السؤال التالي: “كيف سيطر القطريون على العاصمة واشنطن بينما أنتم نيام؟” هو لمجلة ريسبونسبال ستيت كرافت الأميركية.
تقول في الإجابه عنه: إنه في الوقت الذي انشغلت العاصمة واشنطن مع فيروس كورونا، الذي تسبب في توقُّف معظم المجالات فيها كان نشاط الضغط السياسي في ازدهار.
جماعات الضغط الأميركية التي تعمل نيابة عن قطر كانت في طليعة مستخدمي الحملات الخيرية ضد فيروس كورونا. وقاموا بتنبيه موظفي أعضاء الكونغرس بأن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أرسل رسالة إلى وزير الخارجية القطري يشكر فيها الخطوط الجوية القطرية على مساعدة الآلاف من الأميركيين على العودة إلى الولايات المتحدة خلال جائحة فيروس كورونا.
دفع الأموال في جميع أنحاء أميركا
كما حرصت قطر على دفع الأموال في جميع أنحاء أميركا للمساعدة في تخفيف أثر فيروس كورونا، فقدمت 5 ملايين دولار لمساعدة عائلات في لوس أنجلوس. وفي تغريدة كتب حاكم نيويورك أندرو كومو: أشكر “حكومة قطر… لمساعدتكم في إرسال الإمدادات الحيوية والتبرع بالمساعدات”. بل حتى المدن الأصغر، مثل مدينة تشارلستون في ولاية ساوث كارولينا، تلقت أموال إغاثة لمواجهة فيروس كورونا الجديد كانت مُقدَّمة من حكومة قطر.
وإذا ما نظرت إلى الأمر كما هو على الظاهر، فقد ينظر إلى هذا ببساطة على أنها دولة صديقة تساعد الولايات المتحدة في وقت حاجتها. بيد أن ذلك ليس سوى جزء من القصة الكاملة. فحملة التودُّد هذه تعدُّ جزءًا من عملية تأثير قطري ذات عدة أوجه واستراتيجية مصممة لزيادة استخدام الولايات المتحدة من قبل هذه الدولة السيئة.
كما تواصلت قطر مع أشخاص غير متوقعين، وفق تقرير وكالة رويترز. تقول إنه في يناير، تكفل اللوبي القطري بسفر مورتون كلاين، رئيس المنظمة الصهيونية الأميركية، على الدرجة الأولى على الخطوط الجوية القطرية، وأسكنوه في منتجع شيراتون جراند الدوحة ذي الخمس نجوم لعقد اجتماعات مع قادة البلاد.
وشمل ذلك لقاء لمدة ساعتين مع الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وقال كلاين إن المسؤولين القطريين وعدوه بوقف فيلم وثائقي لقناة الجزيرة ينتقد أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة، وإزالة الكتب المعادية للسامية من معرض الدوحة للكتاب، والعمل على إطلاق سراح الإسرائيليين المختطفين لدى خصومهم.
وقال كلاين عن قطر إنها تشجعه ببعض الخطوات لمعالجة مخاوفه. فالفيلم الوثائقي لم يبث، وإنه يواصل العمل مع المسؤولين بشأن آفاق تعاون أخرى.
نشاط الضغط القطري في واشنطن
ويقول الكاتب بن فريمان، وثقت في تقريرٍ قمت بتأليفه بعنوان “نشاط الضغط القطري في واشنطن”، بعد بدء “الحصار” في عام 2017، وسعت الحكومة القطرية بشكل كبير مع عدد من الشركات المسجلة في قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA). وبدأوا بعد بضعة أيام فقط من بدء الخلاف مع الرباعية بالاستعانة بمكتب محاماة النائب العام السابق، جون أشكروفت، بعقد ضخم بقيمة 2.5 مليون دولار لتسعين يومًا من العمل. وفي وقتٍ لاحق من عام 2017 استعانوا بالمزيد من الجمهوريين عبر شركة يرأسها نيك موزين، الذي عمل سابقًا في حملة ترمب الرئاسية. وكانت استراتيجية موزين لإبعاد الرئيس عن الرباعية بسيطة: التأثير على الذين يؤثرون على الرئيس، وأبرزهم فوكس نيوز. واستهدف موزين وشركة ستونينغتون ستراتيجيز في نهاية المطاف حوالي 250 شخصا يؤثرون على ترمب بالنيابة عن قطر، وقد دفعوا لهم تكاليف رحلات الذهاب إلى الدوحة. وقال المعلق في قناة فوكس نيوز والحاكم السابق، مايك هكابي، الذي ذهب في إحدى هذه الرحلات على موقع تويتر: “لقد عدت للتو بعد قضاء عدة أيام في الدوحة، قطر، البلد الذي فاجأني بجماله وضيافته”!
هجمات الضغط آتت أُكلَها. ففي 10 أبريل 2018، بعد أقل من عام على مقاطعة واتهام ترمب الحكومة القطرية بتمويل الإرهاب، التقى ترمب بأمير قطر في المكتب البيضاوي ووصفه بأنه “رجل عظيم”. وقام الأمير، في إعادة كتابةٍ تاريخية أورويلية، بشكر الرئيس، قائلا شكرا سيادة الرئيس على “دعمنا خلال هذا الحصار”.
وتقول رويترز إن وثائق وزارة العدل أظهرت أن قطر بذلت ما لا يقل عن 24 مليون دولار للضغط في واشنطن منذ بداية عام 2017. ويقارن ذلك بمجموع 8.5 مليون دولار، وهو المبلغ الذي كانت قطر قد دفعته في 2015 و 2016 للضغط.
وقد استأجرت أشخاصًا مقربين من ترمب. على سبيل المثال، عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني، الذي يقال إنه عمل مع القطريين في تحقيق، وزار الدوحة قبل أسابيع فقط من أن يصبح محاميًا شخصيًا لترمب في أبريل.
الضغط القطري
لقد كان الضغط القطري بعيدًا كل البعد عن أن يتوقف هنا. فبحلول نهاية عام 2018، كانت قطر تدفع لأكثر من عشرين شركة مسجلة بموجب قانون تسجيل العملاء الأجانب، وذلك وفقًا لجميع سجلات قانون تسجيل العملاء الأجانب التي قدمتها الشركات العاملة نيابة عن قطر. كما اتصلوا بما يقرب من ثلثي أعضاء الكونغرس وقدموا مساهمات في الحملات الانتخابية لـ 59 من هؤلاء الأعضاء، وأحيانًا في نفس اليوم الذي التقوا بهم فيه.
عملية مد النفوذ للسياسيين هذه ليست سوى نقطة في بحر نفوذ قطر في أميركا. إذ يُعد القطريون من أكبر الجهات المانحة لمراكز البحوث والفكر في العاصمة – حيث يتلقى معهد بروكينغز وحده أكثر من مليوني دولار سنويًا من قطر. وبغض النظر عما سمعته عن النفوذ الصيني في الجامعات، فإن قطر الصغيرة هي، إلى حدٍ بعيد، المانح الأجنبي الأعلى للجامعات الأميركية، متفوقة بذلك على الصين بأكثر من اثنين إلى واحد وبدون مبرر منطقي له علاقة بالتعليم.
كِبار المستثمرين في قطاع العقارات
إن القطريين هم أيضًا من كِبار المستثمرين في قطاع العقارات في العاصمة. فقد استثمرت قطر أكثر من 600 مليون دولار لتصبح المالك الرئيسي لمركز المدينة البراق في قلب العاصمة، واشترت منذ ذلك الحين عقارات بارزة أخرى حول المدينة. وفي الآونة الأخيرة، في شهر أبريل تحديدًا، اشترت سفارة دولة قطر منزل هوليريث التاريخي في جورج تاون مقابل 17.75 مليون دولار، وهو أغلى منزل تم شراؤه في العاصمة منذ فترة. وتتبع تبرعات فيروس كورونا الأخيرة سجلاً طويلاً للتبرعات الخيرية التي تقدمها قطر في الولايات المتحدة، مثل تقديم 30 مليون دولار على شكل منح لمساعدة ولاية تكساس على التعافي من الدمار الذي خلفه إعصار هارفي.
مع ذلك القليل يقال عن رشاوي قطر في واشنطن وشراء النفوذ. في حين أن الضغط السعودي حصل على جميع العناوين الصحافية السيئة، واستطاعت قطر أن تعمل دون أن يهتم أحد بذلك. فعلى سبيل المثال، وسَّعت قاعدة العديد العسكرية – التي تضم بالفعل أكبر عدد من القوات الأميركية في الشرق الأوسط – وزادت الأعمال التجارية بين الولايات المتحدة وقطر بنسبة 35% في عام 2019.
رابط المصدر: