شهد انهيار سوق الأسهم انعكاسات مباشرة على ثروات كبار المديرين التنفيذيين في شركات التكنولوجيا، حيث تراجعت صافي ثرواتهم بشكل ملحوظ. فقد سجل مؤشر ناسداك 100 انخفاضاً بنسبة 3.4%، بينما تراجع مؤشر داو جونز بأكثر من 1000 نقطة، وتأثر مؤشر S&P 500 سلباً بنسبة 3%…
شهد انهيار سوق الأسهم انعكاسات مباشرة على ثروات كبار المديرين التنفيذيين في شركات التكنولوجيا، حيث تراجعت صافي ثرواتهم بشكل ملحوظ. فقد سجل مؤشر ناسداك 100 انخفاضاً بنسبة 3.4%، بينما تراجع مؤشر داو جونز بأكثر من 1000 نقطة، وتأثر مؤشر S&P 500 سلباً بنسبة 3%. وعزت هذه الانخفاضات الحادة إلى المخاوف المتزايدة بشأن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي، مما أثار قلق المستثمرين في جميع أنحاء العالم.
انهيار أسهم التكنولوجيا
وترتبط ثروات الرؤساء التنفيذيين في قطاع التكنولوجيا، خاصة أولئك الذين يملكون حصصاً كبيرة في الشركات التي يديرونها، ارتباطاً وثيقاً بأداء أسهم هذه الشركات في البورصة. فمع الانهيارات التي شهدتها أسهم عمالقة التكنولوجيا مثل Nvidia وApple وMicrosoft يوم الاثنين، شهد هؤلاء المليارديرات تراجعاً ملحوظاً في ثرواتهم الصافية.
وفقًا لقائمة فوربس شهدت ثروات أغنى أغنياء العالم تراجعاً حاداً، حيث تصدر جيف بيزوس قائمة الخاسرين بخسارة تقدر بحوالي 6.4 مليار دولار، ليصل إجمالي ثروته إلى 180.7 مليار دولار. ولم يبتعد لاري إليسون كثيراً، حيث خسر حوالي 6.2 مليار دولار. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الخسائر تمثل التراجع في ثرواتهم خلال ثلاثة أيام فقط، من إغلاق السوق يوم الجمعة حتى إغلاق يوم الاثنين.
خسارة كبيرة
يعد من أبرز الخاسرين جنسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيديا، حيث تراجعت قيمة أسهم شركته بشكل كبير، مما أدى إلى خسارته حوالي 5.9 مليار دولار من ثروته التي تبلغ 88.2 مليار دولار.
كما تأثر مؤسسا جوجل، لاري بايج وسيرجي برين، بهذا الانهيار، حيث خسرا 5.9 مليار دولار و5.5 مليار دولار على التوالي، وفقاً لتقديرات فوربس.”
ماسك وزوكربيرغ من الخاسرين
وانضم إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، ومارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، إلى قائمة الخاسرين. فقد خسر ماسك حوالي 4.9 مليار دولار، بينما خسر زوكربيرغ 4.3 مليار دولار، مما يعكس التأثير الكبير للتقلبات السوقية على ثروات أبرز الشخصيات في هذا القطاع.
أما مؤسس مايكروسوفت بيل غيتس فقد وصلت خسارته إلى 2.6 مليار دولار، في حين أن الرئيس التنفيذي السابق لشركة مايكروسوفت ستيف بالمر، خسر حوالي 3 مليارات دولار.
ولم يكن أصحاب المليارات في مجال التكنولوجيا وحدهم من تضرروا، فقد شهد أسطورة الاستثمار وارن بافيت خسارة قدرها 4.4 مليار دولار.
يذكر أن معظم هؤلاء الأشخاص لديهم ثروة صافية تزيد عن 100 مليار دولار، وفقًا لقائمة فوربس؛ إلا جنسن هوانغ أقل من ذلك، حيث تبلغ ثروته 88.2 مليار دولار؛ لذا لا يزال لديهم جزء كبير من صافي ثرواتهم سليمًا.
carry trade السر وراء التراجعات الحادة في الأسواق المالية
كشفت الاضطرابات الأخيرة التي ضربت الأسواق المالية عن المخاطر الكامنة فيما يعرف باستراتيجية “تجارة الفائدة” أو “carry trade”. كشفت الاستراتيجية هذه التي تعتمد على فروق أسعار الفائدة بين العملات، عن أنها حساسة للغاية للتغيرات في بيئة أسعار الفائدة وتقلبات السوق. وأثبتت الأحداث الأخيرة أنها ليست مضمونة النجاح، وأن المستثمرين الذين يعتمدون عليها يجب أن يكونوا على دراية بالمخاطر المرتبطة بها.
تتضمن هذه الاستراتيجية اقتراض عملة ذات فائدة منخفضة، مثل الين الياباني، واستثمارها في عملة ذات فائدة أعلى. ومع ذلك، فإن ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وزيادة تقلبات الأسواق قد قلبا هذه الاستراتيجية رأسًا على عقب، مما أدى إلى خسائر كبيرة للمستثمرين.
ما هي تجارة الفائدة أو “carry trade”؟
تتضمن التجارة قيام المستثمر باقتراض عملة بلد تكون فيه أسعار الفائدة منخفضة، مثل اليابان أو الصين، واستخدامها للاستثمار في عملة تكون فيها أسعار الفائدة أعلى، مثل المكسيك.
ولطالما كان الين الياباني هو العملة المفضلة للتداول بالهامش في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل أسعار الفائدة المنخفضة للغاية التي اعتمدتها اليابان. ولم يتخلَّ البنك المركزي الياباني عن سياسته النقدية التيسيرية إلا في أبريل الماضي، أي بعد فترة طويلة من بدء البنوك المركزية الغربية في تشديد سياستها النقدية لمكافحة التضخم المتصاعد.
وتعتمد تجارة الفائدة على بقاء العملة المقترضة رخيصة، وبقاء تقلبات السوق منخفضة. وقد انقلب هذان العاملان ضد المستثمرين في الأسابيع الأخيرة مع ارتفاع الين واجتياح الأسواق حالة من عدم الاستقرار بحسب تقرير صحيفة وول ستريت جورنال.
ما هو حجم تجارة الفائدة أو “carry trade”؟
تقدير حجم تجارة الفائدة أمر بالغ الصعوبة نظراً لعدم وجود بيانات مركزية شاملة تغطي جميع المعاملات. ومع ذلك، يمكن الحصول على فكرة تقريبية عن حجم هذه التجارة من خلال تحليل بعض المؤشرات. على سبيل المثال، وفقاً لبيانات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع (CFTC)، كان المستثمرون يراهنون على ضعف الين الياباني من خلال عقود آجلة تزيد قيمتها عن 14 مليار دولار في بداية يوليو. ومع ذلك، شهد هذا الرقم انخفاضاً حاداً إلى حوالي 6 مليارات دولار بحلول الأسبوع الماضي. هذا التراجع الكبير في حجم العقود المرتبطة بالين يشير إلى انحسار نشاط تجارة الفائدة.
والبديل الآخر، هو النظر إلى الإقراض الأجنبي للبنوك اليابانية، والذي شهد زيادة كبيرة بلغت تريليون دولار بحلول مارس الماضي، وفقًا لبيانات بنك التسويات الدولية. هذا الرقم يمثل زيادة بنسبة 21% مقارنة بعام 2021. وقد ساهم بشكل كبير في هذا النمو الطلب المتزايد على الين في سوق ما بين البنوك، حيث يستخدم المستثمرون الدوليون الين لتمويل صفقات الشراء بالاقتراض.
كيف أثر ارتفاع الين على تجارة الفائدة؟
شكل ارتفاع الين بنسبة 7.5% خلال الأسبوع الماضي حلقة مفرغة ضارة بالعديد من المتداولين. فمع ارتفاع قيمة الين، زادت قيمة الديون التي تحملوها بالعملة اليابانية، مما دفع المصارف إلى طلب ضمانات إضافية. وللتلبية هذا الطلب، اضطر المتداولون إلى شراء المزيد من الين، مما أدى إلى ارتفاع أكبر في قيمة الين وتسبب في المزيد من نداءات الهامش، وهكذا.
هل يتوقف ارتفاع الين عند هذا الحد؟
من غير المحتمل أن يتوقف ارتفاع الين عند هذا الحد. فإحدى العوامل التي قد تدفع الين إلى مزيد من القوة هي زيادة التحوطات من قبل المستثمرين، كما يشير كريس تورنر من ING. فارتفاع تكلفة التحوط في السنوات الأخيرة دفع الكثيرين لتأجيلها، لكن مع استمرار ارتفاع الين، قد يجدون أنفسهم مضطرين للتحوط، مما يزيد الطلب على الين ويؤدي إلى ارتفاعه بشكل أكبر، وهكذا تدخل الأسواق في حلقة مفرغة.
المصدر : https://annabaa.org/arabic/economicreports/39687