دلال العكيلي
تسارع وتيرة الإصابات بكورونا في روسيا يثير الارتفاع الحاد في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في روسيا المخاوف من وصول عدد المرضى إلى أكثر من طاقة المشافي فقد أكدت السلطات تسجيل رقم قياسي في حالات الإصابة ويحذر الرئيس فلاديمير بوتين من أن روسيا لم تتجاوز ذروة تفشي المرض بعد، اذ سجلت روسيا أعلى ارتفاع خلال يومين في حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا بلغ 10633 حالة جديدة، ليصل العدد الإجمالي للإصابات في البلاد إلى 134686 وأكثر من نصف عدد الإصابات والوفيات في العاصمة موسكو، ومع ذلك تباطأ معدل الوفيات في الأيام الماضية ولا يزال أقل بكثير من الناحية النسبية من الكثير من البلدان الأخرى، وعزت روسيا تراجع معدل الوفيات إلى أن التفشي لديها بدأ بعد كثير من البلدان الأخرى مما منح السلطات المزيد من الوقت للاستعداد، وقال المركز الروسي لإدارة أزمة كورونا على موقعه الإلكتروني إن عدد الوفيات في جميع أنحاء البلاد ارتفع إلى 1280 بعد وفاة 58 شخصا في اربع وعشرين ساعه.
وطبقت روسيا إغلاقا جزئيا منذ نهاية مارس آذار للحد من انتشار الفيروس ويمكن للناس في موسكو مغادرة المنزل لزيارة أقرب متجر للمواد الغذائية أو صيدلية، أو المشي مع كلابهم أو التخلص من القمامة ولكنهم يحتاجون إلى تصاريح خاصة لأنشطة أخرى، وأمر الرئيس فلاديمير بوتين بفرض إجراءات العزل العام في البلاد حتى 11 مايو أيار عندما تنتهي روسيا من عطلات الاحتفال بعيد العمال وذكرى الانتصار في الحرب العالمية الثانية، وحث رئيس بلدية موسكو سيرجى سوبيانين السكان على مواصلة العزل الذاتي الصارم خلال العطلات الطويلة.
روسيا تتجاوز ألمانيا وفرنسا في عدد الاصابات
ارتفع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في روسيا إلى 177160 بعد زيادة يومية قياسية مما يعني احتلالها المرتبة الخامسة عالميا من حيث عدد المصابين بالفيروس متجاوزة بذلك ألمانيا وفرنسا، وقالت قوة العمل المكلفة بمكافحة كورونا في روسيا إن عدد الحالات الجديدة زاد 11231 حالة في الأربع والعشرين ساعة الماضية، وسجلت العاصمة موسكو، بؤرة تفشي الفيروس في روسيا، أكثر من نصف عدد الإصابات والوفيات الكلي، وأعلنت رصد 6703 إصابات جديدة.
وأضافت قوة العمل أن عدد الوفيات، الذي لا يزال أقل بكثير من بلدان عدة، زاد إلى 1625 بعد وفاة 88، وكان رئيس بلدية موسكو سيرجي سوبيانين قال إن عدد الحالات المؤكدة يرتفع في العاصمة لأن السلطات زادت بشدة عمليات الفحص، مضيفا أن الوضع استقر نوعا ما، وتقول روسيا إنها أجرت ما يربو على 4.8 مليون فحص لكورونا، وساند الرئيس فلاديمير بوتين يوم خطة وضعها سوبيانين للبدء تدريجيا في رفع بعض القيود بعد 12 مايو أيار مما يتيح لمنشآت صناعية معينة استئناف العمل، وهذا هو الأسبوع السادس الذي تخضع فيه موسكو وغيرها من المناطق الروسية لإجراءات عزل عام.
10 آلاف إصابة خلال 24 ساعة
أعلنت روسيا السبت ارتفاع عدد الإصابات المسجّلة بفيروس كورونا المستجد خلال يوم واحد بنحو عشرة آلاف في أعلى حصيلة منذ بدء تفشي المرض، وأفادت السلطات الروسية أن إجمالي عدد الإصابات ارتفع بـ9623 حالة إلى 124 ألفا و54، ولكن معدّل الوفيات المسجّل رسميا يعد منخفضا مقارنة بدول على غرار إيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة، وتوفي 57 شخصا في الساعات الـ24 الماضية، لتبلغ الحصيلة الإجمالية للوفيات 1222.
وأفاد رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين أن العاصمة الروسية، التي تعد بؤرة الوباء في البلاد، لم تتجاوز بعد ذروة تفشي الفيروس، وقال على مدونته في وقت سابق السبت إن “التهديد يزداد على ما يبدو” وسجّلت موسكو 5358 إصابة جديدة بالفيروس، ما يرفع إجمالي حصيلة الإصابات في العاصمة إلى 62 ألفا و658، وأوضح سوبيانين أن نحو اثنين في المئة من سكان موسكو، أي ما يعادل أكثر من 250 ألفا، أصيبوا بالفيروس.
وكتب سوبيانين على مدونته “بحسب فحوص كشف المرض التي أجريت لمجموعات متنوعة من السكان، يشكّل العدد الفعلي للأشخاص المصابين حوالى 2 بالمئة من إجمالي سكان المدينة”، وتفيد إحصاءات رسمية أن عدد سكان موسكو يبلغ 12,7 مليون نسمة. لكن يُعتقد أن الرقم الحقيقي أكبر من ذلك، وقال سوبيانين إن موسكو عززت إلى حد كبير قدرتها على إجراء فحوص للسكان في الأسابيع الأخيرة، موضحا أن المدينة “نجحت في احتواء انتشار المرض” بفضل تشديد قواعد العزل وغير ذلك من الإجراءات، وأعلنت وزارة الصحة الروسية الجمعة أن عدد الأطفال المصابين يرتفع، وأضافت أن طفلين توفيا بالمرض في البلاد بينما هناك 11 طفلا آخرين حالاتهم حرجة.
روسيا تتجاوز الصين
تجاوز عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في روسيا مثيله في الصين بعد أن بلغت الحصيلة ما يزيد على 87000 حالة، في حين تصاعد الضغط على الحكومة الروسية للنظر في تخفيف قيود الإغلاق للشركات للمساعدة في دعم الاقتصاد، وفرضت السلطات إجراءات العزل العام في روسيا، أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، منذ أن أعلن رئيسها فلاديمير بوتين إغلاق معظم الأماكن العامة في 25 مارس آذار ومن المقرر أن تنتهي مدة هذه الإجراءات في 30 أبريل نيسان، ولم يقل بوتين بعد ما إذا كان يعتزم تمديدها.
وقالت آنا بوبوفا رئيسة إدارة مراقبة صحة المستهلك في روسيا للتلفزيون الحكومي إنها ترى أن تستمر القيود سارية حتى 12 مايو أيار، وفي وقت سابق طلب رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين من حكومته تقديم مقترحات بحلول لتخفيف بعض القيود على الشركات. وحذرت العديد من الشركات من أنها تواجه خطر الإفلاس إذا استمر الإغلاق وتم تسريح آلاف الموظفين، وقال ميشوستين في اجتماع حكومي عبر الإنترنت “بمجرد أن يتغير الوضع إلى الأفضل، سنحتاج إلى النظر في إلغاء القيود خطوة بخطوة على بعض الشركات… والعمليات”، وأعلنت السلطات 6198 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، ليصل الإجمالي إلى 87147، منها 794 حالة وفاة.
الطواقم الطبية الروسية “تترقب الأسوأ”
في ظلّ نقص معدات الحماية وضعف التشخيص الطبي، بات العديد من الأطباء في روسيا أبرز ضحايا وباء كوفيد-19، لكن في الوقت نفسه، مصدراً لنقل العدوى به، وفق شهادات جمعتها وكالة فرانس برس ونقابات، في ضاحية ميتيشتي في موسكو التي يبلغ عدد سكانها نحو 250 ألف نسمة، يفوق معدل الإصابة بفيروس كورونا المستجد ثلاث مرات ونصف مرة المعدل الوطني، مع تسجيل 300 وحالتين، أي ما يساوي 137 حالة بين 100 ألف شخص، تقول أولغا الطبيبة في عيادة عامة في المدينة إن معدات الحماية فيها قليلة جداً.
وتوضح هذه العاملة في مجال الصحة والتي رفضت كشف بقية هويتها “يعطوننا قناعاً ينتهي مفعوله في يوم واحد، ويجب تبديله كل ساعتين نحن مجبرون على شراء الأقنعة بأنفسنا، كما القفازات، أو خياطتها أما بالنسبة لبدلات الحماية، فلم نرها قط”، تحتسي أولغا شاي الزنجبيل مع الليمون على أمل أن يعزز مناعتها أمام المرض، قائلةً “هذا كل ما بوسعي فعله”، وسط هذه الظروف، أصبحت الطواقم الطبية المثقلة بالعمل مصدر نقل لعدوى فيروس كورونا المستجد، وفق أولغا التي أكدت أن إدارة العيادة تدرك ذلك لكنها لا تتصرف.
نقص في الكوادر
تروي أولغا أنه “تبينت إصابة إحدى الطبيبات معنا، كنا جميعاً على تواصل معها، لكن الإدارة…لم تضع أحداً في الحجر. إذا حجر علينا، لن يبقى هناك من يقوم بالعمل”، ويلفت الرئيس المشارك لنقابة الأطباء “أكشن” أندريه كونوفال إلى أن هذا الوضع الذي ذكرته أولغا بات حالة شائعة في روسيا، يوضح كونوفال أن هناك “نقصا في وسائل الحماية في المستشفيات تقريباً في كافة المناطق الروسية”، كما أن الجهات المسؤولة تتفادى إجراء فحوص للطواقم الطبية “خشية أن يؤدي ذلك إلى نقص في الكوادر”.
من جانبه يؤكد إيفان كونوفالوف المسؤول في تحالف الأطباء، وهي نقابة قريبة من المعارض أليكسي نفالني، لفرانس برس تلقيه “عشرات الشكاوى من أطباء يشجبون رفض إدارتهم فحص طواقم المؤسسات الطبية”، والحال ليست أفضل في سانت بطرسبورغ ثاني أكبر مدن روسيا، البالغ عدد سكانها 5 ملايين نسمة.
الكمامات عملة نادرة
باتت الكمامات عملة نادرة في روسيا في زمن فيروس كورونا المستجد، فبعد نفاد هذه الوسيلة الأولى للحماية في الصيدليات، يجري تداولها على تطبيقات التواصل المحلية في الأحياء وعلى الإنترنت كما يجري صنعها يدويا في المنازل، وعانت روسيا من المشكلة ذاتها التي تواجهها العديد من الدول الأخرى، إذ فقدت الكمامات في الصيدليات والسوبرماركات منذ بدء تفشي وباء كوليد-19 الذي طال هذا البلد في آذار/مارس متسببا حتى الآن بأكثر من مئة ألف إصابة وألف وفاة فيه.
ومع عدم توافرها، اضطر المواطنون العاديون الروس كما الأطباء والممروضون وصولا إلى الشركات الحريصة على حماية موظفيها، للتزود بها عبر قنوات أخرى على درجات متفاوتة من الشرعية، وقال أندري كونوفال من قيادة نقابة الأطباء “أكسيون”، “هناك نقص هائل في وسائل الحماية في كل المناطق، وجميع المستشفيات تقريبا تواجه مشكلات والوضع في معظمها على وشك بلوغ درجة حرجة”.
وأوضح أن معظم العاملين في الطواقم الطبية “لا يتم إمدادهم بكل بساطة” ما يرغمهم على استخدام وسائلهم الخاصة للحصول على اللوازم الأساسية لعملهمن وتابع “من المستحيل لهم شراء ما يكفي بأجورهم، فيتدبر العديدون منهم أمرهم بغسل الكمامات أو استخدامها مطولا”، وأكد ذلك أطباء استجوبتهم وكالة فرانس برس.
وقالت الطبيبة ناتاليا إيسمونت في منطقة سفيردلوفسك في الأورال “أعطيت لوازم إلى جميع أصدقائي الأطباء حتى يتمكنوا من خياطة كماماتهم بأنفسهم لأن هناك نقصا كارثيا”، وأقر رئيس الأطباء في المستشفى “كاي 31” في موسكو الذي يعالج حوالى سبعين مريضا مصابين بوباء كوفيد-19 خلال زيارة الاسبوع الماضي “للأسف، نضطر أحيانا إلى شراء وسائل الحماية في السوق السوداء”.
خسرنا المعركة
سعت السلطات في مرحلة أولى لضبط هذه السوق التي اجتذبت الانتهازيين فحظرت الحكومة في مطلع نيسان/أبريل بيع كمامات وقفازات خارج الصيدليات، لكنها عادت وتراجعت عن قرارها بعد أسبوع، وقالت صيدلانية التقتها وكالة فرانس برس وطلبت عدم كشف اسمها “عندما بدأ الوباء، رفع الموردون الأسعار وتوقفنا عن شرائها خشية أن ينتزع منا ترخيصنا لا يمكننا بالطبع بيعها بسعر أدنى مما اشتريناها”.
وتؤكد السلطات أنها اتخذت التدابير لزيادة الإنتاج وأكد بوتين أن روسيا باتت قادرة على إنتاج 8,5 ملايين كمامة للحماية يوميا، لكن البيروقراطية تؤخر التسليم في غالب الأحيان بحسب ما أفاد رؤساء شركات وأطباء في وسائل الإعلام، وأقر أندري كونوفال بأنه “تم اتخاذ تدابير والسلطات تسعى لتسوية المشكلة” لكنه اعتبر أن هذه المبادرات جاءت متأخرة جدا خاتما “يبدو لي أننا خسرنا هذه المعركة”.
المئات ينظمون مسيرات احتجاجية على قيود كورونا
قال متظاهرون ومحطة تلفزيون حكومية إن مئات الأشخاص نظموا احتجاجا ضد السلطات الإقليمية في جنوب روسيا بسبب ما يرون أنها إجراءات مُقيدة وغير ضرورية، في إشارة للإجراءات المفروضة للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، وتسبب الإغلاق القسري للأعمال في أنحاء روسيا وفرض إجراءات صارمة خاصة بالعزل الذاتي في ضرر اقتصادي لأُسر عديدة لا سيما في المناطق الروسية حيث الرواتب منخفضة وفيروس كورونا أقل تفشيا، وتحدث فياتشيسلاف بيتاروف، حاكم المنطقة، للمتظاهرين وأظهرت لقطات مصورة مئات المحتجين يحتشدون في ساحة تحت أعين رجال شرطة بملابس مكافحة الشغب، ولم يضع أي من المحتجين فيما يبدو كمامات. وذكرت تقارير إعلامية محلية أن بعضهم اعتُقل، وحدد أحد المتظاهرين، ويدعى فاديم تشيلدييف، مطالبه في منشور على قناته بتطبيق تلجرام، حيث يتابعه نحو عشرة آلاف مشترك، وضمنت المطالب استقالة الحكومة الإقليمية ورئيس الإقليم وإجراء انتخابات جديدة.
وقال تشيلدييف في مقطع مصور “اليوم، وبذريعة فيروس كورونا الذي لا وجود له، يُستعبد الناس، إنهم يحاولون فرض سيطرة كاملة علينا جميعا” ووصف الموقع الإلكتروني لقناة روسيا ألانيا الإقليمية التلفزيونية الاحتجاجات بأنها “عمل غير مصرح به” ومنح الكرملين سلطة واسعة لحكام الأقاليم لاتخاذ إجراءاتهم الخاصة في محاولة الحد من تفشي فيروس كورونا.
انخفاض معدلات التأييد بوتين
أفاد استطلاع أجراه مركز ليفادا بأن نسبة التأييد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تراجعت إلى 59 في المئة خلال أبريل نيسان من 63 في المئة قبل شهر، وهو أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقدين، في ظل أزمة فيروس كورونا، لكن المركز حذر من أن التغيير في منهجية الاستطلاع ربما يكون قد أثر على النتيجة إلى حد ما على حساب بوتين، وتم إجراء الاستطلاع عبر الهاتف هذه المرة بسبب إجراءات العزل المرتبطة بفيروس كورونا، بدلا من وجها لوجه، وهو الأمر الذي قال نائب مدير المركز دينيس فولكوف أنه قد خفض نسبة التأييد لبوتين من 1 إلى 2 في المئة.
لكن حتى مع أخذ ذلك في الاعتبار، قال فولكوف إن مستوى تأييد عند 61 في المئة يعني أن التأييد لبوتين وصل إلى أدنى مستوى تم تسجيله حتى الآن في عام 2013، قبل عام من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في أوكرانيا، والذي أدى إلى ارتفاع شعبيته، ويسيطر بوتين (67 عاما) على المشهد السياسي الروسي رئيسا ورئيسا للوزراء منذ أكثر من 20 عاما، لكن التداعيات الاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا تشكل تحديا سياسيا بالنسبة له، وقال ليفادا إن الاستطلاع أُجري في الفترة من 24 إلى 27 أبريل نيسان وشمل في المجمل 1608 أشخاص في جميع أنحاء البلاد.