إن تقدير قيمة أندية كرة القدم هو موضوع مثير للاهتمام ويثير العديد من التساؤلات، خاصة مع الصفقات الكبيرة التي يتم الإعلان عنها بين الحين والآخر لبيع بعض أعرق الأندية.
– لكن كيف تُقدر قيمة نادٍ بحجم ليفربول أو مانشستر يونايتد؟ وما هي العوامل التي تجعل قيمة نادٍ واحد أعلى من غيره بمئات الملايين؟
– لنبدأ بتصور سيناريو استحواذ على نادٍ إنجليزي كبير مثل ليفربول أو مانشستر يونايتد: عند إعلان مجموعتي فينواي سبورتس وجليزر عن نيتهما في بيع الناديين، يٌفتح الباب أمام المستثمرين للاستثمار في أحد الأصول الرياضية الأكثر قيمة في العالم، وتجد أن هذه الأندية، مثلها مثل العقارات الفاخرة، تزداد قيمتها بمرور الوقت وتتبع مساراً تصاعدياً مستمراً.
– ووفقاً لتقرير تقييم أندية كرة القدم العالمية الذي أصدرته شركة KPMG للخدمات المالية في عام 2021، قُدرت قيمة نادي ليفربول بنحو 2.07 مليار جنيه إسترليني، مما وضعه في المرتبة الخامسة بين الأندية الأكثر قيمة على مستوى العالم.
– وعلى نفس المنوال، نشرت مجلة فوربس الأمريكية تصنيفها السنوي لأغنى أندية كرة القدم، حيث حصد ليفربول المركز الخامس بقيمة إجمالية بلغت 2.9 مليار جنيه إسترليني.
للاطلاع على المزيد من المواضيع الرياضية
– يمثل هذا الرقم قفزة ملحوظة مقارنة بالتصنيفات السابقة، أما نادي مانشستر يونايتد فقد جاء في المركز الرابع بقيمة إجمالية بلغت 2.98 مليار جنيه إسترليني، متفوقًا على ليفربول بفارق طفيف.
– وفي دراسة أجريت قبل تفشي جائحة كورونا، كشف الخبير المالي في كرة القدم كيران ماجواير عن نموذج تقييم جديد لأندية الدوري الإنجليزي الممتاز، وجاءت النتائج مختلفة قليلاً.
– ووفقاً لهذه الدراسة، تصدر نادي توتنهام هوتسبير القائمة بقيمة تقدر بـ 2.7 مليار جنيه إسترليني، يليه مانشستر يونايتد بقيمة 2.08 مليار جنيه إسترليني، ثم ليفربول بقيمة 1.55 مليار جنيه إسترليني.
– مع إعلان رغبة إدارة نادي ليفربول في بيعه، يُتوقع أن يجذب النادي اهتماماً كبيراً من المستثمرين حول العالم.
– فبفضل تاريخه العريق وقاعدته الجماهيرية الواسعة، من المرجح أن يتلقى النادي عروضاً مغرية تتجاوز قيمتها المليار جنيه إسترليني.
– يمكن شراء ناديين مثل وست هام يونايتد أو حتى أربعة أضعاف قيمة نادي ساوثهامبتون بهذا المبلغ، مما يبرز المكانة الفريدة التي يحتلها ليفربول في سوق كرة القدم العالمية.
– عندما استحوذ الملياردير التشيكي دانييل كريتينسكي على 27% من أسهم نادي وست هام يونايتد، تم تقدير قيمة النادي بأكمله بنحو 650 مليون جنيه إسترليني.
– من ناحية أخرى، استحوذ الملياردير الصربي دراجان سولاك على 80% من أسهم نادي ساوثهامبتون بمبلغ أقل بكثير، حيث قُدر النادي بنحو 230 مليون جنيه إسترليني فقط.
– لكن هل هذه الزيادة البالغة 41 مليون جنيه إسترليني كافية لتفسير الفارق الكبير في القيمة السوقية بين الناديين والبالغ 400 مليون جنيه إسترليني؟
– لتقدير قيمة أندية كرة القدم يعتبر عملية معقدة، تتأثر بالعديد من العوامل المتشابكة، وهذا يتجلى بوضوح في الصفقة الكبيرة التي شهدها الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، حيث استحوذ صندوق الاستثمارات السعودي على نادي نيوكاسل يونايتد مقابل أكثر من 300 مليون جنيه إسترليني.
– ورغم أن هذا الرقم يبدو ضخمًا بالنسبة لنادٍ لم يحقق بطولات كبيرة منذ عقود، إلا أن القيمة الحقيقية للصفقة تكمن في الإمكانات المستقبلية الهائلة للنادي، بما في ذلك قاعدته الجماهيرية الكبيرة وملعبه التاريخي.
– هناك عدة طرق لتقييم قيمة الأندية الكروية، وأحد هذه الأساليب هو “المقارنة النسبية”، والتي تقوم على قياس قيمة النادي بناءً على نسبة معينة من إيراداته.
– على سبيل المثال، إذا تم بيع أسهم نادي معين بخمسة أضعاف إيراداته السنوية، قد يبدو من المنطقي استخدام نفس النسبة لتقييم أندية أخرى.
– ولكن هذا النهج يتجاهل العديد من العوامل الأخرى التي تلعب دورًا كبيرًا في تحديد قيمة النادي، مثل تاريخه، شهرته، وأداء فريقه.
– هذه العوامل تجعل من الصعب تطبيق معايير موحدة على جميع الأندية، تمامًا مثل محاولة مقارنة سعر حذاء رياضي في متجرين مختلفين دون أخذ في الاعتبار الجودة والعلامة التجارية والموقع.
– في المقابل، هناك نهج آخر يتمثل في عكس عملية التقييم التقليدية، وبدلاً من تقييم النادي بناءً على أصوله وإيراداته الحالية، يتم التركيز على القيمة المضافة التي يمكن أن يوفرها النادي للمستثمر الذي يدفع مبلغًا معينًا، مثل 100 مليون جنيه إسترليني.
– هذا النهج يركز بشكل أكبر على تقدير العائد المتوقع على الاستثمار، وهو ما يجذب الكثير من المستثمرين إلى قطاع كرة القدم، حيث يتطلعون إلى تحقيق أرباح كبيرة في المستقبل من خلال تحسين أداء النادي وزيادة إيراداته.
– عند تقييم الشركات التقليدية، يعتمد المحللون بشكل كبير على تحليل التدفقات النقدية المخفضة، حيث يتم تقدير الدخل المستقبلي للشركة وخصمه للوصول إلى قيمتها الحالية.
– لكن هذا النموذج لا ينطبق تمامًا على أندية كرة القدم، حيث تكون إيراداتها عادة متقلبة وتعاني من خسائر مستمرة.
– لذا، فإن هذا النموذج التقليدي قد لا يعكس القيمة الحقيقية للأندية كأصول مجتمعية ذات قيمة عاطفية وثقافية كبيرة، مما يدفع المحللين إلى استخدام مقاييس أخرى مثل “مضاعفات الإيرادات” كنقطة انطلاق لتقييم هذه الأندية.
– عند تقييم أندية الدوري الإنجليزي الممتاز من الفئة المتوسطة، عادة ما يعتمد المحللون على مضاعف للإيرادات يتراوح بين 1.5 و2.0.
– ولكن هذا التقييم لا يعتمد فقط على الإيرادات، بل يأخذ في الاعتبار أيضًا عوامل أخرى مثل صافي الأصول، والقيمة السوقية للعلامة التجارية، وملعب النادي.
– هذا الأسلوب يتطلب قدراً كبيراً من الخبرة والتقدير الشخصي، ولكنه يبقى الأكثر منطقية كخطوة أولى في عملية التقييم.
– في السياق ذاته، يشير كيران ماجواير، مؤسس بودكاست ومدونة “ثمن كرة القدم”، إلى أن الاعتماد على طريقة واحدة لتقييم الأداء المالي للأندية الرياضية قد يكون غير كافٍ.
– بل يُفضل استخدام عدة مؤشرات لتكوين صورة أكثر شمولية، من بين هذه المؤشرات “مضاعف الإيرادات”، و”الأرباح قبل الفوائد والضرائب” (EBIT)، و”الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإهلاك” (EBITDA).
– لكن ما يجعل قطاع كرة القدم فريدًا هو أن هذه المؤشرات غالبًا ما تكون سلبية، مما يفرض تحديات إضافية في عملية التقييم، ويستدعي استخدام مؤشرات أكثر دقة وتحديدًا لتقييم القيمة الحقيقية للأندية.
– في النهاية، يتضح أن تقييم قيمة أندية كرة القدم يتطلب مزيجًا من الأساليب المختلفة لفهم جميع الجوانب المؤثرة في تحديد القيمة.
– من الضروري أخذ مجموعة متنوعة من العوامل في الاعتبار، بدءًا من الإيرادات والأرباح وصولاً إلى الأصول غير الملموسة مثل الشهرة والتاريخ.
– تتداخل هذه العوامل مع بعضها بعضاً لتحديد القيمة النهائية للنادي في السوق، وهي قيمة تعكس إمكاناته الحالية والمستقبلية في عالم كرة القدم.