حسن المصطفى
أصدر الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمراً في مارس الماضي، بتقديم العلاج المجاني لجميع المصابين بفيروس كورونا في السعودية، مواطنين ومقيمين و”مخالفي الإقامة”.
الفئة الأخيرة هي المعنية بالبحث، كون كثير منهم يعيشون في أماكن مكتظة، بعيدا عن أنظار الجهات الرسمية، ويتجنبون التواصل مع رجال الأمن، خوفا من توقيفهم، كونهم لا يملكون أوراق إقامة قانونية.
القرار الملكي أتى لتشجيع هؤلاء الناس على إجراء الفحوصات، وتطمينهم بأنهم لن يكونوا محل مساءلة.
الخبر له جوانب أخرى حريٌ بالصحافة العمل عليها، وجمع المعلومات عنها، عبر ملف متكامل، ينشر في حلقات متسلسة، يتناول: النسبة التقديرية لهذه الشريحة، وأين تقيم، ومصادر دخلها، والجنسيات التي ينتمون لها، ومستوياتهم التعليمية، والمهن التي يعملون فيها، وشبكة المصالح التي كونها، وهل يعيشون ضمن عائلات أو كأفراد، وكيف يتلقى الأطفال تعليمهم وعلاجهم، وما هي الخطط التي وضعت سابقا لعلاج مشاكلهم.. وصولا إلى طبيعة سلوكهم في الأزمة الصحية الأخيرة، وعدد الفحوصات التي أجريت لهم، ونسبة الإصابات والتعافي بينهم.
تحقيق ميداني كهذا، سيكون عملا ذا أهمية بالغة، خصوصا إذا تم الاشتغال عليه بمنهجية وموضوعية، بعيدا عن العنصرية أو المواقف المُسبقة تجاه المقيمين.
في موضوع آخر، أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد “نزاهة”، في 12 إبريل الماضي، عن “إيقاف مجموعة من الأشخاص.. قاموا باختراق أمر حظر التجول وعرض مبالغ مالية على سبيل الرشوة على رجال الأمن، مقابل إطلاق سراحهم”. وفي 19 إبريل باشرت الهيئة “قضية فساد مالي وإداري، متورط بها 2 من قيادات الشؤون الصحية بمنطقة الرياض، بالاشتراك مع ستة أشخاص، أحدهم مالك لأحد الفنادق”، وذلك “من خلال اشتراط عمولات على الفنادق” المخصصة للحجر الصحي.
البيانان تناولتهما الصحف السعودية، إلا أن الصحافة دورها لا يقف عند هذا الحد، بل كان بالإمكان البحث عن معلومات وأجوبة للأسئلة التالية: لماذا يتجرأ بعض الناس على تقديم الرشاوى، وهل يظنون أن بمقدورهم حل مشكلاتهم عن طريق المال؟ أيمكن اعتبار ثقافة تقديم المال جزءا من دورة اقتصادية فاسدة لها شبكتها المفاهيمية فضلا عن سماسرتها ومنتفعيها؟
وفيما يخص “سوء استغلال السلطة” من موظفين حكوميين، فخبر “نزاهة” يأتي بمثابة المحفز للصحافيين على أن تكون الصحافة “سلطة رابعة”، تعمل على مراقبة التلاعب بالمال العام، وأسعار الفنادق التي تم استئجارها، وهل هي منطقية أم مبالغ فيها، وهل ثمة مصالح مشتركة بين المُأجرين ومن أبرم تلك العقود، وهل تعود هذه الفنادق في منطقة ما لمجموعة أو عائلة بعينها؟
إذا راقبنا أداء العديد من المؤسسات الصحافية المرموقة، فإننا سنجد أنها تولي الصحافة الاستقصائية اهتماما كبيرا. كما أن الصحافيين الاستقصائيين يحصدون الجوائز، ويكون لهم تأثيرهم على المتابعين، من خلال قدرتهم على رصد العديد من القضايا التي لا تتعلق بـ”الفساد” وحده، بل بمختلف الموضوعات التي تعني الناس وتؤثر في حياتهم.
رابط المصدر: