عبد الامير رويح
فيروس كورونا المستجد الذي اصاب أكثر من عشرة ملايين وأودى بحياة نصف مليون شخص، ما يزال يشكل تحدياً كبيراً للعلماء والباحثين الذين عجزوا حتى اليوم من الوصول الى معلومات او نتائج مهمة بخصوص هذا الفايروس القاتل، وفيروسات كورونا وكما نقلت بعض المصادر، هي سلالة واسعة من الفيروسات التي قد تسبب المرض للحيوان والإنسان.
ومن المعروف أن عدداً من فيروسات كورونا تسبب لدى البشر أمراض تنفسية تتراوح حدتها من نزلات البرد الشائعة إلى الأمراض الأشد وخامة مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس). ويسبب فيروس كورونا المُكتشف مؤخراً مرض كوفيد-19.
ومرض كوفيد-19 هو مرض معد يسببه آخر فيروس تم اكتشافه من سلالة فيروسات كورونا، ولم يكن هناك أي علم بوجود هذا الفيروس الجديد ومرضه قبل بدء تفشيه في مدينة ووهان الصينية في كانون الأول/ ديسمبر 2019. وقد تحوّل إلى جائحة اثرت بشكل سلبي على جميع دول العالم. ويرى بعض الخبراء ان البحوث والدراسات العلمية والتجارب الطبية المستمرة، ربما ستسهم في الفترة المقبلة في الوصول الى نتائج جيدة ومبشرة قد تساعد في انقاذ البشرية، حتى يومنا هذا، لا توجد لقاحات أو أدوية محددة لمرض كوفيد-19. وهناك علاجات قيد التحري ستخضع للاختبار عن طريق التجارب السريرية.
طفرة جديدة
وفي هذا الشأن أكد باحثون في ولاية فلوريدا الأمريكية أن فيروس كورونا المستجد قد أحدث طفرات بطريقة تجعله يصيب الخلايا البشرية بسهولة أكبر. وقال الباحثون إن هناك حاجةً إلى مزيدٍ من البحث لإظهار ما إذا كان هذا التغيير قد غيّر مسار الوباء العالمي، ولكن أحد الباحثين غير المشاركين في الدراسة يقول إنه على الأرجح غير مسار الوباء، وأن التغييرات قد تفسر تسبُب الفيروس في إصابة العديد من الحالات في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية.
وأوضح الباحثون في معهد سكريبس للأبحاث في فلوريدا إن الطفرة تؤثر على بروتين السنبلة، وهو هيكل على السطح الخارجي للفيروس يساعده في دخول الخلايا. وإذا ثبتت النتائج، فستكون المرة الأولى التي يتم فيها تأكيد أن التغييرات التي لوحظت في الفيروس لها أهمية بالنسبة للجائحة. وقال عالم الفيروسات في معهد سكريبس للأبحاث، هيريون تشوي، والذي ساعد في الإشراف على الدراسة، في بيان إن الفيروسات التي حدثت لها هذه الطفرة “كانت معدية أكثر بكثير من الفيروسات التي لم تحدث لها طفرة في نظام زراعة الخلايا المستخدم في البحث”.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن الطفرات التي لوحظت حتى الآن في فيروس كورونا المستجد لن تؤثر على فعالية اللقاحات قيد التطوير. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن الطفرات لم تجعل انتقال الفيروس أكثر سهولة، كما أنها لم تجعل الفيروس أكثر قدرة على التسبب في أمراض خطيرة. وأجرى تشوي وفريقه سلسلة من التجارب في المختبر التي أظهرت طفرة تسمى “D614G” تمنح الفيروس المزيد من النتوءات الشوكية الموجودة على سطح الفيروس، وتجعلها أكثر استقراراً. وهذا بدوره يسهل دخوله الخلايا. ولم تخضع نتائج الباحثون بعد لمراجعة خبراء آخرين في هذا المجال. ومع ذلك، أرسل تشوي وفريقه أوراق البحث إلى ويليام هاسيلتين، عالم الفيروسات ورجل الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية ورئيس شركة “Access Health International”.
ويعتقد هاسيلتين أن النتائج تفسر سبب الانتشار السهل لفيروس كورونا المستجد عبر الأمريكيتين. وأوضح هاسيلتين أن “هذه النتائج مهمة لأنها تظهر أن الفيروس يمكن أن يتغير، ويتغير لصالحه، وربما على حسابنا”. ويشارك العلماء التسلسل الجيني للفيروس الذي يتغير باستمرار، كحال جميع الفيروسات. وأشار هاسيلتين إلى أنه في وقت ما في منتصف يناير/ كانون الثاني حصل تغيير سمح للفيروس بأن يصبح أكثر عدوى. وهذا لا يعني أنه أكثر فتكاً.
واشتبه باحثون آخرون في ذلك، إذ نشرت بيت كوربر من مختبر Los Alamos” الوطني وفريقها مخاوفهم، واصفةً طفرة “D614G” بأنها “مصدر قلق عاجل” لأنها أصبحت إلى حد بعيد أكثر السلالات انتشاراً في أوروبا والولايات المتحدة. وكتب الباحثون أن هذه السلالة بدأت في الانتشار في أوروبا في أوائل فبراير/ شباط، وعندما دخلت إلى مناطق جديدة، أصبحت الشكل السائد فيها بسرعة.
ولكن كان هناك حاجة إلى مزيد من العمل لإظهار أنه لم يكن الأمر مجرد حادثٍ تسبب في جعل الفيروسات مع طفرة “D614G” من الأشكال الأكثر شيوعاً. وأشار هاسيلتين إلى أن فريق سكريبس أظهر ذلك في ثلاث تجارب منفصلة. وتسمح الطفرة للفيروس ليس فقط بالالتصاق بالخلايا بسهولة أكبر، بل أيضاً بدخوله بسهولة أكبر. وعندما تصاب بالفيروسات، فإنها تختطف خلايا الضحية وتحولها إلى مصانع فيروسية، وتضخ نسخة تلو أخرى من نسخ الفيروسات. ولكن يجب عليها أولاً إيجاد طريق إلى الخلايا للقيام بذلك. بحسب CNN.
ويرى هاسلتين أن “هذا يعني أننا يجب أن نكون في حالة تأهب للتغيير المستمر”، مضيفاً أن هذا الفيروس قادر على الاستجابة لكل ما نقوم به للسيطرة عليه، “فإذا صنعنا دواء، فسوف يقاومه. وإذا صنعنا لقاح، فسيحاول الالتفاف عليه. وإذا بقينا في المنزل، فسيعرف كيف يبقى لفترة أطول”.
موجة ثانية
تعيش بلدان العالم بين مطرقة الحاجة لتحريك عجلة اقتصاداتها وإعادة فتح حدودها وأعمالها، وسندان الخوف من موجة ثانية لفيروس كورونا المستجد، لا يُعرف على وجه الدقة مدى قوتها أو تأثيرها.
وتسعى الدول جاهدة لتخطي آثار جائحة كورونا التي تسببت بخسائر اقتصادية كبيرة عبر إعادة فتح الأعمال والمنافذ لتحريك عجلة الاقتصاد المتوقفة، مدفوعة بتقارير تسلط الضوء على التداعيات السلبية للفيروس من الناحية الاقتصادية، فبحسب تقرير لوكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، تناول تأثير التباطؤ الاقتصادي الناجم عن وباء كورونا على الأوضاع المالية في 14 دولة من بينها الولايات المتحدة واليابان وإيطاليا وبريطانيا، فإن الجائحة ستزيد من مستويات الدين في الدول الغنية في العالم بنسبة 20 نقطة مئوية في المتوسط سنة 2020، وهو يعادل ضعف الضرر الذي تكبده الاقتصاد العالمي إبان الأزمة المالية الكبرى، ولفت التقرير إلى أن نسب الدين الحكومي في هذه الدول سترتفع مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، بنحو 19 نقطة مئوية، نحو مثلي النسبة في 2019 إبان الأزمة المالية.
كذلك قالت مديرة صندوق النقد الدولي، إن الحكومات في أنحاء العالم أنفقت عشرة تريليونات دولار على الإجراءات المالية المتخذة في مواجهة الوباء وتداعياته الاقتصادية، لكن ثمة حاجة لمزيد من الجهود الكبيرة، وأوضحت كريستالينا جورجيفا أن تقديرات جديدة تفيد بأن ما يصل إلى 100 مليون شخص قد ينزلقون إلى الفقر المدقع بسبب الأزمة، مما سيمحو مكاسب تقليص الفقر للأعوام الثلاثة الأخيرة، ومن جانبه، توقع البنك الدولي أن يتسبب فيروس كورونا في تقلص الناتج العالمي 5.2 بالمئة في 2020، وهو ما سيكون أعمق انكماش منذ الحرب العالمية الثانية.
ودفعت هذه الأرقام السلبية عددا كبيرا من الدول لاتخاذ خطوات أو التفكير بحلول تعيد الحياة لاقتصاداتها، وسط تحذيرات من خبراء وعلماء من خطورة هذه الخطوة إذا لم تكن مدروسة على نحو دقيق، وذلك في حال ظهور موجة ثانية لوباء “كوفيد-19″، ففي بريطانيا وغداة إعلان رئيس الوزراء بوريس جونسون إعادة فتح الحانات والمطاعم وصالونات تصفيف الشعر والمتاحف ودور السينما في مطلع يوليو بعد إغلاقها منذ نهاية مارس، نشر ممثلو الأوساط الطبية رسالة مفتوحة في مجلة “بريتيش ميديكال جورنال” المتخصصة.
وكتب موقعو الرسالة، ومن بينهم رئيس الجمعية الطبية البريطانية التي تمثل الأطباء في المملكة المتحدة: “رغم أنه من الصعب التكهن بالشكل الذي ستتخذه الجائحة في المملكة المتحدة، فإن الأدلة المتوافرة تكشف تزايد احتمال ظهور بؤر محلية، وأن هناك خطرا فعليا بحصول موجة ثانية”، وتابعت الرسالة: “ينبغي الآن عدم الاكتفاء بمعالجة العواقب المهمة لأول مرحلة من الوباء، بل التثبت أيضا من أن البلد مهيأ بالشكل المناسب لاحتواء مرحلة ثانية”.
وعبّرت منظمة الصحة العالمية، عن قلقها من أن إصابات فيروس كورونا يرتفع من جديد في أوروبا، مشيرة إلى تخوفها إزاء الأنظمة الصحية في حال لم تجر السيطرة على هذا التفشي الجديد الذي بدأ بعد رفع قيود العزل.
وأعلن مدير فرع أوروبا في منظمة الصحة العالمية هانز كلوغ خلال مؤتمر صحفي عبر الفيديو من كوبنهاغن: “الأسبوع الماضي، شهدت أوروبا ارتفاعا في عدد الإصابات اليومية للمرة الأولى من أشهر. شهد 30 بلدا ارتفاعا في عدد الإصابات التراكمية خلال الأسبوعين الماضيين”، وبيّن كلوغ أنه “في 11 من هذه الدول أدى تسارع العدوى الى انتشار كبير مجددا يمكن، في حال عدم السيطرة عليه، أن يدفع الانظمة الصحية إلى استنفاد طاقاتها مرة أخرى في أوروبا”.
الخطأ القاتل
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”، نقلا عن أطباء وباحثين، أن الاستهانة بمصابي كورونا الذين لم تظهر عليهم أي أعراض، أدت إلى انتشار واسع للوباء في العالم، خلال الشهرين الأولين للأزمة الصحية، وبحسب المصدر، فقد جرى الاعتقاد في البداية أن الأشخاص الذين يصابون بفيروس كورونا المستجد من دون أن تظهر عليهم أعراض، لا يقومون بنقل العدوى، لكن هذا الأمر لم يكن صحيحا.
ورجح الباحثون في البداية ألا ينتقل الفيروس من الأشخاص الذين لم تظهر عليهم الأعراض، ظنا بأن فيروس كورونا المستجد يحمل المواصفات الجينية نفسها لفيروس آخر من عائلة “كورونا” وهو “سارس”.
في ألمانيا، مثلا، دخل الفيروس إلى البلاد عن طريق شخص كان في الصين، ووصل عن طريق المطار وهو في أتم الصحة والعافية، وكان مفترضا ألا ينقل العدوى إلى غيره، لكن العكس هو الذي حصل، ولم يعان هذا الشخص القادم من الصين أي ارتفاع في درجة حرارة الجسم، كما لم يشتك من السعال ولا من الإرهاق أو العطس.
وقال الباحث المختص في الأمراض المعدية بجامعة ميونخ، روثي، أن الباحثين كانوا واثقين من خلاصاتهم بشأن فيروس كورونا وطرق انتقاله، ولأن الهيئات الصحية تجاهلت من لا تظهر عليهم الأعراض، فقد جرى التركيز في المقابل على قياس الحرارة في المطارات، كما لم يُفرض ارتداء الكمامات على الأشخاص الأصحاء خلال المرحلة الأولى، وكان فريق علمي من جامعة ميونخ، من بين الأوائل الذين حذروا من انتقال الفيروس عن طريق مصابين لم تظهر عليهم أي أعراض، لكن تحذيراتهم لم تحظ بآذان صاغية.
وفي ظل هذا التجاهل، استشرى الوباء في عدد أكبر من مناطق أوروبا، وتم تسجيل عدد قياسي من الوفيات في كثير من بلدان القارة العجوز، وأوردت “نيويورك تايمز” أن العالم أضاع شهرين كاملين في مناقشة ما إذا كان المصابون الذين لم تظهر عليهم أعراض أشخاصا ناقلين للعدوى.
وأضافت أن هذا التأخير كان بسبب أخطاء علمية أو من جراء منافسة وخصومات بين الأكاديميين، أو ربما التردد في قبول حقيقة ناصعة وهي أن احتواء الفيروس يستوجب إجراءات صارمة وشديدة.
ويقول الباحثون إن ثمة صعوبة في تقدير عدد الأشخاص الذين كانت وقايتهم من المرض أمر ممكنا، لكن بعض العلماء يؤكدون أنه كان ممكنا أن نحمي عشرات الآلاف من الأرواح لو أن الحكومات اتخذت الإجراءات المناسبة.
ويجري التعامل اليوم مع المصابين بدون أعراض كناقلين محتملين بشدة للفيروس، لكن نسبة مسؤولية هذه الفئة في الوضع الوبائي بشكل عام ما زالت غير واضحة، لكن نماذج حسابية من هيئات علمية في سنغافورة والصين وهونغ كونغ، رجحت أن يكون ما بين 30 و60 في المئة من الإصابات ناجمة عن أشخاص أصيبوا بفيروس كورونا من دون أن تظهر عليهم أي أعراض.
فصيلة الدم والجينات
كشف خبراء أوروبيون يبحثون عن أسباب تباين أعراض مرض كوفيد-19 بين المصابين أن فصيلة الدم وعوامل جينية أخرى قد تكون مرتبطة بدرجة شدة عدوى فيروس كورونا المسبب للمرض. وتشير النتائج المنشورة في دورية نيو إنجلاند جورنال الطبية إلى أن أصحاب فصيلة الدم (إيه) معرضون بدرجة أكبر من غيرهم للإصابة بالفيروس ومواجهة أعراض أشد. وحلل الباحثون خلال ذروة الوباء في أوروبا جينات أكثر من أربعة آلاف شخص بحثا عن عوامل مشتركة بين المصابين بالفيروس الذين عانوا من أعراض شديدة لمرض كوفيد-19.
واكتشف الباحثون شيوع مجموعة متغيرات في جينات مرتبطة باستجابة الجهاز المناعي بين أفراد عانوا من أعراض شديدة لكوفيد-19. وارتبطت هذه الجينات أيضا ببروتين على سطح الخلايا يحمل اسم ”إيه.سي.إي2“ يستخدمه الفيروس لدخول خلايا الجسم وإصابتها. ووجد الباحثون، بقيادة الدكتور أندريه فرانكه من جامعة كريستيان-ألبريخت في كيل بألمانيا والدكتور توم كارلسن من مستشفى جامعة أوسلو في النرويج، علاقة بين شدة المرض وفصيلة الدم.
وكان خطر الإصابة بأعراض شديدة لكوفيد-19 أعلى 45 بالمئة بين أصحاب فصيلة الدم ”إيه“ مقارنة بغيرها من الفصائل. وكانت الخطورة أقل 35 بالمئة مع أصحاب الفصيلة ”أو“. وقال كارلسن في رسالة بالبريد الالكتروني ”النتائج … تقدم أدلة محددة بخصوص الأعراض المرضية التي قد تظهر في الحالات الشديدة لكوفيد-19“ لكنه أشار إلى ضرورة إجراء أبحاث إضافية لتحقيق الاستفادة من تلك النتائج. بحسب رويترز.
الى جانب ذلك قالت ماريا فان كيرخوفي المتخصصة في علم الأوبئة والخبيرة الفنية في منظمة الصحة العالمية إن الدراسات تظهر أن المصابين بفيروس كورونا يكونون الأكثر نقلا للمرض عندما تظهر عليهم الأعراض لأول مرة. وقالت إن هناك مجموعة أخرى من الأشخاص لا تظهر عليهم الأعراض لكن يمكن أن يكونوا مصدر عدوى للآخرين مضيفة أن نسبة 40 في المئة من نقل المرض يمكن أن تكون من حالات إصابة لا تظهر عليها الأعراض.
من جانب اخر رأى كبير الأطباء الأمريكيين المتخصصين بالأمراض المعدية، الدكتور أنتوني فاوتشي، أن حديث منظمة الصحة العالمية حول “ندرة” انتقال فيروس كورونا المستجد من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض إلى آخرين سليمين، رأى النظرية “غير صحيحة”. وقال فاوتشي إن المنظمة “تراجعت عن النظرية لغياب الدليل على صحتها”، وأضاف أن الأدلة تثبت أن 25% إلى 45% من المصابين بالفيروس لا تظهر عليهم أعراض. وأضاف كبير الأطباء الأمريكيين قائلا: “نحن نعلم من الدراسات التي أجراها خبراء الجوائح أن المصابين ينقلون المرض لغيرهم حتى لو لم تظهر عليهم الأعراض، لذلك لنكون واضحين، فالقول إن ذلك أمر نادر لم يكن صحيحا”، على حد تعبيره.
الأطفال والمراهقين
على صعيد متصل أشارت دراسة نُشرت إلى أن احتمال إصابة الأطفال والمراهقين بفيروس كورونا المستجد أقل بمقدار النصف مقارنةً بالأشخاص الذين يبلغون من العمر 20 عاماً أو أكثر. واستخدمت دراسة النمذجة، التي أجراها علماء الأوبئة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي والتي نُشرت في مجلة “Nature Medicine”، نماذج الانتقال لتقدير قابلية الإصابة بالمرض، وعلاقة العمر بالحالات.
وقدر الباحثون أن الأعراض السريرية لفيروس كورونا تظهر لدى حوالي 21% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و19 عاماً. ويرتفع هذا التقدير إلى حوالي 69% عند الأشخاص الذين يبلغون من العمر 70 عاماً أو أكثر. وعند النظر إلى البيانات الوبائية في الصين، واليابان، وإيطاليا، وسنغافورة، وكندا، وكوريا الجنوبية، قال الباحثون إن الأطفال قد يكونوا أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد، وقد يختبرون أعراضاً أقل حدة أيضاً.
ولا زالت هناك الكثير من الأشياء المجهولة عندما يتعلق الأمر بفيروس “كوفيد-19″، ولكن، رغم أن العديد من الأطفال أُصيبوا بالفيروس، إلا أن البالغين يشكلون معظم الحالات المعروفة حتى الآن، وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها. وذكرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن الأطفال الذين تم تشخصيهم بفيروس كورونا في الولايات المتحدة يعانون من أعراض خفيفة عادةً.
وأُغلقت المدارس في جميع أنحاء العالم لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد، ووفقاً لتقديرات اليونسكو، هناك أكثر من 1.5 مليار طالب وطالبة، أو أكثر من 90% من المتعلمين في العالم، علقوا في منازلهم بسبب إغلاق المدارس في 190 بلداً تقريباً. والآن، مع البدء في تخفيف القيود حول العالم، تحاول الحكومات والخبراء تحديد كيف سيعود الأطفال إلى صفوفهم الدراسية، ومتى بالتحديد.
وقال مؤلفو الدراسة إن هناك حاجة للمزيد من الأبحاث عندما يتعلق الأمر بالانتقال الناجم عن العدوى التي لا يصاحبها أي أعراض، ومع ذلك، قد تكون للتدخلات التي تستهدف الأطفال تأثيراً صغيراً نسبياً، وخاصةً إذا كان الانتقال من العدوى غير المصحوبة بأعراض منخفضاً. وذكرت الدراسة أن الأدلة المباشرة لانخفاض قابلية الإصابة بفيروس “SARS-CoV-2” لدى الأطفال مختلطة، ولكن، إذا كانت صحيحة، فيمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض انتقال العدوى بين السكان بشكل عام. بحسب CNN.
وقال أستاذ علم أوبئة الأمراض المعدية في جامعة “أدنبره”، مارك وولهاوس، إن الباحثين وجدوا أن الأطفال والمراهقين أقل عرضة للإصابة، وأقل عرضة لإظهار الأعراض في حال أُصيبوا بالعدوى. ولكن، لم يتمكن المؤلفون من تحديد ما إذا كان صغار السن معديين بشكل أقل أيضاً، بحسب ما قاله. ويزيد هذا من صعوبة إجراء تقييم دقيق لتأثير إغلاق المدارس على الانتشار الواسع لفيروس “كوفيد-19″، بحسب ما ذكره وولهاوس، الذي لم يشارك في البحث، لـ”مركز العلوم الإعلامي”. وباستخدام نموذج رياضي، أظهر المؤلفون أنه حتى في ظل الافتراض الأكثر تشاؤماً، أي أن الصغار في السن معديين بالكامل، قد تكون لعملية إغلاق المدارس تأثيراً أقل بكثير على الوباء مقارنةً بتأثيرها على حالات العدوى الشبيهة بالإنفلونزا، بحسب ما قاله.
إجراءات العزل
من جهة اخرى قال باحثون إن إجراءات العزل العام واسعة النطاق التي تشمل إغلاق المتاجر والمدارس خفضت معدلات انتقال فيروس كورونا المستجد في أوروبا بما يكفي للسيطرة على انتشاره وربما حالت دون وفاة أكثر من ثلاثة ملايين شخص. وقال علماء من جامعة إمبريال كوليدج لندن في دراستهم المستندة إلى نموذج عن تأثير الإغلاق في 11 دولة إن الخطوات المشددة التي اتُّخذ معظمها في مارس آذار أدت إلى ”تأثير جوهري“ وساعدت في هبوط رقم تكاثر العدوى إلى أقل من واحد بحلول أوائل مايو أيار.
ويقيس هذا الرقم، الذي يعرف بالرقم آر، متوسط عدد الأشخاص الذين ينتقل إليهم المرض من شخص واحد مصاب بالعدوى. وقد تؤدي زيادة هذا الرقم عن واحد إلى ما يُعرف بالنمو الأسيّ لانتشار المرض. وأشارت تقديرات فريق الباحثين إلى أن ما يتراوح بين 12 و15 مليون شخص في 11 دولة، هي النمسا وبلجيكا وبريطانيا والدنمرك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والنرويج وإسبانيا والسويد وسويسرا، كانوا سيصابون بكوفيد-19، المرض الناجم عن الفيروس، بحلول أوائل مايو أيار. وبمقارنة عدد الوفيات التي تم إحصاؤها في تلك الدول بالعدد الذي يتنبأ به نموذج الدراسة، وجدوا أن إجراءات العزل العام حالت دون حدوث نحو 3.1 مليون وفاة. بحسب رويترز.
وتوصلت دراسة أخرى أعدها علماء بالولايات المتحدة ونشرت إلى جانب دراسة فريق إمبريال كوليدج في دورية نيتشر، إلى أن سياسات العزل العام التي فرضت في الصين وكوريا الجنوبية وإيطاليا وإيران وفرنسا والولايات المتحدة منعت أو أخرت إصابة نحو 530 مليون شخص بالفيروس. ووجد العلماء أنه من دون سياسات العزل العام كانت معدلات انتشار المرض في البداية ستزيد بنسبة 68 بالمئة يوميا في إيران وبنسبة 38 بالمئة يوميا في المتوسط في الدول الخمس الأخرى.