يحظى العراق بوضع خاص لدى إيران، إذ لا ترغب طهران بإدخاله في صراعها مع إسرائيل، خوفا من عواقب تنعكس عليها سلبيا. إذ تستخدمه في التنفيس عن اقتصادها المحاصر منذ سنوات.
كما تحاول الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، إبعاد العراق، عن التوتر الحاصل في المنطقة العربية، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، واستعداد “محور الممانعة” لتوجيه ضربة إلى تل أبيب.
وقام العراق مؤخرا، بنشر قواته على حدود الأردن وسوريا، بالإضافة إلى المناطق المحاذية للقواعد الأميركية. ورغم ذلك، تمكن فصيل عراقي جديد اسمه “الثوريون”، من ضرب قاعدة عين الأسد في الأنبار، مما أدى إلى جرح خمسة جنود أميركيين، ليرتفع عدد عمليات استهداف القواعد الأميركية في العراق وسوريا والأردن إلى 189 هجوما منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
تعمل الفصائل العراقية المدرجة ضمن “تحالف المقاومة الإسلامية في العراق”، بواجبات محددة، فهي تطلق الصواريخ باتجاه إسرائيل بين يوم وآخر، وتدير الصراع بحذر مع أميركا داخليا، لأنها تريد تحفيز الجانب السياسي من خلال حكومة السوداني، لإخراج القوات الأميركية. وعند أي تعثر أو تلكؤ في لجنة التفاوض مع التحالف الدولي، تقوم فصائل بأسماء جديدة باستهداف القواعد الأميركية من أجل الضغط على الحكومة.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ”المجلة”، أن الولايات المتحدة الأميركية، أدخلت العراق، وسيطا من أجل عدم التصعيد في المنطقة، وقيام إيران برد محدود التأثير، مشيرة إلى أن الحكومة العراقية متخوفة من الرد الإيراني المؤثر، لأن ذلك سيعني دخول العراق في الصراع الحالي، لعدم قدرة الحكومة على ضبط إيقاع الفصائل.
وبينت أن القواعد الأميركية في العراق، ستشترك في إسقاط الصواريخ الإيرانية في حال مرورها بأجواء العراق إلى إسرائيل.
الساحة اللبنانية، التي شهدت تطورات كبيرة، خلال الأيام الماضية، جعلت الفصائل العراقية، تبدي رغبتها في القتال إلى جانب “حزب الله” اللبناني، خصوصا أن تنسيقا عالي المستوى بدأ خلال الفترة الماضية بين الفصائل في العراق واليمن وسوريا ولبنان. إذ تعقد اجتماعات على مستويات عالية، بالإضافة إلى تبادل الخبرات بين الأطراف. والدليل على ذلك مقتل أحد القيادات في جماعة الحوثيين بقصف أميركي على مدينة جرف الصخر العراقية إلى جانب عدد من عناصر “كتائب حزب الله”.
وقال القيادي في “كتائب سيد الشهداء”، عباس الزيدي، إن تنسيقا يجري مع جميع الجبهات في لبنان واليمن وسوريا، لمحاربة إسرائيل والوجود الأميركي في المنطقة، مشيرا إلى أن “المقاومة الإسلامية” ليست حكرا على جماعة محددة وإنما توجد فصائل ذات توجهات مختلفة تقوم بمحاربة الوجود الأميركي.
إن تنسيقا يجري مع جميع الجبهات في لبنان واليمن وسوريا، لمحاربة إسرائيل والوجود الأميركي في المنطقة
عباس الزيدي، القيادي في “كتائب سيد الشهداء”
وأشار إلى أن الفصائل العراقية ستشارك ضمن الرد على اغتيال إسماعيل هنية والقيادي في “حزب الله” فؤاد شكر، “لأننا نؤمن بوحدة الساحات”.
ويخشى “حزب الله” اللبناني، من تحويل جنوب لبنان إلى سوريا ثانية، عبر نشر مقاتلين من الفصائل العراقية والسورية واليمنية وغيرها، ما يضعف قدراته في السيطرة على لبنان، وخشية من زج بعض العناصر، التي قد تتعاون مع إسرائيل لكشف مواقع وأنفاق “الحزب”.
لذلك أبلغ “حزب الله” اللبناني، الفصائل العراقية بأنه لا يحتاج إلى مقاتلين، لقدرته على إدارة المعركة حال اندلاعها، ولكنه بحاجة إلى مساعدتهم في تأمين الطريق بين طهران والجنوب اللبناني، الذي يمر بمدينة القائم العراقية، المراقبة جويا من قبل القوات الأميركية الحليف الاستراتيجي لإسرائيل.
وقال علي فضل الله المقرب من “كتائب حزب الله” لـ”المجلة”، إن هناك اتفاقا ووحدة رأي بين فصائل المقاومة، التي ستنتفض لمساندة “حزب الله”، والدفاع عن لبنان. وتابع أن إيران أيضا ستشارك في الدفاع عن لبنان، وكذلك الفصائل الأخرى في اليمن وفلسطين التي ستعمل على التفاعل والاندماج في هذه الحرب.
وأوضح فضل الله أن استراتيجية “محور المقاومة” هي “اقتلاع الغدة الأميركية، من المنطقة، وأن كل بلد له تكتيك معين، مختلف عن الآخر”، مشيرا إلى أن العراق توجد فيه بعض القيود باعتبار أن الحكومة تريد إخراج القوات الأميركية.
وأكد أن فصائل “المقاومة” لديها استراتيجية وتمتلك مساحة كبيرة من المناورة، وأن الأميركيين يريدون جر الفصائل إلى حرب مفتوحة.
وحسب مختصين، التقتهم “المجلة”، فإن إيران ترفض خيار التصعيد مع أميركا داخل العراق، لأنها متخوفة من فرض قيود إضافية على الشركات العراقية ومنع استخدام الدولار، ما يعني فرض طوق إضافي على الاقتصاد الإيراني المحاصر، الذي يستخدم العراق للتنفيس عن الريال الإيراني، كما تقوم إيران ببيع نفطها إلى الصين، كنفط عراقي، وكذلك شراء بعض الاحتياجات الممنوعة من استخدامها عبر شركات عراقية، إذ منذ هجوم “حماس” في أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى الآن، فرضت أميركا، على أكثر من 50 شركة ومصرفا عراقيا، عقوبات تتمثل منع استخدام الدولار.
الحكومة العراقية، التي شكلها الإطار التنسيقي، الذي يتكون من أحزاب شيعية لها علاقات وثيقة بطهران، هي الأكثر قلقا، من توسيع الصراع مع إسرائيل، لأنها تراه يمتد إلى داخل العراق، نتيجة عدم سيطرتها على بعض الفصائل، والتخوف من قيام إسرائيل وأميركا، بالعودة إلى مسلسل اغتيال قادة الفصائل، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية عليها، إذ قال وزير الخارجية فؤاد حسين إن “توسيع الحرب خطر ليس فقط على لبنان ولكن على المنطقة كلها”.
المصدر : https://www.majalla.com/node/321876/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D9%8F%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D8%9F