مازن صاحب
تتوالى الاحداث في ساحات التحرير وسط ذهول الدم العراقي من انموذج عدم المبالاة محليا، ما بين بيانات تنديد ساذجة، او تصريحات قيادات امنية لا تقدم الحلول الكفيلة بوقف اهداره، مقابل بيانات دولية تقرأ ما بين سطورها احتمالات إعادة العراق الى ما قبل احداث 2003 وكان ثمة من يريد انتهاك سيادة العراق بأيد عراقية!.
السؤال: اين تتجه الامور بعراقنا وابنائنا المتظاهرين الباحثين سلميا عن “وطن” في مساق الإجابة، تتقافز امامي مظاهر الانزلاق نحو المجهول، وهذا لا يحتاج نصائح من فوق التل، بل تحشيد الراي العام الوطني والإقليمي والدولي، من خلال أدوار إعلامية نخبوية، تحتاج الى مساندة الأمم المتحدة في العراق، لخلق فرضيات أخرى على الأرض، تجعل الدولة، بمظاهرها الرسمية، وحكومتها العميقة ، وحتى مظاهرها المختفية بعباءة قوى مسلحة ان تتوافق على إدارة ساحات التحرير بنموذج غير نمطي، يراعي مصلحة المتظاهرين، ويهدئ الغضب الشعبي، ويفتح بوابة الحوار من خلال( لجنة حكماء)، كيف يمكن تحقيق ذلك؟
من الأفكار غير النمطية التي ربما تنجح في تفادي الأسوأ … يبدو من الممكن اقتراح الاتي:
أولا: تسمية (قائد مدني) للتفاوض مع المتظاهرين واعلان اسمه من قبل رئاسة مجلس النواب او رئيس الجمهورية، تشاركه في ذلك مجموعة من النخب التي عرفت بصفة (الحكماء) مكونة من زعامات دينية (مسلمين ومسيحيين) فضلا عن قيادات النقابات والاتحادات المهنية ومنهم المنتفضون في ساحات التحرير، إضافة الى رموز عشائرية، تنحصر مهمة هذا الفريق بالحوار المباشر مع تنسيقيات التظاهرات، لوضع لائحة نظام داخلها، بما يؤدي الى فرز الصفوف ما بين متظاهرين سلميين، واخرين بالعكس، وتقليل فرص انتشارهم في هذه الساحات او العمل على منعها بالشكل المطلوب امنيا.
ثانيا: تسمية (قائد شرطة) مكلف بالتنسيق مع المتظاهرين بشكل مباشر، ولابد من التمييز بشدة ما بين قائد شرطة وبين قائد عسكري، الخلط الذي أدى الى تكليف قوات الجيش بمهمات افراد الشرطة، وشتان بين الحالتين، تنحصر مهمات هذا القائد بإصدار بيان يومي تفصيلي عن نشاطات ساحات التظاهر بالتنسيق مع القائد المدني، وان لا يصدر أي موقف حكومي إعلاميا خارج التنسيق مع القيادة الميدانية للتظاهرات.
ثالثا: تكرار الطلب من تنسيقيات التظاهرات الفرز الواضح والصريح بين التظاهرات السلمية ومستخدمي العنف، كخطوة أولى لديمومة التظاهرات ومنع تداخل الخنادق في هذه الساحات، من خلال تشكيل مفارز امنية من المتظاهرين ذاتهم، معروفين للقيادة المدنية وقيادة الشرطة، وتوزيعهم على مجموعات تضبط النظام العام داخل الساحات وفي مخارجها ومداخلها، بعد الاتفاق على تحديد منطقة التظاهرات في رقعة معروفة للجميع لا يتم التجاوز عليها.
رابعا: استخدام إذاعة وسائل اعلام ساحة التظاهرات الداخلية (هناك أكثر من نشرة صحفية تطبع وتوزع) لنشر تعليمات القائد المدني وقائد الشرطة الميداني وفقرات النقاش والتفاوض وما تم الاتفاق عليه.
خامسا: الاندماج في حلقات نقاشية تنظم من قبل نقابات ومجتمع اهلي وتوثيقها والعمل على نقلها بالبث الحي او التسجيلي ضمن البرامج الحوارية، بل السعي لنقل برامج حوارية في قنوات فضائية معروفة الى داخل ساحة التظاهرات ميدانيا والعمل على البث المباشر لها.
سادسا: التفاعل مع منتجات القصص الإيجابية بصور ضد الممارسات السلبية، وهناك أكثر من قصة إعلامية تبدأ بقصص الشهداء الابرار، والعلاقات الإنسانية بين المتظاهرين أنفسهم في انقاذ الجرحى، ولا تنتهي عند قصص دعم المنتوج المحلي، وكل ذلك سيناريوهات لبرامج تلفازية وافلام تسجيلية مطلوب من كليات الاعلام والفنون الجميلة توثيقها، وان تفتح القنوات الفضائية أبوابها لنشرها وتعزيز روح السلم الأهلي من بوابات الاعتصام في ساحات التحرير من اجل هوية وطنية عراقية واحدة لكل العراقيين.
سابعا: تسمية جوائز بالتنسيق مع منظمات حقوقية وانسانية عراقية ودولية لحالات إنسانية وثقافية مناسبة، وهذا دور مطلوب من جمعيات رجال الاعمال والبنوك الاهلية النهوض به تعزيزا لديمومة الاعتصام وتأكيد استقلاليته.
هذا غيض من فيض، ربما هناك الالاف من الأفكار المقابلة والأفضل، لعل وعسى تتحقق الأهداف المنشودة من اجل هوية وطنية بلا انزلاق نحو هاوية لعبة الأمم، إقليمية او دولية، فالعراق بلد الحضارات، وطن الجميع ولله في خلقه شؤون.
رابط المصدر: