قالت وزارة الدفاع البريطانية في اليوم المئة من الغزو الروسي لأوكرانيا إن موسكو فشلت في تحقيق أهدافها الأولية المتمثلة في الاستيلاء على كييف ومراكز الحكومة الأوكرانية، لكنها تحقق نجاحا تكتيكيا في دونباس.
وأضافت الوزارة في إفادة دورية على تويتر “بالقياس على الخطة الأصلية لروسيا، لم يتم تحقيق أي من الأهداف الاستراتيجية“، لكنها قالت إن موسكو تحقق نجاحا تكتيكيا في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا وتسيطر على أكثر من 90 بالمئة من لوجانسك أوبلاست.
وتقترب روسيا من السيطرة الكاملة على لوجانسك، وهي واحدة من منطقتين أوكرانيتين تشكلان معا المنطقة التي تُعرف باسم دونباس.
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنّ بلاده ستنتصر على روسيا في اليوم المئة من الغزو الروسي، فيما أكدت موسكو التي تركز قواتها في منطقة دونباس الشرقية أنها حققت “بعض” أهدافها.
ونجحت موسكو منذ بدء هجومها العسكري على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، في زيادة الأراضي التي تسيطر عليها في أوكرانيا بثلاثة أضعاف، فباتت تحتل حوالى 125 ألف كلم مربع تشمل شبه جزيرة القرم والمناطق المحتلة من منطقة دونباس وجنوب أوكرانيا، على ما أوضح زيلينسكي.
وبعد مئة يوم على بدء الحرب التي أوقعت آلاف القتلى، حذر منسق الأمم المتحدة لشؤون أوكرانيا أمين عوض من أنه “ليس هناك ولن يكون هناك أي طرف منتصر في هذه الحرب … نحن بحاجة إلى السلام. يجب أن تتوقف الحرب”.
وأضاف “خلال ثلاثة أشهر ونيف، أجبر نحو 14 مليون أوكراني على مغادرة منازلهم، معظمهم نساء وأطفال”، في ظاهرة “غير مسبوقة في التاريخ”.
لكنّ طرفَي النزاع لا يُبديان أيّ استعداد لاستئناف مفاوضات السلام المتعثرة منذ أسابيع.
وأكد زيلينسكي “النصر سيكون حليفنا”، في فيديو قصير نشره على إنستغرام يظهر فيه أمام مقر الرئاسة في كييف محاطا بعدد من مساعديه.
من جانبه، أعلن الكرملين تحقيق “بعض” أهداف الغزو الذي شنته بلاده من أجل “اجتثاث النازية” في أوكرانيا وحماية السكان الناطقين بالروسية فيها، فأشار إلى “تحرير العديد من القرى” ما أتاح لسكانها العودة إلى “حياة هادئة”.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف لصحافيين إن “هذا العمل سيتواصل حتى تحقيق كل أهداف العملية العسكرية الخاصة”.
وبعدما فشلت روسيا في شن هجوم على العاصمة كييف لإسقاط الحكومة، ركزت جهدها على دونباس حيث تدور الآن “حرب استنزاف طويلة” بحسب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ.
واتهم القادة الأوكرانيون في الأيام الأخيرة موسكو بالسعي لتحويل سيفيرودونتسك إلى “ماريوبول جديدة”.
فهذا الميناء الاستراتيجي على بحر آزوف دمر كليا في القصف قبل أن تحتله القوات الروسية في 20 أيار/مايو إثر استسلام أكثر من ألفي مقاتل أوكراني كانوا متحصنين في مجمع آزوفستال الصناعي فيه.
وتنتظر أوكرانيا تسلم أنظمة إطلاق صواريخ أقوى وعد بها الرئيس الأميركي جو بايدن على أمل أن يغير ذلك ميزان القوى.
وقُصفت في الأيام الماضية خطوط السكك الحديد في منطقة لفيف (غرب) التي تمر عبرها إمدادات الأسلحة الغربية لأوكرانيا التي تندد بها موسكو.
في الجنوب يبدي الأوكرانيون مخاوف من احتمال ضم موسكو مناطق احتلتها القوات الروسية بينما تحدثت موسكو عن تنظيم استفتاءات اعتبارا من تموز/يوليو.
تضيق القوات الروسية الخناق على مدينة سيفيرودونيتسك الاستراتيجية في دونباس في اليوم التاسع والتسعين من الحرب في أوكرانيا التي باتت موسكو تسيطر على “نحو 20%” من أراضيها بحسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
20% من أوكرانيا تحت سيطرة المحتلّين
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن القوات الروسية باتت تسيطر على نحو خُمس أراضي بلاده، بما في ذلك شبه جزيرة القرم والأراضي الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو منذ 2014.
وقال أمام النواب في لوكسمبورغ “اليوم هناك نحو 20% من أراضينا تحت سيطرة المحتلّين، (أي) حوالى 125 ألف كيلومتر مربع، وهي أكثر بكثير من كل أراضي كل دول بينيلوكس” أي بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ.
وعلى سبيل المقارنة، كانت القوات الروسية تسيطر قبل غزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير على “أكثر من 43 ألف كيلومتر مربع” من البلاد، وفق زيلينسكي.
وتخسر القوات الأوكرانية يوميا ما قد يصل إلى مئة جندي وقال الرئيس “الوضع في الشرق صعب للغاية (..) نخسر 60 إلى مئة جندي يوميا في القتال فيما يصاب نحو 500”.
دمار بدون تقدم
تحول الهجوم الذي شنته روسيا على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير قبل مئة يوم إلى حرب استنزاف تلحق دمار هائلا بدون تحقيق الكثير من التقدم الميداني.
وأمام مقاومة أوكرانية لم تكن مرتقبة في بدء الغزو وأخطاء لوجستية وتكتيكية روسية، اضطرت قوات موسكو إلى خفض طموحاتها وإعادة تركيز هجومها على حوض دونباس، المنطقة الصناعية في شرق أوكرانيا التي تعاني بالاساس من تراجع النشاط الصناعي.
ولا تزال مدينة ليسيتشانسك المجاورة التي يفصلها نهر دونيتس عن سيفيرودونيتسك، تقاوم فيما يحاول الروس تطويقها.
وإذا نجحت القوات الروسية في السيطرة على سيفيرودونيتسك وليسيتشانسك، فسوف تنجح في إقامة رابط مع المناطق التي يسيطر عليها الروس إلى الغرب، وربما الانطلاق من هناك لشن هجوم على كراماتورسك، العاصمة الإدارية للمنطقة، برأي محللين.
بمواجهة القصف المدفعي الروسي العنيف، يطالب الجنود الأوكرانيون على الجبهة بإمدادهم بأسلحة عالية الدقة وبعيدة المدى لضرب قوات موسكو على مسافة.
قال جندي عرف عن نفسه باسمه الحربي “لوجنيي” “حين تعرفون أن هناك أسلحة ثقيلة تساندكم، ترتفع معنويات الجميع. وإلا، تبقون في الخنادق تراقبون الأفق”.
وإن كانت واشنطن ترفض إمداد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى يمكنها استهداف الأراضي الروسية، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن أعلن أن واشنطن ستسلمها أنظمة صاروخية “أكثر تطورا … تتيح لهم أن يصيبوا بمزيد من الدقة أهدافا أساسية في ميدان المعركة في أوكرانيا”.
وأفاد مسؤول كبير في البيت الأبيض أنّ الأمر يتعلّق براجمات صواريخ من طراز “هيمارس”، وهي راجمات صواريخ تركّب على مدرّعات خفيفة وتُطلق صواريخ موجّهة ودقيقة الإصابة يصل مداها إلى 80 كلم، ما سيشكل تعزيزا كبيرا للقدرات العسكرية الأوكرانية.
وأوضح جندي آخر اسمه الحربي “مودير” لوكالة فرانس برس أن بعض هذه المنظومات قد تتطلب شهرا من التدريب، لكن “في المرحلة الراهنة، رجالنا مستعدون لإطلاق النار من أي سلاح بعد أن يلهوا به أسبوعين”.
ومع بطء التقدم الروسي في دونباس وترقب تسليم أسلحة غربية أشد قوة لأوكرانيا، يتوقع المحللون أن يصب عامل الوقت لصالح كييف.
ورأى روب لي المحلل في معهد بحوث السياسة الخارجية أن “بإمكان أوكرانيا أن تسمح لنفسها بخسارة قليل من الأراضي في الوقت الحاضر في دونباس بدون أن تكون لذلك عواقب إستراتيجية خطيرة”.
في سياق المواقف حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ من أن على الغرب الاستعداد لـ”حرب استنزاف طويلة المدى” في أوكرانيا، متحدثا في واشنطن بعد لقاء مع الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأكد مرة جديدة أن الحلف الأطلسي لا يريد الدخول في مواجهة مباشرة مع روسيا، لكنه أشار في المقابل إلى “مسؤولية” الحلف في تقديم الدعم لأوكرانيا.
التداعيات الجيوستراتيجية
وتحاول الدول الغربية تشغيل الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود ولا سيما مرفأ اوديسا (جنوب) المنفذ الرئيسي لتصدير الإنتاج الزراعي الأوكراني، من أجل تنشيط صادرات الحبوب التي تعتبر أوكرانيا أحد المنتجين الرئيسيين لها في العالم.
ويتعذر تصدير ما لا يقل عن 20 مليون طن من الحبوب الأوكرانية بسبب حصار روسي ما يزيد احتمال حصول أزمة غذائية عالمية.
وتوجه الرئيس السنغالي ماكي سال، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، الى روسيا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي الجمعة، وفق ما أعلن مكتبه.
وأوضح أن هذه الزيارة “تندرج في إطار الجهود التي تبذلها رئاسة الاتحاد للمساهمة في تهدئة الحرب في أوكرانيا وفتح الطريق امام مخزونات الحبوب والأسمدة التي تؤثر عرقلة مرورها على الدول الإفريقية خصوصا”.
وستكون إقامة “ممرات آمنة” لنقل هذه الحبوب في صلب زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تركيا في الثامن من حزيران/يونيو على ما أفادت انقرة.
وتتواصل تداعيات الغزو الجيوستراتيجية. فقد صوت الدنماركيون بغالبية كبيرة في استفتاء لانضمام بلدهم إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الدفاعية بعدما رفضوا ذلك لثلاثة عقود.
وقال نائب رئيس الوزراء الروسي لشؤون الطاقة ألكسندر نوفاك إن المستهلكين الأوروبيين سيكونون أول من “يعاني” تداعيات الحظر على النفط الروسي المقرر ضمن حزمة جديدة من العقوبات الأوروبية ضد روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا.
وأعلنت الولايات المتحدة فرض سلسلة جديدة من العقوبات لدفع بوتين إلى وقف حربه على أوكرانيا، مستهدفة خصوصا صديقه المقرب و”الممول” سيرغي بافلوفيتش رولدوغين وشركة سمسرة في اليخوت العملاقة للأثرياء الروس.
وأعلنت الشركة التركية المصنّعة لطائرات “بيرقدار” المسيّرة أنها ستقدّم إحدى طائراتها القتالية لليتوانيا مجانًا بعدما جمع ليتوانيون أكثر من خمسة ملايين يورو لشراء واحدة لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن أراضيها في مواجهة الغزو الروسي.
من جهتها، أعلنت السويد تقديم دعم اقتصادي وعسكري لكييف بقيمة 102 مليون دولار.
وقال وزير الدفاع السويدي بيتر هولتكفيست “نرى حاليًا مرحلة جديدة في الغزو الروسي تجمع فيها (روسيا) قواتها في شرق أوكرانيا وجنوبها، وطلب الجانب الأوكراني مساعدة في مناطق عدة”.
هل تغير هيمارس قواعد الحرب؟
من جهته أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ الولايات المتّحدة ستزوّد أوكرانيا “أنظمة صاروخية متطوّرة” تتيح لها إصابة “أهداف أساسية” في المعارك الدائرة بين قواتها والجيش الروسي الذي يواصل منذ أكثر من ثلاثة أشهر غزو هذا البلد.
وكتب بايدن في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز “سنزوّد الأوكرانيين أنظمة صاروخية أكثر تطوّراً وذخائر، مما سيتيح لهم أن يصيبوا بدقّة أكثر أهدافاً أساسية في ميدان المعركة في أوكرانيا”.
ولم يوضح الرئيس الأميركي عن أيّ نوع تحديداً من الأنظمة الصاروخية يتحدّث، لكنّ مسؤولاً كبيراً في البيت الأبيض قال إنّ الأمر يتعلّق براجمات صواريخ من طراز “هيمارس”.
وصرّح المسؤول لصحافيين طالباً منهم عدم نشر اسمه إنّ الجيش الأوكراني سيحصل على راجمات هيمارس وصواريخ يصل مداها إلى 80 كلم، واضعاً بذلك حدّاً لأيام عدّة من التكهنّات بشأن طبيعة الأسلحة النوعية الإضافية التي قرّرت واشنطن تزويد كييف بها للتصدّي للغزو الروسي.
وهيمارس هي راجمات صواريخ تركّب على مدرّعات خفيفة وتُطلق صواريخ موجّهة ودقيقة الإصابة.
وأوضح المسؤول أنّ الصواريخ التي سترسلها الولايات المتّحدة إلى كييف يصل مداها إلى 80 كلم فقط، على الرّغم من أنّ الجيش الأميركي لديه صواريخ من نفس النوعية يصل مداها إلى مئات الكيلومترات.
وحرصت واشنطن على تزويد كييف هذه الصواريخ القصيرة المدى لأنّها تريد أن تضمن أنّها ستطال أهدافاً داخل أوكرانيا وليس على الأراضي الروسية.
وقال المسؤول الكبير في البيت الأبيض إنّ “هذه الأنظمة ستستخدم من قبل الأوكرانيين لصدّ التقدّم الروسي على الأراضي الأوكرانية لكنّها لن تُستخدم ضدّ الأراضي الروسية”.
وكان بايدن أكّد لصحافيين صباح الإثنين أنّ الولايات المتّحدة “لن ترسل إلى أوكرانيا أنظمة صاروخية يمكنها أن تصيب أهدافاً داخل روسيا”.
ولم يتّضح في الحال عدد هذه الراجمات الصاروخية التي تعتزم واشنطن إرسالها إلى كييف.
وتندرج هذه الراجمات في إطار حزمة مساعدات عسكرية أميركية جديدة لأوكرانيا تبلغ قيمتها 700 مليون دولار ويتوقع أن تكشف الإدارة الأميركية عن تفاصيلها الأربعاء.
وفي مقاله أشار الرئيس الأميركي إلى أنّه يريد أن تكون أوكرانيا “في أقوى موقف ممكن” في حال دخلت في مفاوضات مع روسيا.
وأضاف بايدن “نحن لا نشجّع أوكرانيا ولا نزوّدها وسائل لشنّ ضربات خارج حدودها”.
ومنذ بدأت القوات الروسية غزو أوكرانيا في 24 شباط/فبراير حرص الرئيس الأميركي على عدم تزويد كييف أسلحة من شأنها، على حدّ قوله، أن تجعل الولايات المتّحدة شريكة في الحرب إلى جانب الأوكرانيين.
وفي الوقت الذي يواجه فيه الجيش الأوكراني هجوماً روسياً مكثفاً للغاية في شرق البلاد، شدّد بايدن في مقاله على أنّه “لن يمارس ضغوطاً على الحكومة الأوكرانية، لا في السرّ ولا في العلن، لتتنازل عن أراضٍ” لروسيا.
ومنذ أسابيع يطالب الأوكرانيون الغرب بتزويدهم راجمات صواريخ تتيح لهم إصابة أهداف للجيش الروسي من أماكن بعيدة نسبياً عن خط الجبهة.
بوتين يتمرد
حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الولايات المتحدة خلال مقابلة بثت من أن روسيا ستقصف أهدافا جديدة إذا زود الغرب أوكرانيا بصواريخ ذات مدى أطول لاستخدامها في أنظمة الصواريخ المتنقلة عالية الدقة.
واستبعدت الولايات المتحدة إرسال قوات أمريكية أو من حلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا لكن واشنطن وحلفاءها الأوروبيين زودوا كييف بأسلحة مثل الطائرات المسيرة ومدفعية هاوتزر الثقيلة وصواريخ ستينجر المضادة للطائرات وصواريخ جافلين المضادة للدبابات.
وقال بوتين إن شحنات الأسلحة “ليست جديدة” ولم تغير شيئا ولكنه حذر من أنه سيكون هناك رد إذا قدمت الولايات المتحدة قذائف بعيدة المدى لأنظمة هيمارس التي يصل أقصى مدى لها إلى 300 كيلومتر أو أكثر.
وقال بوتين في مقابلة مع محطة روسيا-1 التلفزيونية الرسمية إنه في حال تقديم مثل هذه الصواريخ “سنقصف تلك الأهداف التي لم نبدأ في ضربها بعد”.
وقال بوتين إن نطاق أنظمة هيمارس التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن يعتمد على القذائف التي يتم تزويدها بها وإن المدى الذي أعلنته الولايات المتحدة كان تقريبا مثل أنظمة الصواريخ سوفيتية الصنع التي تمتلكها أوكرانيا بالفعل.
وقال بوتين إن “هذا ليس بجديد. إنه لا يغير أي شيء بشكل أساسي”. وأضاف أن هذه الأسلحة حلت فقط محل الأسلحة التي دمرتها روسيا.
ولم يحدد بوتين الأهداف التي تعتزم روسيا قصفها ولكنه قال إن “الضجة” المتعلقة بتزويد أوكرانيا بأسلحة غربية تهدف إلى إطالة أمد الصراع.
وفي حديثه عن الطائرات المسيرة التي سلمتها الدول الغربية لأوكرانيا قال بوتين إن الدفاعات الجوية الروسية “تكسرها مثل حبات الجوز”. وقال إنه تم تدمير عشرات المسيرات.
وعلى الرغم من أن المسؤولين الروس حذروا من أن قرار الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بأنظمة صاروخية متطورة سيؤدي إلى تفاقم الصراع قال بوتين إنه لن يحدث أي تغييرات جوهرية في ساحة القتال.
وأظهرت المقابلة، التي قال الكرملين إنها سُجلت في الثالث من يونيو حزيران في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود، بوتين يجلس أمام خريطة ضخمة لروسيا وأوروبا وآسيا الوسطى.
ولا يستخدم بوتين والمسؤولون الروس كلمتي الحرب أو الغزو ويقولون إنها “عملية عسكرية خاصة” تهدف إلى وقف اضطهاد المتحدثين بالروسية في شرق أوكرانيا.
ويصف بوتين العملية بأنها نقطة تحول في التاريخ الروسي وتمرد موسكو ضد الولايات المتحدة التي يقول إنها أذلت روسيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991. وتقول أوكرانيا إنها تقاتل من أجل بقائها ذاته ضد عدوان روسي.
حظر أوروبي على النفط الروسي
حظر الاتحاد الأوروبي رسميا الجمعة القسم الأكبر من واردات النفط الروسي على أن يصبح القرار نافذا بحلول ستة أشهر، في سادس مجموعة من العقوبات يفرضها على موسكو سعيا لحرمان الكرملين مصدر تمويل ضخم لحربه على أوكرانيا.
كما وسّع الاتحاد الأوروبي لائحته السوداء لتشمل ستين شخصية إضافية، بحسب العقوبات التي نشرت الجمعة في الصحيفة الرسمية للاتحاد الأوروبي.
وبين هذه الشخصيات الجديدة الرياضية الروسية السابقة ألينا كاباييفا التي تشير وسائل إعلام إلى أنها على علاقة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولو أنه نفى الأمر، لدورها في نشر “دعاية” الكرملين.
ولا تشمل العقوبات بطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل الذي كانت بروكسل تعتزم إضافته إلى لائحة العقوبات.
كما أقصيت ثلاثة مصارف روسية من نظام سويفت للتحويلات المالية الدولية، بينها “سبيربنك”، أكبر بنك في روسيا.
وهي مجموعة العقوبات الأشد التي تفرض على موسكو بعد مئة يوم من بدء هجومها.
وسيتم حظر واردات النفط الروسي الخام بالناقلات في غضون ستة اشهر والمنتجات النفطية في غضون ثمانية اشهر. في المقابل، سيكون بالإمكان مواصلة الإمدادات عبر خطوط الأنابيب بصورة “موقتة” إنما بدون تحديد مهلة، علما بأن هذه الإمدادات تزود بصورة خاصة ثلاثة بلدان لا تملك منفذا على البحر هي المجر وسلوفاكيا وجمهورية تشيكيا.
وتم الحصول على هذا التنازل بفعل الضغوط التي مارسها رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي تعول بلاده على النفط المتدني الكلفة الذي ينقله خط أنابيب “دروجبا” لتأمين 65% من استهلاكها.
وكانت روسيا من أن المستهلكين الأوروبيين سيكونون أول المتضررين من هذا الحظر.
واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين ارتكب “خطأ استراتيجيا وأساسيا” بمهاجمته أوكرانيا وأنه اليوم “معزول”.
أكد بوتين أن تصدير الحبوب من أوكرانيا “ليس مشكلة”، في وقت تزداد المخاوف من أزمة غذاء عالمية تسبب بها الغزو الروسي لهذا البلد.
وقال بوتين في مقابلة متلفزة “ليس ثمة مشكلة في تصدير الحبوب من أوكرانيا”، لافتا إلى سبل عدة للتصدير عبر موانئ أوكرانية أو أخرى تسيطر عليها موسكو أو عبر وسط أوروبا وشرقها.
ورأى أن الغربيين “يخادعون” حين يتهمون موسكو بالحؤول دون تصدير الحبوب من أوكرانيا.
من جهته اتهم سفير أوكرانيا لدى أنقرة الجمعة روسيا بـ”سرقة” محاصيل حبوب أوكرانية وتصديرها إلى دول عدة بينها تركيا.
وقال فاسيل بودنا إن “روسيا تسرق الحبوب الأوكرانية بوقاحة وتشحنها إلى الخارج من شبه جزيرة القرم، بما في ذلك إلى تركيا”.
مواصلة العيش في ظل حرب استنزاف
تنهمك فالنتينا بريس الطبيبة المتقاعدة في اقتلاع الأعشاب البرية من حديقة منزلها في شرق أوكرانيا مرددة لنفسها حكمة تساعدها في الحفاظ على معنوياتها: الحروب تعبر والحياة ابدية.
على غرار العديد من الأوكرانيين، حياتها مليئة بالتناقضات الأليمة. فهي تحب روسيا لكنها لم تعد تتكلم مع أقربائها في موسكو الذين لا يصدقون أن الكرملين شن هجوما عسكريا داميا على أوكرانيا دمر بلدتها بارفينكوفي الواقعة على مسافة مئة كلم غرب سيفيرودونيتسك.
وتنتمي فالنتينا بريس البالغة من العمر 71 عاما مع الجيران القلائل الذين مكثوا في البلدة رغم المعارك في محيطها، إلى جيل يتوق إلى الحياة الهادئة التي عرفها في عهد الاتحاد السوفياتي.
ويقوم جنود أوكرانيون بدوريات في شوارع حيّها شبه المقفر وسط توتر شديد إذ يعلمون أن العديد من سكان هذه المنطقة من حوض دونباس يميلون إلى روسيا.
تقع بارفينكوفي عند التقاطع بين منطقة خاركيف حيث استعاد الأوكرانيون مناطق من القوات الروسية، ومدينة سيفيرودونيتسك الإستراتيجية التي باتت موسكو تسيطر على 70% منها بحسب حاكم المنطقة سيرغي غايداي.
تقول فالنتينا بريس بدون أن تتوقف عن العمل في حديقتها “أحاول الاستمرار في العيش” مضيفة “بنظرنا، هذه الحرب عابرة، بينما الحياة أبدية”.
من جانبه، يشعر إيفين أونيشتشنكو أن الوقت ليس لصالحه.
قابعا في شقته وسط انقطاع الكهرباء في الطابق الأرضي من مبنى في ليسيتشانسك، لا يسعه سوى أن يتساءل أي جيش يسيطر على شارعه.
يقول “لا نعرف شيئا”، متحدثا في باحة المبنى حيث يلتقي جيرانه لتقاسم الطعام.
ويزداد الوضع خطورة يوما بعد يوم مع اشتداد القصف على ليسيتشانسك انطلاقا من محيط سيفيرودونيتسك.
يقول “نرى سيارات تعبر رافعة أعلاما أوكرانية، فنفترض أننا ما زلنا جزءا من أوكرانيا. لكن عدا ذلك، نحن في الظلام”.
.
رابط المصدر: