تنذر خُطط عالمية لمواصلة بناء مشروعات غاز مسال جديدة بإطلاق انبعاثات كربونية سنوية تعادل نظيراتها المنطلقة من جميع محطات الكهرباء العاملة بالفحم في العالم؛ وهو ما يصفه البعض بقنبلة مناخية، وقد يصل حجم الانبعاثات المنطلقة من مشروعات الغاز المسال، المخطط تنفيذها مستقبلًا، إلى 10 غيغاطن…
تنذر خُطط عالمية لمواصلة بناء مشروعات غاز مسال جديدة بإطلاق انبعاثات كربونية سنوية تعادل نظيراتها المنطلقة من جميع محطات الكهرباء العاملة بالفحم في العالم؛ وهو ما يصفه البعض بقنبلة مناخية، وقد يصل حجم الانبعاثات المنطلقة من مشروعات الغاز المسال، المخطط تنفيذها مستقبلًا، إلى 10 غيغاطن، وذلك بحلول نهاية العقد الحالي (2030).
ووفق تقرير حصلت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) على نسخةٍ منه، تخطّط شركات نفط وغاز كبرى -مثل: شل متعددة الجنسيات، وتوتال إنرجي الفرنسية، وقطر للطاقة، إلى جانب شركات عاملة في قطاع الغاز المسال، مثل: فينتشر غلوبال (Venture Global) للغاز المسال- للتوسع في عملياتها مع التخطيط لبناء 156 محطة غاز مسال جديدة بحلول عام 2030.
وعلى الرغم من أن معظم البنوك الـ30 الكبرى الداعمة للتوسع في مشروعات الغاز المسال تتبنّى أهداف الحياد الكربوني، فإن أيًا منها لم يستبعد تقديم التمويلات إلى مطوري الغاز المسال، حتى على الرغم من تمويل معظم تلك المشروعات على مستوى الشركات.
قنبلة مناخية
من الممكن أن تؤدي مشروعات غاز مسال جديدة تلامس قيمتها الرأسمالية 200 مليار دولار إلى “قنبلة مناخية”، تعادل إطلاق انبعاثات سنوية من جميع محطات الكهرباء العاملة بالفحم في العالم، وفق نتائج تقرير حديث صادر عن مجموعة المناخ ريكليم فاينانس (Reclaim Finance).
ونتيجة لتسربات غاز الميثان، من الممكن أن تُنتِج مشروعات الغاز المسال المذكورة نحو 10 غيغاطن من انبعاثات غازات الدفيئة بحلول نهاية عام 2030، أو ما يعادل قرابة الانبعاثات السنوية لكل محطات الفحم العاملة في العالم، بحسب التقرير.
وضخّت بنوك كبرى استثمارات بقيمة 213 مليار دولار في خُطط لبناء محطات لتصدير واستيراد الغاز الطبيعي المسال الذي يُشحَن على متن ناقلات بحرية، وذلك خلال المدة من عام 2021 وعام 2023، غير أن التقرير ذاته وجد زيادةً حادةً في مشروعات غاز مسال تستهدف تعزيز تجارة الغاز العالمية خلال السنوات الأخيرة؛ بدعم من التحول عن الفحم إلى الغاز في البلدان النامية والحرب الروسية الأوكرانية التي تسبّبت في قطع الواردات الآتية إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.
ووجد التقرير أن هناك 8 مشروعات محطات تصدير غاز مسال و99 مشروع محطة استيراد قد أُنجِزت خلال العامين الماضيين؛ مما قلّل سعة التصدير العالمية بنسبة 7% وسعة الواردات العالمية بنسبة 19%، كما يخطّط مطورو الغاز الطبيعي المسال لتنفيذ 156 مشروعًا في محطات غاز مسال جديدة عالميًا بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، من بينها 63 محطة تصدير، و93 محطة استيراد، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
استمرار الدعم
يواصل المستثمرون والبنوك تقديم الدعم إلى مطوري مشروعات الغاز المسال، بل يعزّزون دعمهم لتلك الكيانات حتى على الرغم من التزام العديد من كبرى البنوك العالمية بأهداف الحياد الكربوني بحلول عام 2030.
وخلال المدة ما بين عامي 2021 و2023، قدمت البنوك العالمية 213 مليار دولار أميركي، لدعم توسعة مشروعات غاز مسال جديدة، في حين ضخّ المستثمرون أكثر من 252 مليار دولار أميركي في خُططٍ مماثلةٍ بدءًا من مايو/أيار (2024).
ويُعد عدد قليل من البنوك العالمية مسؤولًا عن غالبية تمويل خُطط التوسع في مشروعات الغاز المسال، مع تقديم 30 من كبريات تلك البنوك 71% من قيمة تلك التمويلات.
وتتصدّر بنوك يابانية وأميركية تلك القائمة، بقيادة بنكي ميتسوبيشي يو إف جي (Mitsubishi UFJ) وجيه بي مورغان تشيس، في حين تستأثر بنوك أوروبية بأكثر من رُبع الدعم المخصص للتوسع في مشروعات الغاز المسال، مع وجود بنوك سانتاندير (Santander) الإسبانية، وآي إن جي (ING) الهولندية، وكريدي أغريكول (Crédit Agricole) السويسري، ودويتشه بنك (Deutsche Bank) الألماني، و”إتش إس بي سي” الإنجليزي، وإنتيسا سان باولو (Intesa Sanpaolo) البرازيلي، وبي بي سي إي (BPCE) الفرنسية من بين أكبر 30 كيانًا مصرفيًا داعمًا لتلك المشروعات.
ويمثّل المستثمرون الأميركيون ما نسبته 71% من إجمالي الاستثمارات في توسعة مشروعات الغاز المسال، مع تصدر كلٍّ من شركتي بلاك روك (BlackRock)، وفانغارد (Vanguard)، وستيت ستريت (State Street) القائمة.
مشروعات غاز مسال
قالت الناشطة في حملة ريكليم فاينانس جوستين دوكلوس غوندا: “تراهن شركات النفط والغاز على مستقبلها في مشروعات غاز مسال جديدة، ولكن كل تلك المشروعات المُخطط تنفيذها يهدّد مستقبل اتفاقية باريس للمناخ 2015”.
ومن المتوقع أن تغذّي النتائج الأخيرة مخاوف متنامية من إمكان أن تقود الاستثمارات غير المدققة في سوق الغاز العالمية إلى زيادة في معروض الغاز؛ ما من شأنه أن يهدّد المستهدفات المناخية.
وخلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم حذرت الوكالة الدولية للطاقة من أن أسواق الغاز المسال العالمية تتجه نحو تُخمة غير مسبوقة في معروض الغاز؛ وهو الأمر الذي لا يتسق مع المحافظة على درجات الحرارة العالمية من أن تتخطى 2.4 درجة مئوية فوق مستوياتها قبل الثورة الصناعية.
كما حذّرت الوكالة من أن سعة الغاز الطبيعي المسال العالمي تمضي على المسار الذي يقودها إلى نمو بنحو 50% بحلول عام 2030، وهو ما يزيد على توقعات الطلب العالمية بالنسبة للغاز في السيناريوهات الـ3كافّة التي أعدتها الوكالة، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويُتوقع أن يَنتُج عن هذه التخمة في المعروض تراجع أسعار الوقود الأحفوري؛ وهو ما قد يحفّز على الاعتماد بشكل أكبر على الغاز منخفض التكلفة بدلًا من تقنيات الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة؛ مما يثير المزيد من الشكوك حول أهداف المناخ.