كتاب بولتون يعري ترمب ومع ذلك يرغب جونسون في التعاون معه

جيمس مور

 

تُواجه سلفاً بالرفض الاعترافات الصادرة عن شخصٍ آخر كان سابقاً ضمن إدارة دونالد ترمب، هو هذه المرّة جون بولتون أحد عتاة المحافظين الجدد الذي احتلّ في الماضي منصب مستشار الأمن القومي، وذلك باعتبارها أكاذيب حاكها مساعد سابق يشعر بالمرارة.

وغرّد دان سكافينو، صاحب اللقب الوظيفي الطويل جداً الذي يعني أنه يؤدي دوراً بارزاً داخل البيت الأبيض، “لا شيء أسوأ من داعية الحرب الغاضب والمغرور والأناني والبائس إجمالاً الذي يُطرد من عمله، ثم يكتب كتاباً يضمّنه معلومات سريّة، ويقبض لقاء ذلك ملايين الدولارات. غيّر أحدهم نبرته، بعد أن طُرد”!.

هيّا استخدم الأحرف الكبيرة أيها الصبي داني! سيصفّق لها جمهور “اجعل أميركا عظيمة مجدداً” (المُسمى ماغا بالإنجليزية، اختصاراً) لأنها من الأساليب المفضّلة للرئيس ترمب.

كلّا طبعاً لم يطلب ترمب مساعدة الصين من أجل إعادة انتخابه، تماماً كما لم يطلب مساعدة روسيا كي يفوز بالانتخابات في المقام الأول. أربع سنوات أخرى من الحكم، أربع سنوات أخرى!

لم يمزح الدونالد (حاكم العالم، وهو معنى اسم دونالد الأصلي) أبداً حين قال إنه يعتقد أن بوسعه إطلاق النار على أحدهم على الجادة الخامسة في نيويورك والإفلات من العقاب. فهو قادر على ذلك بوصفه يحظى بتأييد نحو 40 في المئة من الأميركيين.

لكن، يبدو أنّ النيران المشتعلة حول نيرون العصر الحالي هذا، قد تأكله في النهاية، وإن لم تأتِ على دان سكافينو وأمثاله في هذا العالم. فهؤلاء ينفذون بجلدهم دائماً.

تثير هذه المسألة برمّتها تساؤلاً بالنسبة إلى “النسخة المصغرة” عن ترمب من الضفة الأخرى للمحيط. أتكلّم طبعاً عن بوريس جونسون. يسعى ترمب إلى بيعنا الدجاج المغسول بالكلور ولحم الأبقار المعالج بالهورمونات الذي يربّيه المزارعون الأميركيون، ومع ذلك ما زلت (يا جونسون) جاداً بشأن تعاونك مع هذا الرجل، وتعتبر الاتفاق التجاري مع هذا الرئيس هو الكنز المدفون في طرف قوس قزح بريكست الخاص بك.

أتخيّل قاعة محاضرات مليئة بطلاب التاريخ المستقبليين وهم يستمعون إلى رواية هذه الأحداث، ويهزّون رؤوسهم باستهجان وذهول، قائلين “أيها البروفيسور، أنت تمزح معنا، أليس كذلك؟ هلّا عدنا إلى الرواية الحقيقية، نظراً إلى أننا ندفع 60 ألف جنيه سنوياً لقاء هذا الدرس؟”.

كلّا، هذه هي الحقيقة أيها الصغار. كانت هذه الخطة العظيمة. حتّى إنّ جونسون بدأ يلجأ إلى “تويتر” لتقيّؤ خطبه المملّة. أتذكرون تلك التي تحدّث فيها عن التماثيل وفاتَه كليّاً جوهر الموضوع في بداية اندلاع احتجاجات حركة “حياة السود مهمّة” هنا؟

يستدعي شعار “اجعلوا بريطانيا عظيمة مجدداً” (ماغا) نسخة من الدرجة الثانية لطامح من الدرجة الثانية لمحاكاة ترمب، وتلقف الجمهور ذلك أيضاً. لدينا هنا الكثير من أشباه دان سكافينو، كما لدينا الكثير من أشباه شون هانيتي وراش ليمبوه، ممن هم على استعداد كي يخدموا كمناصرين زائفين.

يا للبشاعة، هذا ما قالته بقية العالم حين تابعت ما يدور في الناحية الأخرى من المحيط. حسناً، نعم، لكن بحق السماء، بريطانيا، والتحالف بين ضفّتي الأطلسي، والتاريخ، والتماثيل. الاتفاق التجاري. ركّزوا أنظاركم على الجائزة. الاتفاق التجاري.

في محاولة لاسترداد نسبة ضئيلة مما خسرناه من خلال خطوة بريكست الخرقاء التي أقدم عليها جونسون، سنتحوّل إلى شخصية السيد سميع الذي يظلّ لصيقاً بالكابتن هوك حتّى بعدما يلتهمه التمساح، ويهرب الجميع من عالمه المُشوّه.

يُفترض بدومينيك كامينغز أن يكون نابغة في السياسة، ولا يمكن الاستغناء عنه، لكنه عاجز على ما يبدو عن تقدير الخطر في احتضان ما هو في الحقيقة قنفذ برتقالي ضخم. ربما يكون السبب في ذلك أشواكه صغير.

لكن، لا شكّ في أنه نابغة في السياسة، مقارنةً ببعض الكلاب التي تواصل هزّ رأسها بالإيماء في حكومة جونسون.

فلنتأمل ما قاله دومينيك راب، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، خلال مقابلة مع راديو توك، “أفهم حسّ الإحباط والتململ الذي يدفع حركة حياة السود مهمة، (حركة حيوات السود مهمة)، كما قال”.

“يجب أن أقول، إنه في مسألة الركوع على ركبة واحدة هذه، لا أعلم، ربّما يحيط بالأمر تاريخ أوسع لكن يبدو أنها مستقاة من (صراع العروش)، على حدّ قوله، وتبدو لي رمزاً للخنوع والقمع وليس للتحرّر والانعتاق”.

نعم، يا طلّاب التاريخ المستقبليين، هذا ما قاله راب بالفعل، وجونسون قلّده أحد أرفع المناصب في الدولة.

قد تذكرون أنّ راب كان محامياً في السابق. إن خُيّرت في مسألة تمثيلي قانونياً في النهاية بينه وبين كانغارو اسمه نطّاط يعمل في المكتب المجاور، سأقول حسناً، هلّا أخبرتني يا نطّاط كم تتقاضى في الساعة هذه الأيام؟

إنها لفكرة مخيفة أنه في ما قد لا تكفي نسبة 40 في المئة من الناخبين الأميركيين لانتخاب ترمب، حتّى حين يعمل نظام المجمع الانتخابي الأميركي الأبله لصالحه، فقد تكفي جونسون. أتوقّع أنّ هذا ما يعتمد عليه كامينغز وراب وبقية السذّج.

لكن، المسألة هي أنه بعد أن تنزل كمية كافية من الدجاج المليء بالكلور في حناجر جمهور “اجعلوا بريطانيا عظيمة مجدداً”، سيدرك بعضهم على الأقل المسألة. تذكروا ما الذي فعلوه بعد خمس سنوات من حكم جون ميجر، علماً أن جونسون يجعل ميجر يبدو كأنّه جي إف كاي كينيدي.

 

رابط المصدر:

https://www.independentarabia.com/node/128846/%D8%A2%D8%B1%D8%A7%D8%A1/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D9%88%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%88%D9%85%D8%B9-%D8%B0%D9%84%D9%83-%D9%8A%D8%B1%D8%BA%D8%A8-%D8%AC%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%88%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%B9%D9%87

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M