مشكلة تعلم اللغات في العراق بحاجة الى دراسة جادة للبحث عن طرق غير تقليدية في تعليم اللغات، وليس العيب فينا كشعب وانما العيب في زماننا وحرماننا الطويل، فنحن بخلاف الشعوب المحيطة التي اتيح لها السفر والاحتكاك بالثقافات الاخرى والانفتاح على العالم الى جانب تمتعهم بطرائق حديثة لتدريس اللغات الاجنبية.
ومع ذلك فإن فرصة الجيل الحالي افضل بكثير من الاجيال السابقة نتيجة لتطور المناهج وتوفر فرص التعليم والسفر والتواصل مع العالم، وأتذكر أن معلم اللغة الانكليزية في الصف الأول المتوسط كان يبذل جهدا كبيرا لتعليمنا (افعال الكينونة) في اللغة الانكليزية في وقت كنا لا نعرف ماذا تعني افعال الكينونة باللغة العربية.
وقد جعلَنا ذلك المدرس نكره هذه اللغة حتى جاءنا مدرس آخر جعلنا نحب (درس الانكليزي) اكثر من حبنا لدروس الرياضة والفنية وللفرص والشواغر، والغريب في هذه المعضلة اننا نتخرج من الاعدادية ولا نتكلم الانكليزية ونتخرج من كليات اللغات كما دخلناها اول مرة.
ومعظم حمَلة الماجستير والدكتوراه لا يجيدون التحدث بالانكليزية على الرغم من حصولهم على شهادة كفاءة باللغة الانكليزية وبنجاح ساحق، واليوم فرضت الانكليزية نفسها على كل شيء في حياتنا وتعدت ذلك الى كونها (برستيج) فكثير من الفنانات يخلطن العربية بالانكليزية لايهامنا بأنهن يُجدْن الانكليزية ومثيرات للدجل، عفوا للجدل.
والعراقي يجذبه كتاب كيف تتعلم الانكليزية في سبعة ايام، وينظر الى المسؤول الذي يجيد عدة لغات اجنبية نظرة اعجاب حتى لو انه تعلم لغة المحادثة بالاختلاط كمهاجر في اميركا واوروبا، وتلك اكبر حسنات الهجرة والتهجير فقد عاد الكثير من العراقيين الى وطنهم الأم بإجادة العديد من لغات الدول الغربية والشرقية.
لكن كثيراً منهم عاشوا في المهجر ولم يتعلموا أية لغة اجنبية، وهذا موضوع آخر يستحق الدراسة، فكيف تعيش في بريطانيا ربع قرن ولا تتقن لغتهم؟ إلا اذا كنت منغلقاً على نفسك وكل وقتك تقضيه في مقاهي شارع العرب وسط لندن مع بقية ابناء الامة العربية، وحتى احتلالاتنا لم تكن تفرض سياسة ثقافية لتعلم لغة الدولة المحتلة قسراً عدا العثمانيين الذين فرضوا سياسة التتريك وما زلنا نتحدث بالكثير من مفردات اللغة التركية، وكان من الطبيعي أن يجيد العراقي لغات ابناء بلده من الديانات والقوميات الاخرى الى جانب لغات الذين جاؤونا محررين لا فاتحين حسب قولهم وخرجوا منا فالحين، وما زال يدهشنا المسؤول الذي لا يجيد الانكليزية لكنه يبتسم ويهز رأسه كثيرا أمام المسؤول الانكليزي.
المصدر : https://annabaa.org/arabic/authorsarticles/37009