د.رعد هادي جبارة
روايتان نشرتا هذا الاسبوع عن إتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأمريكي و الرئيس العراقي برهم صالح ؛
○الأُولى:
نقلها برهم نفسه وقال: إن بومبيو أخبره “سنغلق السفارة وننتقم من الجهات التي كانت تقصفها”.
○والثانية:
نقلها مصطفى الكاظمي ونفى فيها ماقاله صالح عن نية البيت الأبيض غلق سفارته في بغداد، مؤكدا أن بومبيو اتصل به أيضاً ونفى صحة الرواية التي نقلها برهم عنه!.
وأياً تكن حقيقة الروايتين فإنه من حيث العُرف الديبلوماسي من غير المقبول عالميا إتصال وزير خارجية دولة برئيس جمهورية ورئيس وزراء دولة أخرى،وهو خلاف للأطر واللياقات والمستويات والسياقات، فالاتصال يكون بين وزيرين أو رئيسين أو سفيرين.. من نفس المستوى الرسمي والصفة الدبلوماسية.
فكيف ولماذا قبل الرئيسان الكاظمي وبرهم أن يكون على الجانب الآخر من الهاتف (الوزير) وليس (النظير)؟!!
هذا من ناحية الشكل.
أما من حيث مضمون الإتصال المتمحور حول غلق السفارة الامريكية في بغداد أو نقل كادرها إلى قنصلية أمريكا في أربيل فهذا الأمر هو الآخر غير قطعي أو دقيق وليس يمثل نهاية العالم!!
ثم ماذا!!؟
لو قررت واشنطن جعل طاقم سفارتها يداوم في قنصليتها بأربيل فليكن..فأكثر من نصف عواصم دول العالم دون سفير أمريكي حسبما تقول سبوتنيك.
إذ تؤكد أحدث الإحصائيات أن أمريكا لا تمتلك تمثيلاً سياسياً على مستوى السفراء لدى 57 دولة حول العالم بمجموع سكان 3.9مليار شخص أي ما يزيد عن نصف سكان الأرض. و قالت شبكة “CNN” الإخبارية الأمريكية إن الرئيس ترامب كان قد أمر جميع السفراء الذين تم تعيينهم في فترة ولاية الرئيس السابق أوباما بالتخلي عن مناصبهم، وهو ما أدى إلى خلو التمثيل السياسي الأمريكي على مستوى السفراء لدى عدد كبير من الدول، بما فيها دول حليفة للأمريكيين مثل كندا والهند وبريطانيا والسعودية.
وعرض موقع Quartz قائمة بـ 57 دولة حول العالم لا تزال إلى الآن بلا سفير أمريكي، مما أثار المخاوف حول طبيعة علاقات الإدارة الجديدة معها في الفترة القادمة، وتعد الصين أكبر هذه الدول من حيث عدد السكان والذين يبلغ عددهم مليار 371.22 مليون نسمة.
ويتفاءل كثيرون في العراق بغلق بؤرة التجسس و التدخلات الامريكية في قلب المنطقة الخضراء والتي قيل إن مساحتها تعادل 80 ملعباً لكرة القدم!!!!وكان قد منحها لهم أياد علاوي(وهب الأمير ما لا يملك) وتمسك بخيوط وتمويل 1400منظمة مجتمع مدني تخترق العراق، بينما يرى جزء من الطبقة السياسية أن غلقها مقدمة لشر مستطير يتمثل في نية البيت الأبيض وعزمه على الانتقام من كل من كانوا يقصفون سفارته بالهاونات وتدمير مواقع الحشد ومقراته بذريعة أنه هو المتسبب في غلق السفارة بهاوناته.
ومادمنا قد تطرقنا للهاونات فإن الحشد نفى دائماً وينفي تماما أن يكون هو المنفذ لقصف السفارة الأمريكية بتاتاً، وفي الوقت نفسه ثمّة بياناتٌ كثيرة عن تنظيمات غامضة ذات أسماء غير معروفة سلفاً [وليست ضمن تشكيلات الحشد ووحداته وفصائله ] تؤكد وتفخر أنها تقصف الأمريكان وترى أن سفارتهم هي سفارة دولة محتلة وبؤرة للجواسيس وأن من حق المقاومة ضربها، وبين أسبوع وآخر تعلن جهة جديدة بإسم جديد أنها فصيل مقاوم وتؤكد مسؤوليتها عن ضرب الأمريكان وحرق أرتالهم.بينما ظهرت تصريحات تقول إن أمريكا وكما دبرت مؤامرة ضرب برجَي التجارة العالمية في نيويورك وقصفت افغانستان فإنها تقف وراء قصف سفارتها في بغداد بالهاونات لتقصف الحشد وتنتقم منه!
فهل ضرب السفارة مقاومة بطولية وعلى يد تنظيمات مسلحة وطنية حقاً؟ أم هو مؤامرة مدبرة من أصابع مرتبطة بالسفارة ذاتها؟ أم هي عنتريات فارغة وبطولات مزعومة وادعاءات مزيفة هدفها إظهار أمريكا بمظهر النمر الورقي المنهزم من بغداد، والفار مذعورا من ضربات المقاومة البطلة؟
وهناك من يتساءل:من هو التيار الذي دأب على توجيه أصابع الاتهام للحشد تحت ذريعة “الميليشيات الوقحة” ليكون هو المستفيد من انتقام أمريكا من الحشد والمقاومة بذريعة ضلوعهما في قصف السفارة؟
المصدر: عبر منصات التواصل للمركز