كان رسول الله يخزن لسانه إلّا عمّا كان يعنيه. ويؤلفهُّم ولا ينفّرهم. ويُكرمُ كريمَ كلَّ قوم ويوليه عليهم. ويحذَرُ الناس ويحترسُ منهم من غيرِ أن يطوي عن أحدٍ بِشره ولا خُلُقه. ويتفقَّد أصحابَه. ويسأل الناسَ عمّا في الناس. ويحسّنُ الحسنَ ويقوّيه. ويقبّحُ القبيحَ ويوهنُه. معتدلَ الأمر…
الإمامُ عليُ بن أبي طالب يتحدَّث عن أخلاق رسولِ الله صلّى الله عليه وآله:
– قال الإمام الحسين بن علي عليه السلام: سألتُ أبي عن… رسول الله صلّى الله عليه وآله:
كان دخولُه في نفسه مأذوناً في ذلك.
فإذا آوى إلى منزله جَزّأ دُخولَه ثلاثة أجزاءٍ جزءاً لله، وجزءاً لأهله وجزءاً لنفسه ثم جزّأ جزءه بينه وبين الناس فيردُّ ذلك بالخاصَّة على العامّة، ولا يَدخّر عنهم منه شيئاً.
وكان من سيرته في جزء الاُمّة إيثار أهل الفضل بأدبه، وقسّمه على قَدَر فضلهم في الدين، فمنهم: ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم، ويشغَلهم فيما أصلَحَهم، والاُمةَ، مِن مسألته عنهم، وباخبارهم بالذي ينبغي، ويقول: ليبلّغِ الشاهدُ منكم الغائبَ وابلغوني حاجةَ من لا يقدرُ على إبلاغ حاجته، فانّه من أبلغ سلطاناً حاجةَ من لا يقدرُ على إبلاغها ثبّت الله قدمَيْه يوم القيامة، لا يُذكر عنده إلّا ذلك، ولا يقبل من أحدٍ غيرَه، يدخلون رُوّاداً، ولا يفترقونَ إلّا عن ذواق ويخرجون أدلّةً.
كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يخزن لسانه إلّا عمّا كان يعنيه.
ويؤلفهُّم ولا ينفّرهم.
ويُكرمُ كريمَ كلَّ قوم ويوليه عليهم.
ويحذَرُ الناس ويحترسُ منهم من غيرِ أن يطوي عن أحدٍ بِشره ولا خُلُقه.
ويتفقَّد أصحابَه.
ويسأل الناسَ عمّا في الناس.
ويحسّنُ الحسنَ ويقوّيه.
ويقبّحُ القبيحَ ويوهنُه.
معتدلَ الأمر غير مختلف فيه.
لا يغفَل مخافةَ أن يغفلوا ويميلوا.
ولا يقصّرُ عن الحقِ ولا يجوِّزُهُ.
الذين يَلُونه من الناسِ خيارُهم.
أفضلُهم عنده أعمّهم نصيحةً للمسلمين.
وأعظمهُم عنده منزلةً أحسنَهم مواساة وموازرة.
كان لا يجلس ولا يقومُ إلّا على ذكرٍ.
لا يوطّن الأماكن وينهى عن إيطانها.
وإذا انتهى إلى قوم جَلَسَ حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك.
ويعطي كلَّ جلسانه نصيبَه، ولا يحسب أحدٌ من جلسانه أنَّ أحداً اكرمُ عليه منه.
مَن جالسَهُ صابره حتّى يكونَ هو المنصرف.
مَن سأله حاجة لم يرجع إلّا بها، أو ميسورٍ مِنَ القول.
قد وسع الناسَ منه خُلُقُهُ فصارَ لهم أباً، وصاروا عنده في الخَلق سواء.
مجلسُه مجلسُ حلمٍ وحياءٍ وصدقٍ وأمانةٍ، لا تُرفَعُ عليه الأصوات، ولا تؤبَنُ فيه الحُرَم، ولا تُثَنى فلتاتُه، مُتعادلين، متواصلين فيه بالتقوى، متواضعين، يوقَّرون الكبيرَ، ويَرحمون الصَّغير، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب.
كان دائمٌ البشْر.
سَهْلَ الخُلُقِ.
لَيّنَ الجانب.
ليس بفِظِّ ولا غليظٍ، ولا ضَحاكٍ، ولا فحاشٍ، ولا عَيابٍ، ولا مَدّاحٍ.
يتغافلُ عمّا لا يشتهي، فلا يؤيَس منه، ولا يُخيّبُ فيه مؤمليه.
قد ترك نفسَه من ثلاث: المراء، والاكثار، وما لا يعنيه.
وترك الناس من ثلاث: كان لا يذمَ أحداً ولا يعيّره، ولا يطلب عثراتِه ولا عورته.
ولا يتكلّم إلّا فيما رجى ثوابَه.
إذا تكلّم أطرقَ جُلساؤه كأنَّ على رؤوسهم الطير، فإذا سكت سكَتوا.
ولا يتَنازعون عنده الحديث.
من تكلّم أنصَتوا له حتّى يفرَغ، حديثهم عنده حديث أوّلهم.
يضحكُ ممّا يضحكون منه.
ويتعجّبُ ممّا يتعجَّبون منه.
ويصبرُ للغريب على الجفوة في مسألته ومنطِقِه، حتّى إن كان أصحابه يستجلبونهم، ويقول: إذا رأيتم طالبَ الحاجة يطلبُها فأرْفِدُوهُ.
ولا يقبل الثناء إلّا مِن مكافئ.
ولا يقطعُ على أحدٍ كلامَهُ حتّى يجوز فيقطعُه بنهيٍ أو قيامٍ.
كان سكوته على أربع: على الحلمِ، والحذرِ، والتقدير، والتفكير.
فأمّا التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس.
وأمّا تفكّرهُ ففيما يبقى ويفنى.
وجمع له الحلم والصبرَ فكان لا يغضبهُ شيء ولا يستفزُّه.
وجمع له الحذرَ في أربع: أخذه بالحَسَن ليقتدى به وتركه القبيح ليُنتهى عنه، واجتهادُه الرأيَ في صلاح اُمَّتِه، والقيام فيما جمع له خير الدنيا والآخرة (معاني الاخبار للصدوق، مكارم الخلاق للطبرسي، احياء العلوم للغزالي، دلائل النبوة لأبي نعيم).
– وقال عنه علي بن أبي طالب عليه السلام أيضاً:
كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يأكل على الأرض.
ويجلس جِلسَة العبد.
ويخصفُ بيدِهِ نَعله.
ويرقّع ثوبَه.
ويركبُ الحمارَ العاري.
ويردفُ خلفه.
ويكون الستر على بابه فيكون عليه التصاويرُ فيقول: يا فلانة ـ لإحدى زوجاته ـ غيِّبيه عنّي فإني إذا نَظَرْتُ إليه ذكرتُ الدنيا وزخارفها.
فاعرضَ عن الدنيا بقَلبه، وأمات ذكرَها عن نفسه، وأحبَّ أن تغيبُ زينتها عن عينيه لكيلا يتّخذ منها ريشاً، ولا يعتقدها قراراً، ولا يرجو فيها مقاماً، فاخرجها من النفس وأشخصها عن القلب وغيّبها عن البصر.
وكذلك من أبغض شيئاً أن ينظر إليه وأن يُذكرَ عنده (نهج البلاغة).
– الحسين بن علي عليه السلام: كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يبكي حتّى يبتل مصلّاه خشية من الله عزَّ و جلَّ من غير جُرمٍ (الاحتجاج للطبرسي).
– كان لا يجلس ولا يقوم إلّا على ذكر الله جلّ اسمه (المناقب لأبن شهر آشوب).
– أمير المؤمنين علي عليه السلام: كان لا يُؤثر على الصلاة عشاءً ولا غيرَه وكان إذا دخل وقتها كأنّه لا يعرف أهلاً ولا حميماً (مجموعة ورَّام).
الأمام جعفر الصادق عليه السلام: كان يصلّي من التطوُّع مِثلَي الفريضة، ويصوم من التطوُّع مِثْلَي الفريضة (التهذيب للطوسي).
– علي بن أبي طالب عليه السلام: كان إذا رأى ما يحبُّ قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات (الامالي للطوسي).
– أبوذر: كان يجلس بين ظهرانيّ أصحابه فيجيءُ الغريبُ فلا يدري أيُّهم هو حتّى يسأل، فطلبنا إلى النبي أن يجعل مجلساً يعرفُه الغريبُ إذا أتاه فبنينا له دكاناً من طين فكان يجلس عليها، ونجلس بجانبيه (مكارم الأخلاق للطبرسي).
– الامام الصادق عليه السلام: كان يقسّم لحظاتِه بينَ أصحابه فينظر إلى ذا و ينظر إلى ذا بالسويّة. ولم يبسط رجليه بين أصحابه قط. وإن كان ليصافحه الرجلُ فما يتركُ رسولُ الله صلّى الله عليه وآله يدَه حتّى يكونَ هو التاركُ، فلما فَطِنوا لذلك كان الرجلُ إذا صافحَهُ مالَ بيده فنزعَها من يده (الكافي للكليني).
– الامام جعفر الصادق عليه السلام: كان يداعب ولا يقول إلّا حقّاً (مستدرك الوسائل).
– الامام جعفر الصادق عليه السلام: كان يداعب الرَّجل يريد به أن يسرّه.
– علي بن أبي طالب عليه السلام: كان ليسر الرجل من أصحاب إذا رآه مغموماً بالمداعبة، وكان صلّى الله عليه وآله يقول إنّ الله يبغض المعبِّس في وجه إخوانه (كشف الريبة للشهيد الثاني).
– الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: كان يَستشيرُ أصحابَه ثمّ يعزمُ على ما يريدُ (المحاسن للبرقي).
– كان إذا ودع المؤمنين قال: « زوّدكم الله التقوى ووجّهكم إلى كلّ خير، وقضى لكم حاجةٍ، وسلّم لكم دينكم ودنياكم وَرَدَكم إليَّ سالمين » (من لا يحضره الفقيه للصدوق).
– الإمام جعفر الصادق عليه السلام: كان يخرج في مَلأ من الناس من أصحابه كلِّ عشيّةِ خميسٍ إلى بقيع المدنيين فيقول ثلاثاً: السلام عليكم يا أهلَ الديار ـ وثلاثاً ـ رحمكم الله (الكامل لأبن قولويه).
– جابر: كان يتخلّف في السير فيزجي الضعيفَ ويردفُ، ويدعُو لهم (سنن أبي داود والمستدرك للحاكم).
– الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام: كان يحمِّلُ الناس من خَلفه ما يطيقون (الكافي للكليني).
– كان لا يدع أحداً يمشي مَعه إذا كان راكباً حتّى يحمله معه، فان أبى، قال: تقدَّم أمامي وأدركني في المكان الذي تريد (مكارم الأخلاق للطبرسي).
– الإمام جعفر الصادق عليه السلام: كان من رأفته صلّى الله عليه وآله لأمّته مداعبته لهم لكيلا يبلغ بأحد منهم التعظيمُ حتّى لا يُنظَرَ إليه (كشف الريبة).
– الإمام محمّد الباقر عليه السلام: كان يسمع صوتَ الصبي يبكي وهو في الصلاة فيخفف الصلاة فتصير إليه اُمُه (علل الشرايع).
– الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام: كان إذا أصبح مَسَحَ على رؤوس ولده، وولد ولده (عدة الداعي).
– علي بن أبي طالب عليه السلام: كان آخر كلامه « الصلاة، الصلاة، اتّقوا الله فيما ملكت أيمانكم » (سنن أبي داود وابن ماجه).
– ابن عبّاس: كان يجلس على الأرض ويعتقل الشاة ويجيبُ دعوة المملوك على خبزِ شعير (مكارم الأخلاق).
– الإمام جعفر الصادق عليه السلام: كان إذا أكلَ مع القوم طعاماً كان أوَّلَ من يضعُ يَدَه، وآخرَ من يرفعُها ليأكلَ القومُ (الكافي للكليني).
المصدر : https://annabaa.org/arabic/ahlalbayt/39959