مروة عبد الحليم
في ظل التعثر الأمريكي الداخلي والانقسام المجتمعي وحاجة الرئيس “جو بايدن” إلى قلب حظوظ حزبه المتراجعة وشعبيته المتدنية بسبب ارتفاع نسبة التضخم وأسعار الطاقة، منح مقتل أيمن الظواهري وزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان، وإقرار الكونجرس سلسلة من التشريعات، بصيصًا من الأمل للرئيس رغم معاناته من ضعف التأييد والشكوك بشأن جدارته بولاية ثانية، وكثرة الانتقادات بشأن سجله التشريعي غير المكتمل. ومنحته أيضًا انتصارًا يحتاج إليه ليكون رصيدًا مهمًا في مواجهة خصوم الحزب الديموقراطي، قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة في نوفمبر المقبل.
هناك تاريخ طويل من استفادة رؤساء الولايات المتحدة سياسيًا من استهداف الأعداء وقادة التنظيمات الإرهابية؛ ففي عام 2003، ارتفعت نسبة تأييد جورج دبليو بوش بتسع نقاط بعد القبض على صدام حسين، وارتفعت شعبية باراك أوباما بإحدى عشر نقطة بعد العملية الأمريكية التي قتل خلالها أسامة بن لادن. وتعززت شعبية بايدن بعد تراجعها بشكل كبير في الشهور الأخيرة بعد مقتل الظواهري؛ إذ أعرب 44% من الأمريكيين عن رضاهم عن الطريقة التي يتعامل بها الرئيس مع وظيفته، وتمثل النسبة تحسنًا كبيرًا عن المستوى الشخصي المتدني الذي بلغه وهو 36% في استطلاع رأي أجري في مايو الماضي.
قد يكون تحسن شعبية بايدن جراء مقتل الظواهري قصير الامد مع تركيز الناخبين على الاقتصاد والبطالة وهما من أكبر ما يشغل بال الامريكيين قبيل حملة انتخابات التجديد النصفي، لكن حدثًا مثل هذا قد يحسن وضع بايدن كقائد عسكري، ويعطيه مزيدًا من السلطة. وقد يوجه ذلك ضربة طويلة الأمد لجهود الجمهوريين لتصويره على أنه شخصية ضعيفة وغير حاسمة فيما يتعلق بالأمن القومي، خاصة بعد انتقاده بالبطء في حسم الحرب الروسية على أوكرانيا. وقد أشاد السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام بالعملية قائلا: “تهانينا لإدارة بايدن ولكل الأمريكيين الشجعان الذين شاركوا في عملية مكافحة الإرهاب الناجحة ضد زعيم القاعدة أيمن الظواهري”.
مقومات الجمهوريين في الانتخابات المقبلة
الانتصارات التشريعية الأخيرة التي حققها بايدن في الكونجرس ربما لا تزال غير كافية، أو أنها تحققت بعد فوات أوان تغيير الديناميكية السياسية السائدة قبل انطلاق انتخابات التجديد النصفي. ويرغب الجمهوريون في استعادة سيطرتهم على مجلس النواب، وربما على مجلس الشيوخ، حيث لا يزال الناخبون محبطين من أداء الرئيس في الملف الاقتصادي وأزمة ارتفاع معدلات التضخم.
1 – تراجع شعبية بايدن:
أظهرت استطلاعات الرأي تراجع شعبية بايدن بشكل كبير لدى الرأي العام الأمريكي مؤخرًا، وسجلت شعبيته النسبة الأضعف بين الرؤساء الأمريكيين السابقين في الفترة نفسها من رئاستهم؛ فبحسب الأرقام، تقف شعبية بايدن عند 39% وفق استطلاع لشركة “إيبسوس”، ولم تشفع النجاحات التي حققها بايدن مؤخرًا داخل الكونجرس له حتى الآن في تحسين معدلات تأييده في استطلاعات الرأي بدرجة كبيرة. فقد أكد الاستطلاع الذي أجرته شركة RealClearPolitics غير الحزبية، وجود فجوة كبيرة تبلغ 17 نقطة بين نسبة الـ 56.5% من الأمريكيين الذين لم يوافقوا على أداء بايدن كرئيس ونسبة الـ 39.5% من الأمريكيين الذين وافقوا على هذا الأداء.
أحد الأمور التي أضرت بشعبية بايدن هو استمرار تفشي فيروس كورونا الذي وضع الجميع في حالة مزاجية سيئة لم تنته بعد. ويواجه الديمقراطيون مناخًا سياسيًا عدائيًا وموقفًا صعبًا مع الإحباط الواسع نتيجة الأداء الاقتصادي السيئ، والذي يظهر بوضوح في معدلات التضخم المرتفعة وغلاء الأسعار؛ فقد بلغ التضخم أعلى مستوى له منذ 40 عامًا ووصل 9.1%، وكشفت بيانات الناتج المحلي الإجمالي أن اقتصاد الولايات المتحدة دخل في حالة ركود.
ويرى كثير من المراقبين أن تزامن انتخابات الكونجرس مع حالة عدم اليقين الاقتصادي ومع استمرار تفشي وانتشار وباء كورونا الذي أودى بحياة أكثر من مليون أمريكي وأخيرًا قرار المحكمة العليا بإلغاء حقوق الإجهاض المحمية فدراليًا؛ كلها تأتي في صالح الجمهوريين. وتجدر الإشارة إلى أن تراجع شعبية بايدن ليس بين الجمهوريين والمستقلين فحسب، ولكن من بين أفراد حزبه أيضًا؛ إذ يريد 35% فقط من الديمقراطيين من بايدن الترشح لفترة رئاسية ثانية، في حين يعارض ذلك 41%، ما يعكس عدم رضا الأمريكيين بشكل عام عن أداء الرئيس.
2 – السيطرة على مجلس النواب:
تظهر استطلاعات الرأي أن الجمهوريين يتقدمون للسيطرة على مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون حاليًا بأغلبية عشرة مقاعد (222 من أصل 435). وقد سبق وأن أعلن 31 عضوًا من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين أنهم لن يترشحوا لإعادة انتخابهم. ومن شأن سيطرة الجمهوريين على أحد مجلسي الكونجرس أو الاثنين معًا أن تسمح لهم بإحباط أجندة بايدن أكثر مما هو حاصل الآن جراء انقسامات الديمقراطيين، وتحديدًا في مجلس الشيوخ، ما يحول دون تمرير بعض القوانين التي وعد بها بايدن. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 68% من الجمهوريين و66% من المحافظين يريدون عزل بايدن إذا سيطر الجمهوريون على مجلس النواب.
3 – تفضيلات الأمريكيين تتجه نحو الجمهوريين:
في بداية عام 2021 بدت تفضيلات الأمريكيين تميل نحو الحزب الديمقراطي؛ فذكر 46% من الأمريكيين أنهم ديمقراطيون أو يميلون إلى الحزب الديمقراطي، مقارنة بالجمهوريين الذين وصلت نسبة تأييدهم 43%. هذا الاتجاه كان مرتبطًا بتراجع شعبية ترامب خلال فترة رئاسته والتي بلغت 34% جراء وصول نسبة الإصابات والوفيات الناجمة عن كوفيد-19 مستويات قياسية، ورفض الاعتراف بنتيجة الانتخابات الرئاسية، واقتحام أنصاره مبنى الكابيتول.
بينما حظي بايدن بتقييمات عالية نسبيا بعد توليه منصبه في 20 يناير لانخفاض الإصابات بكوفيد-19 بشكل كبير بعد تطعيم ملايين الأمريكيين، بدأت معدلات تأييده في التراجع؛ جراء الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، والحرب الروسية على أوكرانيا، والتضخم وارتفاع أسعار الطاقة، وهو ما وفر مكاسب للحزب الجمهوري على الأرض، إذ انخفض معدل الانتماء إلى الحزب الديموقراطي من 46% إلى 42%، وارتفع معدل تأييد الانتماء للحزب الجمهوري من 43% إلى 47%. تزامنت هذه التحولات مع أداء قوي للحزب الجمهوري في انتخابات الولايات عام 2021، بما في ذلك فوز الجمهوريين في انتخابات حاكم ولاية فرجينيا.
4 – خسائر الديمقراطيين في انتخابات حكام الولايات:
أقصى الجمهوريون الديمقراطيين من حكم فرجينيا، وفاز الجمهوري جلين يونجكين، وهو مسؤول تنفيذي سابق في قطاع الاستثمار المباشر، على الحاكم السابق تيري ماك أوليف في الانتخابات، ويعد يونجكين أول جمهوري يُنتخب لمنصب على مستوى الولاية في فرجينيا منذ عام 2009.
وكان ينظر إلى انتخابات فرجينيا بوصفها مضمونة للديمقراطيين؛ كونها ولاية ذات ثقل ديمقراطي. وهزيمة الديمقراطيين في هذه الولاية تعد هزيمة لجو بايدن، وذلك لأنه شارك شخصيًا في الحملة الانتخابية دعمًا لتيري ماك أوليف. وعلى الرغم من فوز بايدن بولاية فرجينيا في الانتخابات الرئاسية الماضية بفارق 10 نقاط على خصمه ترامب، فإن هذه النتيجة تنذر بتداعيات كارثية على الديمقراطيين مثلما حدث من قبل عام 2009 عندما خسروا انتخابات حاكم فرجينيا وبعدها بعام خسر الديمقراطيون السيطرة على الكونجرس.
تفاؤل الديمقراطيين
من المعتاد أن يخسر الحزب الحاكم مقاعد في أول انتخابات تجديد نصفي؛ إذ لم تشهد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في الولايات المتحدة منذ 1916 فوز حزب الرئيس بمقاعد إضافية إلا مرتين: الأولى في عام 1998 خلال حكم الرئيس الديمقراطي بيل كلينتون، حيث كانت الانتخابات أثناء الجدل الدائر حول تورط كلينتون في علاقة مع المتدربة بالبيت الأبيض مونيكا لوينسكي، وانشغال الرأي العام الأمريكي بالقضية، لذلك انصب اهتمام الناخبين على متابعة تطورات القصة. وحصل الديمقراطيون على خمسة مقاعد في مجلس النواب. الاستثناء الثاني كان في عام 2002، حيث لم يخسر حزب الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن مقاعد في الكونجرس، بل حقق مكاسب إضافية في مجلسي الشيوخ والنواب، وكان ذلك في أعقاب هجمات الـ 11 من سبتمبر 2001، واستشعار الناخبين الخطر وأن بلادهم في حالة حرب.
في العقود الثلاثة الماضية، عانى الحزبان الجمهوري والديمقراطي من خسائر فادحة في انتخابات التجديد النصفي بعد عامين من السيطرة على البيت الأبيض؛ فخسر الديمقراطيون 54 مقعدًا في مجلس النواب في عهد بيل كلينتون عام 1994 و63 مقعدًا في عهد باراك أوباما عام 2010، وخسر الجمهوريون 42 مقعدًا تحت قيادة دونالد ترامب في عام 2018.
وفى حين تشير التقديرات إلى أن الحزب الديمقراطي في طريقه إلى خسائر فادحة خلال انتخابات التجديد النصفي، وسط توقعات بأنهم قد يخسرون أغلبيتهم الهزيلة في مجلسي النواب والشيوخ، لكن التوقعات تشير إلى أن الانتخابات النصفية ستكون تنافسية بشكل كبير؛ ففي استطلاع للرأي أجرته صحيفة نيويورك تايمز وسيينا كوليدج في يوليو الماضي، أُشير إلى أن 41% من الناخبين يفضلون الديمقراطيين للسيطرة على الكونجرس، مقارنة بـ 40% يفضلون الجمهوريين.
في المقابل، يشعر الديمقراطيون أنهم يقفون الآن على أرض أكثر صلابة، سواء على مستوى قاعدتهم الانتخابية، أو حتى على مستوى الدوائر الانتخابية الأوسع، لتقويض أي خسائر، وربما خلخلة قواعد الجمهوريين في حملاتهم لانتخابات التجديد النصفي. وأمام هذه التوقعات يشعر الديمقراطيون بتفاؤل حذر بشأن المناخ السياسي في عام الانتخابات النصفية وفرص تحقيق الأغلبية. ويمكن تفسير تفاؤل الديمقراطيين من خلال العوامل التالية:
1 – مشروع قانون حزمة الإنفاق:
منح مجلس الشيوخ الأمريكي لإدارة بايدن انتصارًا مرحليًا مهما قبل أقل من مائة يوم من انتخابات التجديد النصفي، ووافق المجلس على حزمة اقتصادية ضخمة بلغت تكلفتها 700 مليار دولار، تتضمن تشريعات رئيسة بشأن الرعاية الصحية والضرائب وتغير المناخ. ويسعى مشروع القانون إلى خفض تكلفة بعض الأدوية، وزيادة الضرائب على الشركات، وتقليل انبعاثات الكربون.
ويعد تمرير القانون، وهو جزء رئيس من أجندة بايدن، بمثابة دفعة قوية للرئيس قبل الانتخابات، لكنها نسخة مخفضة بشكل كبير من حزمة بقيمة 3.5 تريليون دولار اقترحتها إدارته في بداية الأمر. وتم تمرير مشروع القانون، بموافقة 51 عضوًا في مجلس الشيوخ فيما عارضه الأعضاء الجمهوريون الخمسون. وأدلت نائبة الرئيس كامالا هاريس بصوتها مما سمح بإقرار مشروع القانون. ويتضمن القانون تشريعات من شأنها أن تسمح للحكومة بالتفاوض بشأن أسعار أقل للأدوية المقدمة بموجب برنامج التأمين الصحي للرعاية الطبية لمن تزيد أعمارهم على 65 عامًا
2 – تصنيع أشباه الموصلات:
وقّع الرئيس بايدن على مشروع قانون بقيمة 280 مليار دولار؛ يهدف إلى تعزيز صناعة أشباه الموصلات الضرورية للتكنولوجيا الحديثة، لمواجهة التهديد التنافسي الذي تفرضه الصين. وعكس التصويت على القانون وإقراره إنجازًا للديمقراطيين في عام شهد تعطيل الكثير من أجندة بايدن، رغم أنه قد تمر سنوات قبل بناء مصانع جديدة لتصنيع الرقائق.
كشف القانون عن القلق المتزايد لدى الحزبين من عدم اتخاذ واشنطن رد فعل طويل الأمد على النهضة الاقتصادية والتكنولوجية الصينية، وهي الرؤية التي تبلورت بشدة بعدما تسببت جائحة كورونا في تعطيل إمدادات الرقائق الإلكترونية الآسيوية، ما أثر على جميع الصناعات الرئيسية. ويخصص قانون الرقائق والعلوم لعام 2022 52.7 مليار دولار للمساعدة المالية المباشرة لبناء وتوسيع منشآت تصنيع أشباه الموصلات.
تمت الموافقة على قانون أشباه الموصلات رغم معارضة الجمهوريين له، ودفع معارضو مشروع القانون باتجاه تضمين المزيد من القيود على التمويل، وشككوا في الحكمة من تقديم دعم كبير لهذه الصناعة المربحة. ومن خلال تفضيل صناعة معينة مثل الرقائق، فإن الولايات المتحدة تمارس نوعًا مما يسمى بـ “السياسة الصناعية”، وهو ما تجنبته من قبل لفترة طويلة، لكن مؤيدي هذا القانون قالوا إن هذا التغيير مطلوب من أجل استمرار قدرة الولايات المتحدة على المنافسة.
3 – مشروع قانون المحاربين القدامى:
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون بقيمة 280 مليار دولار؛ لتلبية احتياجات الرعاية الصحية لقدامى المحاربين في العراق وأفغانستان المعرضين لحفر الحروق. وصوت أعضاء مجلس الشيوخ لصالح مشروع القانون بأغلبية 86 صوتًا مقابل 11 صوتًا بعد أن أنهى الجمهوريون معارضتهم للتشريع وسط ضغوط كبيرة من أكثر من 60 مجموعة من قدامى المحاربين وانتقادات علنية.
ويعمل هذا التشريع على ترسيخ مفهوم العدالة والمساواة فيما يتعلق بالمحاربين القدامى، خصوصًا هؤلاء الذين لديهم أصول عرقية ويشعرون أنهم يتلقون معاملة مختلفة عن نظرائهم البيض عند عودتهم إلى الوطن من خدمتهم. وسيفيد مشروع القانون حوالي 3.5 مليون من المحاربين القدامى الذين أصيبوا بالسرطان وأمراض أخرى بعد تعرضهم للأبخرة.
4 – تقييد حيازة الأسلحة:
قُتل أكثر من 20,800 شخص في أعمال عنف باستخدام الأسلحة النارية في الولايات المتحدة عام 2022، ووقع بايدن مشروع قانون لضبط حيازة الأسلحة. يُشكل هذا المشروع سابقة منذ عقود، ويُمثل تقدمًا في نظر دعاة مراقبة الأسلحة.
ويلغي هذا القرار قانونًا في ولاية نيويورك سُنّ قبل أكثر من قرن ينص على إثبات وجود حاجة مشروعة أو “سبب مناسب” للحصول على تصريح لحمل مسدس في الأماكن العامة. ورفض الجمهوريون محاولة الاتفاق على إجراءات أكثر شمولًا مثل حظر البنادق الهجومية أو مخازن الذخيرة عالية السعة، وهو ما كان يفضله الديمقراطيون، بمن فيهم الرئيس بايدن.
5 – حراك المؤشرات الاقتصادية:
شهدت الفترة الأخيرة حراك بعض المؤشرات الاقتصادية الأكثر حساسية على الصعيد السياسي لتصب في مصلحة الديمقراطيين والبيت الأبيض؛ إذ انخفضت أسعار البنزين تدريجيًا إلى ما دون 4.50 دولارات للجالون، ووُصف هذا التراجع بأنه أسرع انخفاض منذ أكثر من عقد.
وعلي عكس توقعات المحللين، أضاف الاقتصاد الأمريكي وظائف أكثر خلال شهر يونيو الماضي ليتراجع معدل البطالة في وقت يكافح فيه الفيدرالي لخفض معدلات التضخم التي سجلت أعلى مستوى منذ 4 عقود بالإضافة إلى تزايد المخاوف حول تباطؤ النمو الاقتصادي. ووفقًا لبيانات وزارة العمل الأمريكية، أضاف الاقتصاد في الولايات المتحدة 528 ألف وظيفة، وهو مستوى أفضل من التوقعات البالغة 250 ألفًا، ليصل معدل البطالة إلى 3.5%، وهو أدنى مستوى له في خمسة عقود.
ماذا تعني خسارة الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي؟
إذا فقد الديمقراطيون السيطرة على أحد مجلسي الكونجرس أو كليهما -وهو ما يراه الكثيرون مرجحًا- فمن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى تحولات دراماتيكية في السياسة الأمريكية على المدى القريب. على الرغم من هيمنة ملفات السياسة الخارجية -من الحرب الأوكرانية، إلى التوترات مع الصين، والاقتراب من الاتفاق النووي الإيراني- على أجندة الديمقراطيين وأنها كانت السبب الرئيس لإعطائهم دفعه في استطلاعات الرأي، إلا أن انتخابات التجديد النصفي سوف تهيمن عليها القضايا الاجتماعية.
من المتوقع أن يحقق الجمهوريون مكاسب كبيرة من خلال التركيز على القضايا المحلية: الاقتصاد، والإنفاق، والهجرة، وأمن الحدود. وستبقى هناك مجالات للاستمرارية بين الحزبين على الرغم من الخلافات بينهما. وهناك إجماع عام على اتباع سياسة صارمة تجاه الصين وروسيا، ودعم حلف شمال الأطلسي والإنفاق الدفاعي الكافي. ومن المرجح أن تركز القيادة الجمهورية في الكونجرس على عدد لا يحصى من القضايا التي لا يحظى فيها الرئيس بشعبية كبيرة لدى الناخبين، بما في ذلك الاقتصاد والجريمة والقضايا الاجتماعية.
ستكون فرص بايدن للتوقيع على اتفاقيات محل جدل محدودة للغاية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، أو معاهدة الوباء، أو معاهدة جديدة لمنع انتشار الأسلحة النووية، أو الاتفاق النووي الجديد مع إيران. وبدون دعم قوي من الكونجرس، من غير المرجح أن يتمكن الرئيس من حشد الزخم لمبادرات السياسة الخارجية الجديدة.
وستقوض حتمًا أي خسائر متوقعة للديمقراطيين في انتخابات الكونجرس البيت الأبيض، وستمهد لخسارة بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2024؛ إذ سيعرقل الكونجرس الجمهوري قدرة بايدن على دعم حظوظه في الانتخابات المقبلة، وستبقى وعود كثير متعلقة بالاقتصاد والمناخ معلقة دون أن تتحقق. وفي أفضل الأحوال، سوف تتخبط الإدارة في مسارها الحالي، وستبدو سياسة الولايات المتحدة مؤقتة، وفي بعض الأحيان متناقضة وتدريجية.
ومن المرجح أن يشمل أبرز مجالات الجهد التشريعي الجمهوري خلال النصف الثاني من رئاسة بايدن ما يلي:
الطاقة والبيئة: سيعمل الجمهوريون على تقويض “الأجندة الخضراء” والابتعاد عن النفط والغاز والفحم والطاقة النووية. وسيمهدون الطريق لرئيس محافظ في انتخابات 2024 للانسحاب من اتفاقيات باريس. وسيضغطون من أجل زيادة الإنتاج وإمدادات الطاقة الوفيرة الموثوقة وميسورة التكلفة وزيادة الصادرات بشكل كبير.
الحدود والهجرة: سيعمل الجمهوريون على عكس السياسات الحدودية للرئيس بايدن وعدم إنفاذ قوانين الهجرة. وسيرفضون حجة الإدارة بأن الهجرة غير الشرعية مدفوعة بـ “الأسباب الجذرية” في أمريكا اللاتينية.
المنظمات الدولية: سيكون الجمهوريون أكثر تشككًا في المنظمات الدولية، وخاصة التأثير الصيني في هياكل تلك المنظمات، ولن تقدم الولايات المتحدة أي دعم لمعاهدة مكافحة الجوائح التي توصلت إليها منظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء فيها.
الشرق الأوسط: سيسعى الجمهوريون إلى تقويض الجهود المبذولة لإعادة الاتفاق النووي الإيراني ورفع العقوبات عن طهران.
.
رابط المصدر: