرأة سوداء تشغل منصب رئيس فخري لبلدية ليفربول لكنها تجد صعوبة في جانب واحد من ماضي ليفربول جعل المدينة ما هي عليه اليوم، هو ارتباطها بتجارة الرقيق، وقالت روثيري لوكالة فرانس برس مشيرة الى لافتة في الشارع تحمل اسم عائلة في ليفربول كانت معروفة بتجارة الرقيق “إنه تاريخ مروّع وسيّئ للمدينة”، وأضافت “يمثل شارع إيرل ستريت عائلة توسعت مدى قرن في الأعمال المتعلقة بالسفن وتجارة الرقيق والعمل في المزارع ونقل البضائع من فرجينيا”. بحسب فرانس برس.
وأوضحت أن شارعَي كانليف وسير توماس، سميا تيمنا بمالكَي أول سفن عبيد مسجلة لمغادرة المدينة في شمال غرب إنكلترا، وتابعت “يأتي الأشخاص من أنحاء العالم لزيارة المدينة لأنهم يريدون فهم الدور الذي لعبته ليفربول في تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي… وهو دور كبير جدا”.
اعتذار
أثارت وفاة جورج فلويد وهو أميركي أسود خلال توقيفه بأيدي الشرطة في مينيابوليس تظاهرات حاشدة وموجة من الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في أنحاء العالم، وفي بريطانيا، كما هي الحال في سائر أنحاء العالم، أثارت تلك الحادثة جدلا حادا حول ما إذا كان يجب تسمية مبان مرموقة وشوارع على اسم أشخاص كانوا روادا في تجارة الرقيق.
وقد دمرت التماثيل التي أقيمت لتكريم تجار الرقيق أو أزيلت استجابة للرأي العام، بالنسبة إلى الزوار، ليفربول هي رمز لكرة القدم وفرقة بيتلز وما يسمى بـ “النعم الثلاث” (ثري غرايسز)، مبنى ليفر المهيب ومبنى كونارد ومبنى بورت أوف ليفربول.
لكن بالنسبة إلى السكان المحليين، قالت روثيري “الكل يدرك من أين جاء التمويل” لتطوير الميناء والمباني الكبرى التي يعود تاريخها إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والتي لا تزال قائمة، وبدأت المدينة تتقبل ماضيها: افتتح متحف العبودية الدولي في العام 2007 في ميناء رويال ألبرت، على مسافة قريبة من المكان الذي كان مخصصا لإنشاء سفن العبيد وإصلاحها، كذلك، تخطط جامعة ليفربول لإعادة تسمية قاعة سكن للطلاب تيمنا باسم رئيس الوزراء السابق وليام غلادستون بسبب روابط عائلته بتجارة الرقيق.
لكن روثيري قالت “في العام 2020، إذا نظرت حول المدينة، سترى عددا قليلا جدا من السود العاملين فيها” منددة بـ”العنصرية النظامية”، ونشرت يونيفيرسيتي كوليدج لندن أخيرا قاعدة بيانات لمؤسسات وشركات بريطانية رائدة استفادت من العبودية، وبين تلك المؤسسات، كنيسة إنكلترا وبنك إنكلترا وشركة “لويدز” للتأمين وسلسلة معامل “غرين كينغ” للجعة.
واعتذرت هذه المؤسسات والشركات لكن الجدل لم يهدأ رغم ذلك، وقد تركز في المقابل على مدى استفادة الاقتصاد البريطاني من هذه الممارسة، وقدّر تقرير صدر العام 2018 أعده كلاس رونباك أستاذ الاقتصاد في جامعة غوتنبرغ أنه في العام 1800، شكلت تجارة الرقيق 11,1 في المئة من الناتج الاقتصادي البريطاني، وبعد إلغاء بريطانيا للعبودية في العام 1833، دفعت تعويضات بشكل مباشر أو غير مباشر لآلاف مالكي العبيد السابقين عن خسارة “ممتلكاتهم”، وفي المجموع، دفع 20 مليون جنيه إسترليني وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت.
أضرار
واليوم، فان مسألة تعويض الأشخاص المنتمين الى عائلات كانت ضحية العبودية، هي قيد النقاش، ويعارض البعض مثل هذه الخطوة بحجة أنه من المستحيل تحديد المتحدرين أو أن المنظمات التي لديها روابط بتجارة الرقيق ليست مسؤولة عما حدث قبل مئتي عام، ويريد آخرون، مثل روثيري، الحصول على أموال لمحاربة عدم المساواة وإعطاء السود فرصا عادلة أكثر في المجتمع وفي مكان العمل.
وقالت “يجب أن نمضي قدما في مسألة التماثيل وأسماء الشوارع وأيضا في توفير فرص اقتصادية للمجتمع الأسود”، وأقر جو أندرسون رئيس البلدية المنتخب بأن ليفربول “لم تفعل أي شيء مقارنة بالأمور التي كان عليها القيام بها”، وبينها توفير الوظائف والتمثيل السياسي للسود، ويعتقد المؤرخ كيث ماكلالند أن تمويل منح دراسية للطلاب السود وتقديم تبرعات للجمعيات المناهضة للعنصرية، هما طريقة جيدة لمعالجة قضية التعويضات، وهذا ما يحدث حاليا، مع التزام “غرين كينغ” و”لويدز” تقديم مبالغ “كبيرة” لدعم مجتمعات الأقليات وتعزيز التنوع العرقي في الشركتين.
رابط المصدر: