ستكون مقدمة جيدة أن أخبركم أعزائي أولياء الأمور أن هذا المقال بصدد شرح؛ كيف يمكن أن يحترم الطفل خصوصيتكم، وألا يتجسس أو ينقل ما يحدث في المنزل إلى الغرباء؟
الحفاظ على أسرار المنزل من الأمور المهمة في التربية، حتى لا تجد أسرار بيتك مشاعًا بسبب طفلك العزيز، لكني أريدك أن تقرأ هذا المقال كي أخبرك أنك أنت من تخترق خصوصية الطفل، وليس العكس!.
كيف نخترق خصوصيات أطفالنا؟
كنت أشاهد فيلمًا عائليًا لطيفًا «Goodbye Christopher Robin» –ينصح بمشاهدته مع أطفال- عن قصة تأليف «ويني» الدبدوب الشهيرة. هي قصة كنت أعرفها للمرة الأولى، حيث اقتبس الكاتب القصة من جوالاته مع طفله الصغير، ثم نشرها ولاقت رواجًا واسعًا، ليجد الطفل نفسه فجأةً مشاعًا.
الجميع يعلم تفاصيله وتفاصيل حياته، ولعبته المفضلة أصبحت –مفضلة للجميع-، ويتم إنتاجها بأعداد مهولة لجميع الأطفال حول العالم. وفي أحد المشاهد وضع خريطة العالم على الأرض ليسأل مربيته عن أحد البلدان الذي لم يسمع به أحد عنه، ويمكنه أن يعيش فيها.
كان الطفل يحادث أباه ويلاعبه، يريد أن يقضي أطول وقت معه، يطْلقان الألقاب على حيوانات الغابة، ويتمشيان سويًا. كان هذا كل ما يريده الطفل، وما حدث هو أن كل العالم شاركه هذا.
شاهدت فيديو مقتطعًا من أحد البرامج الأمريكية الشهيرة التي أحب من آن لآخر متابعتها. كان فيديو لطفلة في الثالثة من عمرها. صوّرتها والدتها بينما تخبرها أن فنانها المفضّل قد تزوج، لتبكي الفتاة بحرقة. نشرت الأم الفيديو، فبالطبع انتشر انتشارًا واسعًا للغاية حتى استضافتها هذه المذيعة الشهيرة.
يمكنك أن تشاهد ملامح الطفلة التي تناقش أمرًا حدث بينها وبين والدتها أمام هذا الملأ، وأثناء الحديث أخرجت المذيعة لباسًا مفاجئًا هدية للطفلة. كان اللباس عبارة عن صور الفنان ملصقة في كل جهة وقلوب، واسمها!، وهو زي مبتذل لأقصى درجة، لم تتفهم الطفلة ماهو وتطلعت باستغراب!
وحين سألت المذيعة والدة الطفلة، كيف صورتي الفيديو؟ أخبرتها أنها كانت تتمشى في السوبر ماركت ممسكة بهاتفها، وقرأت الخبر وتمتمت بمفاجأة، ففوجئت ببكاء الطفلة، فاسكتتها. وحين ركبت السيارة أخبرتها مرةً أخرى وسجلت الفيديو!
لتخبرها المذيعة أن لديها مفاجأة عظيمة لها، فقد أحضرت الفنان بشكلٍ شخصي للقاء الطفلة، ليظهر ويعطي الطفلة وردة. في هذه اللحظة، قررت الطفلة أن تنسحب وتحتضن والدتها بصمت؛ مخفيةً رأسها في حضن والدتها، وقضيت بقية الفيديو أركز على ملامح الطفلة المفجوعة وهي تحاول استيعاب ما حدث!
الأطفال براءتهم لطيفة، أنا شخصيًا أقاوم بكل ما أملك ألا أخبر الجميع بما يحدث داخل الفصل من أحاديثهم المسلية واللطيفة، وأخفق كثيرًا في الاحتفاظ بأسرارهم، لكن إلى أي مدى يمكنك البوح بهذا الأسرار؟
الحفاظ على الخصوصية
محور حديثنا؛ كيف يمكنك تعليم طفلك الحفاظ على خصوصية وأسرار المنزل؟ الأمر بسيط للغاية، فبجانب مراعاة ما ذكرناه في الفقرة السابقة، يمكنك تعليم طفلك معنى أسرار المنزل، وكيفية الحفاظ عليها بخطوات بسيطة نذكرها هنا كالآتي:
تعليم الطفل يعتمد على إعطائه ما تطلبه منه، قبل مطالبته به!.
الطفل يتعلم بشكلٍ عملي أفضل، مثلًا: إذا استأذنته قبل فتح حقيبته، سيستأذنك قبل فتح حقيبتك. لذلك عليك استئذانه قبل أن تستخدم أيًا من أغراضه. ودعنا نوضح أحد الأشياء المهمة هنا الخاصة بخصوصية الطفل مثل؛ الغرفة، الملابس، الألعاب، وأي من المستلزمات الخاصة بالطفل. جميعها هي ملك للطفل فقط، أنت بشرائك لها انتهت ملكيتك حين أعطيته إياها. لذلك من المهم أن تحترم ملكيته لها، ولا تستخدمها إلا بإذنه – دون ذكر أن تتخلص منها دون إذن أيضًا.
اطرق الباب دائمًا
في كل أحوال التعامل معه، حتى وإن كان الباب مفتوحًا، وخاصةً إذا لاحظت أنه يختبئ منك ليخرق أحد القوانين؛ اعطه فرصة الانتهاء، وراجع كيف تعالج الأمر فيما بعد. هذا يعلم الطفل كيف نستأذن قبل الدخول على أحد.
احفظ أسراره
أي حديث يجري بينكما غير قابل للنشر ولا التصوير بالطبع! تسجيل ذكرياتك مع طفلك لطيف وجميل، لكن شرط أن يظل داخل حدود المنزل فقط. صغر سن الطفل لا يعني بأي شكل أن تنشر له صورًا فاضحة على وسائل التواصل الاجتماعي!
امنحه خصوصية جسده
فيما بعد ستحتاج هذه التعليمات في تربيته الجنسية. فإذا كنت تعرض جسده أمام الجميع، أو تقوم بتغيير ملابسه في منتصف الغرفة في وجود بعض الغرباء عنه، أو حتى وجود أحد إخوته أو أحد أفراد العائلة؛ فسيكون من غير المفهوم أن تخبره فيما بعد أن هذا لا يصح!
امنعه من نقل الحديث
حين يأتي طفلك ليخبرك بما شاهده في منزل الجيران، أو منزل أحد الأقارب، أو منزل أحد أصدقائه، وحين تدرك أن الحديث يتطرق لسر من أسرار المنزل؛ أخبره بهدوء أنك لا تريد أن تستمع لما يقال، وأنه يجب علينا حفظ أسرار المنازل التي نتواجد -أو يتواجد هو- فيها.
وإن كان حديثه نقل كلام، اسأله قبل أن يكمل؛ هل استأذنت فلانًا قبل أن تخبرني؟
فمقاومتك لفضولك مرة بعد مرة، هو ما سيعلم طفلك أن يحفظ أسرار بيته وأسرته، وأسرار الآخرين وخصوصيتهم. ويجب التنبيه هنا إلى أن من العادات السيئة للغاية التي نرصدها في بعض الأشخاص، أنهم أنفسهم يعوّدون أطفالهم، ويحثوهم على معرفة أسرار المنازل، ونقلها إليهم. ودائمًا ما تبدأ القصة بمنازل الأقارب. فهذه العادة إيّاك أن تقترب منها، أو التلميح بها بأي حال من الأحوال!.
فالقدوة هي أسهل أساليب التربية. قد تبدو بلا فائدة في البداية، بينما يسجل الطفل كل تحركاتك دون ردود فعل. ثم في لحظة ما تفاجأ به يقلدك حرفيًا بكل حركاتك وأفعالك، من أجل ذلك احرص أن تكون قدوتك هي ما تريد تعليمه لطفلك، وحديثك وتصرفاتك هي ماتريد لطفلك أن يفعله.
لذلك عزيزي المربي، إن أردت أن تعلم طفلك احترام الخصوصية، احترم خصوصيته أولاً.
رابط المصدر: