ليبيا بين الانقسام والتقسيم: الديناميات والمسارات المحتملة

  • صدرت تصريحات عن مسؤولين ليبيين ودوليين تُحذِّر من خطر التقسيم في ليبيا، وتزامنت هذه التصريحات مع جمود عملية التسوية، والتسارع الكبير في تسليح معسكريّ الصراع من قبل روسيا والولايات المتحدة، ما يعزز المخاوف بشأن تحويل الصراع الروسي-الأمريكي إلى وقود لهذا السيناريو.
  • ثمة حالة توازنية دقيقة قائمة بين اللاعبين الدوليين والإقليميين تحوُل دون قدرتهم على حسم صراع النفوذ في ليبيا لصالح طرف بعينه، وهو ما يدعم استمرار الانقسام القائم بين الأطراف الليبية على الصعيدين السياسي والعسكري.
  • على المدى القصير، يظل السيناريو الفيدرالي، رسمياً أو ضمنياً، هو الخيار الأكثر قابلية للتطبيق في ليبيا، لكن دون إغفال المؤشرات القوية على قابلية سيناريو التقسيم للتحقّق على مدى زمني أبعد، وهو ما يتطلب الانتباه لمؤشرات تشكُّله.

 

في 12 يونيو 2024، حَذَّر رئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة، في خلال كلمة له بمدينة الأصابعة، من أن ليبيا باتت “مُعرضة للتقسيم”، وأنها تواجه ما وصفه بـ”خطر عظيم”. وفي 19 يونيو، خلال إحاطتها الأولى أمام مجلس الأمن، عبّرت ستيفاني خوري، نائب المبعوث الأممي في ليبيا للشؤون السياسية، عن مخاوفها من أن الانقسام القائم قد يقوّض “سيادة ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها، وسط مخاوف بشأن تأثير التوترات الجيوسياسية”. وفي 26 يونيو، أعرب بيان مشترك بين بعثة الاتحاد الأوروبي وسفراء الدول الأوروبية (أعضاء الاتحاد) لدى ليبيا، عن القلق من “التقسيم الفعلي للبلاد”.

 

تأتي تلك التصريحات ضمن متوالية من التحذيرات المماثلة التي ظهرت على لسان بعض المسؤولين الرسميين في شكل متقطع خلال العقد الماضي. وتستمد جديتها من التكوين الجيوسياسي للدولة الليبية، والتي لم تعرف الوحدة في صيغتها الحالية إلا في نهاية عام 1951، بينما اتسم تاريخها السياسي قبل ذلك باستقلالية كل إقليم عن الآخر، بما يجعل التقسيم أحد الخيارات المُجرَّبة سابقاً والقابلة للتكرار. كما تتزامن التصريحات أيضاً مع جمود عملية التسوية، والتسارع الكبير في تسليح كل من موسكو وواشنطن لمعسكريّ الصراع، ما يعزز المخاوف بشأن تحويل الصراع الدولي إلى وقود لهذا السيناريو.

 

معالم الانقسام الليبي [1] ومُستجداته

تشهد ليبيا منذ عشر سنوات انقساماً سياسياً وعسكرياً، لم يقطعه إلا فترة استثنائية من الوحدة الشكلية على المستوى الحكومي خلال عام 2021، [2] ويمكن القول إن المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط هما المؤسستان الضامنتان حتى الآن لعدم تعميق الانقسام باتجاه السيناريوهات المتطرفة، في ضوء إشرافهما على إدارة الموارد النفطية وتوزيع عائداتها على معسكريّ الانقسام، بطرق رسمية وغير رسمية. ويبرز موقف محافظ المصرف المركزي، منذ فبراير 2024، برفض تمويل حكومة الدبيبة إلا في حالة وضع ميزانية موحدة، بوصفه أحد العوامل الضاغطة باتجاه إنهاء الانقسام الحكومي، لاسيما مع إلحاح واشنطن على أولوية هذا الهدف؛ غير أن اعتماد مجلس النواب مشروع ميزانية موحدة، في 9 يوليو 2024، جاء ليقلص، على الأغلب، من فرص إنهاء الانقسام الحكومي القائم على المدى القريب.

 

الجمود المستمر في نشاطات اللجنة العسكرية المشتركة “5+5” يُعزز من تكريس النزعة الانقسامية في ليبيا (AFP)

 

عسكرياً، وإلى جانب استمرار تجمّد نشاطات لجنة 5+5، فقد تسارعت مظاهر الانقسام على خطوط الصراع الدولي بين الولايات المتحدة وروسيا؛ فمن ناحية، خصصت حكومة طرابلس قطعة أرض في الكلية الجوية بمصراتة لصالح قوات الأفريكوم، مما يعني وجود خطط لوجود عسكري أمريكي مباشر في ليبيا، إضافة لتولي شركة أمنية أمريكية مهام تدريب بعض القوات التابعة لحكومة طرابلس، وأخيراً تزايُد عمليات توريد السلاح إلى قوات غرب ليبيا. وفي المقابل، تراكمت المؤشرات على اتجاه موسكو لتأسيس وجود عسكري رسمي في مناطق سيطرة خليفة حفتر، فضلاً عن تزايُد التكهنات بشأن إمكانية تأسيس قاعدة بحرية روسية شرق ليبيا.

 

وبذلك، اتجه المشهد الليبي، مع انتصاف 2024، نحو ترسيخ الوضع الانقسامي، مع توظيف الأداة المالية في قطع الطريق، على المدى القصير، أمام مسارات تطور الانقسام الراهن إلى تقسيم للبلاد، وفق التحذيرات المذكورة على لسان بعض الأطراف الرسمية. غير أن بقاء عوامل الانقسام قائمة، واتجاهها نحو مزيد من التعمّق، يثير تساؤلات جادة حول قابلية تحقّق الهواجس الخاصة بالتقسيم، في حال عدم كفاية العامل المالي في تلبية مصالح النخب المحلية وداعميهم الخارجيين.

 

التأثيرات المتعاكسة على خطوط الصَّدع

تشير تفاعلات أطراف الصراع الليبي إلى تأثيرات متعاكسة لأدوار بعض الأطراف على مسارات الانقسام الحالي؛ والحديث في هذا السياق لن ينصب على السيناريوهات المفضلة لكل طرف في العموم، ولكن عن المآلات المحتملة للانقسام في ضوء دفاع كل طرف عن مصالحه.

 

1. مُحفِّزات التقسيم: يُعد صراع المصالح الدولية من العوامل الدافعة بقوة نحو تعزيز الانقسام القائم، وربما الدفع نحو سيناريو التقسيم إذا لزم الأمر. وتتجاوز أهمية ليبيا العامل الخاص بالموارد لتتصل بالجغرافيا في حد ذاتها، باعتبارها حلقة وصل بين حوض المتوسط والعُمق الأفريقي. ويظهر ذلك خاصة في مرحلة الصراع الفرنسي الإيطالي قبل حرب طرابلس، بمثل ما ظهر لاحقاً في مرحلة الصراع الروسي الأمريكي المستمرة حتى الآن؛ ففي الحالتين كان من الصعب التوصل لأرضية مشتركة بين طرفيّ الصراع الدولي، لدعم سيطرة سلطة موحدة.

 

على نحو مُشابِه، يأتي صراع النفوذ بين دول الجوار الجغرافي، لاسيما مصر والجزائر؛ فعلى الرغم من عدم وجود مصلحة لأي منهما لدعم سيناريو التقسيم، إلا أن إصرار كلا البلدين على النظر إلى منطقة الجوار المباشر داخل الأراضي الليبية بوصفها مجالاً حيوياً بالمعنى الأمني[3]، يحوُل دون قدرة أي منهما على مد نفوذه إلى كامل الأراضي الليبية. وبتعبير آخر، فإن ثمة حالة توازنية دقيقية قائمة بين اللاعبين الدوليين والإقليميين تحوُل دون قدرة أي منهما على حسم صراع النفوذ لصالحه، وهو ما يدعم استمرار الانقسام القائم على الصعيدين السياسي والعسكري، وفي شكل يجعل تأثير صراع النفوذ بين تلك الأطراف أقرب إلى دعم النزعة الانقسامية.

 

أخيراً، فإن ارتفاع وتيرة المواجهة الدولية في ليبيا قد يفرض استدعاءً للدور التركي، على غرار ما حدث في حرب طرابلس، باعتبار تركيا وكيلاً عن المصالح العسكرية الغربية في غرب ليبيا، لاسيما أن تركيا لا زالت تضطلع بدور مباشر في ضبط المعادلة الأمنية والعسكرية في المناطق الخاضعة لحكومة الدبيبة.

 

تُظهر تجربة المشير حفتر أن حكم كامل الأراضي الليبية يظل خياره المفضل، لكن خيار التقسيم يظل قائماً بالنسبة له (AFP)

 

2. مُحفِّزات الوحدة: على الرغم من وجود توافق ضمني بين أغلب النخب الليبية على اللامركزية الإدارية، فضلاً عن تكييف أغلب الأطراف لمصالحها مع الفيدرالية كأمر واقع تفرضه التوازنات القائمة، فإن خيار التقسيم لم يكن أبداً مسألة قابلة للتسويق السياسي داخلياً. وثمة تبايُن واضح في مكانة هذا الخيار لدى للأطراف المحلية، دون أن يكون خياراً مفضلاً لأي منهما. فبالنسبة لغرب ليبيا، هناك أسباب هيكلية تجعل خيار التقسيم بمثابة أسوأ الخيارات؛ ويرجع ذلك إلى خريطة انتشار الموارد النفطية والمائية (المقصود الآبار الجوفية المغذية للنهر الصناعي)، والتي تقع ضمن حدود إقليميّ برقة وفزان، الخاضعين لسيطرة قوات حفتر[4].

 

في المقابل، تُظهر تجربة حفتر أن خيار حكم كامل الأراضي الليبية يظل هو الخيار المفضل، وفق ما تجسّد في حرب طرابلس، فضلاً عن تلويحه المتكرر بعد ذلك بإمكانية استخدام القوة المسلحة ضد خصومه في غرب ليبيا. ومع ذلك يظل خيار التقسيم أحد الخيارات القائمة بالنسبة له، وهو ما عبّر عنه صراحة في خطابه بمدينة أجدابيا، ديسمبر 2022، حيث أكد على أن استمرار الوضع القائم في طرابلس “قد يدفع المدن والقرى التي تنعم بالأمن والأمان في ليبيا لاتخاذ قرار حاسم بإدارة شؤونهم ومؤسساتهم ورسم خارطة طريق، بمعزل عن العاصمة”.

 

أوروبياً، على رغم تضارب المصالح بين اللاعبين الرئيسين، وتحديداً إيطاليا وفرنسا وبريطانيا، فإن ارتباط مصالح كل دولة بمختلف مناطق ليبيا، وتحديداً في ملفات الهجرة والنفط ومكافحة الإرهاب، ربما يجعل من مصلحة تلك الدول وجود سلطة موحدة قادرة على فرض سيطرتها على كامل أراضي البلاد.

 

اقرأ المزيد من تحليلات «بلال عبدالله»:

 

السيناريوهات المحتملة

يتوقف تطور الحالة الانقسامية القائمة على التفاعل بين مجموعة من العوامل، أهمها: تفاعلات الصراع الأمريكي الروسي؛ وقدرة النخب الليبية على بناء تفاهمات حول شكل الدولة وآليات تقاسُم الثروة؛ ومدى تعاون اللاعبين الإقليميين والأوروبيين في فرض أحد الخيارات.

 

وفي ضوء التفاعل بين هذه العوامل، يمكن وضع السيناريوهات الثلاثة الآتية:

 

السيناريو الأول: الحل الفيدرالي. يتمثل السيناريو، في حده الأدنى، في استمرار الوضع الراهن، الذي يعكس في جوهره واقعاً فيدرالياً، وفي حده الأقصى إرساء النظام الفيدرالي دستورياً. ويعكس السيناريو حالة توازنية بين اللاعبين الرئيسين، دون قدرة أحد الأطراف على الحسم النهائي للصراع. ومن شروط السيناريو استمرار التأثير الهامشي لليبيا على مجمل التوازنات الدولية؛ فلا تسعى روسيا إلى تهديد مصالح الناتو عبر الأراضي الليبية؛ ويتم الاكتفاء بتوظيف وجودها العسكري هناك كممر لخدمة مصالحها الاقتصادية والسياسية في العُمق الإفريقي. كما يتطلب السيناريو استمرار قدرة النخب الليبية على التوصل لتفاهمات حول تقاسُم المنافع الاقتصادية. وبالنسبة لدول الجوار الإقليمي المباشر، يعد هذا السيناريو بمثابة البديل الأفضل عن سيناريو التقسيم، في ضوء المخاوف الأمنية لكلٍّ من مصر والجزائر.

 

السيناريو الثاني: إنهاء الانقسام. يتمثل المسار في إخضاع كامل الأراضي الليبية لسلطة موحدة، وإنهاء الانقسام السياسي والعسكري القائم، سواء عبر قيام أحد الأطراف بحسم الصراع عسكرياً، أو بالتوصل لتسوية نهائية تحقق الحد الأدنى من مصالح اللاعبين الرئيسين. وقد يكون أحد الشروط الرئيسة سيطرة الرؤية الصفرية لدى أحد طرفيّ الصراع الدولي، في شكل يدفعه إلى توظيف جميع أدواته لحسم الصراع عسكرياً، مع عدم أولوية ذلك بالنسبة للطرف الدولي الآخر، مما يدفعه للمساومة بالورقة الليبية لصالح ملفات أخرى. ويمكن القول بأنه الخيار المفضل لواشنطن منذ سنوات، والذي تسعى للوصول إليه سياسياً بشكل سلمي، لخلق توازن جديد يمكن من طريقه إنهاء نفوذ موسكو في ليبيا بأقل التكاليف. كما أن وجود سلطة موحدة يمثل مصلحة أوروبية فيما يتعلق بسياسات الهجرة ومكافحة الإرهاب وحماية المصالح النفطية. وأخيراً، فإن نجاح هذا السيناريو يتطلب بناء تفاهمات مشتركة بين كل من مصر والجزائر، لاسيما في الجوانب الأمنية. وقد لا يتسق السيناريو مع خبرة العقد الماضي، وما تراكم لدى الليبيين من أزمة ثقة متبادلة، ورسوخ النزعة الجهوية في الممارسة السياسية. لذا فإن تحقق السيناريو يظل مرهوناً بإرادة الأطراف الخارجية في المقام الأول.

 

ارتباط مصالح القوى الأوروبية بمختلف مناطق ليبيا يجعلها تُفضِّل وجود سلطة موحدة تفرض سيطرتها على كامل أراضي البلاد (AFP)

 

السيناريو الثالث: التقسيم. يتطلب السيناريو سيطرة الرؤى الصفرية على اللاعبين الرئيسين، بما يحوُل دون التوافق على ترتيبات موحدة لتقاسُم السلطة؛ مع عدم قدرة أي طرف على الحسم النهائي، ما يجعل التقسيم أحد المسارات الأقل كلفة قياساً ببقية السيناريوهات. وعلى الرغم من أن الخطاب الرسمي لمختلف الأطراف الداخلية والخارجية يلتزم بدعم وحدة الأراضي الليبية، إلا أن مظاهر الانقسام خلال العقد الأخير تسلك منحنىً صاعداً، في شكل يجعل الوضع أقرب إلى وجود دولتين في ليبيا لا يجمعهما إلا وجود موارد مالية مشتركة. وعلى الرغم مِن أنّ الوقود الرئيس لهذا السيناريو سيكون احتدام التنافس الروسي الأمريكي في ليبيا، ومع أنَّه قد يتم القبول به اضطرارياً من قبل مصر والجزائر للاعتبارات الأمنية المشار إليها، إلا أنّ من المرجح أن يقترن السيناريو بوجود مساحة أكبر للنفوذ التركي، وفق ما أظهرته خبرة السنوات الماضية في الاعتماد عليها في الجوانب العسكرية بوصفها ممثلاً لمصالح حلف الناتو؛ كما أن أي تزايد محتمل لنفوذ تركيا قد يستتبع دوراً أكبر لجماعات الاسلام السياسي غرب ليبيا.

 

وعلى المدى القصير، يظل السيناريو الفيدرالي هو السيناريو المرجح في ليبيا. كما أن قدرة الأطراف الليبية على التوصل لتفاهمات حول تقاسُم الموارد المالية، وفق ما ظهر مؤخراً في اعتماد ميزانية موحدة مع استمرار الانقسام الحكومي، يعد مؤشراً قوياً على ترجيح هذا السيناريو. لكن بالمقابل لا يمكن إغفال مؤشرات تعميق الانقسام على المستوى العسكري، بما يصعّب وجود قوة عسكرية موحدة مستقبلاً، ومن ثم الاقتراب، ربما، من سيناريو التقسيم. أما عن سيناريو إنهاء الانقسام وتوحيد السلطة السياسية وفق مسار انتخابي، فهو يُمثِّل جوهر المقاربة الأممية، وتعد واشنطن الداعم الأبرز لهذه المقاربة. ويمكن ملاحظة أن سبب تعثّر هذه المقاربة حتى الآن هو عدم اتساقها مع الميل الواضح لدى الليبيين لدعم الخيار الفيدرالي؛ وهو ما ينعكس في التعارض بين تلك المقاربة وبين مسار تطور الأوضاع في ليبيا خلال السنوات الماضية فيما يتعلق بالإدارة الذاتية لأغلب المناطق.

 


[1] تتعامل هذه الورقة مع “الانقسام” بوصفه حالة متحركة قد تختلف تفاصيلها بين وضع وآخر، وليس باعتباره حالة استاتيكية، أو مرادفاً “للوضع الراهن”. فعلى سبيل المثال، من شأن اعتماد ميزانية موحدة لحكومتين منقسمتين خلْق واقع جديد للانقسام، يكون مغايراً لما كان عليه في المرحلة السابقة، دون أن يتغير المشهد الليبي ككل باتجاه الوحدة أو التقسيم. 

[2] تنقسم البلاد إلى معسكرين كبيرين، شرقاً وغرباً؛ ويتسم معسكر شرق ليبيا بتركز مظاهر القوة المسلحة تحت قيادة المشير خليفة حفتر، ما يترتب عليه تماسك الموقف السياسي لهذا المعسكر في أغلب الأحيان، حيث تتمثل المؤسسات السياسية في وجود مجلس النواب والحكومة التابعة له. وقد تمددت سيطرة حفتر العسكرية تدريجياً لتشمل كامل إقليم فزان تقريباً. وفي المقابل يتسم معسكر غرب ليبيا بانتشار القوة المسلحة، ومن ثم انقسام مواقفه تجاه كثير من القضايا. وتتمثل المؤسسات السياسية الرئيسة في كلٍّ من حكومة طرابلس والمجلس الأعلى للدولة، مع الحيادية النسبية للمجلس الرئاسي.

[3] تجسَّد ذلك في سياسة الخطوط الحمراء التي أعلنتها الدولتان، عبر تصريح الرئيس الجزائري إبان حرب طرابلس بأن “طرابلس خط أحمر”، وإعلان الرئيس المصري، عقب انتهاء الحرب، بأن المنطقة الواصلة بين سرت والجفرة خط أحمر لن تسمح مصر بتجاوزه.

[4] أخذاً في الاعتبار وقوع كل من إقليميّ برقة وفزان تحت سيطرة قوات حفتر، فإن سيناريو التقسيم وفق التوازنات القائمة قد لا يسلك نفس مسار الانقسام التاريخي إلى ثلاثة أقاليم، لكنه على الأغلب سيسير وفق خطوط الانقسام الحالي إلى معسكرين اثنين، لاسيما مع عدم وجود مشروع سياسي جامع لإقليم فزان، فضلاً عن الانقسام القبلي بين أغلب مكوناته. ومن ثمَّ سيكون إقليم طرابلس على الأغلب هو الخاسر الأكبر في حالة التقسيم.

 

المصدر : https://epc.ae/ar/details/scenario/libya-bayn-alianqisam-waltaqsim-aldiynamiyat-walmasarat-almuhtamala

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M