رياض محمد
كنت من جيل حشي في رأسه الكثير من المفاهيم الخاطئة عن الاختصاص (الافضل) في الدراسة الجامعية. بعض هذه المفاهيم تبدو لي مضحكة الان. منها مثلا ان الفرع (الادبي) للبنات فقط!
ومنها ايضا ان اهم الاختصاصات المفيدة هي الطبية والهندسية ولان الطبية تحتاج الى قدر كبير جدا من المذاكرة فقد انتهى كثير من زملائي الى الهندسة واذكر ان العديد منهم عانوا الامرين بسبب ذلك.
فالهندسة تعني ان خريجها يجب ان يعمل عادة في بيئة اما فيها صناعة او بناء وكان كليهما مفقودا في تسعينيات القرن الماضي. في الولايات المتحدة انصدمنا بكثير من الامور. كان منها طبيعة الوظائف المطلوبة او (الساخنة).
بعض هذه الوظائف قد تبدو نكتة. قد يستغرب الكثيرون ان وظيفة مثل (مدرب يوغا) مرغوبة جدا في الولايات المتحدة.
وهناك ايضا وظيفة (المحلل النفسي) الذي يقبض عادة 200 دولار في الساعة او اكثر لقاء الاستماع – او التظاهر بالاستماع – لشخص لديه مشاكل طبيعية يعاني منها كل الناس. لكن الفرق ان الناس في العراق تختار ان تشتكي لاصدقائها في حين يدفع اغلبية الامريكيين 200 دولار مقابل جلسة اسبوعية لمدة ساعة لـ (يفضفض)!
وهناك وظيفة المسؤول عن الملف في المنظمات الانسانية ودوائر الخدمة الاجتماعية، وبطبيعة الحال فان الطبيب وظيفة ممتازة لكنها تحتاج الى شهادتي بكالوريوس علوم وطب ثم شهادة اخرى للتخصص، والحقيقة ان الاختصاص الافضل – مهنيا في الولايات المتحدة – في الميدان الطبي هو طب الاسنان.
وفي العراق فان خريجي القانون اقل اهمية بكثير من نظرائهم في الولايات المتحدة حيث يحصل المحامون عادة على ما لايقل عن 250 دولار في الساعة لقاء خدماتهم التي كثيرا ما تكون خدمات روتينية – خصوصا في قضايا الطلاق مثلا – ولا تحتاج الى اي عمل حقيقي.
الفارق الاخر ان شهادة التخرج كفيلة بالسماح لك بممارسة المحاماة في العراق اما في الولايات المتحدة فلابد من اجتياز اختبار النقابة وهو اختبار صعب جدا ويفشل فيه الخريجون عادة عدة مرات قبل اجتيازه في النهاية. كما ان القانون يدرس عادة في الولايات المتحدة بعد الحصول على بكالوريوس اخر في احدى اختصاصات العلوم الاجتماعية، وهناك ايضا المختصون بكل تقنيات الكومبيوتر بمختلف تفرعاتها.
وهناك ايضا موظفو المبيعات وهم فئة خاصة من البشر تستمتع ببيع مختلف الاشياء والخدمات للناس (من السيارات الى بوليصات التأمين…الخ).
الاختصاص الافضل هو بطبيعة الحال المصرفيون وخريجو ادارة الاعمال لانهم سيجيدون ما يريده الجميع وهو جني المال!
النصيحة الاهم هي ان تختار اختصاصا تحبه وتبدع فيه وان يكون مرغوبا وله سوق حقيقية، في الولايات المتحدة تعد الدراسة في الجامعات العريقة – بغض النظر عن الاختصاص – خطوة مهمة تسهل الحصول على الوظيفة الجيدة ليس فقط بسبب الدراسة هناك بل لانها تبني الشبكة الاجتماعية الضرورية للحصول على الوظيفة.
طبعا الدراسة في الولايات المتحدة تكلف عشرات الالاف من الدولارات وحجم ديون الطلبة وصل الان الى ترليون و700 مليار دولار! والفارق الاهم بالطبع هو انه لا يوجد قطاع عام في الولايات المتحدة يريد الجميع التوظف فيه كما هو الحال في العراق.
.
رابط المصدر: