كيف نتعامل مع الصدمات النفسية؟

المرحلة الثالثة التي يعيشها المتعرضين للصدمة النفسية هي مرحلة الشفاء طويلة الأمد وهي المرحلة التي يبدأ فيها الانسان بالتعافي الأكثر نضجاً بعد الوعي التام بحقيقة ان الحياة يجب ان تستمر بكل ما يحدث فيها وان حلو الحياة لابد ان يقابله مر ولابد من تقبل الامرين…

الحياة كفيلة بإدخالك في جميع متاهاتها الجميلة والقبيحة، اما الجميلة فترفد الروح بالحيوية والنشاط وكل يدفعها للراحة والسعادة، والقبيحة تنتزع من الروح طاقتها وتدفع بها باتجاه الخمول والركود، فلن تستقيم الحياة على شاكلة واحدة وهذا هو سر الله وحكمته في خليقته، فمن ضمن ما يتعرض له الانسان في حياته هي الاحداث غير والثقيلة على النفس الإنسانية وهو ما يعرف بالصدمة او الازمة النفسية، فما هي الصدمة وكيف يمكن معالجتها؟

يمكننا ان نعرف الصدمة النفسية بأنها الحالة غير الصحية التي يصل اليها الانسان كنتيجة لتعرضه لحدث حياتي غير متوقع وبصورة مفاجئة وهو ما يبعده عن دائرة السواء تحت تأثير الألم النفسي.

ليس لاحد من العالمين ان يدعي ان لم يتعرض في حياته الى صدمة نفسية اثرت على حياته ونالت من صحته النفسية وابعدته عن حالة التوزان، فالكبير والصغير والرجل والمرأة يتعرضون لها بين الحين والآخر، لكن الاختلاف يمكن في المناعة النفسية التي يمتلكها كل انسان وطريقة التعامل مع الازمة، فما ان يتمكن من التخطي او انه يرضخ لها فيجعلها تنال من جرفه الكثير، وهذا ما تحدده طبيعة البنية النفسية للفرد والبيئة التي يعيش فيها.

من الواقع

انا شخصياً من الذين تعرضوا لصدمة اوصلتني الى ازمة نفسية كبيرة بعد فقدان اخي الذي يصغرني بسنوات بحادث سير، فمع كون الامر صعقنا للوهلة الأولى وترك فينا الم نفسي لا يوصف سيما كوننا لم نواجه مثل هذا الحدث سابقاً الا اننا امنا بما يريده الله تعالى ومضينا باتجاه القبول والرضا بقضاء الله وعدنا تدريجياً الى ممارسة سلوكياتنا المختلفة بصبر وتجلد، لكن فلنعترف ان الامر ليس هيناً بالمرة وليس الجميع يمكنهم التخطي الجزئي بذات الطريقة وبذات الفترة الزمنية.

كيف يجب ان يتعامل الفرد بعد تعرضه للصدمة النفسية؟

يمر الانسان بثلاث مراحل حين يتعرض لصدمة تؤدي به الى ازمة نفسية وهذه المراحل باختصار هي:

مرحلة الإنكار أو التجنب وهي المرحلة التي يحاول الفرد فيها الابتعاد قدر الممكن عن الأماكن والاحداث وكل ما يمت بالحدث الذي أدى الى الصدمة بصلة، على سبيل المثال حين يتعرض أحدنا لفقدان انسان ما بحادث معين فأنه يكره المرور بذلك المكان وتجنب الحديث به مع محاولات لتناسي ما حصل لتفادي تجدد الم الصدمة، اذ ان الانسان سيعود الى نفس الألم بمجرد تذكره لما حصل معه وان مر على الحادث سنوات طويلة.

المرحلة الثانية التي في سبيل التشافي بالنسبة الانسان حين يتعرض للصدمة النفسية هي مرحلة التعافي على المدى القصير وهي المرحلة التي يتقبل فيها مساعدة الأشخاص والأفراد المقربين لتخطي الأزمة الشعور بالإحباط والتذمر وكل ما يمكن ان يصيب الانسان حين يتعرض للصدمة، فقد تجد الكثير ممن يتعرضون لصدمة نفسية يستنجدون بأقرانهم لتخفيف الالم عنهم، وقد تجد من ينطوي على نفسه ولا يفضل التفاف الاخرين من حوله عند الصدمة.

المرحلة الثالثة التي يعيشها المتعرضين للصدمة النفسية هي مرحلة الشفاء طويلة الأمد وهي المرحلة التي يبدأ فيها الانسان بالتعافي الأكثر نضجاً بعد الوعي التام بحقيقة ان الحياة يجب ان تستمر بكل ما يحدث فيها وان حلو الحياة لابد ان يقابله مر ولابد من تقبل الامرين، وهذه القناعة يسهم في ترسيخها المعالجين النفسيين عبر استخدام العلاج السلوكي المعرفي الذي يغير أفكار الانسان واعتقاداته وبالتالي يغير من سلوكه وصولاً الى الشاء التام او الشفاء العال على اقل تقدير وهذا هو المرجو.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M